تربية الأبناء .. الفصل الثاني التربية الدينية
تكلمنا فى المقال السابق عن تربية الابناء التربية الجسدية، واليوم نتكلم عن نوع آخر من التربية وهو التربية الدينية .
ما المقصود بالتربية الدينية
والمقصود بها أن ينشأ الأبناء على العقيدة الصحيحة، والإيمان الكامل بالله وكتبه ورسله وبالقضاء خيره وشره.
وتهدف التربية الدينية إلى ربط الأبناء بأصول الأيمان، وتعليمهم أركان الإسلام..
لينشئوا على طاعة الله، وحب صلى الله عليه وسلم فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
“أدبوا أولادكم على ثلاث خصال حب نبيكم، وحب آل بيته، وتلاوة القرآن، فإن حملة القرآن في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه ” [ الطبراني ].
لذا فعلي الآباء غرس أصول العقيدة منذ اللحظات الأولي من حياة الأبناء..
فيؤذن في أذن الطفل اليمني بعد ولادته، وعلي مدي السنوات الأولي يلقن الشهادتين والتكبير وغيرها.
وعندما يصل الابن إلي مرحلة الفهم والاستيعاب يشرح له أركان الإسلام ويعلمه العبادات.
وتتم التربية الدينية من خلال الموعظة المباشرة، وسرد قصص الظالمين..
فهذا فرعون تجبر وتكبر وطغي في الأرض، وعسي فيها انحلالاً وفسادا، واستبد بالرأي، ولم يشاور قومه، وفعل ما يحلو له من أخطاء، فكان عقابه أن الله تعالي أغرقه..
وفي ذلك عظة لأبنائنا فلكل ظالم نهاية.
وفي قصة قارون الذي رأي نفسه أرفع مقاما وأعلي شأناً، وأن ثروته وماله إنما هي من علمه وذكائه، فكان عقابه شديدا .
كما قال سبحانه وتعالى: {فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين} [القصص :8].
وعلينا أيضا استغلال طاقات الحب لدى الطفل نحو حب الله ورسوله.
وهذا هو نهج السلف الصالح الذين كانوا يربون أبنائهم على مراقبة الله.
ومن الآداب الإسلامية التي ينبغي تعليم الأبناء إياها ما يلي:
من التربية الدينية الصلاة
الصلاة هي الخطوة الأولي نحو العبادات الأخرى، فهي عماد الدين، وركن هام من أركان الإسلام..
لذا علي الآباء والأمهات أن يأدبوا أولادهم عليها، فيعلموهم الطهارة والصلاة..
ولكن كيف نعلم أولادنا الصلاة؟!
الابن الذي ترعرع في جو إسلامي، فيجد الجميع يسارعون لأداء الصلاة في أوقاتها، فإنه بالطبع سيقلد أسرته.
فتكون الصلاة سلوكاً طبيعياً في حياته..
ويمكن للأب تعليم أبنائه الصلاة بناء علي مراحل نموه فمثلا:
مرحلة الطفولة المبكرة من 3 – 5 سنوات:
هذه المرحلة مرحلة استغلال، وإحساس الابن بكيانه، ولأنه في الوقت نفسه يرغب في التقليد.
وعلي الأب تركه علي فطرته يقلده كيفما يشاء..
فإذا وقف الطفل مثلا بجوار المصلي، ثم لم يركع أو يسجد، ثم بدأ يصفق مثلا، فلندعه.
وقد يمر الطفل أمام المصلين لذا لا ينبغي أن ننهر الابن في هذه المرحلة.
الطفولة المتوسطة 5 – 7 سنوات:
في هذه المرحلة يكون الكلام البسيط الهاديء عن نعم الله وفضله، وقصص الأنبياء والصحابة اثر عظيم يجعل الابن يشتاق إلى إرضاء الله.
كما إن القدوة الصالحة التي يراها الطفل أمام عينه والتزام والدين بالصلاة يوميا، يؤثر ايجابيا في تعلم الطفل هذه الطاعة..
ويراعى في هذه المرحلة الابتعاد عن أسلوب الوعظ والترهيب والتهديد، ولابد التعزيز الايجابي من حلال المكافآت.
ويراعي أيضا تعليم الأبناء أحكام الطهارة وآداب قضاء الحاجة، وضرورة المحافظة علي نظافة الجسم والملبس.
مرحلة الطفولة المتأخرة من 7- 10 سنوات:
تتسم هذه المرحلة بالتمرد وصعوبة الانقياد، وقد يلحظ تغير سلوك الأبناء نحو الصلاة وعدم التزامهم بها.
لذا ينبغي أن يري الابن يقظة الأم والأب نحو الصلاة، وإذا حدث ومرض الصغير، فيجب آن يعتاد علي الصلاة، حتى في مريضا.
فليكن ضربا غير مبرح، وألا يكون في الوجه .
من التربية الدينية الصوم
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: يجب تدريب الغلمان علي الصيام حتى يعتادوا الصبر علي العبادة وتكاليف الحياة.
فالصغير الذي لم يبلغ الحلم أو أنثي مطلوب منه أن يتدرب علي صيام شهر رمضان ما دام قادراً علي صيامه.
ولكن كيف تدرب الأم أبنائها علي الصوم؟!
علي الأم أن تحضر أبنائها علي الصوم بالتدرج حتى لا يؤثر ذلك علي صحتهم، بالإضافة إلي إشاعة جو من البهجة في المنزل.
فيشعر الابن بأن هذا الشهر يختلف عن بقية الشهور، بالإضافة إلي الإكثار من الثناء عليه وتشجيعه بطريقة عملية بإعطائه مكافأة علي كل يوم يصومه.
تحفيظ الأبناء القرآن الكريم:
الطفل منذ الخامسة لدية القدرة لحفظ كم هائل من سور القرآن الكريم..
وهذا الحفظ له فوائد تربوية جمة، فهو يقوم سلوك الأبناء، فيكون لهم دستورا يحميهم من الزلل، ولأن التعليم في الصغر كالنقش علي الحجر..
فالطفولة هي أفضل المراحل لتعلم القرآن، حيث يكون عقل الطفل يقظاً، مكنات الحفظ لدية قوية.
وهذا ما أوصي به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: “حق الولد علي الوالد أن يعلمه الكتاب والسباحة، وألا يرزقه إلا طيبا” [ البهيقي ].
لذا ينبغي الأبناء القرآن، ومعرفة أمور الدين والتخلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، من خلال شرح معاني الكلمات بأسلوب بسيط ييسر للطفل الحفظ.
كما أن المكافأة المعنوية والإعجاب والتقدير ضروري كلما تمكن الابن من حفظ جزء من القرآن الكريم، ويمكن للوالدين تخصيص من يعلم الأبناء ويحفظهم القرآن الكريم.
ولا يقتصر أمر الدين علي تعليم الأبناء أمور الدين فقط، وإنما يتعداها إلي أمور الدنيا، فهذا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يقول : علموا أولادكم السباحة والرماية و ركوب الخيل.
هذه هي التربية الدينية كأحد أنواع تربية الابناء على الإسلام