غزوات النبى صلى الله عليه وسلم مكتوبة للاطفال غزوة بني المصطلق
موعدنا اليوم مع الغزوة السادسة من غزوات النبى صلى الله عليه وسلم ، وهي غزوة بني المصطلق، الغزوة مكتوبة للأطفال.. نتمنى أن تنال رضاكم.
غزوة بني المصطلق
كانت تلك الغزوة في شعبان من السنة الخامسة من الهجرة. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغه أن بني المصطلق بقيادة زعيمهم الحارث بن ضرار يتجهزون لقتال المسلمين.
فخرج صلى الله عليه وسلم إليهم على رأس جيش من المجاهدين لقتالهم وقابلهم عند بئر
ماء يسمى المريسيع من ناحية «قديد» إلى الساحل.
وما هي إلا جولات معدودة حتى هزم المسلمون أولئك المشركين والكفار، بعدما قتلوا منهم الكثيرين، على رأسهم زعيم بني المصطلق وسيدهم الحارث بن ضرار.
بينما لم يقتل من المسلمين إلا رجل واحد من المهاجرين قتله رجل من الأنصار وهو يظن أنه من الأعداء ..
وفي تلك الغزوة أفاء الله على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين كثيرًا من أموال بني المصطلق وكثيرًا من النساء والأطفال والشيوخ أخذُوا أسرى.
وفي هذه الغزوة خرج بعض المنافقين – على غير عادتهم – مع المسلمين للقتال، لما رأوا انتصار المسلمين في كل معاركهم الكفار والمشركين باستثناء أحد، فخرجوا معهم طلبًا أو طمعا في الغنائم.
وحدث أنه بينما كان الناس يتزاحمون على الماء في «المريسيع» إذا بغلام لعمر بن الخطاب يدعى جهجاه بن مسعود يزاحم غلامًا آخر من الأنصار يدعى سنان بن وبر الجهني، فتضايق أحدهما من الآخر، وكادًا يشتبكا ويتقاتلا.
وصاح سنان يستغيث بالأنصار، بينما صرخ جهجاه مستغيثا بالمهاجرين.
وسمع بذلك رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول، وكان يجلس مع جماعة من الأنصار، وفيهم غلام يدعى زيد بن أرقم.
فقال ابن سلول أوقد فعلوها ” يقصد المهاجرين “، قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا ..
والله ما نحن وجلابيب قريش أي المهاجرين إلا كما قال الأوائل: سمن كلبك يأكلك!..
أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل !!.
ثم أضاف: ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم وقاسمتموهم أموالكم .. أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم !
موقف عبد الله بن سلول
فنهض زيد بن أرقم من مجلسه، ومشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بما قاله رأس المنافقين ابن سلول.
وكان عمر بن الخطاب رض اللهُ عَنْهُ جالسًا، فلما سمع ذلك قال الرسول الله صلى الله عليه وسلم : فلتأمر عباد بن بشر يقتله يا رسول الله.
فقال صلى الله عليه وسلم : فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه !! أذن في الناس بالرحيل.
ولما سمع عبد الله بن أبي بن سلول بما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه ذهب مسرعًا إليه وحلف بالله أن شيئًا من ذلك لم يحدث، وأنه لم يقل من ذلك كلمة واحدة.
فقال الناس:
یا رسول الله لعل الغلام قد بالغ فيما نقله من حديث، ولما بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسير، اقترب منه أسيد بن حضير وهو من سادة الأنصار، ولم يكن يعلم بأمر ابن سلول شيئًا..
وقال: يا رسول الله لقد رحلت في ساعة مبكرة ما كنت ترحل في مثلها.
فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: أو ما قد بلغك ما قال صاحبكم.
قال: أي صاحب يا رسول الله ؟
قال صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي.
فقال: وماذا قال؟!
قال صلى الله عليه وسلم: زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل.
قال: فأنت يا رسول الله والله تخرجه منها إن شئت .. هو والله الذليل وأنت العزيز !
ثم قال: یا رسول الله ارفق به فوالله لقد جاءنا الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه أي ليجعلوه ملكا عليهم، فإنه ليرى أنك استلبته ملكه.
وما هي إلا ليلة واحدة، حتى نزلت سورة المنافقون تفضح ابن سلول وأتباعه، فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذن الغلام زيد بن أرقم ، ثم قال:
هذا الذي وفّي الله بأذنه.
ثم بلغ عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول، وقد كان مسلمًا حقًا – ما فعل أبوه ، وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد قتله، فذهب إليه صلى الله عليه وسلم وقال :
يا رسول الله، بلغني أنك تريد قتل والدي لما بلغك عنه، فإن كنت فاعلا فمرني به ، فأنا أحمل إليك رأسه، فوالله ما في رجل في الخزرج أبر بوالده مني، وإني لأخشى أن تأمر به غيري فيقتله فلا تحتمل نفسي ذلك فأقتل قاتل أبي، وأكون بذلك قد قتلت رجلًا مؤمنًا برجل كافر فأدخل النار !
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقى معنا .
بعد هذا الموقف .. كان إذا حدث شيء من عبد الله بن أبي بن سلول، فإن أول من يعنفه ويعتب عليه هم قومه..
مما حدث أيضًا في غزوة بني المصطلق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج من جويرية بنت الحارس بن ضرار سيد بني المصطلق ، وأسلمت ..
وكانت أكرم امرأة على قومها ..
فالمسلمون لما رأوا الرسول صلى الله عليه وسلم قد تزوج جويرية أطلقوا سراح جميع الأسرى الذين كانوا بين أيديهم..
وقالوا: أنمسك أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان من نتيجة ذلك أن أسلم من بقى حيا من بني المصطلق جميعهم.
وكانت جويرية رَضِوَانَهُ عنها من أكثر أمهات المؤمنين عبادة لله تعالى.