سعد بن ابي وقاص سابع المبشرون بالجنة رضى الله عنه

المبشرون بالجنة

سعد بن ابي وقاص سابع المبشرون بالجنة رضى الله عنه

ها نحن على موعد مع هذا الصحابي الجليل سعد بن ابي وقاص..

إنه الصحابي الذي أسلم مبكرا حتى أنه مر عليه سبعة أيام وهو ثلث الإسلام.

إنه أول من رمى بسهم في سبيل الله جل وعلا إنه أحد العشرة المبشرين بالجنة..

وهو خال رسول الله الذي قال له النبي فداك أبي وأمي،  

إنه بطل القادسية وفاتح المدائن.

فتعالوا بنا نتعايش بقلوبنا مع سيرة هذا الصحابي الجليل..

من هو سعد بن ابي وقاصی رضى الله عنه:

ولعلك بنی تسأل من هو سعد بن ابی وقاص؟

إنه سعد بن أبی وقاص بن وهيب، وكان وهيب جد هو عم آمنة بنت وهب (أم النبي صلى الله عليه وسلم).

ولذلك كان الناس يعرفون سعد بأنه خال رسول الله صلى الله عليه وسلم..

وكان سعد يعيش في قبيلة بني زهرة وهم أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إسلامه رضى الله عنه:

لقد كان سعد رضى الله عنه من أكرم فتيان مكة وأشرفهم نسبا وكان يرى فساد أهل الجاهلية فيحترق قلبه حزنا على حال الناس من حوله.

فكان سعد يتمنى أن يحدث أي شيء في هذا الكون ليكون سببا لإنقاذ البشرية من الظلمات إلى النور.

وأراد الله جل وعلا الخير بهذه الأمة، فأشرق نور الوحي في أرجاء مكة ليضيء للكون كله طريقه إلى الله.

نعم .. لقد بعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم وجاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وعلى الرغم من أن سعدا كان يبلغ من العمر سبعة عشر عاما إلا أنه كان عاقلا لبيبا..

فلم يكن من الشباب الذين يقتلون أوقاتهم في اللهو واللعب وإنما كان يقضي وقته في إعداد السهام والتدرب على الرماية وممارسة الرياضة.

فلما سمع بخير بعثة النبي صلى الله عليه وسلم لم يتأخر لحظة واحدة بل ذهب على الفور ووضع يده في يد النبی صلى الله عليه وسلم وأعلن إسلامه لله جل وعلا، فهو الذي يعرف النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة ويعرف أنه الصادق الأمين.

فاسلم سعد مبكرا حتى أنه كان يقول: ما أسلم أحد في اليوم الذي أسلمت فيه، ولقد مكثت سبعة أيام وإني لثلث الإسلام.

ثباته على الحق:

ولكن إسلام سعد بن أبي وقاص لم يكن سهلا هينا بل تعرض هذا الصحابي الجليل لابتلاء شديد لم يكن يخطر على باله..

فلقد كان سعد من أبر الناس بأمه، فلما أسلم قالت له أمه:

يا سعد کیف تترك دين الآباء والأجداد وتعتنق دينا جديدا لا نعرفه یا سعد إما أن تترك هذا الدين أو امتنع عن الطعام والشراب حتى أموت فعيرك العرب بأنك أنت الذي قتلت أمك.

وأصرت الأم على موقفها لأنها تعلم أن ابنها يحبها حبا جما فكانت تظن أنه سيرق قلبه لها وسيترك دينه من أجلها۔

فقال لها سعد:

والله يا أماه إني مع شدة حبي لك لأشد حبا لله فلو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا بعد نفس ما تركت هذا الدين أبدا فإن شئت فكلى أن لا تأكلی.

فلما أيقنت هذه الأم أن ابنها لن يترك هذا الدين أكلت وأنزل الله قوله تعالی:

(وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).

في رحاب الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم:

عاش سعد وقته في رحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وتعلم بيں يديه الخير كله.

وكان سعد يحب النبي صلى الله عليه وسلم حتى أنه كان يتمني أن يفدي النبي بنفسه وولده وماله والدنيا كلها.

ذات يوم أصيب النبی صلى الله عليه وسلم بأرق فقال: ليت رجلا صالحا من أصحابی يحرسني الليلة..

وبعد قليل سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت السلاح، فقال: من هذا؟

فقال سعد بن ابي وقاص: أنا یا رسول الله جئت أحرسك، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبادل سعد هذا الحب، ففي يوم من الأيام كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا مع أصحابه فجاء سعد بن أبی وقاص فقال النبي: هذا خالی فليرن امرؤ خاله.

أول من رمي بسهم في سبيل الله:

وكان سعد رضى الله عنه هو أول من رمى بسهم في سبيل الله، فقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية فيها سعد بن أبي وقاص إلى مكان في الحجاز يدعى رابغ، فأقبل المشركون على المسلمين فحمام سعد يومئذ بسهامه، فكان هذا أول قتال في الإسلام، وكان سعد أول من رمى بسهم في سبيل الله.

جهاده في سبيل الله:

ولقد شهد سعد بن أبی وقاص كل المشاهد والغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتأخر عنه أبدا.

فقاتل في غزوة بدر وغزوة أحد وهى الغزوة التى دافع فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم..

وظل النبي صلى الله عليه وسلم يعطي سعد السهام ويقول له: يا سعد، ارم فداك أبي وأمي.

وظل سعد يشهد المشاهد، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابتا حتى توفي الرسول صلى الله عليه وسلم..

وبقی سعد علي عهده الذي كان عليه يشهد المشاهد مع أبي بكر وعمر رضى الله عنهما حتي كانت الفتوحات الإسلامية في عهد عمر رضى الله عنه.

بطل القادسية:

وتمر الأيام ونام الفرس يتجهزون لقتال المسلمين فجمعوا لهم أعدادا كبيرة من المقاتلين.

فأراد عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن يخرج بنفسه للجهاد ولقيادة جيش المسلمين، ولكن بعض الصحابة أشاروا عليه أن يبقى بالمدينة وأنا يولي رجلا آخر لقيادة الجيش.

فقال عمر: لقد وجدت من يقود الجيش.. إنه الأسد المغوار سعد بن أبي وقاص.  

وقبل أن يبدأ قتال الفرس مرض سعد مرضا شديدا فتحامل على نفسه وقاد الجيش ولكنه لم يستطع القتال بنفسه، بل ظل جالسا على صخرة عالية يشرف على الناس ويرسم لهم خلط الحرب ضد الفرس.

واستمر القتال ثلاثة أيام، وكتب الله النصر الكبير للمسلمين في معركة القادسية.

العبور على النهر بالخيول:

ثم كتب عمر بن الخطاب لسعد بن أبي وقاص يأمره بأن يتحرك بالجيش لفتح المدائن عاصمة كسرى.

فتحرك الجيش المنتصر باتجاه المدائن..

وسار المسلمون حتى أصبحوا على شاطئ نهر دجلة في الجهة المقابلة للمدائن، ولم يستطع سعد أن يحمل المسلمين على السفن للعبور إلى المدائن.

فرآی في منامه أن خيول المسلمين تعبر نهر دجلة ..

فلما أصبح جمع الجيش وقال لهم: إني قد عزمت على أن تعبر نهر دجلة بالخيول..

وعبر المسلمون نهر دجلة بالخيول وكانوا يتحدثون في النهر كما كانوا يتحدثون في البر.

فلما رآهم ملك الفرس هرب من قصره وهو يقول للفرس: والله ما تقاتلون الإنس وإنما تقاتلون الجن.

وفتح المسلمون المدائن ودخلوا قصر ملك الفرس، وهكذا كتب الله النصر للمسلمين على يد هذا القائد العظيم سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه.

الله يستجيب دعاءه

كان النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا لسعد وقال: اللهم استجب لسعد إذا دعاك. فكان سعد مستجاب الدعاء .

زهده في الإمارة

وكان سعد لا يطمع في أي شيء من حطام الدنيا فهو يعلم أن كل نعيم دون الجنة فهو سراب، وأن كل عذاب دون النار فهو عافية …

فكان لا تطمح نفسه إلا في جنة الرحمن جلا وعلا.

ذات يوم جاءه ابنه عمر وقال: يا أبت أرضيت أن تكون أعرابيا في غنمك، والناس يتنازعون في الملك بالمدينة.

فضرب صدر عمر، وقال: اسكت، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

“إن الله عز وجل يحب العبد التقى النقي الخفي“.

صبره على البلاء

لما قدم سعد بن أبي وقاص مکة، وقد كان كف بصره جاءه الناس يهرعون إليه كل واحد يسأله أن يدعو له..

فيدعو لهذا ولهذا وكان مجاب الدعوة.

فقال له شاب: یا عم أنت تدعو للناس فلو دعوت لنفسك فرد الله عليك بصرك.

فتبسم سعد وقال: يا بني قضاء الله سبحانه عندي أحسن من بصری.

وحان وقت الرحيل

وبعد حياة طويلة مليئة بالبذل والتضحية والجهاد في سبيل الله..

نام سعد على فراش الموت ليسلم روحه إلى بارئها جل وعلا، وليلحق بالحبيب صلى الله عليه وسلم في جنة الرحمن ..

فهو من العشرة المبشرين بالجنة.

ولما كان اليوم الذي توفي فيه سعد قال لأولاده إن لي جبة من صوف كنت قد لقيت المشركين فيها يوم بدر فكفنوني فيها إني أحب أن ألقي الله بها، فقد خبأتها لهذا اليوم.

ومات سعد في العقيق على بعد عشرة أميال من المدينة..

فحمل علي رقاب الرجال إلى المدينة وصلي عليه مروان بن الحكم والی المدينة.

ثم صلى عليه أزواج النبي في حجرهن، ودفن بالبقيع.

واقرأ أيضا من العشرة المبشرون بالجنة

أبو بكر الصديق

الفاروق عمر بن الخطاب

ذو النورين عثمان بن عفان

علي بن أبي طالب

الزبير بن العوام 

طلحة بن عبيد الله

أبو عبيدة بن الجراح

سعد بن أبي وقاص

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال