قصص القرآن الكريم .. قصة أَصْحَابُ السَّبْتِ
أحكى لكم اليوم قصة من قصص القرآن الكريم، وهي قصة أصحاب السبت وسوف نحكى القصة على لسان احد القرود..
وَقَفَ النَّاسُ يشَاهِدُونَنَا متَعَجِّبِينَ، فَقَدْ كنَّا فَي حزْنٍ عَمِيقٍ وَنَدَمٍ شَدِيدٍ وَبُكَاءٍ مسْتَمِرٍّ..
وَهُمْ قَدْ اِعْتَادُوا أَنْ يَرُوا الْقرُودَ، خَفِيفَةَ الظِّلِّ، سَرِيعَةَ الْحَرَكَةِ، كَثِيرَةَ الضِّحْكِ وَالْمَرَحِ.
وَيَزولُ الْعَجَبُ إِذَا عرِفَ السَّبَبُ، فَلَنَا حِكَايَةٌ مثِيرَةٌ سَنَحْكِيهَا لَكُمْ.
فنحن لَسْنَا قرُودًا عَادِيَةً، فَفِي يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ..
قرية ساحلية آمنة
كنَّا بَشَرًا مِثْلَكُمْ، نَعِيشُ فِي قَرْيَةٍ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ، وَكَانَتْ قَرْيَتُنَا هَادِئَةً، وَسَمَاؤُهَا صَافِيَةً، وَهَوَاؤُهَا عَلِيلاً.
وَكَانَ كلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَعِيشُ مَعَ أَهْلِهِ عِيشَةً هَنِيئَةً فِي دِيَارٍ وَاسِعَةٍ، وَأَكَلْنَا أَطْيَبَ الطَّعَامِ وَأَشْهَاهُ، وَلَبِسْنَا أَجْمَلَ الثِّيَابِ وَأَزْهَاهُ.
عِشْنَا جَمِيعًا فِي سَلاَمٍ وَمَوَدَّةٍ، فَقَدْ كنَّا مِنَ الْيَهُودِ الْمتَحَابِّينَ، وَكَانَ الصَّيْدُ أَهَمَّ أَعْمَالِنَا، نَكْسَبُ مِنْهُ أَرْزَاقَنَا فَنكْفِي بِهَا حَاجَاتِنَا.
فَإِذَا جَاء الصَّبَاحِ تَرَى الصَّيَّادِينَ، مِنْهُمْ مَنْ يَحْمِلُ شِبَاكَهُ لِيَرْمِيهَا فِي الْبَحْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يجَهِّزُ الْمَرَاكِبَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْكَبُ السُّفُنَ.
وَعِنْدَ الْغرُوبِ نَعودُ بِالأَسْمَاكِ وَالأَصْدَافِ، نَأْكلُ مَا نَأْكلُ وَنَبِيعُ مَا نَبِيعُ، وَلاَ نَنْسَى أَنْ نَشْكُرَ رَبَّنَا عَلَى نِعَمِهِ الْكَثِيرَةِ.
تحريم الصيد يوم السبت
وَحَرَّمَ اللهُ عَلَيْنَا الصَّيْدَ أَوَ الْعَمَلَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نُخَصِّصَهُ لِلْعِبَادَةِ وَالتَّقَرُّبِ بِالطَّاعَاتِ.
فَكُنَّا نَذْهَبُ فِيهِ إِلَى الْمَعَابِدِ نؤَدِّي الصَّلَوَاتِ، وَنَرْفَعُ أَيَادِينَا بِالدَّعَوَاتِ وَنخْرِجُ مِنْ أَمْوَالِنَا الصَّدَقَاتِ.
وَفِي يَوْمٍ أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يَخْتَبِرَ قوَّةَ إِيمَانِنَا، وَقدْرَتَنَا عَلَى التَّمَسُّكِ بِطَاعَتِهِ. وَلَمْ يَكُنْ الاِخْتِبَارُ سَهْلاً..
فَقَدْ كَانَ يَوْمُ السَّبْتِ، فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَشَيْنَا كَعَادَتِنَا فِي الطَّرِيقِ إِلَى مَعَابِدِنَا، فَوَجَدْنَا الشَّاطِئَ يَمْتَلِئُ بِالْحِيتَانِ وَالأَسْمَاكِ.
وَقَفْنَا جَمِيعًا نَتَأَمَّلُهَا، تَمَنَّيْنَا لَوْ اِصْطَدْنَاهَا، وَلَكِنَّنَا اِنْتَبَهْنَا بِسُرْعَةٍ.
وَرَاحَ كلُّ وَاحِدٍ يذَكِّرُ أَخَاهُ بِأَمْرِ اللهِ فِي حرْمَةِ الْعَمَلِ يَوْمَ السَّبْتِ، وَدَفَعْنَا بَعْضَنَا بَعْضًا نوَاصِلُ السَّيْرَ لِلْمَعَابِدِ.
لَكِنْ ذَلِكَ تَكَرَّرَ فِي كلِّ سَبْتٍ، فَتَحَرَّكَ الطَّمَعُ فِي نفُوسِنَا، وَصَعُبَ عَلَيْنَا أَنْ نَرَى الْحِيتَانَ وَالأسْمَاكَ بِكَثْرَتِهَا وَلاَ نَصْطَادُهَا.
ومِمَّا زَادَ الأَمْرَ صعُوبَةً أَنَّ هَذِهِ الْحِيتَانَ وَالأَسْمَاكَ أَصْبَحَتْ تَسْكُنُ أَعْمَاقَ الْبَحْرِ بَاقِي أَيَّامِ الأسْبُوعِ فَلاَ تَخْرُجُ إِلاَّ يَوْمَ السَّبْتِ.
وَكنَّا نَظَلُّ عَلَى الشَّاطِئِ سَاعَاتٍ وَسَاعَاتٍ، فَنَرْمِي الشِّبَاكَ وَنَسوقُ الْمَرَاكِبَ فَلاَ نَصْطَادُ سَمَكَةً وَاحِدَةً .
موقف الناس من تحريم الصيد يوم السبت
وَانْقَسَمَ النَّاسُ فِي الْقَرْيَةِ إِلَى ثَلاَثِ طَوَائِفِ:
الأولى رِجَالٌ لَهُمْ عَزِيمَةٌ قَوِيَّةٌ وَإِيمَانٌ صَادِقٌ تَمَسَّكُوا بِأَمْرِ اللهِ وَلَمْ يَخْرُجُوا لِلصَّيْدِ يَوْمَ السَّبْتِ طَاعَةً للهِ.
وَكَانُوا يَنْصَحُونَ مَنْ يفَكِّرُ فِي الْخرُوجِ فَيذَكِّرُونَهُ بِأَمْرِ اللهِ حَتَّى لاَ يَخْرُجُ لِلصَّيْدِ فِي هَذَا الْيَوْمِ.
الطائفة الثانية: فهم رِجَالٌ مؤْمِنِينَ، لَمْ يَخْرُجُوا وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَنْصَحُوا الْخَارِجِينَ.
أما الطائفة الثالثة، فأولَئِكَ الْخَارِجِينَ طَمَعًا فِي مَتَاعِ الدُّنْيَا، ونحن كنا منهم.
لقد عَصَيْنَا أَمْرَ اللهِ وَخَرَجْنَا لِلصَّيْدِ فِي يَوْمِ السَّبْتِ الَّذِي حَرَّمَهُ اللهُ عَلَيْنَا.
وَجَزَاءً لِعِصْيَانِنَا عَاقَبَنَا اللهُ أَشَدَّ الْعِقَابِ، فَحَرَمَنَا مِنْ صورَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي كَرَّمَهُ وَفَضَّلَهُ عَلَى سَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ وَحَوَّلَنَا إِلَى صوَرِ الْقرُودِ.
وَقَفْنَا نَادِمِينَ، نَبْكِي، وَلَكِنْ لَمْ يَنْفَعْنَا نَدَمٌ وَلاَ بكَاءٌ..
فَقَدْ أَصْبَحْنَا عِبْرَةً ذَكَرَهَا اللهُ فِي الْقرْآنِ الْكَرِيمِ، لِيَتَعَلَّمَ مِنْهَا النَّاسُ فِي كلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ.
وقد ورد ذكر القصة فى القرآن الكريم فى سورة الأعراف. قال تعال:
(وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) .