قصص خلق الكرم للاطفال مكتوب أجمل القصص التى وردت عن الكرم

قصص خلق الكرم للاطفال

 

قصص خلق الكرم للاطفال مكتوب أجمل القصص التى وردت عن الكرم

الْكَرَمُ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَا يُحْمَدُ مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ وَالشَّرَفِ وَالْجُودِ وَالْعَطَاءِ وَالإِنْفَاقِ.

وَلِذَا لَمَّا سئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ: (أَتْقَاهُمْ للهِ).

قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ: (فَأَكْرَمُ النَّاسِ يوسُفُ نَبِيُّ اللهِ ابْنُ نَبِيِّ اللهِ ابْنُ خَلِيلِ اللهِ) [الْبُخَارِيُّ].

أنواع الكرم

وَالْكَرَمُ أَنْوَاعٌ، مِنْهَا الْكَرَمُ مَعَ النَّفْسِ:

فَلا يُهِينُ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ، أَوْ يعَرِّضُهَا لِلذِّلَّةِ.

وَهنَاكَ الْكَرَمُ مَعَ الأَهْلِ وَالأَقَارِبِ، وَيَكُونُ بِالإِنْفَاقِ وَحسْنِ الْمُعَامَلَةِ.

وَهنَاكَ الْكَرَمُ مَعَ النَّاسِ بِحُسْنِ الْمُعَامَلَةِ وَالإِنْفَاقِ وَالتَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى.

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تُحَقِّرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلِقٍ) [مُسْلِمُ].

وَقَدْ حَثَّنَا الإِسْلامُ عَلَى الْكَرَمِ وَالْبَذْلِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ كَانَ يؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ) [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لا تَسْتَحِ مِنْ عَطَاءِ الْقَلِيلِ؛ فَالْحِرْمَانُ أَقَلُّ مِنْهُ، وَلا تَجْبُنَ عَنِ الْكَثِيرِ؛ فَإِنَّكَ أَكْثَرُ مِنْهُ.

فضل الكرم

لِلْكَرَمِ فَضْلٌ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى كَبِيرٌ. قَالَ تَعَالَى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [الْبَقَرَةُ: 261].

كَمَا أَنَّ الْكَرِيمَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (السَّخِيُّ قَرِيبٌ مِنَ اللهِ، قَرِيبٌ مِنَ الْجَنَّةِ، قَرِيبٌ مِنَ النَّاسِ) [التِّرْمِذِيُّ].

وَفِى الْمُقَابِلِ نَهَى الإِسْلامُ أَتْبَاعَهُ عَنِ الْبُخْلِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خِصْلَتَانِ لا تَجْتَمِعَانِ فِي مُؤْمِنٍ: الْبُخْلُ، وَسُوءُ الْخُلُقِ) [التِّرْمِذِيُّ].

والآن مع مَجْمُوعَةٌ مِنَ الْقِصَصِ وَالْحِكَايَاتِ الشَّيِّقَةِ، الْهَدَفُ مِنْهَا غَرْسُ حبِّ خلُقِ الْكَرَمِ فِى نفُوسِ الأَطْفَالِ.

أنواع الكرم

مِنْ أَنْوَاعِ الْكَرَمِ الإِنْفَاقُ فِي حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ، فَمَثَلاً فِي وَقْتِ الْحُرُوبِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الإِنْفَاقِ لِتَجْهِيزِ جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ.

وَلِذَلِكَ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ تَاجِرًا وَكَانَ يَمْتَلِكُ ثَرْوَةً كَبِيرَةً، وَكَانَ دَائِمَ الْبَذْلِ وَالْعَطَاءِ فِى وَقْتِ السِّلْمِ وَفِى وَقْتِ الْجِهَادِ.

فَقَدْ تَصَدَّقَ ذَاتَ يَوْمٍ بِنِصْفِ مَالِهِ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِخَمْسُمِائَةِ فَرَسٍ فِى سَبِيلِ اللهِ، وَتَصَدَّقَ بِأَلْفٍ وَخَمْسُمِائَةِ نَاقَةٍ فِى سَبِيلِ اللهِ.

الكريم محبوب

الْكَرَمُ يَجْعَلُ الإِنْسَانَ مَحْبُوبًا مِنْ أَهْلِهِ وَجِيرَانِهِ وَأَقَارِبِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. 

وَلِذَا كَانَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ يقرضُ النَّاسَ وَيَأْخُذُ عَلَى كُلِّ مقْتَرِضٍ وَرَقَةً بِقِيمَةِ الْمَبْلَغِ، فَمَرِضَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَمْ يَزُرْهُ غَيْرُ قَلِيلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ لِزَوْجَتِهِ: لِمَ قَلَّ زوَّارِي؟ 

فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ يَسْتَحُونَ مِنْ زِيَارَتِهِ الدَّيْنَ الَّذِى لَكَ عَلَيْهِمْ، فَأَحْضَرَ قَيْسُ الأَوْرَاقَ الَّتِى سَجَّلَ فِيهَا ديُونَ النَّاسِ، وَأَرْسَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ الْوَرَقَةَ الَّتِى فِيهَا دَيْنُهُ، فَفَرِحَ النَّاسُ بِذَلِكَ وَشَكَرُوا لِقَيْسٍ كَرَمَهُ وَجودَهُ، وَلَمْ تَمُرَّ سَاعَاتٌ حَتَّى كَثُرَ زوَّارُ قَيْسٍ.

المال ملك لله

الْمُسْلِمُ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَالَ مَالُ اللهِ، وَأَنَّهُ نَفْسَهُ مِلْكٌ للهِ، وَأَنًّ ثَوَابَ اللهِ عَظِيمٌ، وَأَنَّهُ يَثِقُ فِي اللهِ، فَلا يَخْشَى الْفَقْرَ إِذَا أَنْفَقَ، وَلِذَا احْتَاجَ رَجُلٌ صَالِحٌ إِلَى مَالٍ، فَاضْطُرَّ إِلَى بيع بَيْتِهِ الَّذِى يَسْكُنُ فِيهِ مَعَ زَوْجَتِهِ وَأَوْلادِهِ.

فَاشْتَرَاهَا رَجُلٌ وَدَفَعَ لَهُ الْمَالَ، وَقَبْلَ أَنْ يَسْكُنَ فِيهِ الْمُشْتَرِى سَمِعَ بُكَاءَ أَطْفَالِ الرَّجُلِ الَّذِى بَاعَ الْبَيْتَ.

فَسَأَلَ عَنْ سَبَبِ بكَاءِ الأَطْفَالِ، فَقَالُوا: إِنَّهُمْ يَبْكُونَ حزْنًا عَلَى دَارِهِمْ الَّتِى اشْتَرَيْنَاهَا مِنْهُمْ، فَقَالَ لَهُمُ الرَّجُلُ الَّذِى اشْتَرَى الْبَيْتَ وَكَانَ رَجُلاً كَرِيمًا: الْمَالُ وَالدَّارُ لَكُمْ جَمِيعًا.

كرم الرسول صلى الله عليه وسلم

كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْرَمَ النَّاسِ، يعْطِى الْجَمِيعَ فِى سَخَاءٍ وَلا يَرُدُّ أَحَدًا، يحكَى أَنَّهُ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطِيعٌ مِنَ الأَغْنَامِ، فَجَاءَ رَجُلٌ غَرِيبٌ فَرَأَى الأَغْنَامَ فَأَعْجَبَتْهُ.

فَذَهَبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يعطِيَهُ مِنَ الأَغْنَامِ، فَأَعْطَاهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ الأَغْنَامِ الَّتِى مَعَهُ، فَلَمْ يصَدِّقْ الرَّجُلُ نَفْسَهُ.

وَأَخَذَ الأَغْنَامَ وَذَهَبَ إِلَى قَوْمِهِ مَسْرُورًا، وَقَالَ لَهُمْ: يَا قَوْمُ أَسْلِمُوا، فَوَاللهِ إِنَّ مُحَمَّدًا لَيعْطِى عَطَاءَ مَنْ لا يَخَافُ الْفَقْرَ.

كرم سفيان بن عيينة

عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يدَرِّبَ نَفْسَهُ عَلَى خلُقِ الْكَرَمِ، وَأَنْ يَتَأَسَّى بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَبِصَحَابَتِهِ فِي إِنْفَاقِهِمْ، يحكَى أَنَّهُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى سفْيَانَ بْنِ عيَيْنَةَ يَطْلُبُ الْمُسَاعَدَةَ فِى قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ، فَأَحْضَرَ سفْيَانُ الْمَالَ الَّذِى طَلَبَهُ الرَّجُلُ وَأَعْطَاهُ زِيَادَةً.

فَأَخَذَ الرَّجُلُ الْمَالَ وَانْصَرَفَ. ثمَّ جَلَسَ سُفْيَانُ يَبْكِى، فَسَأَلَتْهُ زَوْجَتُهُ عَنْ سَبَبِ بُكَائِهِ، فَقَالَ: إِنَّنِى أَبْكِى لأَنِّى لَمْ أَسْأَلْ صَاحِبِى مِنْ قَبْلُ عَنْ حَالِهِ، وَتَرَكْتُهُ حَتَّى تَكَاثَرَتْ عَلَيْهِ الدُّيُونُ، كَانَ عَلَىَّ أَنْ أَتَعَرَّفَ عَلَى أَحْوَالِهِ وَأبَادِرُ أَنَا وَأعْطِيهِ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَنِى.

الكرم فى شهر رمضان

عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يكْثِرَ مِنَ الْجُودِ وَالْكَرَمِ فِي جَمِيعِ أَوْقَاتِ الْعَامِ، وَخَاصَّةً فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَفِي الأَعْيَادِ وَالْمُنَاسَبَاتِ. 

وَلِذَا كَانَ الْفَضْلُ بْنُ يَحْيَى الْوَزِيرُ الْعَبَّاسِىُّ يَخْرُجُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى شَوَارِعِ مَدِينَةِ بَغْدَادَ، ثمَّ يَضَعُ أَمَامَ بُيُوتِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَكْيَاسَ النُّقُودِ.

وَفِى الصَّبَاحِ يَخْرُجُ أَصْحَابُ الْبُيُوتِ لِيَجِدُوا عَلَى أَعْتَابِ بُيُوتِهِمْ أَكْيَاسًا مَمْلُوءَةً بِالدَّنَانِيرِ، فَأَخَذُوهَا وَهُمْ لا يَعْلَمُونَ مَنْ الَّذِى وَضَعَهَا أَمَامَ الْبَيْتِ.

كَمَا كَانَ الْفَضْلُ يَتَصَدَّقُ فِى الشِّتَاءِ بِجَمِيعِ مَا فِى خِزَانَتِهِ مِنْ كِسْوَةِ الصَّيْفِ، وَيَتَصَدَّقُ فِى الصَّيْفِ بِجَمِيعِ مَا فِي خِزَانَتِهِ مِنْ كِسْوَةِ الشِّتَاءِ.

الله عز وجل كريم

مِنْ صِفَاتِ اللهِ – سُبحانه – أَنَّهُ الْكَرِيمُ، وَهوَ الْكَثِيرُ الْخَيْرَ، الْجَوَّادُ الْمُعْطِي الَّذِي لا يَنَفَدُ عَطَاؤُهُ. 

وَلِذَاَ سَأَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ رَبَّهُ عَنْ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَقَلِّهِمْ مَنْزِلَةً، فَقَالَ اللهُ تَعَالَى لَهُ: (هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَمَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ.

فَيقَالُ لَهُ: ادْخُلْ الْجَنَّةَ. فَيَقُولُ: يَا رَبِّ كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ وَأَخَذُوا أَخْذَاتِهِمْ. فَيقَالُ لَهُ: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مَلِكٍ مَلَكَ الدُّنْيَا. فَيَقُولُ: رَضِيتُ يَا رَبِّ.). 

وهنا يقول اللهُ لَهُ: لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ، فَقَالَ فِى الْخَامِسَةِ رَضِيْتُ رَبِّ. 

فَيَقُولُ: هَذَا لَكَ وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ، وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ. فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ.

الكرم بركة للمال

الْكَرَمُ بَرَكَةٌ لِلْمَالِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ منْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ ممْسِكًا تَلَفًا)، 

وَلِذَا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ ذَاتَ يَوْمٍ أَصْحَابَهُ أَنْ يَتَصَدَّقُوا، فَأَحْضَرَ عمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ نِصْفَ مَالِهِ وَقَالَ فِى نَفْسِهِ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ.

فَلَمَّا أَعْطَى الْمَالَ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟ فَقَالَ عمَرُ: مِثْلَهُ. 

وَبَعْدَ قَلِيلٍ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ يَحْمِلُ كُلَّ أَمْوَالِهِ وَأَعْطَاهَا لِلرَّسُولِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟

فَقَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللهَ وَرَسُولَهُ.

الكريم فى الجنة

الْكَرَمُ يقَرِّبُ مِنَ الْجَنَّةِ وَيبْعِدُ عَنِ النَّارِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (السَّخِيُّ قَرِيبٌ مِنَ اللهِ، قَرِيبٌ مِنَ الْجَنَّةِ، قَرِيبٌ مِنَ النَّاسِ، بَعِيدٌ مِنَ النَّارِ). 

وَلِذَا كَانَ عثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ دَائِمَ الْبَذْلِ وَالْعَطَاءِ، فَفِى الْمَدِينَةِ كَانَ النَّاسُ يَشْرَبُونَ مِنْ بِئْرٍ تسَمَّى “رَوْمَةُ”، وَكَانَتْ مِلْكٌ لِرَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ يَشْتَرِى بِئْرَ رَوْمَةَ فَيَجْعَلُ دَلْوَهُ مَعَ دِلاءِ الْمُسْلِمِينَ بِخَيْرٍ لَهُ مِنْهُ فِى الْجَنَّةِ؟. 

فَسَارَعَ عثْمَانُ وَاشْتَرَى الْبِئْرَ، ثمَّ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْفَقِيرِ وَالْغَنِىِّ وَابْنِ السَّبِيلِ يَشْرَبُونَ مِنْهَا بِلا مُقَابِلَ.

الكرم عز الدنيا

الْكَرَمُ عِزُّ الدُّنْيَا، وَشَرَفُ الآخِرَةِ، وَحسْنُ الصِّيتِ، وَخلُودُ جَمِيلِ الذِّكْرِ. 

وَلِذَا ذَاتَ لَيْلَةٍ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى حَاتِمِ الطَّائِيِّ وَقَالَتْ لَهُ: جِئْتُ إِلَيْكَ مِنْ عِنْدِ أَوْلادِى وَهمْ يَصِيحُونَ وَيَبْكُونَ مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ، فَهَلْ أَجِدُ عِنْدَكَ مِنَ الطَّعَامِ مَا يَسُدُّ جوعَهُمْ؟ 

فَقَالَ حَاتِمُ الطَّائِيُّ: وَاللهِ لأشْبِعَنَّهُمْ. 

وَلَمْ يَكُنْ حَاتِمُ يَمْلِكُ فِى ذَلِكَ الْوَقْتِ شَيْئًا سِوَى فَرَسِهِ وَكَانَ يحِبُّهُ، فَقَامَ إِلَى فَرَسِهِ وَذَبَحَهُ، ثمَّ أَوْقَدَ عَلَيْهِ النَّارُ حَتَّى نَضَجَ، ثمَّ أَعْطَاهَا اللَّحْمَ فَأَكَلَتْ وَأَكَلَ أَوْلادُهَا حَتَّى شَبِعُوا جَمِيعًا.

ثواب الكريم

ثَوَابُ الْكَرَمِ عَظِيمٌ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: { مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [سُورَةُ الْبَقَرَةَ: 261]. 

وَلِذَلِكَ كَانَ لأَحَدِ الصَّحَابَةِ نَخْلَةٌ فِى بسْتَانِ صَحَابِىٍّ آخَرَ، فَأَرَادَ صَاحِبُ الْبُسْتَانِ أَنْ يَشْتَرِىَ النَّخْلَةَ.

فَشَكَى لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَطَلَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَاحِبِ النَّخْلَةِ أَنْ يَبِيْعَهَا لِصَاحِبِ الْبُسْتَانِ فِى مقَابِلِ نَخْلَةٍ فِى الْجَنَّةِ.

فَرَفَضَ الرَّجُلُ، فَلَمَّا عَلِمَ الصَّحَابِىُّ الْجَلِيلُ أَبُو الدَّحْدَاحِ بِمَا حَدَثَ ذَهَبَ إِلَى صَاحِبِ النَّخْلَةِ، وَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِىَ نَخْلَتَهُ فِى مقَابِلِ بسْتَانِهِ.

فَوَافَقَ الرَّجُلُ، وَذَهَبَ أَبُو الدَّحْدَاحِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُخْبِرَهُ أَنَّهُ اشْتَرَى النَّخْلَةَ لِصَاحِبِ الْبُسْتَانِ.

فَفَرِحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا فَعَلَهُ أَبُو الدَّحْدَاحِ وَقَالَ: كَمْ مِنْ عَذْقٍ رَدَاحٍ لأَبِى الدَّحْدَاحِ فِى الْجَنَّةِ.

كرم السيدة عائشة رضى الله عنها

وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْكُرَمَاءَ بِالثَّوَابِ الْعَظِيمِ، فَقَالَ تَعَالَى: { الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِالَّليْلِ وَالنَّهَارِ سِراًّ وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }[سُورَةُ الْبَقَرَةِ:274]. 

وَلِذَا يحْكَى أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَرْسَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مَبْلَغًا مِنَ الْمَالِ إِلَى خَالَتِهِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ.

فَقَامَتْ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ بِتَوْزِيعِ الْمَالِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ حَتَّى نَفِدَ كُلُّ الْمَالِ وَلَمْ يَبْقَ مَعَهَا شَيْءٌ.

مَعَ أَنَّ السَّيِّدَةَ عَائِشَةَ كَانَتْ صَائِمَةً فِى ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَمْ تُبْقِ مِنَ الْمَالِ شَيْئًا تَشْتَرِى بِهِ طَعَامًا، فَأَفْطَرَتْ عَلَى الْخُبْزِ وَالزَّيْتِ.

الله ينفق على الكرماء

اللهُ تَعَالَى يُنْفِقُ عَلَى الْكُرَمَاءِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْحَدِيثِ الْقُدُسِيِّ: (أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ).

لِذَا ورد أَنَّ رَجُلاً كَرِيمًا كَانَ يَعِيشُ مَعَ زَوْجَتِهِ فِى خَيْمَةٍ فِى الصَّحْرَاءِ.

وَذَاتَ يَوْمٍ هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَإِذَا بِهِ يَرَى رَجُلانِ غَرِيبَانِ يَقْتَرِبَانِ مِنَ الْخَيْمَةِ يَبْحَثُونَ عَنْ مَكَانٍ يَأْوُونَ إِلَيْهِ.

وَعَلَى الْفَوْرِ قَامَ الرَّجُلُ وَرَحَّبَ بِهِمَا، ثمَّ ذَبَحَ لَهُمَا نَاقَةً وَأَعَدَّ لَهُمَا طَعَامًا.

وَفِى الْيَوْمِ الثَّانِى ذَبَحَ لَهُمَا ذَبِيحَةً أخْرَى، وَقَالَ لَهُمَا: إِنِّى لا أطْعِمُ ضُيُوفِى مِنَ الطَّعَامِ الْبَائِتِ.

وَظَلَّ الرَّجُلُ يَفْعَلُ ذَلِكَ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى هَدَأَتْ الرِّيحُ وَتَهَيَّأَ الرَّجُلانِ لِلرَّحِيلِ.

وَقَبْلَ أَنْ يَرْحَلا تَرَكَا مِائَةَ دِينَارٍ كَمُكَافَأَةٍ لِلرَّجُلِ، فَغَضِبَ الرَّجُلُ غَضَبًا شَدِيدًا، وَقَالَ: أَنَا لا آخُذُ ثَمَنَ ضِيَافَةِ أَحَدٍِ.

المؤمن ليس بخيلا

الْمُؤْمِنُ لا يَتَّصِفُ بِالْبُخْلِ؛ لأَنَّهُ خلُقٌ ذَمِيمٌ يَبْغَضُهُ اللهُ سبْحَانَهُ وَالنَّاسُ أَجْمَعُونَ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خِصْلَتَانِ لا تَجْتَمِعَانِ فِي مؤْمِنٍ: الْبخْلُ، وَسوءُ الْخلُقِ). 

كان هناك رَجُل فَقِيرًا مَرَّ عَلَى أَحَدِ الْكُرَمَاءِ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَ الرَّجُلِ الْكَرِيمِ إِلاَّ سِتَّةُ دَرَاهِمَ.

فَأَعْطَاهَا لَهُ، فَمَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ بِجَمَلٍ، فَقَالَ لَهُ: أَتَبِيعُ هَذَا الْجَمَلَ؟ 

فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: بِكَمْ؟ 

قَالَ: بِمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا. 

فَأَخَذَهُ، وَأَجَّلَ دَفْعَ الثَّمَنِ، فَمَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ، وَسَأَلَهُ: أَتَبِيعُ هَذَا الْجَمَلَ؟ 

فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: بِكَمْ؟ 

فَقَالَ: بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، فَأَعْطَى صَاحِبَ الْجَمَلِ حَقَّهُ، وَكَسِبَ سِتِّينَ دِرْهَمًا، بِبَرَكَةِ الْكَرَمِ.

اقرأ سلسلة قصص الأخلاق كاملة من هنا:

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال