الزبير بن العوام سادس المبشرون بالجنة
تعالوا اليوم لنتعرف على الزبير بن العوام سادس المبشرون بالجنة.
من هو الزبير بن العوام رضي الله عنه
أسلم وهو ابن ثماني سنين، وقيل وهو ابن ستة عشرة سنة، وهو من حواری رسول الله
وابن عمته صفية بنت عبد المطلب، وأحد العشرة المبشرون بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى، وأول من سل سيفه في سبيل الله.
أول من سل سيفا في الإسلام
عندما سرت بين الناس إشاعة أن الرسول صلى الله عليه وسلم، فما كان من الزبير إلا أن أحد سيفه وخرج وسار في شوارع مكة على حداثة سنه كالإعصار.
فتلقاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: مالك يا زبير؟
قال: سمعت أنك قد قتلت.
فقال: فما كنت صانع؟
قال: كنت أضرب به من قتلك.
فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم ولسيفه.
تعذيب عمه له:
تعرض الزبير كغيره من أسلم من الصحابة إلى التعذيب والأذى ليرتد عن دينه الجديد ويعود إلى دين آبائه وأجداده، ولكنه أبى أن يرتد بعد أن هداه الله تعالی.
فكان عمه يعلقه في حصير ويدخن عليه بالنار ويقول له: ارجع إلى الكفر.
فيرد الزبير: لا أرجع إلى الكفر أبدا.
الهجرة إلى الحبشة وشجاعة الزبير:
لما اشتد إيذاء قريش لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أشار عليهم بالهجرة إلى بلاد الحبشة بجوار ملك عادل اسمه النجاشی، فكان من يهاجر إلى بلاده يعيش في أمان وسلام.
وحدث ما عكر الأمن والسلام في قلوب من هاجروا إلى الحبشة، والسبب في ذلك أن رجلا من الحبشة أخذ ينازع النجاشي في الملك، فخاف الصحابة أن لا يعرف حقهم ويؤذيهم إن استطاع الوصول إلى الحكم.
وكان الصراع بين النجاشي، وهذا الرجل على الجانب الآخر من النيل، وأراد الصحابة أن يعرفوا نتيجة هذا الصراع.
فقالوا: هل من رجل يخرج حتى يحضر القوم ثم يأتينا بالخبر؟
فقال الزبير بن العوام: أنا.
قالوا: أنت! وكان من أحدث القوم سنا.
فنفخوا له قربة فجعلها في صدره، ثم سبح عليها حتى خرج ناحية النيل التي بها فتلقي القوم، ثم انطلق حتى حضرهم.
وجلس الصحابة في الحبشة يدعون الله للنجاشي بالنصر على عدوه والتمكين له في بلاده وانتظروا ظهور الزبير.
وبعد فترة طلع الزبير وهو يسعی، فلمع بثوبه وهو يقول: ألا أبشروا، فقد انتصر النجاشي، وأهلك الله عدوه، ومكن له في بلاده.
الزبير الفارس المغوار:
كان الزبير بن العوام فارسا من طراز فريد لا يهاب أحدا، وبذل الكثير في سبيل الله تعالی، وجاهد بنفسه وماله وها هي بعض مواقفه التي تدل على شجاعته وفروسيته.
في بدر كانت عليه عمامة صفراء، وأخذ يصول ويجول حتى إنه قتل عمه نوفل بن خويلد بن أسد الذي كان يعذبه، وكذا عبيدة بن سعيد ابن العاص وغيرهما.
في غزوة أحد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقتل المسلمين قتلا عنيفا فقال: قم إليه يا زبير.
فقام وقاتله حتى وقعا إلى الأرض، فوقع الزبير على صدره وقتله.
في عهد عمر بن الخطاب طلب عمرو بن العاص مساعدة زائدة من الجنود لفتح مصر، فأرسل إليه عمر رضى الله عنه أربعة آلاف رجل عليهم من الصحابة الكبار: الزبير والمقداد بن الأسود وعبادة بن الصامت ومسلمة بن مخلد، وكتب إليه: إنى أمددتك بأربعة آلاف على كل ألف منهم رجل مقام ألف.
وهذه شهادة من الفاروق بشجاعة الزبير، وإنه يساوي ألف رجل.
حواری رسول الله صلى الله عليه وسلم
في يوم الخندق قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يأتينا بخبر بنی قريظة؟»
فقال الزبير: أنا، فذهب على فرس، فجاء بخبرهم، ثم قال الثانية، فقال الزبير: أنا، فذهب ثم الثالثة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لكل نبي حواری وحواری الزبير»، ولا عجب في ذلك فهو. ابن عمته وزوج أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين، والقوى الشجاع، وأول من سل سيفا في الإسلام.
الزبير من الذين استجابوا لله ولرسوله:
عندما انصرف المشركون يوم أحد وأصاب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما أصابهم خاف النبی صلى الله عليه وسلم أن يرجعوا لمطاردتهم فقال:
من ينتدب لهؤلاء في آثارهم حتى يعلموا أن بنا قوة.
فانتدب أبو بكر والزبير في سبعين، فيخرجوا في آثار المشركين لا يخافون في الله لومة لائم.
فلما سمع المشركين بهم ظنوا أن المسلمين ما زالوا قادرين على القتال فانصرفوا ولم يطاردوهم.
فنزل قوله تعالى يصف شجاعة هؤلاء ممن تطوعوا واستجابوا لله ولرسوله ومن بعد ما أصابهم القرح… قال تعالى:
(الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) (آل عمران : ۱۷۲ – ۱۷4).
فداك أبي وأمي
جمع النبي صلى الله عليه وسلم للزبير أبويه، وهذه لا شك منقبة عظيمة من مناقب الزبير ولندع ابنه يخبرنا بنفسه عن هذه المنقبة من مناقب أبيه قال عبد الله بن الزبير رضی الله عنهما:
(كنت يوم الأحزاب جعلت أنا وعمر بن أبي سلمة في النساء فنظرت، فإذا أنا بالزبير على فرسه يختلف إلى بني قريظة مرتين أو ثلاثا فلما رجعت قلت: يا أبت رأيتك تختلف.
قال: هل رأيتني يا بنی؟
قلت: نعم.
قال: كان رسول الله، قال من يأت بني قريظة فيأتيني بخبرهم؟
فانطلقت فلما رجعت جمع لى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه فقال: فداك أبي وأمي.
الزبير وأبنائه
كان الزبير حريصا على توجيه وإرشاد أبنائه وحسن تربيتهم، حتى إنه كان يعدهم للاستشهاد في سبيل الله تعالى، واشتهر عنه إنه يسميهم بأسماء الشهداء لعلهم يستشهدون.
فكان يقول رضي الله عنه: إن طلحة بن عبيد الله يسمى بنيه بأسماء الأنبياء، وقد علم ألا نبی بعد محمد، وإني لأسمى بنى بأسماء الشهداء لعلهم يستشهدون؟
سمى ولده عبد الله تيمنا بالصحابي الشهيد عبد الله بن حجش رضي الله عنه.
وسمى ولد له منذر تيمنا بالصحابي الشهيد المنذر بن عمرو.
اما ولده عروة فيتيما بالصحابي الشهيد عروة بن عمرو.
وسمى ولد له حمزة تيمنا بالشهيد حمزة بن عبد المطلب.
سمى ولد له جعفر تيمنا بالصحابي جعفر بن أبي طالب.
وسمى ولد له مصعب تيمنا بالصحابي الشهيد مصعب بن عمير.
وأما ولد خالد فتيمنا بالصحابي خالد بن الوليد.
وهكذا راح يختار أسماء لأبنائه بأسماء شهداء الصحابة عسى أن يكونوا مثلهم.
وحان وقت الرحيل
بعد الحياة الطويلة والتضحيات العظيمة وقع البطل شهيدا يوم الجمل قتله رجل اسمه (ابن جرموز)
ودفن الزبير بوادي السباع وجلس على رضى الله عنه يبكي عليه هو وأصحابه.