تفسير سورة القيامة للأطفال
مع تفسير سورة جديدة من سور جزء تبارك للأطفال ، وتفسير اليوم لسورة القيامة .
” لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ “
أي أقسم بيوم القيامة ، يوم الحساب والجزاء .. أي ليس الأمر كما يدعي المشركون من أنه لا بعث ولا جزاء .
” وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ “
وأقسم بالنفس اللوامة ، وهي النفس المؤمنة ، لأن المؤمن يلوم نفسه على كل حال .
” أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ “
أي يوم القيامة ، أيظن الإنسان الكافر أنا لا نقدر على إعادة عظامه وجمعها من أماكنها المتفرقة .
فاستبعد من جهله وعدوانه قدرة الله على خلق عظامه ، فرد عليه بقوله:
” بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ “
أن يجعل أصابع يديه ورجليه شيئا واحدا كخف البعير وحافر الحمار .
” بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ “
هو الكافر يكذب بيوم الحساب ، ولهذا قال بعده :
” يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ “
أي يقول متى يوم القيامة ، وإنما سؤاله سؤال استبعاد لوقوعه ، وتكذيب لوجوده . ثم ذكر أحوال القيامة فقال :
” فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ “
أي أن الأبصار تحار وتنبهر يوم القيامة من شدة الأهوال، ومن عظم ما تشاهده يوم القيامة من الأمور .
” وَخَسَفَ الْقَمَرُ “
أي ذهب ضوؤه .
” وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ “
وهما لم يجتمعا منذ خلقهما الله تعالى ، فيجمع الله بينهما يوم القيامة ، ويخسف القمر وتكور الشمس .
” يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ “
أي إذا عاين ابن آدم هذه الأهوال يوم القيامة ، حينئذ يريد أن يفر ويقول: هل من ملجأ .
” كَلَّا لَا وَزَرَ “
أي لا فرار اليوم من قبضة الجبار ولا حصن ولا ملتجأ .
” إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ “
أي إلى الله وحده مصير ومرجع الخلائق ، فليس في إمكان أحد أن يستتر أو يهرب عن ذلك الموضع ، بل لا بد من إيقافه ليجزى بعمله ، ولهذا قال :
” يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ “
أي يخبر الإنسان في ذلك اليوم بجميع أعماله ، صغيرها وكبيرها ، عظيمها وحقيرها ، ما قدمه منها في حياته ، وما أخره بعد مماته .
” بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ “
أي بل هو شاهد على نفسه يوم القيامة تشهد عليه أعضاؤه وجوارحه .
” وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ “
أي ولو حاول عنها وقدم من اعتذارات ، فإن أعضاؤه تكذبه .
” لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ “
هذا تعليم من الله لرسوله عليه الصلاة والسلام في كيفية تلقي الوحي من الملك ، كان يبادر إلى أخذه ويسابق الملك في قراءته ، فأمره الله عز وجل إذا جاءه الملك بالوحي أن يسمع له .
” إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ “
أي في صدرك وأن تقرأه .
” فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ “
أي إذا تلاه عليك الملك عن الله تعالى فاستمع له ثم اقرأه كما أقرأك .
” ثمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ “
أي بعد حفظه وتلاوته نبينه لك ونوضحه ونلهمك معناه على ما أردنا وشرعنا .
” كَلَّا بَلْ تحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ “
أي ليس الأمر كما تزعمون أنه لا بعث ولا حساب . الذي دعاكم إلى قول ذلك محبتكم الدنيا العاجلة وإيثار شهواتها على أجل الآخرة ونعيمها ، فأنتم تؤمنون بالعاجلة وتكذبون بالآجلة .
” وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ “
أي تتركون الآخرة الباقية .
” وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ “
أي حسنة بهية مشرقة مسرورة .
” إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ “
أي ينظرون إلى ربهم .
” وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ “
هذه وجوه الفجار تكون يوم القيامة عابسة كدرة ذليلة .
” تَظُنُّ أَنْ يفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ “
أي تستیقن أن يفعل بها داهية وشر .
” كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ “
أي ليس الأمر كما تحسب أيها الإنسان أن الله لا يجمع عظامك ولا
يحييك . إذا بلغت النفس الترقوة وهي عظام أعالي الصدر ، دليل على اقتراب الموت .
” وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ “
أي يرقيها .
” وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ “
أي وأيقن المحتضر أنه سيفارق الدنيا والأهل والمال .
” وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ “
التفت إحدى ساقي المحتضر على الأخرى من شدة كرب الموت وسكراته .
” إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ “
أي المرجع والمآب ، يجتمع عنده الأبرار والفجار، ثم يساقون إلى الجنة أو النار .
” فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى “
هذا إخبار عن الكافر الذي كان في الدار الدنيا مكذبا للحق بقلبه ، متوليا عن العمل بقالبه ، فلا خير فيه باطنا ولا ظاهرة فلا صدق بآيات الله ، بل كذب بها ، و لم يصل لله صلاة .
” وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى “
أي ولكن كذب بالقرآن وأعرض عن الإيمان .
” ثمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى “
أي ذهب يتبختر .
” أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى . ثمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى “
هذا تهديد ووعيد أكيد من الله تعالى للكافر به المتبختر في مشيه ، أي يحق لك أن تمشي هكذا وقد كفرت بخالقك وبارئك .
” أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يتْرَكَ سُدًى “
أفيظن الكافر أن يترك مهملا في الدنيا لا يؤمر ولا ينهى ، وأن يترك في قبره لا يبعث ؟
” أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يمْنَى “
أي أما كان الإنسان نطفة ضعيفة من ماء مهين یراق من الأصلاب في الأرحام .
” ثمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى “
ثم أصبح بعد ذلك قطعة من ماء غليظ ، ثم شکل ونفخ فيه الروح فصار خلقا آخر سويا سليم الأعضاء ذكر أو أنثى بإذن الله وتقديره ، ولهذا قال :
” فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى “
أي فجعل من هذا الإنسان صنفين : ذكر وأنثي بقدرة الله .
فكيف يليق بمثل هذا الضعيف أن يتكبر على طاعة الله ؟
” أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يحْيِيَ الْمَوْتَى “
أي أليس الذي خلق الإنسان وطوره على هذه الأطوار المختلفة ، بقادر على أن يحيي الموتی ؟ بلى إنه على كل شيء قدير .