قصص وعبر الخروف المغرور
أعزائي القراء.. اليوم مع قصص وعبر الخروف المغرور، نتمنى أن تنال إعجابكم، هيا نقرأ القصة معا.
أسند الراعي ظهره على جذع الشجرة التي يمر بجانبها هذا الجدول الصغير الرقراق …
وقد انحنت عليه وكأنها تشكره لأنه أمدها بينبوع الحياة … ناظرا بعينيه اللاتي ملأهما النعاس في ماء العذب الجميل …
فتلالأت صورته فوق صفحات المياه الجارية… يغلف هذا المنظر الجميل صوت العصافير والبلابل الجميل اللحن، العذب المسمع…
الراعي الغافل
انشغل الراعي بهذا المنظر الجميل الرائع عن أغنامه التي ساقها أمامه من حظرته إلى هذه البقعة الخضراء التي تجود أرضها بكل أنواع الأعشاب، لتطعم أغلب بهائم الرعاة في هذه المنطقة النائية عن العمران…
والتي تجعل الأغنام والأبقار وغيرهما من البهائم تدر مزيدا من ألبانها لكي يشربها أو يبيعها أصاحبها ليعيشوا منها هم وأسرهم الصغيرة.
المرعى الغني
على الجانب الأخر خلف ظهر الراعي كانت الأغنام مبتهجة وسعيدة بهذا الخير الوفير من العشب الأخضر اليانع …
وهذه النسمة العليلة من الهواء الطلق… وهذا الماء الصافي الذي يجري رقراقا بين ضفتي النهر الصغير..
وهذه الألحان الجميلة المنبعثة من أنواع الطيور المختلفة من بلابل وعصافير.
فهذا الخروف ينعم بما لذ وطاب من الحشائش الخضراء…
وهذا الحمل يجرى وراء أمه بعد أن أكل بعضا من العشب الناضر محاولا أن يلتقط ثديها ليبل ريقه بحليبها.
وهذا الجدي يجثو على ركبتيه الصغيرتين على ضفة النهر لكي يصل بفمه الصغير لارتشاف الماء بعد وجبة من العشب اللذيذ.
وهذه العنزة تقفز برجليها الأماميتين وتضرب أختها بقرنيها المعكوفين التي فعلت مثلها هي الأخرى، فرسما مثلثا جميل الشكل..
الخروف المغرور
وهناك في جانب من جوانب المرعى الخصيب، وبكل صلف وغرور شرد هذا الخروف عن القطيع..
وكأنه يقول: أنا ملك هذا المكان ولا يماثلني أي من أعضاء هذا القطيع.. فأنا هنا وحدي.
كيف لي أن أجلس أو أقف مع هؤلاء الرعاع من القوم؟!!!
فأخذ نفسه متبخترا يمشي مشية كلها صلف وغرور وكبر…
فلما ابتعد هذا الخروف المغرور عن القطيع مسافة كبيرة..
وبعد أن تعب من المشي أراد أن يجلس فنظر في المكان وقال في نفسه:
أنا أجلس في هذا المكان الحقير؟
لا لن أجلس في مكان مثل هذا.
الكلاب الجائعة
في هذه الأثناء، كان يمر في الناحية الأخرى من النهر الصغير جمع من الكلاب الجائعة التي مرت عليها أيام دون أن يدخل معدتها إلا ما يسد رمقهم من الجوع، ويحفظ حياتهم من الموت.
فلما رأت الكلاب الخروف في الجهة الأخرى من الجدول نظر بعضها إلى بعض وكأنهم يقولون لبعضهم البعض:
جاء الفرج وستمتلئ معدتنا أخيرا بلحم طري شهي.
ولما رأى الخروف هؤلاء الكلاب الجائعة وما يدور في أعينهم من ريب. أوجس منهم خيفة وثاورته الشكوك والظنون.
الكلاب والخروف
أطلق الخروف المغرور صيحات عالية … مااء … مااء… مستنجدا بالراعي.
لكي يخلصه من هذا الفخ الذي أوقع نفسه فيه بتكبره وغروره…
انطلقت الكلاب الجائعة بسرعة لتصل إلى الخروف الوحيد من خلال قنطرة تعبر بهم إلى ناحيته …
ولأن القنطرة كانت بعيدة نوعا ما… فقد كان الوقت طويلا ليصلوا إلى الخروف المغرور…
الراعى المنقذ
أفاق الراعي على صيحات الخروف الخائفة وصوته البعيد…
فالتفت نحو مصدر الصوت، فوجد الخروف يقف مذعورا خائفا… ووجد الكلاب تنطلق نحوه کالسهام المصوبة لكي يفترسوه…
وقد كشر كل واحد منهم عن أنيابه…
هرع الراعي يسابق الريح نحو الخروف المغرور المذعور كي ينقذه من الموت المحقق…
وفي يده عصاه الغليظة الطويلة التي يهش بها على غنمه… وصل الراعي في الوقت المناسب إلى الخروف المغرور.
ووقف رافعا عصاه الغليظة في استعداد لأن يكسر عظام أي من الكلاب الجائعة إن راودته نفسه أن يقترب من الخروف.
تفرقت الكلاب الجائعة في نواح شتى عندما رأت في الراعي وعصاه الغليظة الطويلة، وساعداه المفتولين، وعينيه اللاتيني تضطرب بالشرر.
إياك والغرور
التفت الراعي إلى الخروف ولسان حاله يقول: لولا تكبرك وغرورك لما وصلت إلى هذه الحال.
أيها المغرور لما تتكبر في نفسك فالكل سواء…
أنت بمفردك ضعيف هزيل تصبح مطمعا لكل متجبر.
أما في جوار إخوانك، لا يقدر أحد أن يهاجمك أو يطمع فيك مهما بلغ من القوة والبأس..
فالخير كل الخير فى أن نجتمع كلنا معا ونضع أيدينا فى أيد بعض لنصنع سدا قويا فى مواجهة أعدائنا.