تفسير سورة القلم للاطفال مكتوبة
اليوم مع تفسير سورة القلم للاطفال مكتوبة
” ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ”
ن :هذه من الحروف المقطعة التي تكون في أوائل السور مثل ( ألم ، ص ، ن، عسق )
والقلم : الذي يكتب به الناس .
وما يسطرون : أي وما يكتبون .
” مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ “
ما أنت : أي يا محمد .
بنعمة ربك بمجنون : أي لست ولله الحمد بمجنون ، كما يقول الجهلة من قومك ، والمكذبون بما جئتهم به من الهدى والحق المبين ، فنسبوك فيه إلى الجنون .
” وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ “
أي بل لك الأجر العظيم والثواب الجزيل الذي لا ينقطع ولا يبيد .
” وَإِنَّكَ لَعَلَى خلُقٍ عَظِيمٍ “
سألت عائشة رضى الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ” كان خلقه القرآن ” رواه مسلم .
” فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ “
أي ستری یا محمد، ویری کفار مكة إذا نزل بهم العذاب – وهذا وعيد لهم .
” بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ “
أي أيكم الذي فتن بالجنون ؟ هل أنت كما يفترون ، أم هم بكفرهم وانصرافهم عن الهدى .
” إِنَّ رَبَّكَ هوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ “
أي هو سبحانه يعلم من هو الشقي المنحرف عن دين الله ومن هو التقي المهتدي إلى الدين الحق .
” فَلَا تطِعِ الْمُكَذِّبِينَ “
أي فلا تطع رؤساء الكفر والضلال الذين كذبوا برسالتك وبالقرآن .
” وَدُّوا لَوْ تدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ “
ود هؤلاء المشركون يا محمد لو تلين لهم في دينك بإجابتك إياهم إلى الركون إلى آلهتهم فيلينون لك في عبادتك إلهك .
” وَلَا تطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ “
أي لا تطع یا محمد كثير الحلف بالحق والباطل . مهين : حقير فاجر .
” هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ “
هماز : أي مغتاب يأكل لحوم الناس بالطعن والعبث .
مشاء بن میم : وهو الذي ينقل الكلام بين الناس من أجل الإفساد بينهم .
” مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ معْتَدٍ أَثِيمٍ “
مناع للخير : أي يمنع ما عليه وما لديه من الخير .
معتد : أي ظالم للناس معتد على أموالهم وأنفسهم .
أثيم : كثير الإثم لتناوله المحرمات .
” عتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ “
العتل : الفظ الغليظ .
” أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ “
أي لأن كان ذا مال وبنين قال في القرآن ما قال ، وزعم أنه أساطير الأولين ، وكان ينبغي أن يقابل النعمة بالشكر لا بالجحود والتكذيب.
” إِذَا تتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ “
أي إذا قرئت آيات القرآن على ذلك الفاجر قال مستهزئا ساخرة : إنها خرافات وأباطيل المتقدمين اختلقها محمد .
قال تعالى ردا عليه :
” سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ “
الخرطوم الأنف ، سنسمه سمة أهل النار يعني تسود وجهه يوم القيامة وعبر عن الوجه بالخرطوم .
” إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ “
قصة أصحاب الجنة :
كان لرجل مسلم بستان فيه أنواع النخيل والزروع والثمار ، وكان إذا حان وقت الحصاد دعا الفقراء فأعطاهم نصيبهم وافرة منه ، وأكرمهم غاية الإكرام ، فلما مات الأب ورثه أبناؤه الثلاثة فقالوا : عيالنا كثير والمال قليل ولا يمكننا أن نعطي المساكين كما يفعل أبونا، فتشاوروا فيما بينهم وعزموا على ألا يعطوا أحدا من الفقراء شيئا ، وأن يجنوها وقت الصباح خفية .
” إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مصْبِحِينَ “
أي حلفوا فيما بينهم ليجزن ثمرها في الصباح الباكر قبل أن يعلم المساكين حتى لا يعطوهم شيئا .
” وَلَا يَسْتَثْنُونَ “
أي لا يستثنون حق المساكين .
” فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ “
أي أصابتها آفة سماوية .
” فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ “
كالليل الأسود المظلم .
” فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ “
أي لما كان وقت الصباح نادي بعضهم بعضا ليذهبوا إلى قطع الثمار .
” أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ “
أي اذهبوا مبكرين إلى ثمارکم وزروعكم إن كنتم صارمين : أي حاصدين للثمار .
” فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ “
أي فانطلقوا نحو البستان يتشاورون في صوت خافت حتى لا يفطن لهم فقراء البلد ومساكينها وأجمعوا على :
” أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ “
أي لا يدخلوا في هذا اليوم أحدا من الفقراء إلى البستان ولا تمكنوه من الدخول .
” وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ “
أي انطلقوا على أمر مجمع قد أسسوه بينهم ، وقيل: على غضب.
” فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ “
أي فلما وصلوا إليها وأشرفوا عليها كانت قد صارت سوداء لا ينتفع بها فاعتقدوا أنهم قد أخطئوا الطريق ولهذا قالوا :
إنا لضالون :أي قد سلكنا إليها غير الطريق فتهنا عنها ، ثم رجعوا عما كانوا فيه وتيقنوا أنها هي فقالوا:
” بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ “
أي بل هي هذه ولكن نحن لا حظ لنا ولا نصيب .
” قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ “
قال أوسطهم : أي أعدلهم وأفضلهم وخيرهم .
ألم أقل لكم لو لا ، أي: هلا تسبحون :أي هلا تسبحون الله وتشكرونه على ما أعطاكم وأنعم به عليكم .
” قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ “
نزهوا الله أن يكون ظالما فيما صنع ، وأقروا على أنفسهم بالظلم فقالوا : إنا كنا ظالمين : بمنعنا المساكين .
” فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ “
أي يلوم بعضهم بعضا على ما كانوا أصروا عليه من منع المساكين من حق الجذاذ ثم نادوا على أنفسهم بالويل :
” قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ “
أي اعتدينا وبغينا وطغينا وجاوزنا الحد حتى أصابنا ما أصابنا .
” عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ “
أي لعل الله أن يعطينا أفضل منها بسبب توبتنا واعترافنا بخطيئتنا ، إنا إلى ربنا راغبون : أي راجعون لعفوه طالبون لإحسانه وفضله .
” كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ “
أي هكذا عذاب من خالف أمر الله وبخل بما آتاه الله وأنعم به عليه ومنع حق المسكين والفقير وبدل نعمة الله كفرة ، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون : أي هذه عقوبة الدنيا كما سمعتم وعذاب الآخرة أشق وأشد وأعظم من عذاب الدنيا .
لما ذكر تعالی حال أهل الجنة الدنيوية وما أصابهم فيها من النقمة حين عصوا الله وخالفوا أمره ، بين ما للمتقين فقال :
” إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ “
أي أن للمتقين في الآخرة حدائق وبساتين ليس فيها إلا النعيم الخالص الذي لا يشوبه کدر ولا هم ولا غم كما هو حال الدنيا .
” أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ “
الاستفهام للإنكار والتوبيخ ، أي أفنساوي بين المطيع والعاصي ؟
” مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ “
يعجب منهم حيث أنهم يسوون المطيع بالعاصي والمؤمن بالكافر ، فإن مثل هذا لا يصدر عن عاقل .
” أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ “
يقول تعالى : هل في أيديكم كتاب منزل من السماء تدرسونه وتحفظونه متضمنة حكما مؤكدا كما تدعونه ؟
” إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ “
أي ألكم في هذا الكتاب فتختارون وتشتهون وتطلبون ؟
” أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ “
أي أمعكم عهود منا ومواثيق مؤكدة ، إن لكم لما تحكمون : أي أنه سيحصل لكم ما تريدون وتشتهون .
” سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ “
أي سل هؤلاء المشركين أيهم كفيل بأن لهم علينا أيمانا بأن لهم الجنة ، وبأنهم يستوون مع المؤمنين .
” أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ “
أم لهم شركاء من الأصنام والأنداد يكفلون لهم بذلك ، فليأتوا بهم إن كانوا صادقين في دعواهم .
وهذا تعجيز للكفار .
لما ذكر تعالی أن للمتقين عند ربهم جنات النعيم ، بين متى ذلك كائن وواقع فقال تعالی :
” يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ “
يعني يوم القيامة ، وما يكون فيه من الأهوال والزلازل والبلاء والامتحان والأمور العظام .
” خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ “
هذه حال وجوه الكفار وأبصارهم يوم القيامة .
” وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ “
أي والحال أنهم كانوا في الدنيا يدعون إلى السجود وهم أصحاء الجسم معافون فيأبون .
” فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ “
أي القرآن ، وهذا تهدید شدید ، أي دعني وإياه أنا أعلم به منه كيف أستدرجه وأمده في غيه وأنظره ، ثم آخذه أخذ عزیز مقتدر .
” سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ “
أي سنأخذهم لطريق الاستدراج بالنعم إلى الهلاك والدمار من حيث لا يشعرون .
” وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ “
أي أؤخرهم وأنظرهم وأمدهم ، وذلك من كيدي ومكري بهم .
إن كيدي متين : أي عظيم لمن خالف أمري وكذب رسلي واجترأ على معصيتي .
” أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ “
أي أتسألهم يا محمد غرامة مالية على تبليغ الرسالة ، فهم معرضون عن الإيمان بسبب ذلك التكليف الثقيل بذلهم المال ؟
” أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ “
أي أم هل عندهم اللوح المحفوظ الذي فيه الغيب ، فهم ينقلون منه أنهم خير من أهل الإيمان ، فلذلك أصروا على الكفر والطغيان ؟ وهو استفهام على سبيل الإنكار والتوبيخ .
” فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ “
فاصبر يا محمد على أذى قومك لك وتكذيبهم ، فإن الله سيحكم لك عليهم ويجعل العاقبة لك .
” وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ “
صاحب الحوت هو يونس عليه السلام . نهى عن مشابهته في الضجر والعجلة والغضب على قومه ، الذي آل به إلى تركهم وركب السفينة فساهم فكان من المدحضين فالتقمه الحوت وهو مليم .
وهو مكظوم : أي مملوء غما وهما .
” لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ “
النعمة : النبوة، والمعنى : لولا أن الله قد جعله نبيا .
لنبذ بالعراء وهو مذموم : أي لولا أن أدركته رحمة الله حيث ألهمه الله التوبة ووفقه لها لنبذ أي لطرح بالفضاء الواسع وهو مذموم لكن لما تاب الله عليه طرح على ساحل البحر وهو غير مذموم بل محمود .
” فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ “
أي اصطفاه مرة ثانية بعد الأولى فجعله من الصالحين أي الكاملين الصلاح من الأنبياء والمرسلين ، وأرسله مرة ثانية إلى أهل بلاده بعد ذلك الانقطاع .
” وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ “
لقد كاد الكفار من شدة عداوتهم لك يا محمد أن يصرعوك بأعينهم ويهلكوك .
لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون : أي حين سمعوك تقرأ القرآن ، فيؤذونه بألسنتهم ويقولون إنه لمجنون .
” وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ “
أي وما هذا القرآن المعجز إلا موعظة وتذكير للإنس والجن فكيف ينسب من نزل عليه إلى الجنون .