قصص عن خلق الطاعه أجمل القصص التى وردت عن الطاعة
الطَّاعَةُ هِىَ الانْقِيَادُ وَالاسْتِسْلامُ وَالْخُضُوعُ للهِ وَلِلرَّسُولِ، قَالَ تَعَالَى:{وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آلُ عِمْرَانَ:132].
وَهُنَاكَ نَوْعَانِ مِنَ الطَّاعَةِ: طَاعَةٌ عَمْيَاءُ لا يَعْرِفُهَا الإِسْلامُ وَلا يَأْمُرُ بِهَا أَتْبَاعَهُ، وَهُنَاكَ طَاعَةٌ مُبْصِرَةٌ وَاعِيَةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللهُ عَنْهُ: تَعَرَّفْ إِلَى الرِّجَالِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَعَرَّفُ إِلَى الْحَقِّ بِالرِّجَالِ.
وَلِهَذِهِ الطَّاعَةُ الْمُبْصِرَةُ مَجْمُوعَةٌ مِنَ الضَّوَابِطِ؛ مِنْهَا أَلاَّ تَكُونَ فِى مَعْصِيَةٍ، وَأَنْ تَكُونَ فِى الْمَعْرُوفِ.
وَلِلطَّاعَةِ فَوَائِدٌ عَظِيمَةٌ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَهِىَ سَبَبٌ فِى رِضَا اللهِ تَعَالَى، قَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} [آلُ عِمْرَانَ:31].
كَمَا أَنَّهَا سَبَبٌ فِى نَصْرِ اللهِ وَتَأْيِيدِهِ. وَفِى الْمُقَابِلِ فَإِنَّ مَعْصِيَةَ اللهِِ وَالرَّسُولِ فِيهَا الانْكِسَارِ وَالْهَزِيمَةِ وَالْخُذْلانِ، وَلِذَا لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ الرُّمَاةَ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ أَنْ يَلْزَمُوا أَمَاكِنَهُمْ وَبَعْدَ بِدَايَةِ الْمَعْرَكَةِ تَرَكَ الرُّمَاةُ أَمَاكِنَهُمْ وَنَزَلُوا لِيَجْمَعُوا الْغَنَائِمَ، هُنَا انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ وَتَعَلَّمُوا دَرْسًا عَمَلِيًّا فِى أَنَّ طَاعَةَ اللهِ وَالرَّسُولِ فِيهَا النَّصْرُ، وَأَنَّ الْمَعْصِيَةَ للهِ وَالرَّسُولِ فِيهَا الْهَزِيمَةُ.
والآن مع مَجْمُوعَةٌ مِنَ الْقِصَصِ وَالْحِكَايَاتِ الشَّيِّقَةِ، الْهَدَفُ مِنْهَا غَرْسُ حُبِّ خُلُقِ الطَّاعَةِ فِى نُفُوسِ الأَطْفَالِ.
طاعة الصحابة
الطَّاعَةُ فِى الأَصْلِ للهِ تَعَالَى وَلِلرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأَحْزَابُ:36]. وَلِذَلِكَ لَمَّا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنَاتِ بِالْحِجَابِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلََى جُيُوبِهِنَّ} [النور:31]. سَارَعَتِ الْمُؤْمِنَاتُ إِلَى تَنْفِيذِ أَمْرِ اللهِ، فَشَقَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ قِطْعَةً مِنْ ثِيَابِهَا وَلَبِسَتْهُ حِجَابًا؛ تَصْدِيقًا وَإِيمْانًا بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فِي كِتَابِهِ.
وَكَانَ الصَّحَابِىُّ إِذَا سَمِعَ هَذِهِ الآيَةَ وَذَهَبَ إِلَى بَيْتِهِ وَأَخْبَرَ بِهَا زَوْجَتَهُ أَوْ ابْنَتَهُ يُسَارِعْنَ إِلَى تَنْفِيذِ أَمْرِ اللهِ.
طاعة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم
طَاعَةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ طَاعَةٌ للهِ تَعَالَى، قَالَ تَعَالَى:{ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} [آلُ عِمْرَانَ:31].
وَلِذَلِكَ ذَهَبَ أَحَدُ الصَّحَابَةِ – وَكَانَ يُدْعَى جُلَيْبِيبُ – إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِىْ يَخْطِبُ لَهُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا ذَهَبَ مَعَهُ النَّبِىُّ لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَعَرَضَ عَلَيْهِ زَوَاجَ جُلَيْبِيبَ تَرَدَّدَ الأَنْصَارِيُّ، لأَنَّ جُلَيْبِيبَ كَانَ رَجُلاً فَقِيرًا، وَلَكِنَّ الْفَتَاةَ لَمَّا عَلِمَتْ أَنَّ جُلَيْبِيبَ جَاءَ مَعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَافَقَتْ طَاعَةً للهِ وَالرَّسُولِ، وَقَالَتْ: أَتَرُدُّونَ عَلَى رَسُولِ اللهِ أَمْرَهُ، ادْفَعُونِي إِلَيْهِ فَإِنَّهُ لَنْ يُضَيِّعَنِي.
وَتَزَوَّجَتْ الْفَتَاةُ جُلَيْبِيبَ، وَبَارَكَ اللهُ لِهَذِهِ الْفَتَاةِ لِحُسْنِ طَاعَتِهَا لأَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الطاعة المطلقة
مِنْ أَنْوَاعِ الطَّاعَةِ الطَّاعَةُ الْمُطْلَقَةُ للهِ تَعَالَى وَالرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ: بَايَعْنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وأثرة عَلَيْنَا.
وَلِذَا يُحْكَى أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلاً يَلْبَسُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، فَنَزَعَ الْخَاتَمَ مِنْ إِصْبَعِ الرَّجُلِ وَرَمَاهُ، لأَنَّ الذَّهَبَ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ وَحَلالٌ لِلنِّسَاءِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَبَ أَحَدُ الصَّحَابَةِ مِنَ الرَّجُلِ أَنْ يَأْخُذَ خَاتَمَهُ وَيَبِيعَهُ وَيَأْخُذَ ثَمَنَهُ.
فَرَفَضَ الرَّجُلُ وَقَالَ: وَاللهِ لا آخُذُهُ وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
في الطاعة خير وبركة
طَاعَةُ اللهِ وَالرَّسُولِ فِيهَا الْخَيْرُ وَالْبَرَكَةُ وَالسَّدَادُ وَالنَّصْرُ، وَلِذَا يُحْكَى أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ مَدَدًا لِجَيْشِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ فِي مَوْقِعَةِ ذَاتِ السَّلاسِلِ، وَكَانَ قَائِدُ الْمَدَدِ هُوَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَلَمَّا وَصَلَ الْمَدَدُ إِلَى جَيْشِ عَمْرٍو قَالَ لَهُمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: أَنَا أَمِيرُكُمْ. إِنَّمَا أَنْتُمْ مَدَدٌ مُدِدْتُهُ.
فَلَمَّا رَأَى أَبُو عُبَيْدَةَ إِصْرَارَ عَمْرٍو قَالَ لَهُ: تَعْلَمُ يَا عَمْرُو أَنَّ آخِرَ مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ قَالَ: ” إِذَا قَدِمْتَ عَلَى صَاحِبِكَ فَتَطَاوَعَا “، وَإِنَّكَ إِنْ عَصَيْتَنِي لأُطِيعَنَّكَ.
ثُمَّ سَلَّمَ أَبُو عُبَيْدَةَ الإِمَارَةَ لِعَمْرٍو خَشْيَةَ أَنْ يَعْصَى رَسُولَ اللهِ أَوْ تَحْدُثُ فِتْنَةٌ فِي جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ.
طاعة ولى الأمر
مِنْ أَنْوَاعِ الطَّاعَةِ طَاعَةُ وَلِىِّ الأَمْرِ فِيمَا لا مَعْصِيَةَ فِيهِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ”، وَلِذَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ قَالَ لأَصْحَابِهِ يُوصِيهِمْ: ” أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، فَتَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ “الأَسْنَانِ”، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ “.
الطاعة فى المعروف
الطَّاعَةُ لا تَكُونُ إِلاَّ فِى الْمَعْرُوفِ، وَلِذَلِكَ لَمَّا تَمَّ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ خَلِيفَةً لِلرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ لِيَخْطُبَ فِي الْمُسْلِمِينَ؛ فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوُ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: “أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنِّي قَدْ وُلِّيتُ عَلَيْكُمْ وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ، فَإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي، وَإِنْ أَسَأْتُ فَقَوِّمُونِي. وَالضَّعِيفُ مِنْكُمْ قَوِيٌّ عِنْدِي حَتَّى أُزِيحَ عِلَّتَهُ – أُزِيلُ شِدَّتَهُ وَمِحْنَتَهُ – إِنْ شَاءَ اللهُ، وَالْقَوِيُّ فِيكُمْ ضَعِيفٌ حَتَّى آخُذَ مِنْهُ الْحَقَّ إِنْ شَاءَ اللهُ، أَطِيعُونِي مَا أَطَعْتُ اللهَ وَرَسُولَهُ، فَإِذَا عَصَيْتُ اللهَ وَرَسُولَهُ فَلا طَاعَةَ لِي عَلَيْكُمْ”.
لا طاعة فى المعصية
الطَّاعَةُ فِي الْمَعْصِيَةِ لا تَجُوزُ، وَلِذَا يُحْكَى أَنَّهُ فِى بَعْضِ الْغَزَوَاتِ وَأَثْنَاءَ الطَّرِيقِ، تَوَقَّفَ قَائِدُ الْمُسْلِمِينَ – وَكان يُدْعَى عَبْدُ اللهِ – وَنَزَلَ وَجَيْشِهِ لِيَسْتَرِيحُوا، فَأَوْقَدُوا نَارًا، ثُمَّ قَالَ لِمَنْ مَعَهُ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْكُمُ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ؟
قَالُوا : بَلَى.
وَهُنَا قَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللهِ: أَلْقُوا بِأَنْفُسِكُمْ فِي النَّارِ.
فَقَامَ بَعْضُ النَّاسِ لِيُلْقُوا بِأَنْفُسِهِمْ فِي النَّارِ طَاعَةً لِلأَمِيرِ.
فَلَمَّا رَأَى الأَمِيرُ ذَلِكَ مَنَعَهُمْ، وَقَالَ: إِنَّمَا كُنْتُ أَضْحَكُ مَعَكُمْ.
فَلَمَّا عَادَ الْقَوْمُ ذَكَرُوا مَا حَدَثَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إِذْ قَالَ لَهُمْ: ” مَنْ أَمَرَكُمْ مِنْهُمْ بِمَعْصِيَةٍ فَلا تُطِيعُوهُ”.
طاعة الوالدين
مِنْ أَنْوَاعِ الطَّاعَةِ طَاعَةُ الْوَالِدَيْنِ فِى الْمَعْرُوفِ، وَلِذَا أَطَاعَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلامُ رَبَّهُ حِينَمَا أَمَرَهُ أَنْ يَصْنَعَ السَّفِينَةَ وَأَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ، فَلَمَّا انْتَهَى نُوحٌ مِنْ صُنْعِ السَّفِينَةِ، أَمَرَهُ اللهُ أَنْ يَرْكَبَ فِيهَا هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا، وَأَمْطَرَتِ السَّمَاءُ مَطَرًا شَدِيدًا، وَتَفَجَّرَ الْمَاءُ مِنَ الأَرْضِ، وَهُنَا دَعَا نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلامُ ابْنَهُ لِيَرْكَبَ مَعَهُ فِى السَّفِينَةِ وَلَكِنَّ الابْنَ عَصَى أَمْرَ أَبِيهِ كَمَا عَصَى أَمْرَ رَبِّهِ وَكَفَرَ بِهِ، وَظَنَّ ابْنُ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنَّ الْجَبَلَ سَوْفَ يَحْمِيهِ مِنَ الْمَاءِ وَلَكِنَّهُ غَرِقَ مَعَ الْكَافِرِينَ، لأَنَّهُ لا عَاصِمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ.
الطاعة تجلب الرحمة
طَاعَةُ اللهِ وَرَسُولِهِ تَجْلِبُ الرَّحْمَةَ، قَالَ تَعَالَى: {وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آلُ عِمْرَانَ:132]. وَلِذَا لَمَّا خَلَقَ اللهُ – تَعَالَى – آدَمَ أَمَرَ الْمَلائِكَةَ أَنْ تَسْجُدَ لَهُ، فَأَطَاعَتِ الْمَلائِكَةُ أَمْرَ اللهِ، فَسَجَدُوا جَمِيعًا، إِلاَّ إِبْلِيسَ، فَإِنَّهُ عَصَى أَمْرَ اللهِ، وَرَفَضَ أَنْ يَسْجُدَ لآدَمَ.
فَطَرَدَ اللهُ إِبْلِيسَ مِنْ رَحْمَتِهِ جَزَاءَ عِصْيَانِهِ لأَمْرِ اللهِ. وَأَسْكَنَ اللهُ آدَمَ وَزَوْجَهُ الْجَنَّةَ، وَأَمَرَهُمَا أَلاَّ يَأْكُلا مِنْ شَجَرَةٍ مُعَيَّنَةٍ. فَلَمَّا رَأَى إِبْلِيسُ ذَلِكَ، وَسْوَسَ إِلَيْهِمَا أَنْ يَأْكُلا مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نَهَاهُمَا اللهُ عَنْهَا، فَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ، وَأَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ، فَأَخْرَجَهُمَا اللهُ مِنَ الْجَنَّةِ.
طاعة الصحابة
الطَّاعَةُ ضُدُّ الْمَعْصِيَةِ، وَمَعْنَاهَا الانْقِيَادُ وَالاسْتِسْلامُ وَالْخُضُوعُ.
وَلِذَا لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ خَرَجَ مُنَادٍ يُخْبِرُ الْمُسْلِمِينَ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ.
وَفِي هَذَا الْوَقْتِ، كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَسْقِي الْقَوْمَ خَمْرًا فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ لأَنَسٍ: اخْرُجْ فَانْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتُ؟ فَخَرَجَ أَنَسٌ فَوَجَدَ الْمُنَادِي يَقُولُ: أَلا إِنَّ الْخَمْرَ حُرِّمَتْ.
فَدَخَلَ أَنَسٌ وَأَخْبَرَهُمْ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ، فَتَرَكَ أَبُو طَلْحَةَ مَا بِيَدِهِ، وَأَمَرَ أَنَسًا أَنْ يَسْكُبَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْخَمْرِ، فَسَكَبَهَا أَنَسٌ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ كُلُّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ خَمْرٌ، فَمَلأَتِ الْخَمْرُ طُرُقَ الْمَدِينَةِ.
ثمرة الطاعة
لِطَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ بَرَكَةٌ وَثَمَرَةٌ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلِذَا لَمَّا حَاصَرَ الْمُشْرِكُونَ الْمَدِينَةَ فِي غَزْوَةِ الأَحْزَابِ، أَرَادَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَعْرِفَ أَخْبَارَهُمْ فَأَمَرَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، أَنْ يَذْهَبَ مُتَخَفِّيًا إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَلا يَفْعَلْ عِنْدَهُمْ شَيْئًا يَعْرِفُوهُ بِهِ، فَأَطَاعَ حُذَيْفَةُ رَسُولَ اللهِ ، فَذَهَبَ إِلَى مُعَسْكَرِ الْمُشْرِكِينَ، وَعَرَفَ أَخْبَارَهُمْ. وَفِى طَرِيقِ عَوْدِهِ رَأَى أَبَا سُفْيَانَ قَائِدَ الْمُشْرِكِينَ فَأَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ وَلِكِنَّهُ تَذَكَّرَ أَمْرَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَلاَّ يَفْعَلَ عِنْدَ الْمُشْرِكِينَ شَيْئًا، فَانْصَرَفَ دُونَ أَنْ يَقْتُلَ أَبَا سُفْيَانَ، فَكَانَ مِنْ بَرَكَةِ طَاعَةِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَسُنَ إِسْلامُهُ.
طاعة بنى الله إبراهيم عليه السلام
رَضِىَ اللهُ تَعَالَى عَنِ الطَّائِعِينَ وَلِذَا لَمَّا أَوْحَى اللهُ تَعَالَى إِلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنْ يَذْبَحَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ اسْتَجَابَ لأَمْرِ رَبِّهِ، وَذَهَبَ إِلَى ابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ وَكَانَ غُلامًا صَغِيرًا، وَأَخْبَرَهُ بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى بِذَبْحِهِ فَلَمْ يَتَرَدَّدِ الابْنُ، بَلْ أَطَاعَ رَبَّهُ وَأَبَاهُ وَقَالَ: (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرْ ).
وَهُنَا أَسْرَعَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ وَأَحْضَرَ سِكِّينًا لِيَذْبَحَ بِهَا ابْنَهُ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ طَاعَةً لأَمْرِ اللهِ وَهُنَا فَدَا اللهُ تَعَالَى إِسْمَاعِيلَ بِكَبْشٍ عَظِيمٍ وَقَالَ لإِبْرَاهِيمَ مَادِحًا: (يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ).
فى المعصية انكسار وهزيمة
وَمَعْصِيَةُ اللهِ وَالرَّسُولِ فِيهَا الانْكِسَارُ وَالْهَزِيمَةُ وَالْخُذْلانُ، وَلِذَلِكَ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ، أَمَرَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّمَاةَ أَنْ يَصْعَدُوا فَوْقَ جَبَلِ أُحُدٍ ؛ وَأَنْ يَحْمُوا الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْخَلْفِ، وَلا يَتْرُكُوا أَمَاكِنَهُمْ مَهْمَا حَدَثَ.
وَلَمَّا انْتَصَرَ الْمُسْلِمُونَ فِي بِدَايَةِ الْغَزْوَةِ وَرَأَى الرُّمَاةُ فَرَارَ الْمُشْرِكِينَ ظَنُّوا أَنَّ الْمَعْرَكَةَ قَدِ انْتَهَتْ فَتَرَكُوا أَمَاكِنَهُمْ، وَنَسَوْا أَمْرَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَلَمَّا رَأَى الْمُشْرِكُونَ نُزُولَ الرُّمَاةِ مِنَ الْجَبَلِ رَجَعُوا وَهَاجَمُوا الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْخَلْفِ وَهَزَمُوهُمْ، وَهَكَذَا كَانَ عَدَمُ طَاعَةِ الرُّمَاةِ لأَمْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَبًا فِي هَزِيمَةِ الْمُسْلِمِينَ.
طاعة عبد الله بن رواحة
الْمُسْلِمُ يُطِيعُ اللهَ وَرَسُولَهُ فِى كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى يَسْعَدَ فِى دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ، وَلِذَا ذَهَبَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى مَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ سَمِعَ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ لِلْمُسْلِمِينَ: “اجْلِسُوا “.
وَهُنَا جَلَسَ عَبْدُ اللهِ فِى مَكَانِهِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ طَاعَةً لأَمْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم،َ بِرَغْمِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِى الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنِ انْتَهَى مِنْ خُطْبَتِهِ قَالَ لَهُ:” زَادَكَ اللهُ حِرْصًا عَلَى طَوَاعِيَةِ اللهِ وَطَوَاعِيَةِ رَسُولِهِ “.