تفسير سورة المعارج للاطفال
اليوم نقدم للقراء الأعزاء تفسير سورة المعارج للاطفال..
” سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ “
أي دعا داع من كفار مكة لنفسه ولقومه نزول عذاب واقع لا محالة .
” لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ “
واقع للكافرين أي مرصد معد للكافرين ، لا دافع له إذا أراد الله كونه .
” مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ “
المعارج الدرجات .
” تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ “
أي تصعد الملائكة الأبرار ، والروح : أي جبریل الذي خصه الله بالوحي .
” فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ “
أي في يوم طوله هذه المدة وهو يوم القيامة.
” فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا “
أي اصبر يا محمد علی تکذیب قومك لك واستعجالهم بالعذاب استبعاد لوقوعه .
” إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا “
أي وقوع العذاب ، وقيام الساعة ، يراه الكفرة بعيد الوقوع بمعنی مستحيل الوقوع .
” وَنَرَاهُ قَرِيبًا “
أي المؤمنون يعتقدون كونه قريبا ، وإن كان له أمد لا يعلمه إلا الله عز وجل ، لكن كل ما هو آت فهو قریب وواقع لا محالة .
” يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ “
أي تكون السماء كالرصاص المذاب من تشققها وبلوغ الهول منها مبلغ .
” وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ “
أي وتكون الجبال متناثرة متطايرة كالصوف المنفوش إذا طيرته الريح .
” وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا “
أي لا يسأل القريب قريبه عن حاله وهو يراه في أسوأ الأحوال فتشغله نفسه عن غيره .
” يبَصَّرُونَهُمْ “
أي يرونهم ويعرفونهم ، حتى يرى الرجل أباه وأخاه وقرابته وعشيرته فلا يسأله ولا يكلمه .
” يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ “
أي يتمنى الكافر لو يفدي نفسه من عذاب الله ، بأعز من كان عليه في الدنيا من ابن وزوجة وأخ وزوجته .
” وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تؤْوِيهِ “
أي وفصيلته وعشيرته التي كانت تضمه إليها ، ويتكل في نوائبه عليها .
” وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثمَّ يُنْجِيهِ “
أي ويجمع من في الأرض من البشر وغيرهم ثم ينجو من عذاب الله ، وهيهات أن ينجيه .
” كَلَّا إِنَّهَا لَظَى “
أي لا يقبل فيه فداء ولو جاء بأهل الأرض وبأعز ما يجده من المال ولو بملء الأرض ذهبا ، ولا قرابة تنفع ، بل أمامه جهنم تتلظى نيرانها وتلتهب .
” نَزَّاعَةً لِلشَّوَى “
الأطراف ، کاليدين والرجلين، نزعها عن أماكنها . أو جلدة الرأس .
” تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى “
أي تدعو النار إليها أبناءها الذين خلقهم الله لها .
” وَجَمَعَ فَأَوْعَى “
أي جمع المال بعضه على بعض فأوعاه فلم ينفق منه ما ينفعه ويدفع عنه النار .
يقول تعالى مخبرا عن الإنسان وما هو مجبول عليه من الأخلاق الدنيئة .
” إِنَّ الْإِنْسَانَ خلِقَ هَلُوعًا “
أي أن الإنسان جبل على الضجر ، ولا يصبر على بلاء ، ولا يشكر على نعماء .
ثم فسر هذا الهلوع :
” إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا “
أي إذا مسه الضر فزع وجزع وانخلع قلبه من شدة الرعب ، وآيس أن يحصل له بعد ذلك خير ، ولا يستعمل ذلك الصبر والرضى بما قضى الله .
” وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا “
أي إذا حصلت له نعمة من الله بخل بها عن غيره ، ومنع حق الله تعالى فيها .
” إِلَّا الْمُصَلِّينَ “
أي الإنسان من حيث هو متصف بصفات الذم ، إلا من عصمه الله ووفقه وهداه إلى الخير ويسر له أسبابه وهم المصلون .
” الَّذِينَ همْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ “
يحافظون على أوقاتها وواجباتها .
” وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ “
أي وفي أموالهم نصيب مقدر لذوي الحاجات .
” لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ “
السائل الذي يبتدئ السؤال ، وأما المحروم فهو الذي لا مال له بأي سبب كان .
” وَالَّذِينَ همْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ “
أي خائفون وجلون ، فيتركون بذلك كل ما يقربهم من عذاب الله .
” إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ “
أي لا يأمنه أحد ممن عقل عن الله أمره إلا بأمان من الله تبارك وتعالی .
” وَالَّذِينَ همْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ “
أي يكفونها عن الحرام ، ويمنعونها أن توضع في غير ما أذن الله فيه .
” إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ “
أي يقتصرون على ما أحل الله لهم من الزوجات ، فإنهم غير مؤاخذين .
” فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ همُ الْعَادُونَ “
أي فمن طلب لقضاء شهوته غير الزوجات ، فقد تعدى الله وعرض نفسه لعذاب الله .
” وَالَّذِينَ همْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ “
أي إذا أؤتمنوا لم يخونوا ، وإذا عاهدوا لم يغدروا ، وهذه صفات المؤمنين وضدها صفات المنافقين .
” وَالَّذِينَ همْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ “
أي محافظون عليها ، لا يزيدون فيها ولا ينقصون منها ، ولا يكتمونها .
” وَالَّذِينَ همْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ “
أي على مواقيتها وأركانها وواجباتها ومستحباتها .
” أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مكْرَمُونَ “
أي الموصوفين بتلك الصفات مكرمون بأنواع الملاذ والمسار .
يقول تعالى منكرا على الكفار الذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وهم مشاهدون له ولما أرسله الله به من الهدى وما أيده الله به من المعجزات ، ثم هم مع هذا كله فارون منه متفرقون عنه ، شاردون يمينا وشمالا فرقا وشيعا ، فقال سبحانه :
” فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ “
أي فما لهؤلاء الكفار الذين عندك يا محمد مهطعين ، أي مسرعين نافرين منك .
” عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ “
أي متفرقين .
” أَيَطْمَعُ كلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ “
أي : أيطمع هؤلاء والحالة هذه من فرارهم عن الرسول عليه الصلاة والسلام أن يدخلوا جنات النعيم .
” كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ “
بل مأواهم جهنم ، فنحن خلقناهم من المنى الضعيف .
” فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ “
أي الذي خلق السموات والأرض وجعل مشرقا ومغربا وسخر الكواكب تبدو من مشارقها وتغيب في مغاربها ، ليس الأمر كما تزعمون أن لا معاد ولا حساب ، بل كل ذلك واقع لا محالة .
” عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ “
نبدل خيرا منهم أمة تطيعنا ولا تعصينا ، وما نحن بمسبوقين أي بعاجزين .
” فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا “
أي يا محمد دعهم في تكذيبهم وكفرهم وعنادهم .
” حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ “
أي حتى يلاقوا ذلك اليوم العصيب الرهيب ، فإن الله قد أعد لهم فيه من النكال والوبال ، ما هو عاقبة خوضهم ولعبهم .
” يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا “
أي يوم يخرجون من القبور مسرعين مجيبين لدعوة الداعي .
” كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ “
أي كأنهم إلى علم يؤمون ويقصدون ، فلا يتمكنون من الاستعصاء على الداعي .
” خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ “
أي خاضعة منكسرة ، يغشاهم الذال والهوان من كل مكان .
” ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ “
أي هذا اليوم الذي وعدوا به في الدنيا وكانوا يهزءون ويكذبون ، فاليوم يرون عقابهم وجزاءهم .