مصر في القرآن
أماكن ذكرت في القرآن الكريم
سوف نقدم لكم اليوم سلسلة قصصية جديدة عن أماكن ذكرت في القرآن الكريم قصة اليوم بعنوان مصر في القرآن.
مسابقة المدرسة
اعتاد الأستاذ عارف أن يجتمع مع أحفاده من حين لآخر، ليتدارسوا ويتناقشوا في بعض المعلومات والأسئلة التى تعترضهم.
قال أسامة:
يا جدي: لقد أعلنت صحيفة المدرسة اليوم عن مسابقة دينية، كان منها سؤالان:
الأول: يسأل عن القرابة والمصاهرة بين شعب مصر وشعب السعودية، وقد استطعت الإجابة عن هذا السؤال، فأنا أعلم أن إسماعيل – عليه السلام – الجد الكبير للسعوديين، كانت أمه هاجر المصرية زوجة نبي الله إبراهيم – عليه السلام – وأنا أعلم أن صلة مصاهرة بين الشعبين، حين تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من السيدة مارية المصرية، وأنجبت له ابنه إبراهيم.
قال الجد الأستاذ عارف: هذا صحيح، فما هو السؤال الثاني؟
قال أسامة:
كان السؤال الثاني يحتاج إلى دراسة في كثير من آيات القرآن الكريم.
إنه يقول: «كم عدد المرات التي ذكرت فيها مصر في القرآن الكريم؟ وما مناسبة كل مرة؟
ابتسم الجد الأستاذ عارف، وهو يقول:
صحيح.. إن هذا السؤال صعب، يحتاج إلى مجهود كبير لإجابته.
أسرع مصطفى يقول:
نحن نعلم أن وطننا الحبيب مصر، يقع في قارة أفريقيا، وأننا دولة ذات حضارة عريقة ومجد.
ترجع حضارتنا إلى أكثر من ستة آلاف عام، ولكننا لم نكن نعلم أن مصر مباركة من الله، وأنها ذكرت في القرآن الكريم عدة مرات، فهل تتفضل يا جدی، فتذكر لنا هذه الآيات، ومناسبة كل منها؟
مصر في القرآن
قال الجد، وهو سعيد:
ذكرت مصر في القرآن الكريم بلفظها الصريح أربع مرات.
الأولى: في قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا) [یوسف: ۲۱].
كانت مناسبة هذه الآية حينما بيع يوسف عليه السلام في السوق کعبد رقيق..
اشتراه عزیز مصر، وقال هذه العبارة لأمرأته، ليوصيها يوسف.
الثانية: في قوله تعالى: (وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) [يوسف: ۹۹]. كان هذا عند مقدم يعقوب وأبنائه إلى مصر.
الثالثة: في قوله تعالى: (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ) [الزخرف: ۵۱].
كان هذا وصفا لاستكبار فرعون، ورفضه الإيمان بالله.. رب موسى وهارون.
الرابع: في قوله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا) [يونس: ۸۷].
كان ذلك خلال الصراع بين موسى وفرعون، والذي انتهى بهروب بني إسرائيل من مصر.
قال أسامة في سعادة:
شكرا لك يا جدي على هذه المعلومات التي لم نكن نعرفها.
تفسير آية ادخلوا مصر:
قال مصطفی
لقد درسنا كثيرا من المعلومات عن مصر، ونيلها العظيم، وخيراتها واعتدال مناخها.. وكثيرا ما حدثنا الأستاذ عبد العزيز مدرس الجغرافيا عن مصر.
وسأل محمود:
ولكن ماذا تعني هذه الآية؟ (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ).
من هؤلاء الذين يدخلون مصر؟ ومتى دخلوها؟ ولماذا جاءوا إليها من مكان آخر، ليدخلوها؟
وقال مصطفی:
وأين استقر هؤلاء.. في أي مكان بمصر؟
قال الجد:
هذه الآية هي خاتمة قصة يوسف.. إن علينا أن نقوم برحلة إلى مكان قريب جدا في مصر، لنستكمل القصة على الطبيعة.
ركب الجد والأحفاد سيارة، وقال الجد للسائق:
إلى الزقازيق.
في الطريق.. سأل الأحفاد جدهم:
یا جدنا: من هؤلاء الذين ذكرهم الله ليدخلوا مصر؟
قال الجد:
إنهم يعقوب وأبناؤه إخوة يوسف، وبعض ذوي قرباه، كانوا حوالى أربعين شخصا..
والذي قال لهم هذا هو يوسف عليه السلام.
دهش الأحفاد مما سمعوا، وقالوا:
أبناء يعقوب؟ الذين ألقوا أخاهم في الجب.. يا للغرابة لهذا الذي حدث، وبعد كل ما فعله إخوة يوسف به، يدعوهم إلى مصر!! فكيف حدث هذا؟
قال الجد لأحفاده:
لقد اكتملت قصة يوسف هنا في مصر.
وبين دهشة الأحفاد، عاد الجد يقول:
باعه رجال القافلة في مصر، فاشتراه عزیژ مصر، وتربى يوسف في قصره، ترعاه زوجة العزيز، حتى كبر وصار شابا قويا جميلا، فدعته امرأة العزيز إلى نفسها، ولكنه رفض أن يطيعها، فاتهمته بتهمة هو بريء منها،
فحرضت زوجها على سجنه، فسجنه..
قال محمود:
هذا حرام.. إنه ابن نبي من أنبياء الله، عذبه إخوته، ثم أصبح عبدا رقیقا شريفا، لقد كان عزیژ مصر رجلا ظالما حين سجنه.
الرؤيا العجيبة:
قال الجد:
كان ذلك لحكمة يعلمها الله، فقد كان مع يوسف سجينان، هما: خباز وساقي الملك..
رأى كل منهما رؤيا في نومه، وفسرها يوسف لهما، فصدق في تأويل الرؤيا.
وكان الملك قد رأى رؤيا، عجز رجال الدين عن تفسيرها.
سأل الأحفاد في لهفة:
وماذا رأى الملك في حلمه؟
قال الجد
رأي سبع بقرات سمان تخرج من النيل، ثم تبعتها سبع بقرات نحيفة أكلت السبع السمان، ثم رأى الملك سبع سنابل من القمح خضراء، حباتها ممتلئة كبيرة، أعقبتها سبع سنابل جافة أكلت حبات القمح الكبيرة.
كان الأحفاد يتابعون القصة في شوق واهتمام، وقال الجد:
أخبر الساقي الملك أن يوسف الذي بالسجن يستطيع أن يفسر له رؤياه، فبعثوا إلى يوسف..
فأخبر الملك أن تفسير هذه الرؤيا يدل على أن مصر ستعيش سبع سنوات في خير، تعقبها سبع سنوات ينخفض فيها ماء نهر النيل، فيقل المحصول.
ونصح يوسف عليه السلام الملك أن يخزن من القمح في سنوات الرخاء والخير
ما يكفي أهل مصر في سنوات الجفاف، وقلة المحصول.
قال محمود في سعادة:
هذا تفسير جميل يتفق مع الرؤيا التي رآها الملك.
وعاد الجد يقول:
لذلك كلف الملك يوسف عليه السلام أن يكون أمينا على خزائن مصر.
وانتهت سنوات الخير، وأقبلت سنوات القحط، فنجح يوسف في أن يجنب مصر السوء والجوع.
وأصاب الجوع والقحط أرض فلسطين، حيث كان يعيش يعقوب، فبعث بأبنائه إلى مصر، ليشتروا قمحا، فعرفهم يوسف، وأكرمهم، وطلب منهم أن يحضروا أخاهم بنيامين، لأخذ حقه، فلما عاد الإخوة ومعهم بنیامین.. أخبرهم يوسف عما فعلوه به، وعلموا حقيقة يوسف.
أمر يوسف عليه السلام إخوته أن يعودوا إلى فلسطين، ليحضروا أباهم وأهلهم، ليقيموا في مصر.
مدينة الزقازيق:
وفي مدينة العريش.. لقيهم يوسف، وقال لهم: ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ.
كان الأحفاد والجد قد وصلوا بالسيارة إلى الزقازيق، فطلب الجد من السائق أن يمر بهم على عدة مدن:
بلبيس ثم فاقوس، ثم صان الحجر، فما كادت السيارة تدخل بالجد والأحفاد مدينة بلبيس، حتى سمعوا هاتفا ينادي:
هنا كانت أرض جاسان، حيث أنزل يوسف عليه السلام – بأمر من الملك – أباه يعقوب وأخوته، وأعطاهم الأرض؛ ليزعوا فيها أغنامهم وماشيتهم، وليعيشوا في مصر في حماية يوسف.. سعداء آمنين، وأكرمهم المصريون، ورحبوا بهم، وكثروا وتوالدوا في تلك المنطقة.
فجأة.. اختفى صوت الهاتف، فقال الجد لأحفاده:
هذه هي المنطقة التي كان يعيش فيها بنو يعقوب، كان ذلك أيام حكم الهكسوس مصر، والذين اتخذوا لهم عاصمة أسموها أفاريس.
انتهت رحلة الجد والأحفاد إلى المنطقة التي كان يسكنها بنو يعقوب حيث أسكنهم فيها يوسف عليه السلام.
من بلبيس وفاقوس.. عاد الجد والأحفاد إلى مدينة الزقازيق، ومنها اتجهوا إلى القاهرة، سعداء بما حققوه من معلومات في هذه الرحلة.