رواية المشروع العجيب مكتوبة.. الفصل السادس بعنوان سارق الملابس

رواية المشروع العجيب مكتوبة.. الفصل السادس بعنوان سارق الملابس

رواية المشروع العجيب مكتوبة الفصل السادس

رواية المشروع العجيب مكتوبة الفصل السادس بعنوان سارق الملابس.

تعلقت أنظار الجميع برئيس المباحث، وهم في دهشة ممزوجة بالشغف العظيم، فأردف رئيس المباحث، وهو يفسر وجهه نظره قائلاً:

نعم؛ فلقد وصلنا من خلال تحليلنا لما حدث، أن مسيو بابير هذا، هو صاحب أكبر مصلحة في إنكار بيع أرضه، بعدما يقوم بقبض ثمنها.

فحاول طلال أن يسأله، وهو لا يصدق:

ولكن..

بيد أن رئيس المباحث واصل حديثه قائلاً:

إن مسيو بابير هو الوحيد الذي لا يستطيع أحد اتهامه بالتزوير في توكيل بيع الأرض؛ لأن التوكيل الذي عمله لمحامية صحيحًا بشهادة الخبراء وإقرارهم بذلك، وقد حرص على أن يكون التوكيل حقيقيًّا حتى تتم البيعة، ويقبض الثمن الذي قد وصله عن طريق آخر، فمن المؤكد أنه هو الذي اتفق مع الرجل، الذي قام بانتحال شخصية موكله المصري رفعت السنجري، بتظهير الشيك للرجل الأسترالي، فيظهر بابير بذلك أنه لا علاقة له بعملية البيع.

وسكت، وجعل ينقل نظراته بين الجميع، الذين رانت على وجوههم جميعًا الحيرة والدهشة، ثم أردف قائلاً:

لقد كان شكنا في بابير هذا منذ بداية إخطاركم لنا بالحادث، ولذلك طلبت من بعض رجالنا المحققين بسفارتنا بفرنسا، القيام بالتحري عن فرانسوا بابير هذا، فلم يلبثوا بعد عدة أيام فقط، أن وافونا بمعلومات عن بابير، تفيد بأنه قد سبق أن اقترض مائة مليون فرنك فرنسي منذ عدة سنوات، وماطل في سدادها للبنك، ولكنه عاد واتفق من خلال محاميه وصديقه رفعت السنجري مع البنك على جدولة الدين، فنجا بذلك من عقوبة السجن، فمن المحتمل جدًّا أنه اضطر إلى السداد، عندنا أخطره محاميه بأنه معرض للسجن.

وتوقف فجأة، وزفر في عميق، قبل أن يردف قائلاً:

فمن الواضح أنه هذا الرجل يعرف كيف يخطط لجريمته، بأسلوب يستفيد فيه من القانون وثغراته، من خلال محامية وصديقة الماهر رفعت السنجري.

فسألته هادية:

ولكن، قد يكون هذا مجرد احتمال.

وعقب طلال متسائلا:

وكيف سنتأكد من صحة شكوككم هذه؟

أجاب رئيس المباحث سريعًا، وكأنه كان منتظرًا لهذه السؤال من خلال أمر واحد، وهو خطوتنا التالية، وهي مراقبة حسابات الرجل الأسترالي؛ لأنه لو قام بتحويل المبلغ من رصيده إلى حساب مسيو بابير نفسه، أو إلى حساب وسيط يفضي إلى وصول المبلغ إلى مسيو بابير، فهنا تتم الضبطية للمسيو بابير.

وساد المكتب الصمت تمامًا، وكان كل من الأصدقاء والحاج فهد يفكرون في التصور والافتراضية اللذين وضعهما رئيس المباحث. وكان الساعي  (الجاهلي) قد حضر يحمل إحدى الصحاف في صعوبة شديدة، وهو ينوء بحملها، فخف جاسر ووليد إليه لمعاونته.

وساد الصمت مرة أخري، ولكن قطعة الحاج فهد وهو يسأل رئيس المباحث في شك وحيرة:

ولكن، هل يمكنكم تنفيذ خطتكم هذه، والتي تقتضي مراقبة البنك بهذه البساطة؟

فاندفع رئيس المباحث قائلاً:

لقد اتفقنا على ذلك مع السلطات الفرنسية، وقد اتفقوا هم بدورهم مع السلطات الأسترالية.

وتنهد في عمق وقال، وهو يهز رأسه مؤكدًا:

وهنا، وعند خطورة التحويل هذه، سيكون ذلك هو الكمين الذي نصبناه لفرانسيوا بابير.

غادر رئيس المباحث المكان، ثم مرت مدة طويلة لم يقع خلالها أي حادث من عن شيء، فلم تصل أي أخبار تفيد بتوصل رجال المباحث إلى أحد من المجرمين الهاربين، أو تحرك في حساب الرجل الأسترالي.

فتساءل حمدي قائلاً في خوف:

إنني أخشى من أمر قد يكون في غاية الخطورة دون أن ندري.

فسألته هادية في لهفة:

وما هو؟

حمدي:

ألا يكون المجرمان مختبئين في مصر أصلاً.

فالتفت إليه جاسر، وسأله في هلع.

ماذا تقول؟

حمدي:

نعم، فيُحتمل جدًّا أنهما قد هربا من مصر، بعدما أُجريت لهما عملية لتغير الوجه، ووضع كل منهما صورته الجديدة في جواز سفر مزيف جديد.

فشهقت لمياء وقالت في ذهول:

لو حدث هذا ستكون كارثة!

فعقّب طلال:

لذلك، لا يوجد أمامنا سوي أمل واحد.

سألته هادية في شغف:

وما هو؟

طلال:

الحساب الخاص بالرجل الأسترالي، فإن حركة هذا الحساب هي التي ستحدد علاقته بمسيو بابير.

ولم يمضِ على ذلك سوي ثلاثة أيام فقط، فإذا برئيس المباحث يقبل على مكتب الحاج فهد، ويبادر قائلاً في حماسة ولهفة:

لقد وقع الحادث الذي ننتظره جميعًا.

فلما سأله الحاج في لهفة:

ماذا حدث؟

أردف رئيس المباحث في حماسة هائلة:

لقد تم تحويل حساب الرجل الأسترالي من البنك باستراليا إلى أحد البنوك السويسرية.

وزفر في عمق، وقال:

 وهذه هي الخطوة التي ننتظرها؛ لأن الأسترالي، من خلال هذا البنك السويسري، سيقوم بتحويل رصيده بسهولة إلى مسيو بابير، وبذلك نستطيع أن نضع أيدينا على دليل تآمُره. ما أن سمع الحاج فهد ذلك، حتى تسارعت دقات قلبه، وكاد أن يقع مغشيًا عليه من فرط الفرحة.

اكتست وجوه جميع الأصدقاء بالفرحة الغامرة، وكان جاسر أكثرهم سعادة وغبطة، فجعل يعانق والده بين حين وأخر، وهو يقول في عبطة:

الحمد لله. لقد وضعنا أيدينا على الدليل الذي سيجعل المجرم بابير هذا يظهر على حقيقته.

بَيْدَ أنه، وبعد أن راح الجميع يفكر فيما حدث، إذا بحمدي يتساءل في شك وحيرة:

لماذا نربط بين تحويل المجرم الأسترالي لحسابه من بنك إلى آخر، وبين المستر بابير.

سأله جاسر، وهو لا يصدق:

ماذا تقصد يا حمدي؟

حمدي:

إن تحويل الرجل الأسترالي لحسابه إلى البنك السويسري، هو خطوة ستخدمنا- بلا شك- في معرفة الطرق الأخرى المشترك معه في الجريمة؛ لأنه سيدفع له نصيبه من خلال شيك من حسابه على البنك، فنستطيع أن نتعرف بذلك على المجرم، ولكن لا يُشترط بالضرورة أن يكون المجرم أو الطرف الثاني في العملية هو مسيو بابير.

وبعد عدة أيام أخري، كانت الأخبار قد وصلت من رئيس المباحث إلى الحاج فهد النابلسي، بأن الحساب الجديد الذي فتحه الرجل الأسترالي في سويسرا قد حوّله باسمه، ولكنه لم يصل منه مبلغ إلى أحد.

وعلق رئيس المباحث قائلاً للحاج فهد في حيرة:

إننا ننتظر الخطوة التالية على أَحَرِّ من الجمر.
وكان الأصدقاء في هذا الوقت مشغولين تمامًا، في محاولة معرفة سر هذا الرجل الذي قام بنقل خبر مشروع المكتبة، فقالت لمياء، وقد خطر ببالها شيء:

ربما صرّح أحد من أساتذة الجامعة إلى صديق له، أو ربما إلى زوجته بهذه المعلومات، فقام الصديق أو الزوجة بمصارحة آخرين، وبذلك وصل الأمر إلى هؤلاء المجرمين.

ولكن، ما كاد الحاج يسمع بذلك حتى قام على الفور بالاتصال بكل فرد من هؤلاء الأساتذة على حدة، فأفاده كل منهم بأنه كان في غاية الحرص، لدرجة أنه لم يتحدث أحد منهم إلى زوجته، أو معارفه، حتى أستاذة علم المناهج، قالت: إنها كانت في إجازة قصيرة للعمل بعيدًا عن زوجها وأولادها، فلم تشاهدهم منذ قترة طويلة.

علّقت هادية غير مصدقة، ولكن لا يمكن أن ينتقل الخبر هكذا، فكيف عرف السمسار بطلب الشركة للأرض؟

قال جاسر وقد تضاعفت حيرته:

مع أن والدي قد فوجئ تمامًا بالسمسار، عندما جاء يسأله، أنه كان يطلب شراء أرض لمشروعنا، إلا أن الأمر الذي يدعو إلى المزيد من الدهشة، أنه سأل والدي إن كان يطلب أرضًا تزيد عن الثلاثة كيلو مترات المربعة، أي أنه يعرف ما هي نوعيه الأرض التي يطلب والدي شرائها.

سالته لمياء:

فَمَنِ الذي أخبر السمسار؟ من المؤكد أن هناك من قام بنقل السر.. ولكن كيف؟

وكان الحاج فهد في الخارج، ولما دخل المكتب، بادره جاسر بالسؤال عما حدث في موضوع الحساب، الذي حوله الرجل الأسترالي، فأجاب وهو في حيرة من الأمر:

إن رئيس المباحث قد قام بعدة اتصالات لمعرفة التطورات، ولكن يبدو أن الرجل حريص، فلم يتعرف حتى الآن في الرصيد.

كان الجميع يفكر في حيرة، وبعد مدة قطعت هادية الصمت، وهي تتساءل في حيرة وشك:

ولكن لو كان الرجل ما يزال مختبئًا في مصر، فكيف قام بتحويل الحساب؟

فعقّبت لمياء مؤكدة:

فعلاً.

قال وليد، وهو يحاول وضع تصور لما حدث:

من المؤكد أن هذا الرجل الأسترالي قد أرسل مع شخص ما، الورقة الكتابية التي يطلب فيها من البنك تحويل رصيد حسابه إلى البنك الجديد، وورقة أخري يطلب من البنك في سويسرا فتح حساب له، ليقوم بتحويل رصيده إلى………………..

أردف طلال مؤكدًا:

معني ذلك أن هناك شخص ما سافر من هنا إلى سويسرا، لفتح الحساب الجديد، ثم سافر إلى استراليا ليقدم للبنك الأمر الكتابي، بتحويل الحساب إلى الحساب الآخر في بنك سويسرا.

وتوقف وأومأ برأسه، وقال مؤكدًا:

وهذا الشخص إما فرد من أفراد العصابة، أو شخص يعرف المجرم الأسترالي معرفة وثيقة.

صاحت لمياء في حماس متأثرة بالمفاجأة:

ياله من خيط! بهذه الطريقة لو استطاعت السلطات القبض عليه، لاستطعنا معرفة أهم ضلع في العصابة.

فما إن سمع الحاج فهد بذلك، حتى رهب واقفًا، وقام بالاتصال برئيس المباحث، وعرض عليه الأفكار التي طرحها الأصدقاء، فبَدَا على رئيس المباحث أنه اقتنع بالأمر تمامًا، فلم يلبث أن أعطي أوامره على الفور لرجاله بالحصول على صورة لراكب الطائرات والبواخر، التي غادرت مصر متجهةً إلى سويسرا واستراليا، خلال الشهر السابق.

وفي اليوم التالي، كان رئيس المباحث يطرق باب مكتب الحاج فهد، ولما شاهد عنده الأصدقاء، بادرهم جميعًا قائلاً:

ها هي صورة من جوازات كل الركاب الذين غادروا مصر إلى أستراليا.

فلما نظر إليه الجميع في حيرة، أردف قائلاً وهو يفتح ظرفًا كبيرًا في يده، ويُخرج منه الصور:

ولكن للأسف، لا يوجد بينهم أي صورة للمجرِمَين الهاربين.

وتوقف، ثم أضاف، وهو يخرج بعض من الصور، ويقترب من الحاج فهد:

لم نجد بعدما تحرِّيْنا عن جميع الركاب، سوي ثماني صورة لركاب، هم الذين كانوا موضعًا للشك غالبًا، كانوا قادمين من دول أخرى، وتوقفت طائراتهم في مصر للتمويل، حتى تستأنف الطيران. أما البواخر، فلم توجد في هذا الوقت أي باخرة مغادرة من مصر في طريقها إلى سويسرا أو أستراليا.

فلما تناول الجميع منه الصور، وألقى كلٌّ نظرة عليها، لم يستطيع أحدهم التعرف على صاحب صورة من هذه الصور.

أردف رئيس المباحث:

في الواقع، يوجد ثلاثة مصريين؛ رجل وزوجته وهم مسافرات ومعهم طلب للهجرة، أما الرجال الثلاثة هؤلاء، فأحدهم قد سافر للمرة الثالثة، أما الآنيان الآخرين، فهذه أول مرة يسافر، وهما كما ترون شابان صغيران، وقد سافرا في مأمورية لشركة تصدير، وقد أفادت تحريات رجالنا بصحة ذلك.

إلا أنه وبينما ترك الجميع الصور على أحد المكاتب، بعد ما لم يستطع أحد من الأصدقاء التعرف على أحد من أصحابها، إذا بصوت ينطلق فجأة، فقد كان صوت الساعي فرّاج، والذي صاح وهو لا يصدق

يا خبر! إنها صورة اللص الذي سرق ملابسي.

فالتفت إليه الجميع، وجعلوا يحدقون في ذهول. كانت مفاجأة مذهلة بالنسبة للجميع، وقد حاول رئيس المباحث مراجعة عم فرّاج الساعي، فربما كان مخطئًا، ولكن كان الرجل مصرًّا ومتأكدًا تمامًا، أنه هو اللص الذي سطا على المكتب، وسرق ملابسه.

هز رئيس المباحث رأسه، وقال بما لا يدع مجالاً للشك:

معني ذلك أنه هو الرجل الذي أرسله المجرم الأسترالي إلى البنك السويسري.

فتساءلت لمياء في حيرة:

إن الأمر الذي يحيرني، هو لماذا حاول الرجل سرقة المكتب، فلقد اعتقدنا أنه حاول سرقة الأموال التي بخزنة المكتب؛ لأنه كان يظن أنه مادا، مكتب الإقراض، فربما يكون لديه على الأقل مبالغ سائلة بالخزنة، وقد حاول سرقة ملابس عم فرّاج؛ لأنه اعتقد أنه يضع بداخلها مفتاح الخزنة.

صاح حمدي في اعتراض:

لا، فلو كان يريد مجرد سرقة الخزينة، لما كان مشتركًا في جريمة سرقة الأرض، فهو من المؤكد كان له غرض أخر.

اقرأ أيضا باقى الفصول

الفصل الأول الاتصال المجهول

الفصل الثاني بنك الأفكار

الفصل الثالث المكتبة العجيبة

الفصل الرابع بائع الوهم

الفصل الخامس فكرة عبقرية

الفصل السادس سارق الملابس

الفصل السابع الخدعة

الفصل الثامن التنكر

الفصل التاسع الفيلا المهجورة

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال