الوادي المقدس طوى قصة مكتوبة ومصورة و pdf
نقدم لكم اليوم قصة جديدة بعنوان الوادي المقدس طوى، القصة مكتوبة ومصورة و pdf.
عاد أسامة ذات يوم من مدرسته، مسرعا إلى منزل جده الأستاذ عارف، وقد بدت عليه لهفته لسؤال، يريد أن يتعرف على إجابة مقنعة له، وسرعان ما انضم إليه باقي الأحفاد، سأل أسامة:
يا جدي: نحن نعلم أن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم رسولا إلى الناس، حين كان يتعبد في غار حراء بمكة، ويتفكر في الكون وخالقه، جاءه جبريل وأقرأه أول آيات القرآن الكريمة، وأخبره أن الله بعثه رسولا، ليهدي الناس إلى عبادة الله وحده، ونبذ عبادة الأصنام التي كانت في الكعبة وحولها.
قال مصطفی:
ونعلم أن عيسى ـ عليه السلام ـ بعثه الله رسولا حين كان بالقرب من القدس بفلسطين، بعد أن عمده ابن خالته يحيى – عليه السلام- بماء نهر الشريعة المقدس، ثم أنزل الله عليه جبريل بالإنجيل.
وقال محمود:
ونحن نعلم أن موسى قضى بعض حياته في مصر، والبعض منها في أرض مدين، فأين نزل عليه الوحي، ليكون رسولا؟
الوادي المقدس طوى
أسرع الجد يقول:
نزل الوحي على موسى في الوادي المقدس طوی.. طور سينين. دهش الأحفاد، وقالوا:
نحن نعرف مكة والقدس، ولكننا لم نعرف مدينة أو دولة باسم الوادي المقدس طوی، ولا باسم طور سينين، فأين يكون هذا المكان؟
ابتسم الجد ابتسامة تدل على سعادته، وقال: في مصر.
ضحك الأحفاد في سعادة، وهم يقولون: هي إذن رحلة جديدة إلى مكان جديد، فأين ستكون رحلتنا؟
قال الجد: إلى سيناء.
قال مصطفی:
نحن نعرف عن سيناء أنها شبه جزيرة في شمال شرق مصر، جنوبها أكثر ارتفاعا من شمالها، يحيط بها البحر الأحمر وخليج العقبة وخليج السويس، ويطل شمالها على البحر المتوسط. بهذا حدثنا مدرس الجغرافيا.
الوادي المقدس طوى
قال الجد:
الوادي المقدس: أرض طاهرة مقدسة في أرض سيناء، سنتعرف على مكانه.. عليكم أن تستعدوا للرحلة.
سأل الأحفاد: فأي الطرق، وأي وسيلة من المواصلات تصل بنا إلى هذا المكان؟
قال الجد: سيكون طريقنا إلى مدينة الطور التي تقع على الساحل الشرقي لخليج السويس، وسنصل إليها بواسطة الطائرة، أو بالطريق البري، أو بالباخرة.
قال مصطفى:
أذكر أن مدينة الطور هي عاصمة محافظة سيناء الجنوبية. فقد درسنا في الصف الرابع محافظات مصر، ومنها سيناء الجنوبية.
قال الجد: هذا صحيح.
الوادي المقدس طوى
من القاهرة، ركب الأحفاد سيارة نقلهم إلى مدينة السويس.
من السويس عبروا إلى الناحية الشرقية لخليج السويس، قرب ساحلها الشرقي، واتجهوا نحو الجنوب، مرورا على عدة موانئ مثل: رأس مطارمة وعسل وأبو رديس وبلاعيم، وكلها تشتهر بإنتاج البترول، حتى وصلوا إلى مدينة الطور.
كانوا وهم سائرون بالسيارة، يتعرفون على كثير من المعلومات عن هذه المدن، وأهمية كل منها، ودونوا كل ما عرفوه من معلومات وحقائق في كراساتهم.
بينما كان الجد يحكي لأحفاده، سمعوا هاتفا ينادي:
ذات ليلة من ليالى الشتاء الباردة، منذ أكثر من ثلاثة آلاف ومائتي عام.. كان الظلام الحالك يغطي المنطقة كلها، وكان البرد شديدا، يلسع الأجساد، وهنا في هذا المكان كانت توجد شجرة كبيرة، كثيرة الأوراق والفروع، شاء الله لها أن تشتعل بالنار، دون أن تحرقها، رآها موسی بن عمران، وهو يمضي تائها في سيناء ومعه زوجته وولديه، وقد اشتد عليهم البرد، فأقبل إلى الشجرة، ليأخذ منها جذوة نار؛ ليستدفئ بها وأهله، فما كاد يقترب من الشجرة، حتى سمع هاتفا يناديه:
{إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه:12].
الوادي المقدس طوى
اختفى صوت الهاتف.
سألوا جدهم:
فماذا حدث بعد ذلك؟.. لقد كنا في رحلتنا السابقة تركنا موسى في مدين، يرعی أغنام الشيخ والد الفتاتين، فكيف جاء إلى هذا الجزء من سيناء؟
قال الجد:
كان موسى قد قضى مدة العهد الذي تعاهد مع الشيخ عليه.. عشر سنوات، فتزوج إحدى ابنتيه، وأنجب منها ولدين، وعلم أن فرعون الذي كان يريد قتله قد مات، وأحس بحنين إلى زيارة أهله في مصر، فأعطاه الشيخ والد زوجته بعض الأغنام ليرعاها، وهو في طريقه إلى مصر..
تاه موسى في سيناء.. لم يتعرف على الطريق، فمضى حتى وصل إلى هذه الشجرة، وكان قد ترك أهله.. زوجته وولديه على غير بعيد منها.
ذهب يبحث عن جذوة نار، فسمع هذا النداء من ربه، فدهش مما رأى وسمع!!.
الوادي المقدس طوى
كانت دهشة موسى أكبر من أن يواجهها بفكره، فما يملك إلا أن ينفذ ما أمره الله به..
خلع نعليه، وانتظر، فناداه الله: فما تلك بيمينك يا موسی؟
قال موسى، وقد ملأه الخوف:
(قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى) [طه:17]
فناداه الله: ألقها يا موسى.. ألق عصاك.
فعل موسى ما أمره الله به.. ألقى عصاه، فدهش مما رآه!!، لقد تحولت العصا إلى حية تسعى، تتلؤي.. تتحرك.. تزحف!!.. فما مضى غير قليل، حتى عادت الحية إلى ما كانت عليه.. عصا، فأخذها موسى بيديه مرة ثانية فناداه الله.
الوادي المقدس طوى
يا موسى: أدخل يدك في جيبك، ثم أخرجها .
وفعل موسى ما أمره الله.. أدخل يده في جيبه ثم أخرجها، فإذا هي بيضاء، منيرة، يلمع نورها حوله، فدهش مما يرى، وأسئلة كثيرة تراوده.. ما هذا الذي رآه، وما سمعه؟!
مرة ثالثة أخبر الله موسى أن هاتين معجزتين له، عليه أن يظهرهما لفرعون، ليؤمن بالله، ويترك ما يدعيه من الوهية، ويكف عن إيذاء بني إسرائيل.
ولأن موسى وهو طفل، قد لسعته جمرة نار، وذلك يعجزه عن مواجهة فرعون، فطلب من الله أن يبعث أخاه هارون معه إلى فرعون، يشد أزره، ويساعده في مناقشة فرعون، وإقناعه بالإيمان بالله.
وهكذا بعث الله موسی رسولا.
الوادي المقدس طوى
كان الأحفاد في لهفة إلى سماع مزيد من قصة موسى.. فسألوا جدهم:
وماذا حدث بعد ذلك يا جدنا؟
قال الجد:
لا تتعجلوا الأحداث.. ستعرفون كل شيء عما حدث بين فرعون وموسى، وما كان بينهما من حديث، وسيكون ذلك في موقع ومكان آخر، وفي رحلة جديدة إن شاء الله، ولكن قبل أن نغادر هذا المكان.. أحب أن أضيف إلى معلوماتكم معلومة هامة، وهي أن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو في رحلته إلى المسجد الأقصى ليلة الإسراء والمعراج، قد زار هذا المكان (الوادي المقدس طوی) وصلى فيه ركعتين لله، فكان هذا تشريفا وزيادة في تقديس هذا المكان الطاهر.
من الطور.. سافر الأحفاد والجد بالطائرة إلى القاهرة، سعداء بما جمعوا من معلومات وحقائق، في انتظار رحلة جديدة.