نساء حول النبي ام عمارة رضى الله عنها
أبنائي سأقدم لكم بعض الشخصيات العظيمة التى كان لها أثر فى تاريخينا، وهذه المرة مع نساء حول النبي صلى الله عليه وسلم ونتعرف اليوم على ام عمارة رضى الله عنها.
جلس الأطفال أمام الشيخ إسماعيل وكل واحد منهم يشاور عقله وقلبه ويحاول أن يتكهن بشخصية اليوم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
وقد جعلوا ذلك مسابقة خاصة بينهم، من يصيب ومن يخطئ، ومع أول كلمات الشيخ إسماعيل خاب ظنهم جميعا.
امرأة مجاهدة:
قال الشيخ: يا أبنائي شخصية اليوم من الصحابة على جانب عظيم من الشجاعة والمحبة للنبي صلى الله عليه وسلم إنها امرأة مجاهدة.
هتف الأطفال في دهشة بالغة: امرأة!!
قال الشيخ: نعم يا أبنائي.. امرأة، ولماذا هذا التعجب ألا تعلمون أن مجتمع الصحابة كان رجالا ونساء.
ثم إنكم إذا سمعتم قصتها فسوف تتعجبون أكثر.
وهنا تحدثت فاطمة لأول مرة وهي تنظر نظرات ذات مغزى إلى الجميع.. تعلم يا أبي أن النساء تثير عجب الرجال على الدوام.
ونحن في شوق لمعرفة ما تفعله امرأة من صحابيات الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال الشيخ وهو يبتسم لحديثها: نعم يا فاطمة..
إنها امرأة مجاهدة أحبت النبی صلى الله عليه وسلم أكثر من زوجها وابنها وأبيها إنها الصحابية الجليلة نسيبة بنت کعب التي اشتهرت بكنيتها « أم عمارة ».
قالت فاطمة بفخر زائد: سمعت كثيرا أن النساء كان لهم دورا لا يقل عن الرجال في نصر دين الله والدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الشيخ: نعم .. والآن لنسمع قصتها وأرجو عدم المقاطعة حتى أنتهي اتفقنا.
قالوا جميعا: اتفقنا وهذا وعد.
وبدأ الشيخ إسماعيل يتحدث والأطفال مبهورين بكل كلمة أو عمل لهذه الصحابية أم عمارة فماذا قال الشيخ؟
من هي أم عمارة؟
أبنائي الصغار..
اعلموا أن أم عمارة رضي الله عنها لها صلة قرابة بأم النبي صلى الله عليه وسلم آمنة بنت وهب، لأنها مثلها ترجع أصولها إلى بني النجار.
وقد ظهرت شجاعتها في معركة أحدا، عندما أراد المشركون أن يثأروا لهزيمتهم وقتلاهم في بدر.
وكما تعلمون أن الرماة عصوا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالمكوث وعدم ترك أماكنهم حتى يأمرهم لئلا ينكشف ظهر المسلمين.
ولكن للأسف الشديد عصوا أمر النبي صلى الله عليه وسلم ونزلوا للحصول على الغنائم، مما ترك ثغرة وانكشف ظهر المسلمين.
واستغل قائد الكفار وكان في ذلك الوقت خالد بن الوليد ولم يكن قد أسلم بعد.
وأحاط بالمسلمين إحاطة السوار بالمعصم، ثم هجم عليهم ففر من فر من المسلمين.
الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم:
وبقي من بقي يدافع باستماتة وشجاعة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الكفار أدركوا أن قتله قتل للدعوة كلها، وعدم انتشارها، فجعلوا ذلك هدفهم وغايتهم الكبرى.
وأدرك ذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من بقي يدافع عنه بروحه وجسده.
ومن هؤلاء الصحابية الجليلة أم عمارة، ومعها ابناها عبد الله وحبيب.
وكانت تحمي النبي صلى الله عليه وسلم بجسدها غير عابئة بالموت ولا بالسهام والرماح التي تنهال عليها من كل جانب.
وسالت منها الدماء فلم تهتم ولم تحاول حتى أن تطمئن على أولادها وفلذات أكبادها، فكل همها وخوفها على حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
كانت المعركة تدور من جانب واحد هجوم شرس من المشركين، ودفاع مستميت من المسلمين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فارسة من الطراز النادر:
وظلت أم عمارة تدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم بشجاعة منقطعة النظير.
ولم تكن ترتدي درعا يحميها من ضربات السيوف وطعنات الرماح.
ولما أصيب أحد المجاهدين بسهم أقعده عن القتال صاح فيه النبي صلى الله عليه وسلم: “اخلع درعك لمن يقاتل”.
فخلع الرجل درعه وطلب النبي صلى الله عليه وسلم من أم عمارة أن ترتديه ففعلت.
وبينما القتال دائر بين الفريقين استطاع فارس من المشركين أن يضرب أم عمارة، فجرحها.
فصاح النبي صلى الله عليه وسلم في ابنها يا ابن أم عمارة أمك.. أمك.
واندفع عبد الله، نحو الفارس ولكن أم عمارة تحاملت على نفسها وقتلته قبل أن يأتي ابنها، الذي تربص له فارس آخر فضربه بالسيف فبتر ذراعه ووقع بجانب النبي صلى الله عليه وسلم.
شجاعة أم عمارة:
فلم تجزع أم عمارة على ابنها وإنما قالت له: انهض يا بني لتحارب القوم إنهم لم ينتهوا بعد من عمل الشيطان.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن يطق ما تطيقين يا أم عمارة!).
ورأى النبي صلى الله عليه وسلم الفارس الذي نال من ابنها، وأشار إليه، فانطلقت إليه بكل شجاعة قائلة: أحد .. أحد، وهو شعار المسلمين في هذه المعركة.
وأخذت تبارزه وهي تقول: سأقتلك يا عدو الله.
أعرف أنك ترتجف من الرعب، فإذا كنت ترتجف من البرد، فسأقتلك لتدني في جهنم وما هي إلا لحظات حتي بترت ساقه وقتلته.
عندئذ ابتسم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: “الحمد لله الذي أقر عينيك من عدوك وأراك ثأرك بعينيك”.
العدو الشرس:
وبعد يا أبنائي..
فقد حمى وطيس المعركة في الهجوم الشرس من المشركين والدفاع المستميت للمسلمين عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان من المشركين فارس اسمه « ابن قميئة » يعتز به المشركون، وقد أقسم أن ينتقم لقريش ويقتل محمدا صلى الله عليه وسلم.
فتقدم على فرسه وهو يصيح: دلوني على محمد لأقتله، فلا نجوت إن نجا، فاعترض طريقه سيدنا مصعب بن عمير، أول سفير في الإسلام، أرسله النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة قبل هجرته ليدعوهم إلى الإسلام، فأسلم على يديه الكثير، منهم أم عمارة وزوجها.
ولكن ابن قميئة تمكن من قتل سيدنا مصعب فمات شهيدا رضي الله عنه.
وتقدم نحو النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عدو الله يرتدي درعان يحمياه، فتصدت له أم عمارة بكل شجاعة، وبلا خوف، وضربته وضربها فجرحها جرحا شديدا.
فقال النبي لابنها: “أمك .. أمك يا عبد الله اعصب جرحها”، ولكن أم عمارة ما كانت لتقبل الهزيمة، فقامت ولم تبالي بالدماء، تحاور وتناور ابن قميئة الذي ارتبك بشدة وفر هاربا من أمامها كالفأر.
درع أم عمارة:
فقالت أم عمارة بغيظ: لقد ضربته بسيفي هذا، ولكن عدو الله كان عليه درعان، ثم قالت: إن درعك عدو الله هالكتان، أما درعاي فهما باقيتان إلى الأبد.
سألها ابنها أي درعين يا أماه إن عليك درعا واحدة!!
قالت: أنا لا أتحدث عن دروع الدنيا فكل ما فيها هالك إلا وجه، أما درعاي اللذان أعتز بهما فهما حب الله وحب رسوله.
هنا ابتسم النبي صلى الله عليه وسلم رغم الموقف العصيب وقال: “بارك الله عليكم من أهل بيت”.
فأغرورقت عيناها بالدموع لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم لها ولأهل بيتها وقالت: يا رسول الله ادع الله سبحانه أن نرافقك في الجنة.
فقال: “اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة”..
وبكت أم عمارة وقالت: ما أبالي بعد اليوم بأي شيء يصيبني في هذه الدنيا. سكت الشيخ إسماعيل.. ثم نظر إلى الأطفال وقال:
وهذه يا أبنائی صور من مواقف كثيرة لهذه الصحابية الجليلة نسيبة بنت كعب والمعروفة باسم أم عمارة رضي الله عنها وأرضاها، وقد انتهى الوقت وغدا إن شاء الله نلتقي مع شخصية أخرى.