قصص واقعية مؤثرة جدا للفتيات قصة صقيع الحرمان
استكمالا لسلسلة قصص واقعية مؤثرة جدا للفتيات نقدم لكم اليوم القصة الرابع بعنوان: صقيع الحرمان.
على رصيف إحدى القطار كانت تمشى متباطئة تحمـل أمامها بطنا منتفخة كالبالونة التي قاربت على الانفجار.
تبدو لناظريها مجهدة متعبة عيناها باهتتان غائرتان داخل وجهها الشاحب، يستر جسدها ثوب رث مرتق.
اعتلى كتفها طفل رضيع يعاني من إهمال أكيد.
وجهه ضـامر ذابل اتخذه الذباب خلية له بعد استسلام منـه واعتيـاد عليه.
من حولها تسير حفنة من الأطفال متقاربة الأعمار منهم من أمسك بذيل ثوبها، ومنهم من مشى متحررا بالقرب منها.
انتحت ناحية داخل مظلة المحطة وهوت إلى أرضها كأنها البناء المتهدم.
ثم جلست ذاهبت النفس ماثلة كالـصنم بعد أن وضعت صغيرها الرضيع أمامها ودست في فمه (سهاية) تلهيه عنها.
بينما انتشرت بقية الأولاد حولهـا على الأرض.
تابع قصص واقعية مؤثرة جدا للفتيات
وفجأة شردت ابنتها الكبرى عنهم لتبتعد بعض الشيء..
فصارت تحذرها بخشونة: إياكي أن تبتعدي أكثـر من ذلك يا (سميحة) فجلست على التو بجانب عمود المظلة منحنية تعبث بتراب الأرض بأصابعها، ثم هبت واقفة وأخذت تلهو بالدوران حول العمود.
تبدو وقد شوه البؤس شكلها، فألقى على وجهها غشاء كئيب من الدمامة، سرعان ما توقفت لترمق عيناها المارة من المشاة.
سمرت نظراتها على الرصيف المقابل لترقب طفلة أخرى تقاربها في السن، وهي تتواثب في خفة كزهرة مشرقة تقفز من فرط سعادتها، وتحوم حول أمها الجالسة على مقعد خشبي حيث بدت ممشوقة القوام نظيفة الهندام عفية بشوشة تراقب ابنتها باهتمام وحب.
وفجأة انتهى إلى الأذان صفير قطار يدخل المحطة فشاع هلعا في نفوس الصغار، فألقت الطفلة بكل جسدها الغض بين أحضان أمها لتستقبلها حانية بكل ود وحب، فتربت على جسدها مهدهدة لتعبث في نفسها اطمئنانا في نفس اللحظات اندفعت سميحة إلى أحضان أمها.
وما إن كادت تلقي بجسدها النحيل بينها حتى صدتها الأم بيدها الغليظة الخشنة فانكفأت على الأرض بعيدة عنها.
عادت سميحة إلى مكانها من عمود المظلة وقفت لتجتر ألمها وحزنها بعينين دامعتين ونفس مرتجعة وقلب يعاني من صقيع الحرمان، بعد أن أحسست بانشغال أحضان الأم بالجنين المنتظر.
وما أن لمحت قطارا يتحرك ببطء استعدادا للإقلاع توقعت منه صفيرا مزعجا، فأسرعت مضطربة لتحتضن عمود المظلة لائذة به، وحاولت مسرعة إغلاق أذنيها بإصبعيها وأغمضت عينيها بعصبية على أثرها انكمشت ملامحها.