قصص عن زوجات الرسول أم سلمة
اليوم نواصل قصص عن زوجات الرسول مع السيدة أم سلمة (رضي الله عنها)
تزوجت قبل النبي صلى الله عليه وسلم أبا سلمة عبد الله بن عبد الأسد وولدت له سلمة وعمر وزينب.
وقد هاجرت مع زوجها الهجرتين.
وتوفي زوجها أثر إصابته في غزوة أحد وبعد انقضاء عدتها تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي سيرتها العطرة عبر كثيرة وتضحيات عظيمة.
أم سلمة بنت زاد الراكب:
أم سلمة أو هند بنت أبي أمية بن المغيرة هاجرت مع زوجها ضمن العشرة الأوائل الهجرة الأولى إلى الحبشة وهناك ولدت ابنها «سلمة».
وأبوها أحد أبناء قريش المعدودين والمشهورين. وقد لقب بزاد الراكب وهو لقب لا يشتهر به إلا الرجل الكريم.
وذلك إنه إذا سافر لا يترك أحدا برفقته إلا ويتكفل بزاده فسمي لذلك بزاد الراكب.
البلاء العظيم والهجرة إلى المدينة
تعرضت أم سلمة رضي الله عنها عند هجرتها الثانية إلى المدينة إلى موقف عنيف وأليم.
حيث رحل أبو سلمة مع زوجته أم سلمة رضى الله عنهما ومعهما ابنهما سلمة، فلما رآه بني المغيرة وهم أقارب أم سلمة قاموا إليه وطلبوا منه أن يترك زوجته أم سلمة.
فغضب بنو عبد الأسد، وأرادوا أن يأخذوا سلمة وقالوا والله لا نترك ابننا عندها، فتجاذبوا سلمة حتى خلعوا يده، وأخذه أقارب أبيه وحبسني أهلى عندهم.
ومضى زوجي أبو سلمة حتى لحق بالمدينة، وفرق بيني وبين زوجي وابني.
فكانت تخرج كل يوم فى المكان الذى حدث فيه هذه الحادثة وتبكى على زوجها وابنها سلمة لمدة عام.
وذات يوم مر رجل من أقاربها، فرآها تبكى فرق قلبه وأقنع رجال قومها أن يتركوها تهاجر إلى زوجها فى المدينة.
قصص عن زوجات الرسول
ورحلت أم سلمة مع ابنها إلى المدينة المنورة وفي الطريق لقيها عثمان بن طلحة فقال:
أين يا بنت أبي أمية؟
فقالت: أريد زوجي بالمدينة.
فقال:
هل معك أحد؟
فقالت: لا والله، إلا الله وابني هذا.
فاصطحبها عثمان بن طلحة حتى وصلت إلى المدينة، ثم انصرف راجعا إلى مكة.
وفاة أبي سلمة وثواب الاسترجاع:
عندما اكتمل شمل الأسرة بعد وصول أم سلمة للمدينة عكفت على رعاية أبنائها والاهتمام بزوجها، حتی کانت معركة أحد التي حارب فيها أبو سلمة وقاتل قتال الشجعان.
وأصابه جرح ظل متأثرا به حتى مات بسببه.
فماذا فعلت أم سلمة عند موت زوجها أبي سلمة؟
لقد استرجعت – أي قالت إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم قالت اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها.
فرزقها الله خيرا من أبي سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي تزوجها فصارت أما للمؤمنين فرضي الله عنها وأرضاها .
لكن كيف تزوجها رسول الله؟
إن قصة زواج النبي بأم سلمة قصة عظيمة، فعندما مات أبو سلمة واسترجعت أم سلمة..
فلما انقضت عدتها أتاها النبي صلى الله عليه وسلم يخطبها فاخبرت النبى صلى الله عليه وسلم أنها شديدة الغيرة ومعها أطفال.
فدعا النبى صلى الله عليه وسلم لها فذهبت غيرتها، وأخبرها أن سيرعى أولادها، فوافقت وتزوجها النبى صلى الله عليه وسلم.
وتم الزواج المبارك في شهر شوال من السنة الرابعة من الهجرة.
أم سلمة وعمر بن الخطاب:
كان عمر بن الخطاب يجاهر بالحق ولا تأخذه في الله لومة لائم وكان شديدا يهابه الجميع، حتى نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وبلغت شدته إنه كان يتدخل عندما يحدث من أمهات المؤمنين ما يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم خوفا عليه وحبا له.
ولكن أم سلمة لم يعجبها تدخل عمر رضي الله عنه ورأت إن هذا ليس من شأنه، فقالت له:
«عجبا لك يا ابن الخطاب، قد دخلت في كل شی، حتی تبتغي أن تدخل بين رسول الله وأزواجه!».
فلما سمع عمر ما قالته فتراجع عمر رضى الله عنه عن بعض تدخله.
رأی صائب وحكيم
مما يذكر من مناقبها رضي الله عنها ما حدث يوم الحديبية عندما صحبت رسول الله له في رحلته إلى مكة معتمرة.
نعم… لقد تأثر المسلمون بالغ التأثر من ذلك الصلح مع المشركين فمن شروطه ترك الحرب عشر سنين فضلا عن الشروط الأخرى التي رأوا فيها هضما لحقوقهم مع أنهم في أوج عظمتهم، ولذلك عندما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالتحلل والحلق للعودة إلى المدينة تباطأوا في تنفيذ أمر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتحلل أحد.
فدخل النبي صلى الله عليه وسلم غاضبا على زوجه أم سلمة رضي الله عنها، وهنا كان الرأي الصائب والحكيم الذي أعجب النبي صلى الله عليه وسلم وبادر إلى تنفيذه على الفور، تری بما أشارت أم سلمة على النبي صلى الله عليه وسلم ؟!
قالت أم سلمة أخرج ثم لا تكلم أحدا حتى تنحر بدنتك وتدعو حالقك فيحلقك.
فسمع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مشورتها، فخرج ولم يكلم أحدا منهم حتى نحر وحلق، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا.
لقد اطمأنت قلوبهم إلى ما وافق عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أم سلمة وامهات المؤمنين
كانت أم سلمة تستشعر كغيرها من أمهات المؤمنين بما لعائشة رضي الله عنها من حظوة ومنزلة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم.
ذات يوم أراد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يميز الناس بينهن وبين عائشة فاجتمعن في بيت أم سلمة، فماذا حدث؟
قلن لأم سلمة: إن الناس بتحسرون بهداياهم يوم عائشة وإنا نريد الخير كما تريده عائشة فمری رسول الله عنه أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث ما كان أو حيث ما دار.
فذكرت ذلك أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم فاعرض عنها، ثم قال لها: «يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة فإنه والله ما نزل على الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها » (وأخرجه البخاري في صحيحه).
النبي الزوج المعلم:
كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة وأسوة حسنه لكل مسلم ومسلمة يبتغي الله والدار الآخرة.. ولهذا كان له برشد الناس إلى ما فيه الخير وأحب الناس إلى قلبه صلى الله عليه وسلم زوجاته.
وحدث يوما أن كانت أم سلمة تأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم ورأى النبي أنها لا تأكل مما يليها فنهاها عن ذلك، وقال:- «کلی مما يليك».
وحان الرحيل:
بعد حياة حافلة وعمر طويل ماتت أم سلمة وهي آخر من متن من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وتوفيت بعدما جاءها نعي الحسين بن علي رضي الله عنه.
وصلى عليها أبو هريرة، وشيعها المسلمون إلى البقيع وهي ابنة أربع وثمانين سنة.
فرضي الله عن أم سلمة وعن نساء النبي صلى الله عليه وسلم أجمعين.