قصص القرآن الكريم.. قصة المؤمن وصاحب الحنتين
مع قصة جديدة من قصص القرآن الكريم واليوم مع قصة المؤمن وصاحب الجنتين.
في سورة الكهف قصة رجلين، أحدهما كافر بالله قد أتاه الله مالًا ففرح به وطغي واستكبر، فكان عاقبة أمره خسرًا.
والآخر مؤمن بالله، زاهد في الدنيا، راغب في الآخرة، قد جمع الله له شمله وجعل غِنَاهُ في قلبه.
بَذَلَ ما في وسعه في دعوة صاحبه إل الإيمان، فَأَبَي عليه واستعصي، فحذره من كفره وعاقبة أَمْرِهِ، ثم انْصَرَفَ عَنْهُ وَتَركَهُ يوَاجِهُ مَصِيرَهُ بِنَفْسِهِ.
القصة كما وردت فى القرآن
وقد جاءت قصتهما في ثلاث عشرة آية من سورة الكهف وذلك من الآية الثانية والثلاثين إلي الآية الرابعة والأربعين.
قال تعالي: “وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (33) وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ ردِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا منْقَلَبًا (36) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37) لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38) وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39) فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40) أَوْ يصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41) وَأحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43) هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عقْبًا” سورة الكهف ( 32 – 44 )
الفرق بين المؤمن والكافر
وظل الكافر الغني كافرًا بربه الذي خَلَقَهُ مِنِ العدم، ورَبَّاهُ علي موائد الجود والكرم.
وقد أمهله ليتذكر أو يخشي، فتمادي في ضلاله وكبريائه وغروره وسخريته واستهزائه بالفقراء من المؤمنين.
والمؤمن زاهد معْتَزّ بالله تعالي متمسك بعقيدته، لا يطمع إلا في رحمة الله وثوابه، ويسارع في مرضاته، ويؤدي ما عليه من واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فيعظ هذا الكافر موعظة بليغة، ويذكره بمبدأ خلقه ويوبخه علي كفره بخالقه، ويحذره عاقبة أمره في الدنيا والآخرة، ويحاوره محاورة هادئة وَلَا يجَادِلُهُ ليغلبه بالحُجَّة أو بغير حجة.
التشبه بمشركي مكة
والمثل مضروب لأهل مكة بوجه خاص، ولمن هو علي شاكلتهم بوجه عام.
فقد كان أهل مكة يفتخرون عَلَي المؤمنين بكثرة أموالهم وأولادهم، وَيَدَّعُون أَنَّهُمْ لا يعذبون في الآخرة، إن كان هناك في نظرهم آخرة.
ويزعمون أن الله لم يعطهم المال والولد إلا لأنه يحبهم، فلو رجعوا إليه لزادهم من النعيم فوق ما كان لهم في الدنيا.
قال تعالي: “وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمعَذَّبِينَ” .
وكانوا يحتقرون الضعفاء والفقراء من المؤمنين، ويستكبرون أن يجلسوا معهم.
وقد طلبوا من النبّي صلي الله عليه وسلم أَنْ يجعل لهم يومًا ولهؤلاء الفقراء يومًا، لكن الله عز وجل أمر نَبِيَّه صلي الله عليه وسلم أن يجعل لهم يومًا ولهؤلاء الفقراء يوما.
لكن الله عَزَّ وجل أمر نَبِيَّه صلي الله عليه وسلم أن يصبر مع هؤلاء المخلصين له في سرهم وَعَلَانِيَّتِهُمْ.
قال تعالي: “وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ترِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فرُطًا” سورة الكهف ( الآية 28 ).
العبرة والدرس
وإنَّ في ذلك لعبرةً لأولي العلم والنهي، إن القيَم الباقية هي ما كان أساسها الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
فإن لم يكن هناك إيمان لم تكن هناك قِيَمٌ ولم تكن هناك حياة.
والله وحده هو المتفرد بالولاية والقدرة، فلا قوة إلا قوَّتَه، ولا نصر إلا نصره، وثوابه خير الثواب.
قال تعالي: “وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ منْتَصِرًا . هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عقْبًا” صدق الله العظيم.