قصص القرآن الكريم.. قصة أصحاب الأخدود
مع قصة جديدة من قصص القرآن الكريم.. وقصة اليوم عن أصحاب الأخدود..
في تاريخ الإنسانية مواقف مخزية قست قلوبهم فكانت أشد من الحجارة قسوة وصلابة، من هذه المواقف موقف أصحاب الأخدود من المؤمنين بالله واليوم الآخر، فقد في تعْذيبهم بشتى الوسائل ليردهم عن دينهم حتى انتهي الأمر بهم إلي إحراقهم بالنار في أخدود حفروه لهم، وألقوهم فيه مكبلين واحدًا بعد الآخرة أمام أبنائهم وآبائهم وهم قد جلسوا حول النار يمتعون أنفسهم بالنظر إليهم، ويشفون غليلهم.
ولكنهم صبروا علي النار ابتغاء وجه الله وضحوا بأنفسهم في سبيل عقيدتهم.
وكانت الدنيا كلها في نظرهم ساعة فجعلوها طاعة، وآثروا ما يبقي علي ما يفني.
القصة كما وردت فى القرآن
لقد سجّل الله هذه القصة في آيات من سورة البروج مسبوقة بقسم جمع الله فيه عالم المخلوقات، علوية وسفلية، وغائبة وحاضرة، منظورة وناظرة.
واستحضر الله سبحانه وتعالي الوجود كله ليشهد هذا الجرم الغليظ وليسمع حكمه سبحانه علي المجرمين.
(وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ).
مَنْ هم أصحاب الأخدود؟
وأين كانوا؟
وفي أي زمان وجدوا؟
وبأي دين كانوا يتدَيَّنُونْ؟
التلميذ المؤمن
كان الذين اتخذوا الأخاديد في ثلاث من البلاد بنجران وبالشام وبفارس.
أما الذي بالشام (أنطانيوس) الرومي، وأما الذي بفارس فهو (بختنصر)، وأما الذي بنجران (يوسف ذو نوَّاس).
وكان له كاهن ساحر وكان لهذا الكاهن أو الساحر تلميذ يقال له (عبد الله بن الثامر).
فكان يجد في طريقه إذا مشى علي الكاهن فيها راهب كان يعبد الله علي دين عيسي عليه السلام ويقرأ الإنجيل اسمه (فيميون).
وكان منعزلًا عن الناس مختفيًا في صومعته، وظهرت لعبد الله في قومه كرامات.
وكان كلما ظهرت له كرامة دعا من ظهرت لهم إلي أن يتبعوا النصرانية.
فكثر المنتصرون في نجران وَبلَّغ ذلك الملك (ذانواس) وكان يهوديًا فقتل الملك الغلام وقتل الراهب وأمر بأخاديد وجمع فيها كثير وأشعلت.
وعرض أهل نجران عليها، فمن رجع عن التوحيد تركه ومن ثبت علي الدين الحق قذفه في النار.
فكان أصحاب الأخدود ممن عُذِّبَ من أهل المسيحية في بلاد العرب.
وقصص الأخاديد كثيرة في التاريخ، والتعذيب بالحرق طريقة قديمة ومنها نار إبراهيم عليه السلام.
والقصة مثل رائع من أمثلة البطولات النادرة في تاريخ الإنسانية الغابر إذ واجه المؤمنون أعتى قوي البغي والطغيان بإيمان راسخ كالجبال، لا تزعزعه العواصف العاتية حتى يكون مِمَّنْ قال الله فيهم:
(أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) صدق الله العظيم.