قصة قصيرة للأطفال pdf الزرافة الخرساء مكتوبة ومصورة و pdf
ما زلنا مع قصة قصيرة للأطفال وقصة اليوم بعنوان: الزرافة الخرساء القصة مكتوبة ومصورة و pdf
عَرَفْتُ أَنَّ الزَّرَافَةَ خَرْسَاءَ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْطِقَ بِأَيِّ صَوْتٍ، فَرُحْتُ أَسْأَلُهَا عَنِ السِّرِّ، فَحَكَتْ لِي حِكَايَةً… قَالَتْ:
كَانَتِ الزَّرَافَةُ فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ مَلِكَةَ الحَيَوَانَاتِ كُلِّهَا، وَكَانَ لَهَا آَنَذَاكَ قَرْنَانِ طَوِيلَانِ قَوِيَّانِ هُمَا سِلَاحُهَا..
وَكَانَتِ الحَيَوَانَاتُ تَقِفُ أَمَامَ المَلِكَةِ الجَمِيلَةِ بِخُشُوعٍ وَذِلَّةٍ.
وَكَمْ كَانَ يُسْعِدُ الزَّرَافَةَ أَنْ تَقِفَ خَطِيبَةً بِيْنَ جُمُوعِ الحَيَوَانَاتِ، وَتَتَفَوَّهُ بِكَلِمَاتٍ كَبِيرَةٍ بِصَوْتٍ عَالٍ.
وَكَانَ يَحُزُّ فِي نَفْسِ الأَسَدِ، أَنَّهُ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ سُرْعَتِهِ الفَائِقَةِ فِي الجَرْي، وَقُوَّةِ مَخَالِبِهِ وَأَنْيَابِهِ، فَهَا هُوَ وَاقِفٌ ذَلِيلٌ أَمَامَ الزَّرَافَةِ؛ لِذَا فَقَدْ أَعَدَّ لَهَا مَكِيدَةً، إِذْ دَعَاهَا يَوْمًا لِزِيَارَةِ عَرِينِهِ المَفْرُوشِ بِسَجَّادٍ مَصْنُوعٍ مِنْ جُلُودِ ثَعَالِبِ البَحْرِ.
لَبَّتِ الزَّرَافَةُ دَعْوَةَ الأَسَدِ، وَقَدِمَتْ إِلَيْهِ فِي مَوْكِبٍ كَبِيرٍ، تُحِيطُ بِهَا الحَيَوَانَاتُ المُخْتَلِفَةُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ…
كَانَتِ البَلَابِلُ وَالعَنَادِلُ وَالعَصَافِيرُ وَالبَبَّغَاوَاتُ تُغَنِّي، وَكَانَتِ الدِّبَبَةُ تَضْرِبُ عَلَى الطُّبُولِ، وَكَانَتِ القِرَدَةُ تَتَمَايَلُ رَاقِصَةً.
وَحِينَ وَصَلَ مَوْكِبُ الزَّرَافَةِ إِلَى عَرِينِ الأَسَدِ، وَاسْتَعَدَّتْ لِلدُّخُولِ، لَمْ تَسْتَطِعْ، فَقَدْ كَانَتْ قَامَتُهَا مَدِيدَةً، وَقَرْنَاهَا طَوِيلَيْنِ، وَكَانَ بَابُ عَرِينِ الأَسَدِ صَغِيرًا…
احْتَارَتِ المَلِكَةُ، وَاحْتَارَ أَفْرَادُ المَوْكِ، فَقَالَ الأَسَدُ: الأَمْرُ هَيِّنٌ یَا سَادَةُ، فَنَحْنُ جَمِيعًا نَفْتَدِي مَلِكَتَنَا المَصُونَ، وَنُجَنِّدُ أَنْفُسَنَا لِحِمَايَتِهَا مِنْ عَوَادِي الزَّمَنِ وَخِدَاعَ المَاكِرِينَ، وَعَلَيْهِ فَلَا دَاعِيَ لِهَذَيْنِ القَرْنَيْنِ الطَّوِيلَيْنِ؛ فَمَا رَأْيُكِ أَيَّتُهَا الزَّرَافَةُ المَلِكَةُ فِي أَنْ نُهَشِّمَ قَرْنَيْكِ هَذَيْنِ كَيْ يَسْهُلَ عَلَيْكِ الدُّخُولُ؟!
ابْتَسَمَتِ الزَّرَافَةُ، وَهَزَّتْ رَأْسَهَا مُوَافِقَةً…
فَسَارَعَ الأَسَدُ، وَحَمَلَ صَخْرَةً كَبِيرَةً، وَضَرَبَ قَرْنَي الزَّرَافَةِ، فَانْکَسَرَا… وَحِينَ هَمَّتِ الزَّرَافَةُ بِالدُّخُولِ إِلَى العَرِينِ، صَرَخَ الأَسَدُ سَاخِرًا ضَاحِكًا: لَا، لَا أَيَّتُهَا الزَّرَافَةُ، أَنْتِ الآَنَ عَزْلَاءُ بِلَا سِلَاحٍ، لَنْ تَكُونِي مَلِكَةً عَلَيْنَا، وَلَنْ تَدْخُلِي عَرِينِي هَذَا…
تَضَاحَكَتِ الحَيَوَانَاتُ التِي كَانَتْ تُشَارِكُ فِي المَوْكِبِ الكَبِيرِ بِصَوْتٍ عَالٍ… فَصُعِقَتِ الزَّرَافَةُ، وَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ فِيهَا كَلِمَةً وَاحِدَةً…
وَمُنْذُ ذَلِكَ اليَوْمِ وَالزَّرَافَةُ خَرْسَاءُ لَا صَوْتَ لَهَا، وَعَزْلَاءُ لَا قُوَّةَ لَهَا، بَيْنَمَا يَتَرَبَّعُ الأَسَدُ مَلِكًا فِي عَالَمِ الحَيَوَانِ.