كيفية حفظ القرآن وكيف نحبب القرآن لأبنائنا؟ مهارات تربوية في تحفيظ القرآن الجزء الثاني
اليوم مع الجزء الثاني من مقالات كيف نحبب القرآن لأبائنا للدكتور سعد رياض، وهو كتاب مهم في تعليم الآباء والمربين مهارات تربوية في كيفية حفظ القرآن.
معرفة خصائص من تربى
يحتاج من يربى أن يعرف خصائص الأبناء، وأهم ما يتميز به كل ابن حسب مراحل النمو المختلفة. وفيما يلي أهم المعايير التي ينبغى أن يتذكرها المربى من خصائص الأبناء، حتى يساعد الأبناء على زيادة حبهم للقرآن الكريم
معرفة أن الأبناء ليسوا وعاء يوضع فيه المعلومات دون تهيئة واستعداد، ولذلك على المربى قبل الشروع في تحفيظ الأبناء القرآن فى أى مرحلة أن يبدأ بالحوار والتمهيد الذي يناسب طبيعة كل المرحلة.
ينبغي أن نتعامل مع الطفل من المدخل الصحيح له واختيار الأسلوب الذى يناسبه، فبعض الأطفال يكون محور التركيز عنده حول السمع – طفل حسى سمعى فينبغي أن يدخل إليه من هذا الجانب فيحب القرآن حينما يتلا عليه بصوت جميل، والبعض الآخر يكون لمسى أو واقعى عملي، فيحب أن يشعر بالقرآن بيده على شكل مصحف جميل ، أو لوحة يكتب عليها بعض الآيات بخط جميل ومنظم، والبعض منهم يكون المدخل له هو الحسى البصرى، والذى لا يقتنع بالشيء إلا إذا شاهده ورآه بعينه دون وصف أو نقل أو سماع. ومن هذا المنطلق يسهل على المربى سرعة إقناع الأبناء بحب القرآن الكريم.
ينبغي أن نتعامل مع كل مرحلة حسب قدرتها علـى الاستيعاب، وطول مدة التركيز لديها، فالطفل بطبيعته لا يستطيع أن يركز معنا أكثر من دقائق معدودة تعادل تقريبًا عمره بالسنوات أو تزيد دقيقتين. فمثلا طفل عمره ستة سنوات لا يمكن أن يركز معنا أكثر من ست دقائق إلى ثماني دقائق، وبعدها يحتاج فترة راحة، أو تغيير نوع النشاط ثم العودة مرة أخرى للتركيز والحفظ.
بنبغي أن يعلم المربين أن لكل مرحلة حاجاتها ومن حاجات الطفولة اللعب والمرح فلا تجعل القرآن الكريم سبب دائم لمنع الطفل من اللعب، أو معوق للطفل من إشباع هذه الحاجة الهامة. فيضع الطفل القرآن في مقارنة مع اللعب، فيميل للعب على حساب حبه للقرآن الكريم.
ينبغي تغذية الطفل غذاءً متكاملاً وصحيا، لأن ذلك يساعده على التركيز والقدرة على حفظ القرآن، واسترجاع ما حفظه.
توفير الجو الاجتماعي والانفعالي الهادئ الذي يساعد الأبناء على الشعور بالأمن والسكينة التي تساعدهم علـى حـب القـرآن وحفظه.
استخدام وسائل تربوية مبتكرة في تعليم الأبناء القرآن
تعد عملية غرس حب القرآن في قلوب الأبناء من الأمور الصعبة ،والمعقدة ومما يساعد المربى على أدائها بيسر التنوع في استخدام الوسائل التربوية والحرص على التجديد فيها بما يتلاءم مع شخصية الأبناء.
ومن هذه الوسائل
استخدام الوسائل السمعية والمرئية مثل الكاسيت والحاسب الآلى وغيرها من وسائل العرض مثل الفيديو.
لم تعليم الأبناء بواسطة مؤثرات صوتية وضوئية، مثل استخدام شاشات العرض، أو السبورة الفسفورية وغيرها.
كتابة ما يتم حفظه في لوحات بخط جميل والاحتفاظ به في مكان خاص بالطفل.
توفير برامج المحفظ الآلى وتعليم الأبناء عليه، ليدخل في الوقت الذي يناسبه.
ابتكار وسائل تتحدى قدرات الأولاد ليبذلوا أقصى طاقة لهم، ولكن تكون بالترغيب لا بالترهيب. مثل عمل رحلة بعد كل جزء يحفظ من القرآن الكريم.
استخدام مقدار حفظ القرآن ميزان للتفضيل والتمايز بين الأولاد في بعض الأوقات وليس في كلها.
عمل لوحات شرف يكتب فيها اسم كل فرد و مقدار ما يحفظ من القرآن الكريم.
التعامل الجيد مع ذاكرة الأبناء
حفظ القرآن مرتبط ارتباطا كبيرًا بالذاكرة، ويعتمد اعتمادًا أكبر على القدرات العقلية. ويتوقف مدى سرعة الذاكرة على قدرة الشخص على الانتباه، حيث يتصل الانتباه اتصالاً وثيقا بالقدرة
على الاحتفاظ بالمعلومات القديمة ،واسترجاعها، وإن العجز عن استرجاع خبرة ما لا يكون دائما دليلاً على ضعف الذاكرة، بل إن النسيان قد يرجع إلى عوامل نفسية أو عصبية. فقد تبين من التحليل النفسى أن المرء بطبيعته يميل إلى نسيان الخبرات التي تثير في نفسه الألم (خجلاً كان أو خوفًا من عقاب، أو شعورا بالذنب، أو استشعارًا للنقص .. إلخ..) والنسيان فى هذه الحالة هو الكبت، وقد يكون العجز راجعا إلى قصور في القدرة على الانتباه فالجزء من القرآن الذى لا يستطيع الابن أن يحصر انتباهـه فيـه يصعب عليـه استرجاعه عند اللزوم.
وبالتالى من يضغط على الأبناء أو يجعلهم يحفظون القرآن الكريم في ظل خبرات مؤلمة، قد يحدث ذلك في علاقته بالأبناء فجوة نفسية خطيرة تؤثر فى شخصية الأبناء تأثيرًا سلبيًا. أما من يجعل الحفظ مرتبطًا بخبرات سعيدة ومفرحة فإن ذلك يساعد الأبناء على طول فترة الذاكرة لديهم، وبذلك يجعلهم يتعاملون مع القرآن الكريم بحب وانتماء.
كيف نحافظ على ذاكرة الأبناء وننميها ؟
تعد جميع القدرات والمهارات من العطايا التي يمنحها الوهاب سبحانه بقدر وعدل ، ومن هذه القدرات الذاكرة التي توجد عند الناس جميعًا ولكن بدرجات متفاوتة. والذاكرة هي الوعاء الذي يحفظ فيه القرآن ولكي نحافظ على ذاكرة الأبناء يجب الحرص على القواعد التالية:
له القدرة على التذكر تزداد مع العمر تزداد من حيث الكفاية في استيعاب أكبر عدد ممكن من العناصر، ومن حيث الاحتفاظ بالمعلومات أطول مدة ممكنة، ويجب ألا ننسى أن هذا النمو فى التذكر يتمشى مع النمو في الانتباه. وبالتالى لكي نزيد الذاكرة عند الطفل نحاول دائما أن نعلمه كيف يكون التركيز في الانتباه. بشرط أن يكون المربى قدوة فالمربى المتوتر والذى يصدر أكثر من أمر في وقت واحد، وينفعل سريعا أثناء العمل ينقل هذا التوتر لمن يعول. وبالتالي تتأثر الذاكرة لديه بتأثر الانتباه.
تحتاج التربية إلى الاستجابة لحاجات الطفل وإشباعها. ولذلك فالاهتمام بالجسم والغذاء بالطبع يؤثر على الذاكرة عند الطفل، فالطفل الذى يأكل وجبات غذائية متكاملة وفي أوقاتها تكون قدرته على الاستيعاب أكبر. وفي نفس الوقت يفضل منع الطفل من أكل الأطعمة التي بها مواد حافظة أو مكسبات طعم أو لون لأن هذه المواد تؤثر تأثيرًا سلبيًا على قدرة الذاكرة، وتحدث للطفل مشكلة كثرة الحركة مع قلة الانتباه.
يحتاج تعلم الطفل للقرآن الكريم إلى تمهيد وتطبيق عملي حتى يشعر الطفل بقيمة هذه التعليمات، وفي نفس الوقت تكون ثابتة في ذاكرته.
الذاكرة فى السن الصغيرة تحتاج أحيانًا إلى دعم وتشجيع مادى، أو معنوى وفى السن الصغيرة يكون الدعم المادى أفضل من الدعم المعنوى حيث يشعر الطفل أنه يجنى ناتج مجهوده الذي بذله فى جمع معلومة أو تذكر شيء لفترة طويلة.
الذاكرة المرتبطة بالميول تكون ثابتة أكثر، وبالتالى يحتاج المربى أن يبحث عن ميول الأبناء ومواهبهم حتى يسهل عليه توجيه قدراتهم واستثمار طاقتهم دون عناء منهم؟ والبحث فى القرآن الكريم عن المواقف التي تشد انتباه الأبناء ومحاولة تكرارها كثيرًا، تكون ذات تأثير كبير في كيفية حفظ القرآن.
تنظيم أوقات النوم والراحة يساعد على استقرار الذاكرة وتنميتها. وبالتالي يتم وضع جدول مع الطفل بمشورته لتحديد أوقات التحصيل وأوقات اللعب، وعلى أن يحترم المربى أوقات لعب الطفل حتى يحترم الطفل أوقات التحصيل وتزيد ذاكرته.
البعد عن عوامل التشتيت يساعد على تنمية الذاكرة. ومن هذه العوامل مشاهدة التلفاز ببرامج غير موجهة، أو الموضوعات الكارتونية المثيرة والجاذبة للطفل.
تهيئة الجو الأسرى والاجتماعي والنفسي الجيد للطفل تساعد على إنعاش الذاكرة وتنميتها.
اختيار الوقت المناسب للتحفيظ
اختيار الوقت المناسب من أهم المهارات التربوية التي تساعد على تدعيم حب الأبناء للقرآن الكريم، فلا يعتقد المربي أن الابن مثل الآلة، يديرها وقتما شاء، وينسى حاجاته ودوافعه الخاصة، بحجة أنه لا شيء يعلو فوق القرآن، وعلى هذا الأساس يظن البعض أن من واجب الأبناء تجاه القرآن أن يتلقاه في أي وقـت و تحت أي ظروف دون نقاش أو اعتراض وهذا خطأ، وفي نفس الوقت تُحدث الكراهية المكبوتة فى نفوس الأبناء بسبب ما يحدث لهم مزيدا من الجهد والألم.
ومن هذا المنطلق يحتاج المربى الذى يريد زرع حب القرآن في قلوب أبنائه اختيار الوقت المناسب للتحفيظ أو التعامل مع القرآن بحيث لا يكون هذا الوقت بعد سهر طويل ونوم قليل.
بعد جهد بدني كبير كممارسة الرياضة.
بعد وجبة دسمة.
وبعد يوم دراسي مكثف.
في وقت كان محددًا مسبقا للعب.
عندما يكون الطفل في حالة نفسية سيئة.
أثناء توتر العلاقة بين الآباء والأبناء حتى لا يبنى كراهيته للقرآن على حساب الخلاف بينهما.
معرفة الموهوب في الحفظ وتنميته
تعد الموهبة عطية من الله تعالى يمنحها لمن يشاء لحكمـة هـو سبحانه يعلمها، ومن هذه المواهب موهبة ،الحفظ، والتي لا توجد الجميع بالتساوى ولكن توجد بدرجات متفاوته، حتى هذا الاختلاف كان بين صحابة رسول الله .. فكان يوجد اختلاف كبير بين قدرة حفظ عبد الله بن عباس، وقدرة حفظ خالد بن الوليد رضى الله عنهم وأرضاهم، ولكن فى نفس الوقت يوجد فرق كبير بين موهبة القيادة بين الاثنين. حيث تميز عبد الله بن عباس في الحفظ والتفسير. وتميز خالد بن الوليد في قيادة الجيوش وتحقيق النصر. والنتائج في الاثنين إنجاز ونصر.
وهذا المثال نموذج عملى حتى يدرك الآباء أن الاختلاف بين البشر من سنن الله تعالى فى الكون، وعلى هذا الأساس لا يمكن أن أتعامل مع طفل موهوب فى الحفظ مثل طفل آخر موهوب في النواحى العملية أو الرياضية. فحتى يحجب الأبناء القرآن علينا الاهتمام بالموهوب كل حسب ،موهبته وجعل من لديه موهبة الحفظ مصدرًا لتأكيد ،ذاته، لأنه لا يمكن أن يحقق ذاته في غيرها. ونضع له برنامجاً عمليا لتنميتها، وتحدى قدراته بدرجة أعلى من مستواه قليلاً، وبذلك يظل يسعى دائما إلى تحدى هذه القدرات فيزداد حفظاً وتنمو موهبته ويحقق ذاته.
معرفة من لديه صعوبة فى التعلم والتعامل الجيد معه :
مصطلح الصعوبات الخاصة بالتعلم هو مصطلح تربوى حديث الاكتشاف، وقد تم تمييز الأفراد الذين يشملهم هذا المصطلح، كفئة من فئات التربية الخاصة، منذ عهد قريب نسبيا.
أفراد هذه الفئة هم في العادة، أناس أسوياء من حيث القدرات العقلية، عاديون أو ذوو ذكاء مرتفع، ولا يعانون من إعاقات سمعية أو بصرية أو حركية أو انفعالية، ومع ذلك يعانى هؤلاء الطلبة من صعوبات واضحة في اكتساب مهارات الاستماع أو القراءة أو الكتابة أو التهجئة واستخدامها أو فى أداء العمليات الحسابية.
وتعد هذه الاضطرابات أساسية فى الفرد (بمعنى أنها غير عارضة)، ويفترض أن تكون ناتجة عن خلل وظيفي في الجهاز العصبي المركزي، وإذا حدث وظهرت صعوبات التعلم متلازمة مع حالات إعاقة أخرى، مثل: (الإعاقة السمعية أو البصرية أو التخلف العقلى أو الاضطراب الانفعالى أو الاجتماعي)، أو متلازمة مع مؤثرات بيئة أخرى كالاختلافات الثقافية أو طرق التدريس غير المناسبة) فإن صعوبات التعلم لا تكون نتيجة مباشرة لتأثير هذه الإعاقات، أو لهذه المؤثرات غير المناسبة.
إلى هنا انتهى هذا الجزء من مقال كتاب كيف نحبب القرآن لأبائنا للدكتور سعد رياض، وهو كتاب مهم في تعليم الآباء والمربين مهارات تربوية في كيفية حفظ القرآن.