قصص القرآن الكريم قَابِيلُ وَهَابِيلُ
اليوم مع قصة جديدة من قصص القرآن الكريم وهي قصة قابيل وهابيل.. هيا نقرأ القصة.
مقدمة
قَاتَلْتُ أَخِي الْغرَابَ وَقَاتَلَنِي، حَتَّى اِنْتَصَرْتُ عَلَيْهِ فَقَتَلْتُهُ، لاَ تَتَسَرَّعُوا بِالْحكْمِ عَلَيْنَا، فَقَدْ فَعَلْنَا ذَلِكَ تَنْفِيذًا لأَمْرِ رَبِّنَا الَّذِي أَنْزَلَنَا مِنَ السَّمَاءِ لِنَفْعَلَ ذَلِكَ. حِكَايَتُنَا حِكَايَةٌ قَدِيمَةٌ، سَأَحْكِيهَا لَكُمْ .
قابيل وهابيل من أبناء آدم عليه السلام.
كَانَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَوَّلَ الأَنْبِيَاءِ عَلَى الأَرْضِ، وَمِنْ نَسْلِهِ كَانَ كلُّ الْبَشَرِ، وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ حَوَّاءُ تَلِدُ فِي كلِّ بَطْنٍ ذَكَرًا وَأنْثَى..
فَكَانَ آدَمُ يزَوِّجُ أنْثَى الْبَطْنِ لِتَوءَمِ أخْتِهَا مِنَ الْبَطْنِ الأخْرَى، وَأَخْبَرَ أَبْنَاءَهُ أَنَّ شَرْعَ اللهِ يحَرِّمُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الأَخُ مِنْ أخْتِهِ فِي نَفْسِ الْبَطْنِ.
سبب النزاع
وَوَلَدَتْ حَوَّاءُ مَعْ قَابِيلَ أخْتًا جَمِيلَةً اِسْمَهَا اقليماء..
وَوَلَدَتْ مَعْ هَابِيلَ أخْتًا أَقَلَّ جَمَالاً اِسْمَهَا ليوذا وَأَرَادَ هَابِيلُ أَنْ يَتَزَوَّجَ اقليماء..
لَكِنَّ قَابِيلَ أَعْجَبَهُ جَمَالُهَا فَأَرَادَهَا لِنَفْسِهِ، وَاخْتَلَفَ الاثْنَانِ.
وَغَضِبَ أَبُوهُمَا آدَمُ مِنْ خِلاَفِهِمَا، فَأَمَرَ كلاًّ مِنْهُمَا أَنْ يقَدِّمَ لِرَبِّهِ قرْبَانًا..
وَأَخْبَرَهُمَا أَنَّ صَاحِبَ الْقرْبَانِ الْمَقْبُولِ سَتَكُونُ اقليماء زَوْجَةً لَهُ، ثمَّ تَرَكَهُمَا وَسَافَرَ إِلَى مَكَّةَ.
القربان
كَانَ هَابِيلُ يَعْمَلُ رَاعِيًّا، وَكَانَ طَيِّبَ النَّفْسِ كَرِيمًا، كَثِيرَ الإِحْسَانِ، فَأَخْرَجَ مِنْ غَنَمِهِ كَبْشًا كَبِيرًا سَلِيمًا وَقَدَّمَهُ قرْبَانًا.
أَمَّا قَابِيلُ، فَكَانَ يَعْمَلُ مزَارِعًا، وَكَانَ بَخِيلاً، يحِبُّ نَفْسَهُ وَلاَ يخْرِجُ مِنْ أَمْوَالِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَأَخَذَ حِزْمَةً مِنْ سَنَابِلَ الْقَمْحِ ذَابِلَةً غَيْرَ سَلِيمَةٍ، وَقَدَّمَهَا قرْبَانًا.
وَنَزَلَتْ صَاعِقَةٌ مِنَ السَّمَاءِ، حَرَقَتْ قرْبَانَ هَابِيلَ، وَبِذَلِكَ تَقَبَّلَ اللهُ قرْبَانَ هَابِيلَ.
اِغْتَاظَ قَابِيلُ، صَاحَ وَغَضِبَ فِي وَجْهِ أَخِيهِ: لَنْ تَكُونَ اقليماء لِغَيْرِي، أَنَا أحِبُّهَا.
قَالَ هَابِيلُ: اِحْتَكَمْنَا للهِ كَمَا أَمَرَنَا وَالِدُنَا، وَقَدْ تَقَبَّلَ قرْبَانِي، فَهُوَ يَتَقَبَّلُ مِنَ الصَّالِحِينَ وَسَتَكُونُ اقليماء زَوْجَةً لِي بِأَمْرِ اللهِ.
جريمة القتل الأولى
اِزْدَادَ غَضَبُ قَابِيلَ، فَقَامَ إِلَى أَخِيهِ هَابِيلَ وَضَرَبَهُ، وَرَغْمَ أَنَّ هَابِيلَ أَقْوَى مِنْهُ جَسَدِيًّا، وَأَشَدَّ عَافِيَةً، لَكِنَّه كَانَ طَيِّبًا مسَالِمًا،
لذا صَبَرَ عَلَى أَذَى قَابِيلَ وَنَصَحَهُ بِهدُوءٍ أَنْ يَكفَّ عَنْ غَضَبِهِ وَيَرْضَى بِأَمْرِ رَبِّهِ، وَلَكِنْ غَضَبُ قَابِيلَ لَمْ يَنْطَفِئْ، فَأَمْسَكَ حَجَرًا كَبِيرًا وَقَذَفَ بِهِ رَأْسَ هَابِيلَ، فَوَقَعَ عَلَى الأَرْضِ مَقْتُولاً.
وَقَفَ قَابِيلُ مَذْهُولاً يَبْكِي، قَلَّبَ جَسَدَ أَخِيهِ الْمَقْتُولِ، فَتَبَلَّلَتْ يَدَاهُ بِالدِّمَاءِ، نَادَاهُ، وَنَادَاهُ..
فَلَمْ يَردَّ لأَنَّهُ أَصْبَحَ جثَّةً هَامِدَةً فَارَقَتْهَا الرُّوحُ، فَأَصْبَحَتْ لاَ تَتَنَفَّسُ وَلاَ تَنْطِقُ .
الندم
نَدِمَ قَابِيلُ عَلَى مَا فَعَلَهُ، نَظَرَ لِجُثَّةِ أَخِيهِ وَرَاحَ يَبْكِي، وَيَبْكِي، تَذَكَّرَ كَيْفَ تَرَبَّيَا مَعًا عَلَى أَرْضٍ وَاحِدَةٍ، يَأْكلاَنِ وَيَشْرَبَانِ وَيَلْعَبَانِ مَعًا حَتَّى أَصْبَحَا شَابَّيْنِ .
عَرِفَ أَنَّهُ فَقَدَ أَخًا كَرِيمًا طَيِّبًا كَانَ يحِبُّهُ وَيسَامِحُهُ وَيَتَحَمَّلُ مِنْهُ الأَذَى، نَدِمَ وَنَدِمَ،وَلَكِنَّ نَدَمَهُ لَمْ يَنْفَعْ، فَهَابِيلُ لَنْ يَعُودَ لِلْحَيَاةِ .
سنة دفن الموتى
تَلَفَّتَ قَابِيلُ حَوْلَهُ، فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا، اِحْتَارَ مَاذَا سَيَفْعَلُ بِجثَّةِ أَخْيهِ وَكَيْفَ يخْفِيهَا قَبْلَ أَنْ تَتَعَفَّنَ أَوْ تَنْهَشَهَا السِّبَاعُ الْمفْتَرِسَةُ، فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَرْسَلَنِي اللهُ تَعَالَى أَنَا الْغُرَابَ وَمَعِي أَخِي لِنعَلِّمَ قَابِيلَ كَيْفَ يَدْفِنُ جثْمَانَ أَخِيهِ .
وَكَمَا أَخْبَرْتَكُمْ قَتَلْتُ أَخِي الْغرَابَ، كَمَا قَتَلَ قَابِيلُ أَخِاهُ هَابِيلَ، ثمَّ حَفَرْتُ حفْرَةً فِي الأَرْضِ وَدَفَنْتُهُ بِهَا، كَانَ قَابِيلُ يشَاهِدُنِي وَيَتَعَلَّمُ مِنِّي، فَفَعَلَ مِثْلَمَا فَعَلْتُ وَدَفَنَ هَابِيلَ.
وَذَكَرَ اللهُ حِكَايَتَنَا فِي الْقرْآنِ الْكَرِيمِ، فَبَقِيَتْ عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ يَقْرَؤُهَا النَّاسُ وَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهَا الْعِبَرَ الْكَثِيرَةَ.
القصة كما وردت فى القرآن:
قال الله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) سورة المائدة.