تفسير سورة الجن للاطفال مكتوب
واليوم مع تفسير سورة جديدة من تفسير جزء تبارك للاطفال ومع سورة الجن..
وسبب نزول هذه الآية :
عن ابن عباس قال: ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن وما رآهم ، انطلق رسول الله في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء ، وأرسلت عليهم الشهب ، فرجعت الشياطين إلى قومهم ، فقالوا : ما لكم ؟ قالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء ، وأرسلت علينا الشهب ، قالوا: ما ذاك إلا من شيء حدث ، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها ، فانظروا ما هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء ، فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها ، فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة – وهو بنخل، عامدين إلى سوق عكاظ ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر – فلما سمعوا القرآن استمعوا له ، وقالوا : هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء ، فرجعوا إلى قومهم فقالوا : يا قومنا ! إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا ، فأنزل الله عز وجل على نبيه محمد : قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن. (متفق عليه) .
” قلْ أوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ “
يا محمد قل للناس أن ربي أوحي إلي أن جماعة من الجن استمعوا لتلاوتي للقرآن ، فآمنوا به وصدقوه وأسلموا .
” فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قرْآنًا عَجَبًا “
أي فقالت الجن لقومهم حين رجعوا إليهم .
والغرض من الإخبار عن استماع الجن توبيخ وتقريع قریش والعرب في كونهم تباطأوا عن الإيمان ، إذ كانت الجن خيرا منهم وأسرع إلى الإيمان ، فإنهم من حين ما سمعوا القرآن استعظموه وآمنوا به ورجعوا إلى قومهم منذرین .
” يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ “
أي إلى السداد والنجاح .
” وَلَنْ نشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا “
أي ولن نعود إلى ما كنا عليه من الشرك .
” وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا “
أي تعالت عظمته وتعالی مقامه عن اتخاذ الزوجة والولد .
” وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا “
هذا من قول الجن ، أي وأن الجاهل فينا كان ينسب إلى الله ما لا يليق بجلاله وعظمته ، ويقول قولا باطلا وزورا .
” وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا “
أي ما حسبنا أن الإنس والجن يتمالئون على الكذب على الله تعالى في نسبة الصاحبة والولد إليه ، فلما سمعنا هذا القرآن وآمنا به ، علمنا أنهم كانوا يكذبون على الله في ذلك .
” وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا “
أي كنا نرى أن لنا فضلا على الإنس ، لأنهم كانوا يعوذون بنا إذا نزلوا واديا أو مكانة موحشا من البراري وغيرها ، كما كانت عادة العرب في جاهليتهم يعوذون بعظيم ذلك المكان من الجان أن يصيبهم بشيء يسؤهم ، فلما رأت الجن أن الإنس يعوذون بهم من خوفهم منهم زادوهم رهقا وخوفا وذعرا .
” وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا “
أي وقالت الجن لقومهم : أن کفار الإنس ظنوا كما ظننتم يا معشر الجن ، أن الله لن يبعث أحد بعد الموت ، فقد أنكروا البعث كما أنكرتموه أنتم .
” وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا ملِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا “
يخبر تعالى عن الجن حين بعث الله رسوله محمد وأنزل عليه القرآن ، وكان من حفظه له أن السماء ملئت حرسا شديدا ، وحفظت من سائر أرجائها ، وطردت الشياطين عن مقاعدها التي كانت تقعد فيها قبل ذلك لئلا يسترقوا شيئا من القرآن فيلقوه على ألسنة الكهنة فيلتبس الأمر ويختلط ولا يدري من الصادق ، وهذا من لطف الله تعالی بخلقه ورحمته وحفظه لكتابه العزيز .
” وَأَنَّا كنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ “
أي وكنا قبل بعثة محمد نقعد من السماء مقاعد معينة لهم ، لنستمع إلى أخبارها ونلقيها إلى الكهان .
” فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا “
أي من يروم أن يسترق السمع اليوم يجد له شهابا مرصد له لا يتخطاه ولا يتعداه بل يمحقه ويهلكه .
” وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا “
أي ما ندري هذا الأمر الذي حدث في السماء ، لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا .
” وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دونَ ذَلِكَ “
يقول تعالى مخبرا أنهم قالوا مخبرين عن أنفسهم : أي منا قوم صالحون أبرار عاملون بما يرضي الله ، ومنا دون ذلك أي ليس صلحاء.
” كنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا “
أي طرائق متعددة مختلفة وآراء متفرقة .
” وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نعْجِزَهُ هَرَبًا “
أي نعلم أن قدرة الله حاكمة علينا ، وأنا لا نعجزه في الأرض ، ولو أمعنا في الهرب ، فإنه علينا قادر ولا يعجزه أحد منا .
” وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ “
أي لما سمعنا القرآن العظيم الهادي إلى الصراط المستقيم آمنا به .
ثم ذكروا ما يرغب المؤمن ، فقالوا:
” فَمَنْ يؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا “
أي فمن آمن به إيمانا صادقا ، أي فلا يخاف أن ينقص من حسناته ولا يحمل عليه غير سيئاته .
” وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا “
أي وأنا بعد سماعنا القرآن منا من أسلم ومنا الجائرون عن الحق .
أي فمن اعتنق الإسلام واتبع الرسول ، فأولئك الذين قصدوا الرشد واهتدوا إلى طريق النجاة والجنة .
” وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا “
أي وأما الكافرون الجائرون عن طريق الحق والإيمان فسيكونون وقودا لجهنم تسعر بهم ، وذلك جزاء على أعمالهم ، لا ظلم من الله لهم .
” وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا “
أي لو استقام القاسطون على طريقة الإسلام ، وعدلوا إليها ، واستمروا عليها ولأسقيناهم ماء كثيرا ، والمراد سعة الرزق .
” لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا “
أي من أعرض عن ذكر الله الذي هو كتابه ، فلم يتبعه ، وينقد له ، بل غفل عنه ولهي ، يسلكه عذابا شديدا موجعة مؤلمة لا راحة معها .
” وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا . وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا “
لما قام رسول الله يقول : لا إله إلا الله ، ويدعو الناس إلى ربهم ، كادت العرب تكون عليه جميعا .
” قلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أشْرِكُ بِهِ أَحَدًا “
أي قل يا محمد لهؤلاء الكفار مبينا لهم حقيقة دعوتك : إنما أوحد ربي وحده ، ولا أشرك معه لا صنما ولا بشرا .
” قلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا “
أي إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي وعبد من عباد الله ليس لي من الأمر شيء في هدایتكم ولا غواتكم ، بل المرجع في ذلك كله إلى الله عز وجل .
” قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ “
أي قل لهم أيضا : إنه لن ينقذني من عذاب الله أحد إن عصيته .
” وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا “
أي لا أجد ملجأ ولا نصيرا .
” إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ “
قل إني لا يجيرني منه ويخلصني إلا بلاغي الرسالة التي أوجب أداءها .
” وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا “
أي أنا أبلغكم رسالة الله فمن يعص بعد ذلك فله جزاء على ذلك نار جهنم خالدين فيها أبدا ، أي لا محيد لهم عنها ولا خروج لهم منها .
” حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا “
أي حتى إذا رأي هؤلاء المشركون من الجن والإنس ما يوعدون يوم القيامة . فسيعلمون في ذلك الوقت حقيقة المعرفة من أضعف ناصرا وأقل عددا .
” قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا “
يقول تعالی آمرا رسوله أن يقول للناس أنه لا علم له بوقت الساعة ولا يدري أقرب وقتها أم بعيد .
” عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا “
أي هو جل وعلا عالم بما غاب عن الأبصار ، وخفي عن الأنظار ، فلا يطلع على غيبه أحدا من خلقه .
” إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ “
أي إلا من اختاره الله وارتضاه لرسالته بنبوته ، فيظهره على من يشاء من الغيب ، فإنه يخبره بما اقتضت حكمته أن يخبره به .
” فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا “
أي فإنه تعالی يرسل من أمامه ومن خلفه حرسا وحفظا يحفظونه من الجن .
” لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ “
ليعلم – أي الرسول – أن الرسل قبله قد أبلغوا رسالات ربهم .
” وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ “
أي أحاط علمه بما عند الرسل ، فلا يخفى عليه شيء من أمورهم .
” وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا “
أي عليم تعالی علم ضبط واستقصاء جميع الأشياء ، فلا يغيب عنه شيء ، ولا يخفى عليه أمر .