حكايات قبل النوم الرغيف المدور
مع حكاية جديدة من حكايات قبل النوم وقصة اليوم بعنوان الرغيف المدور.
الجدة والحفيد
في قديم الزمان كانت هناك جدة طيبة تعيش مع حفيدها الوحيد، وكان اسمه سالم..
وفي قرية خضراء جميلة، وكانت تلك الجدة تحب حفيدها حبا كبيرا..
وذات صباح قدمت الجدة إلى حفيدها كوبا من الحليب وقطعتين من الجبن ورغيفا كبيرا خبزته لتوها في الفرن.
نظر سالم إلى الرغيف وجده ممطوطا قلب شفتيه وقال:
ما هذا يا جدتي؟ الأرغفة التي تصنعينها عادة دائرية، أما هذا فشكله بشع، ثم دفعه باشمئزاز.
غضب الجدة
انحنت الجدة على الرغيف أمسكت به وقالت:
بشع؟! أبعد تعبي أسمع منك هذه الكلمة؟
كنت أتوقع منك – على الأقل – كلمة جزاك الله خيرا لقد أفقت قبل بزوغ الشمس وأقدت الفرن، وعجنت، ورققت العجين ثم خبزت، وبعد كل هذا التعب تقلب شفتيك مستاء، و ترمی بالنعمة على الأرض؟
سالم: أف.. وماذا حصل؟ هل خربت الدنيا؟
الجدة: نعم خربت؛ لأنك لا تعلم أن الرغيف الذي رميته كلف جهد وتعبا كبيرين.
سالم: جهد .. تعب!! أنا أستطيع على الرغم من صغری صنع رغيف أفضل من رغيفك بكثير.
ركزت الجدة نظارتها على أرنبة أنفها، وبعد تفكير عميق.. قالت:
طيب أنا زعلانة منك، ولن أرضى حتى تصنع الخبز بنفسك.. هيا .. أرني شطارتك.
سالم والفرن
نهض سالم مصمما، توجه إلى الفرن المطلى بهباب الفحم، وقف أمامه، قال:
یا تنور یا حزين … يا خباز العجين أعطني رغيفا مدورا، کی أريه لجدتي فترضی عنی.
فتح الفرن فمه الكبير ضاحكا وقال بصوت لا يخلو من صدی:
وكيف أعطيك الرغيف وأنا بحاجة إلى الحطب.
قال سالم: ومن أين أتيك بالحطب؟
قال الفون بسيطة الحطب موجود في الجبل.
سالم يبحث عن حطب
صعد سالم الجبل، وقف على رأسه، صائحا:
يا جبل یا کبیر یا مخبأ العصافير أعطني حزمة حطب.
قهقه الجبل، فتدحرج بعض الخصي، قال: كيف أعطيك الحطب وأنا بحاجة إلى فأس؟
سالم: فأس!! وكيف أحصل عليها؟
الجبل الفأس عند الحداد.
سالم والحداد
هبط سالم الجیل، وتوجه إلى الحداد، رأى رجلا قوي البنية، مفتول الزند، يضع الفحم في بيت النار ثم ينفخه بالكير.
سالم: يا حداد يا خير … يا نافخ الكير أعطني فأسا.
وقف الحداد مسح عرقه بقفا كفه، وقال: أمعك نقود؟
أدخل سالم كفيه في جيبيه، وأخرجهما فارغتين وقال:
لا أنا لا أملك نقودا.
الحداد: إذا كيف سأعطيك الفأس؟
دمعت عينا سالم واستدار راجعا..
فناداه الحداد:
هيه، أنت .. تعال يا عین عمك، احك لي ما هي قصتك، ولماذا تريد الفأس؟
مسح سالم دموعه بطرف کمه، وقال:
جدتی زعلت مني، ولن تكلمني إلا إذا صنعت لها رغيفا مدورا، ذهبت إلى الفرن فطلب حطبا والحطب في الجبل، والجبل بحاجة إلى فأس، والفأس موجودة عندك.
ابتسم الحداد، اقترب من سالم وقال له:
ما دمت تريد إرضاء جدتك، فأنا سأعطيك الفأس لكن.. بشرط..
سالم: ما هو؟
الحداد: أن تساعدني بصنعه.
سالم: موافق.
سالم يصنع فأسا
شمر سالم عن ساعديه أمسك مطرقة، وراح يطرق الحديد المحمي، فصار وجهه أحمر کالجمرة.
وعندما انتهيا من صنع الفأس حملها سالم شاكرا..
ركض إلى الجبل، احتطب ثم وضع حزمة الخطب والفأس على ظهره، ومشی صوب الفرن.
أوقد سالم الفرن، عجن العجين، رقه، و.. عبثا حاول صنع رغيف .. فمرة يصنعه ممطوطا، ومرة مثقوبا، وأحيانا كثيرة يحرقه..
وقف سالم مستسلما، مسح عرقه تذكر دفعه للرغيف قال:
ما أغبانی حسبت الأمر سهلا، ما العمل؟
كيف سأرضى جدتی؟
شعر بيد تمسح على شعره التفت رأی جدته مبتسمة تقول:
أظنك قد تعلمت درسا مفيدا، لقد رضيت عنك، تعالي ساعدني لأخبز لك رغيفا مدورا يشبه القمر.
ماذا نتعلم من القصة؟
أولا: لا نسخر من الطعام أبدا، ولكن إذا وضع الطعام أمامنا أكلنا منه إن كنا نشتهيه، وإلا فلا نأكله ولا نعيبه.
ثانيا: علينا أن نشكر كل من صنع لنا طعاما أو أسدي إلينا معروفا حتى ولو كان الطعام رديئا، نقول له: جزاك الله خيرا.
ثالثا: أيه الطفل أنت لا يعلم كيف أن والدك يتعب كثيرا من أجل أن يأتي إليه بالطعام والشراب والملابس الجديدة وغير ذلك مما تحتاج إليه.. وكذلك لا تدری کیف أن أمك تتعب كثيرا في إعداد الطعام وغسيل الملابس وتنظيف البيت وغير ذلك من الأعمال.
ولذلك ينبغي علينا أن نشكر الوالدين كل لحظة على كل ما يفعلانه معنا، وأن نقبل أيديهما وأن نكون في غاية الأدب معهما.