زوجات الرسول مارية القبطية رضى الله عنها
نصل الآن إلى الشخصية الأخيرة من زوجات الرسول وهي أم المؤمنين مارية القبطية رضي الله عنها.
السيدة مارية القبطية أم إبراهيم عليه السلام رضي الله عنها:
كانت للنبي صلى الله عليه وسلم اثنتان من الجواري هن مارية وريحانة وسوف نذكر قصة مارية هنا.
مارية في أرض النيل:
مارية القبطية ولدت في قرية في صعيد مصر تدعي حفنه ولدت لأب قبطي وأم مسيحية رومية.
كانت لمارية أخت هي سیرین انتقلت هي وأختها إلى قصر المقوقس عظيم القبط واسمه جریج بن مسینا القبطي.
خطاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس عظيم القبط:
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بخطابات منه يدعوهم إلى الإسلام والدخول في دين الله تعالى وترك ما هم عليه من شرك وضلال.
ويدعوهم للخروج من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن عبادة العباد إلى عبادة الواحد القهار.
ومن ضمن رسل النبي صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة أرسله إلى المقوقس برسالة، فلما جاء ادخله فأعطاه الرسالة وفيها كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
فما هو مضمون هذه الرسالة؟
ها هو مضمونها والله المستعان..
“بسم الله الرحمن الرحيم..
من محمد بن عبد الله إلى المقوقس عظيم القبط سلام علی من اتبع الهدی..
أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإما عليك إثم القبط..
(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) ( آل عمران: 64).
فجمع المقوقس بطارقته وسأل رسول النبي فقال له:
أخبرني عن صاحبك أليس هو نبي؟
قال: بلی.
فقال المقوقس: فما له حيث كان هكذا لم يدع على قومه حيث أخرجون من بلده إلى غيرها؟
قال حاطب رسول النبي صلى الله عليه وسلم: عيسى ابن مريم، أليس تشهد أنه رسول الله؟
فقال: بلی
قال: فما له حيث أخذه قومه فأرادوا أن يصلبوه، ألا يكون دعا عليهم بأن يهلكهم الله حيث رفعه الله إلى السماء الدنيا.
فقال له المقوقس:
أنت حكيم جاء من حكيم، هذه هدايا أبعث بها معك إلى محمد..
رد المقوقس وهداياه
وكتب المقوقس ردا للنبي ما جاء فيه:
أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت من ذكرت فيه وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيا قد بقي، وكنت أظن أنه يخرج بالشام..
وقد أكرمت رسولك وبعثت لك بجاريتين لهما مکان من القبط عظیم وبكسوة، ومطية لتركبها والسلام علبك.
وأما الجاريتان فهي مارية وأختها سيرين، وفي الطريق إلى المدينة أخذ حاطب بن أبي بلتعة يدعوهما للإسلام حتى أسلمت مارية وأختها.
وأعجبت النبي صلى الله عليه وسلم مارية، فاكتفي بها ووهب أختها سیرین لشاعره حسان بن ثابت.
مارية أم إبراهيم:
لم يرزق الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم بأولاد من زوجاته عدا خديجة بنت خویلد فهي أم أولاده جميعا.
وشاء الله أن يرزقه من مارية دون غيرها بولد سماه إبراهيم تيمنا باسم جد الأنبياء إبراهیم خلیل الله عليه السلام.
وفاة إبراهيم عليه السلام:
شاء الله تعالى أن يموت إبراهيم عليه السلام وهو طفل لم يتم الرضاعة بعد وحزن عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال: “يا إبراهيم لولا أنه أمر حق ووعد صدق، وأن آخرنا سيلحق بأولنا، لحزنا عليك حزنا هو أشد من هذا، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون تبكي العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب”.
وغسل إبراهيم الفضل بن عباس وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ودفن بالبقيع ووضعه النبي صلى الله عليه وسلم بيده في قبره.
انکساف الشمس لموت إبراهيم:
انكسفت الشمس عند موت إبراهيم فظن الناس إن ذلك حزنا عليه ولكن النبي صلى الله عليه وسلم سارع إلى إصلاح هذا الفهم الخاطئ ورد الناس إلى الصواب فقال:
“إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا تخسفان لموت أحد ولا لحياته” (مسلم).
مات إبراهيم في السنة العاشرة للهجرة وفي العام التالي لحق النبي صلى الله عليه وسلم بربه وظلت مارية بعده خمس سنوات، وفي السنة السادسة عشرة من الهجرة ماتت وصلى عليها عمر بن الخطاب.
ودفنت بالبقيع وإنا لله وإنا إليه راجعون.