تفسير سورة المدثر للاطفال
نستكمل تفسير سور جزء تبارك للاطفال واليوم مع تفسير سورة المدثر.
” يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ “
أي أيها المتغطي بقطيفته .. ملاطفة في الخطاب من الكريم إلى الحبيب .
” قمْ فَأَنْذِرْ “
أي شمر عن ساق العزم وأنذر الناس .
” وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ “
أي عظمه بالتوحيد ، وخصه بالتقديس والتمجيد ، وأفرده بالعظمة والكبرياء .
” وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ “
اغسل ثيابك وطهرها .
” وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ “
الرجز: الأصنام ، فأمر بتركها والبراءة منها وما نسب إليها من قول أو عمل .
” وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ “
لا تعط العطية تلتمس أكثر منها .
” وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ “
ولربك وحده دون سواه فاصبر على كل ما تلقاه في سبيل إبلاغ رسالتك ونشر دعوتك دعوة الخير والكمال .
” فَإِذَا نقِرَ فِي النَّاقُورِ “
الناقور: الصور ، أي فإذا نفخ في الصور ، نفخة البعث والنشور .
” فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ “
أي فذلك اليوم يوم شديد هائل .
” عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ “
أي غير سهل عليهم ، لأنهم قد يئسوا من كل خير ، وأيقنوا الهلاك والبوار .
” ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا “
أي دعني يا محمد وهذا الشقي ، الذي خرج من بطن أمه وحده لا مال له ولا ولد ، وهو الوليد بن المغيرة .
” وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا “
أي واسعة كثيرة ، وجعلت له أيضا :
” وَبَنِينَ شهُودًا “
أي حاضرين عنده على الدوام ، يتمتع بهم ويقضي بهم حوائجه .
” وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا “
أي مكنته من الدنيا وأسبابها حتى انقادت له مطالبه ، وحصل له ما يشتهي ويريد .
” ثمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ “
مع هذه النعم يطمع أن أزيده في الدنيا زيادة على ما هو فيه من المال والبنين .
” كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا “
أي لأنه معاند للحق ، جاحد بآيات الله ، مكذب الرسول ، ولم يكفه أنه أعرض عنها وتولی ، بل جعل يحاربها ويسعى في إبطالها .
” سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا “
جبل في جهنم يصعد فيه الكفار سبعين خريفا .
” إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ “
أي إنما قربناه من العذاب الشاق لبعده عن الإيمان ، لأنه فكر في شأن النبي عليه الصلاة والسلام وقدر أي تروی في نفسه .
” فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ . ثمَّ قتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ “
أي لعن كيف قدر ذلك التقدير الذي هو قوله : إن هذا إلا سحر يؤثر . إن هذا إلا قول البشر .
” ثمَّ نَظَرَ “
أي أعاد النظر والتروي .
” ثمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ “
أي قبض بين عينيه وقطب وكره .
” ثمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ “
أي صرف عن الحق ورجع القهقرى مستكبرا عن الانقياد للقرآن .
” فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يؤْثَرُ . إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ “
أي ما هذا كلام الله ، بل كلام البشر ، وليس أيضا كلام البشر الأخيار ، بل كلام الأشرار منهم والفجار ، من کل کاذب سحار .
” سَأُصْلِيهِ سَقَرَ “
أي سأعذبه فيها من جميع جهاته .
” وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ “
هذا تهويل لأمرها وتفخيم ، ثم فسر ذلك بقوله :
” لَا تبْقِي وَلَا تَذَرُ “
أي لا تبقي لحم ولا تذر عصبا ، بل تأتي على الكل .
” لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ “
أي تلوح وتظهر لأنظار الناس من مسافات بعيدة لعظمها وهولها .
” عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ “
أي على سقر ملائكة يقال لهم الخزنة عدتهم تسعة عشر ملكا .
” وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً “
أي خزانها شديدي الخلق لا يقاومون ولا يغالبون .
” وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا “
أي إنما ذكرنا عدتهم أنهم تسعة عشر اختبارا للناس .
” لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ “
أي ليتيقن أهل الكتاب من صدق محمد ، وأن هذا القرآن من عند الله ، إذ يجدون هذا العدد في كتبهم المنزلة .
” وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا “
أي ويزداد المؤمنون تصديق بالله ورسوله ، بما يشهدون من صدق أخبار نبيهم .
” وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ “
أي ولا يشك أهل الكتاب والمؤمنون في عددهم ، وهذا تأكيد لما قبله .
” وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا “
أي يقول الذين في قلوبهم شك ونفاق : ما الحكمة من ذكر هذا هنا ؟
” كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ “
أي من مثل هذا وأشباهه يتأكد الإيمان في قلوب أقوام ، ويتزلزل عند آخرين .
” وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ “
أي ما يعلم عددهم وكثرتهم إلا هو تعالی ، لئلا يتوهم متوهم أنما هم تسعة عشر فقط .
” وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ “
أي ما هذه النار التي وضعها لكم الجبار إلا موعظة وتذكرة للخلق ليخافوا ويطيعوا .
” كَلَّا وَالْقَمَرِ “
حقا ، وأقسم تعالى بالقمر .
” وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ “
أي ولی بظلمته ذاهب .
” وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ “
أي وبالصبح إذا أضاء .
” إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ “
أي: إن النار لإحدى العظائم الطامة والأمور الهامة .
” نَذِيرًا لِلْبَشَرِ “
أي هي إنذار للخلق ليتقوا ربهم .
” لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ “
أي لمن شاء أن يقبل النذارة ويهتدي للحق ، أو يتأخر عنها ويولي ويردها .
” كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ “
يخبر تعالى أن كل نفس بما كسبت رهينة أي متعلقة بعملها يوم القيامة .
” إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ “
أي إلا فريق السعداء المؤمنين فإنهم ناجون من النار .
” فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ “
أي في جنات قد حصل لهم جميع مطلوباتهم ، وتمت لهم الراحة والطمأنينة ، حتى أقبلوا يتساءلون فأفضت بهم المحادثة بالسؤال عن المجرمين .
” عَنِ الْمُجْرِمِينَ “
أي يسألون وهم في الغرفات وأولئك في النار قائلين لهم :
” مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ “
أي: أي شيء أدخلكم فيها ؟ وبأي ذنب استحققتموها ؟
” قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ “
أي لم نكن من المصلين في الدنيا لرب العالمين .
” وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ “
أي ولم نكن نخرج الزكاة للفقراء المحتاجين بخلا بما آتاهم الله .
” وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ “
أي نخوض بالباطل وتجادل به الحق .
” وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ “
أي نكذب بيوم الدين وهو يوم الجزاء والمعاد .
” حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ “
أي حتى جاءنا الموت .
” فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ “
أي من كان متصف بمثل هذه الصفات فإنه لا تنفعه يوم القيامة شفاعة شافع فيه .
” فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ “
فما لهؤلاء المشركين معرضين عن القرآن وآياته ، وما فيه من المواعظ البليغة والنصائح والإرشادات .
” كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ “
كأنهم في نفارهم حمر وحش نفرت بعضها من بعض .
” فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ “
أي هربت ونفرت من الأسد من شدة الفزع .
” بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً “
أي بل يريد كل واحد من هؤلاء المشركين أن ينزل عليه كتابا كما أنزل على النبي عليه الصلاة والسلام .
” كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ “
أي إنما أفسدهم عدم إيمانهم بها وتكذيبهم بوقوعها .
” كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ “
أي حقا أن القرآن تذكرة .
” فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ “
أي فمن شاء اتعظ بما فيه ، وانتفع بهداه .
” وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ “
أي ما يتعظون به إلا أن يشاء الله لهم الهدی فيتذكروا ويتعظوا .
” هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ “
الله أهل أن يتقي عباده عقابه على معصيتهم إياه ، فيجتنبوا معاصيه ، ويسارعوا إلى طاعته ، وهو أهل أن يغفر ذنوبهم إذا هم فعلوا ذلك، ولا يعاقبهم عليها .