قصص عن التعاون مكتوبه أجمل القصص التى وردت عن التعاون
التَّعَاوُنُ هُوَ مُسَاعَدَةُ النَّاسِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الْخَيْرِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [الْمَائِدَةُ: 2].
وَالتَّعَاوُنُ أَنْوَاعٌ؛ فَمِنْهُ التَّعُاوُنُ فِى أُمُورِ الآخِرَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى مِنْ صَلاةٍ وَصِيَامٍ وَجِهَادٍ وَذِكْرٍ وَغَيْرِهَا مِنْ أُمُورِ الْعِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ، وَهُنَاكَ التَّعَاوُنُ فِى مَصَالِحِ الدُّنْيَا وَقَضَاءِ مَصَالِحِ الْعِبَادِ.
فضل التعاون
وَلِلتَّعَاوُنِ فَضْلٌ عَظِيمٌ، فَهُوَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الْحَيَاةِ، فَالْفَرْدُ وَحْدَهُ لا يَسْتَطِيعُ قَضَاءَ أَمْرٍ إِلاَّ بِمُسَاعَدَةِ الآخَرِينَ، فَهُوَ لا يَسْتَغْنَى عَنِ النَّاسِ وَالنَّاسُ لا يَسْتَغْنُونَ عَنْهُ.
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لا زَادَ لَهُ”.
كَمَا أَنَّ التَّعَاوُنَ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ يُسَاعِدُ عَلَى زِيَادَةِ الإِنْتَاجِ وَإِتْقَانِهِ وَقِلَّةِ الْجُهْدِ وَتَوْفِيرِ الْوَقْتِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “يَدُ اللهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ” [التِّرْمِذِيُّ]. وَفِي الْحِكْمَةِ الْمَأْثُورَةِ: الْمَرْءُ قَلِيلٌ بِنَفْسِهِ كَثِيرٌ بِإِخْوَانِهِ.
وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَكُونُ دَائِمًا مَعَ الْمُسْلِمِ الَّذِى يُعَاوِنُ النَّاسَ فِى قَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “… وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ”.
وَفِى الْمُقَابِلِ نَهَى اللهُ تَعَالَى عَنِ التَّعَاوُنِ عَلَى الإِثْمِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [الْمَائِدَةُ: 2].
والآن مع مَجْمُوعَةٌ مِنَ الْقِصَصِ وَالْحِكَايَاتِ الشَّيِّقَةِ، الْهَدَفُ مِنْهَا غَرْسُ حُبِّ خُلُقِ التَّعَاوُنِ فِى نُفُوسِ الأَطْفَالِ.
قصة عَاوِنْ بِفِعْلِكَ
يَجِبُ أَنْ يَتَعَاوَنَ النَّاسُ بِإِخْلاصٍ وَعَمَلٍ وَلَيْسَ بِالْكَلامِ فَقَطْ. يُحْكَى أَنَّ تَاجِرًا أُصِيبَ بِحَرِيقٍ فِي مَحَلِّ تِجَارَتِهِ، فَخَسِرَ كُلَّ شَيْءٍ. فَجَاءَ التُّجَّارُ يُوَاسُونَهُ، كُلٌّ مِنْهُمْ يُكَلِّمُهُ، وَلَكِنَّ أَحَدَ التُّجَّارِ قَامَ، وَوَضَعَ كِيسًا بِهِ نُقُودٌ، وَقَالَ: وَأَنَا أُوَاسِي بِهَذَا. ثُمَّ طَلَبَ مِنَ التُّجَّارِ أَنْ يَدْفَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَبْلَغًا يُوَاسِي بِهِ صَاحِبَهُمُ التَّاجِرَ، فَكَانَتِ الْمُوَاسَاةُ بِالْفِعْلِ لا بِالْقَوْلِ.
قصة الشَّيْخُ الْيَهُودِيُّ
عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَعَاوَنَ مَعَ كُلِّ النَّاسِ فِيمَا فِيهِ الْخَيْرُ وَالصَّلاحُ، فَقَدْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَجُلاً مِنَ الْيَهُودِ كَبِيرَ السِّنِّ يَطْلُبُ مِنَ النَّاسِ الْمَالَ، فَسَأَلَهُ عُمَرُ: لِمَ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟
فَقَالَ الرَّجُلُ: لِكَىْ أَدْفَعَ الْجِزْيَةَ لِبَيْتِ الْمَالِ. فَرَقَّ لَهُ عُمَرُ، وَأَخَذَهُ، وَأَعْطَاهُ الْمَالَ، وَطَلَبَ أَلاَّ تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْهُ وَمِنْ أَمْثَالِهِ مِنْ كِبَارِ السِّنِّ وَالْمُحْتَاجِينَ، وَقَالَ: لَقَدْ كُنَّا نَأْخُذُ مِنْهُ الْمَالَ وَهُوَ شَابٌّ، فَلا نَأْخُذْ مِنْهُ عِنْدَ الْكِبَرِ، وَالصَّدَقَةُ تَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَهَذَا مِنْ مَسَاكِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ.
قصة حِزْمَةُ الْحَطَبِ
فِى التَّعَاوُنِ قُوَّةٌ وَفِى الْفُرْقَةِ ضَعْفٌ وَخَسَارَةٌ، وَلِذَا جَمَعَ رَجُلٌ كَبِيرٌ أَوْلادَهُ الثَّلاثَةَ لِيُوصِيَهُمْ، فَأَعْطَاهُمْ حِزْمَةً مِنَ الْحَطَبِ، وَطَلَبَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يَكْسِرَهَا، فَحَاوَلُوا كَسْرَهَا لَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا لِكَثْرَتِهَا وَصَلابَتِهَا، فَأَخَذَ الأَبُ الْحِزْمَةَ وَأَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عُودًا، فَكَسَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْعُودَ بِسُهُولَةٍ، فَقَالَ الأَبُّ: إِنَّكُمْ يَا أَبْنَائِي مِثْلُ هَذِهِ الْحِزْمَةِ، إِذَا اتَّحَدْتُمْ وَكُنْتُمْ يَدًا وَاحِدَةً فَلَنْ يَسْتَطِيعَ أَحَدٌ أَنْ يَغْلِبَكُمْ، وَإِنْ تَفَرَّقْتُمْ فَسَوْفَ يَتَمَكَّنُ مِنْكُمْ عَدُوُّكُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِالتَّعَاوُنِ؛ فَإِنَّ فِى التَّعَاوُنِ قُوَّةً.
قصة الْوَزِيرُ النَّبِىُّ
أَمَرَ اللهُ تَعَالَى النَّاسَ بِالتَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، فَقَالَ تَعَالَى: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى..) [الْمَائِدَة: 2].
وَلِذَا لَمَّا بَعَثَ اللهُ تَعَالَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ نَبِيًّا أَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ فِرْعَوْنَ إِلَى التَّوْحِيدِ. وَلَكِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ طَلَبَ مِنَ اللهِ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا وَيُرْسِلَهُ مَعَهُ إِلَى فِرْعَوْنَ لِيُعَاوِنَهُ فِى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، وَلِيَكُونَ عَوْنًا لَهُ عَلَى طَاعَةِ اللهِ.
فَاسْتَجَابَ اللهُ لِطَلَبِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ وَجَعَلَ هَارُونَ عَلَيْهِ السَّلامُ نَبِيًّا، فَتَعَاوَنَ مُوسَى وَهَارُونُ – عَلَيْهِمَا السَّلامُ – فِى الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ وَطَاعَتِهِ.
قصة جَمْعُ الْحَطَبِ
يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَلاَّ يَمْنَعَهُ مَنْصِبُهُ عَنِ التَّعَاوُنِ مَعَ النَّاسِ. فَقَدْ كَانَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى سَفَرٍ ذَاتَ يَوْمٍ مَعَ أَصْحَابِهِ، فَأَرَادُوا أَنْ يَأْكُلُوا، فَقَالَ أَحَدُ الصَّحَابَةِ: أَنَا عَلَىَّ ذَبْحُ الشَّاةِ. وَقَالَ الآخَرُ: وَأَنَا سَوْفَ أَقُومُ بِسَلْخِهَا.
وَقَالَ الثَّالِثُ: وَأَنَا سَوْفَ أَقُومُ بِطَبْخِهَا. وَهُنَا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَنَا عَلَىَّ جَمْعُ الْحَطَبِ. وَكَأنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: أَنَا لا أُحِبُّ أَنْ أَتَمَيَّزَ عَلَيْكُمْ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لا يُحِبُّ مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَتَمَيَّزَ عَلَى أَصْحَابِهِ.
قصة التَّعَاوُنُ ثَمَنُ الْحُرِّيَّةِ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ جَمِيعًا أَنْ يَتَكَافَلُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ حَتَّى لا يَضِيعَ الْفَقِيرُ. فَقَدْ كَانَ سَلْمَانُ الْفَارِسِىُّ عَبْدًا مَمْلُوكًا لِرَجُلٍ يَهُودِيٍّ، فَطَلَبَ مِنْهُ سَيِّدُهُ أَنْ يَزْرَعَ لَهُ ثَلاثُمِائَةَ نَخْلَةٍ وَيَدْفَعَ لَهُ أَرْبَعِينَ أُوقِيَةً ذَهَبًا؛ لِكَىْ يُحَرِّرَهُ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ.
فَطَلَبَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّحَابَهِ أَنْ يَجْمَعُوا لِسَلْمَانَ ثَلاثُمِائَةَ نَخْلَةٍ َصَغِيرَةٍ، ثُمَّ أَمَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّحَابَةَ وَسَلْمَانَ أَنْ يَحْفُرُوا لِغَرْسِ النَّخْلِ الصَّغِيرِ، وَذَهَبَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزْرَعُ النَّخْلَ بِنَفْسِهِ.
ثُمَّ أَعْطَى النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَلْمَانَ قِطْعَةً مِنَ الذَّهَبِ تَعْدِلُ أَرْبَعِينَ أُوقِيَةً، فَقَدَّمَهَا سَلْمَانُ لِسَيِّدِهِ فَأَعْتَقَهُ.
قصة حَفْرُ الْخَنْدَقِ
التَّعَاوُنُ يَجْعَلُ الْعَمَلَ الْكَبِيرَ هَيِّنًا سَهْلاً عَلَى الْمُتَعَاوِنِينَ، فَقَدْ عَلِمَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُدُومِ جَيْشِ الْمُشْرِكِينَ لِغَزْوِ الْمَدِينَةِ.
فَأَشَارَ عَلَيْهِ سَلْمَانُ الْفَارِسِىُّ بِحَفْرِ خَنْدَقٍ حَوْلَ الْمَدِينَةِ لِحِمَايَتِهَا مِنْ جَيْشِ الْمُشْرِكِينَ، فَوَافَقَ الرَّسُولُ وَأَمَرَ صَحَابَتَهُ بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ، وَتَعَاوَنَ كُلُّ الْمُسْلِمِينَ فِى حَفْرِ الْخَنْدَقِ، وَكَانَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ يَحْمِلُ التُّرَابَ عَلَى كَتِفِهِ.
وَبِفَضْلِ التَّعَاوُنِ انْتَهَى الْمُسْلِمُونَ مِنْ حَفْرِ الْخَنْدَقِ فِى أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ، وَنَصَرَهُمُ اللهُ تَعَالَى عَلَى عَدُوِّهِمْ.
قصة إِعَانَةُ الزَّوْجِ
يَنْبَغِى عَلَى الزَّوْجَةِ أَنْ تُعِينَ زَوْجَهَا، فَقَدْ تَزَوَّجَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنَ السَّيِّدَةِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَكَانَ الزُّبَيْرُ يَوْمَهَا فَقِيرًا لا يَمْلِكُ غَيْرَ فَرَسٍ، وَكَانَتِ السَّيِّدَةُ أَسْمَاءُ تَقُومُ بِمُسَاعَدَةِ زَوْجِهَا فِى رِعَايَةِ فَرَسِهِ بِجَانِبِ خِدْمَتِهَا لِلْبَيْتِ مِنْ إِعْدَادِ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ، وَظَلَّتِ السَّيِّدَةُ أَسْمَاءُ تَتَعَاوَنُ مَعَ زَوْجِهَا حَتَّى رَزَقَهُمَا اللهُ تَعَالَى مَالاً كَثِيرًا، وَأَصْبَحَ الزُّبَيْرُ مِنْ أَغْنِيَاءِ الصَّحَابَةِ.
قصة تَعَاوُنُ الْمَلائِكَةِ
التَّعَاوُنُ يَجْعَلُ الضَّعِيفَ قَوِيًّا وَالذَّلِيلَ عَزِيزًا، فَفِى غَزْوَةِ بَدْرٍ حَارَبَ الْمُسْلِمُونَ جَيْشَ الْمُشْرِكِينَ. فَأَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُعِينَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى الْمَلائِكَةَ، وَأَثْنَاءَ الْمَعْرَكَةِ أَرَادَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقْتُلَ أَحَدَ الْمُشْرِكِينَ، فَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنْهُ سَمِعَ صَوْتًا يَقُولُ: أَقْدَمُ حَيْزُومُ.
وَهُوَ اسْمُ فَرَسِ الْمَلَكِ، ثُمَّ رَأَى الْمُشْرِكَ يَقَعُ مَيِّتًا عَلَى الأَرْضِ.
فَحَكَى الرَّجُلُ مَا سَمِعَهُ لِلرَّسُولِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “صَدَقْتَ، ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ”.
قصة بِنَاءُ الْمَسْجِدِ
التَّعَاوُنُ يُوَفِّرُ الْوَقْتَ وَالْجُهْدَ. قِيلَ فِي الْحِكْمَةِ: الْمَرْءُ قَلِيلٌ بِنَفْسِهِ كَثِيرٌ بِإِخْوَانِهِ. وَلِذَلِكَ لَمَّا هَاجَرَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمَدِينَةِ أَمَرَ بِبِنَاءِ مَسْجِدٍ، وَقَامَ بِشِرَاءِ أَرْضِ الْمَسْجِدِ مِنْ سَهْلٍ وَسُهَيْلٍ ابْنَىْ عَمْرٍو.
ثُمَّ تَعَاوَنَ الْمُسْلِمُونَ فِى بِنَاءِ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ مَعَهُمُ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُغَنُّونَ:
لَئِنْ قَعَدْنَا وَالرَّسُولُ يَعْمَلُ لَذَاكَ مِنَّا الْعَمَلُ الْمُضَلَّلُ
وَهَكَذَا تَمَّ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ بِفَضْلِ تَعَاوُنِ الصَّحَابَةِ جَمِيعًا.
قصة تَعَاوُنٌ عَلَى الْخَيْرِ
بَيَّنَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضْلَ التَّعَاوُنِ، فَقَالَ: “الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا”. وَلِذَلِكَ يُحْكَى أَنَّ أَبَا مُعَاذٍ بْنَ عَمْرٍو بْنَ الْجَمُوحِ كَانَ مُشْرِكًا، فَأَرَادَ مُعَاذُ بِالتَّعَاوُنِ مَعَ صَدِيقِهِ مُعَاذٍ بْنِ جَبَلٍ أَنْ يَقُومَا بِحِيلَةٍ مِنْ أَجْلِ إِسْلامِ أَبِيهِ عَمْرٍو بْنِ الْجَمُوحِ، فَأَخَذَا صَنَمًا كَانَ يَعْبُدُهُ عَمْرٌو وَرَمَيَاهُ فِى حُفْرَةٍ وَأَلْقَيَا عَلَيْهِ الْقَاذُورَاتِ.
فَلَمَّا رَأَى عَمْرُو مَا حَدَثَ لِلصَّنَمِ اقْتَنَعَ بِأَنَّ هَذَا الصَّنَمَ لا يَضُرُّ وَلا يَنْفَعُ وَلا يَسْتَحِقُّ أَنْ يَعْبُدَهُ مِنْ دُونِ اللهِ، فَأَسْلَمَ للهِ تَعَالَى، بِفَضْلِ اللهِ وَبِتَعَاوُنِ الأَصْدِقَاءِ.
قصة تَعَاوُنٌ وَزَوَاجٌ
مِنَ التَّعَاوُنِ أَنْ تَكُونَ فِى حَاجَةِ أَخِيكَ، فَاللهُ تَعَالَى فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ. وَلِذَا يُحْكَى أَنَّ رَبِيعَةَ الأَسْلَمِىَّ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ – وَكَانَ رَجُلاً فَقِيرًا لا يَمْلِكُ مَهْرًا – ذَهَبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَهُ.
فَأَمَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحَابَتَهُ بِالتَّعَاوُنِ مَعَهُ فِى أَمْرِ الزَّوَاجِ. فَجَمَعُوا لَهُ مِقْدَارًا مِنَ الْمَالِ، فَقَدَّمَهُ رَبِيعَةُ صَدَاقًا إِلَى الْمَرْأَةِ الَّتِى سَيَتَزَوَّجُهَا.
ثُمَّ أَخْبَرَ رَبِيعَةُ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَصْنَعَ وَلِيمَةَ عُرْسِهِ. فَأَعْطَاهُ أَحَدُ الصَّحَابَةِ شَاةً لِيَذْبَحَهَا وَلِيمَةً. وَتَمَّ زَوَاجُ رَبِيعَةَ بِتَعَاوُنِ الْمُسْلِمِينَ.
قصة الْمَعْصِيَةُ
نَهَى اللهُ تَعَالَى عَنِ التَّعَاوُنِ عَلَى الشَّرِّ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [الْمَائِدَةُ: 2]. وَلِذَلِكَ لَمَّا أَرْسَلَ أَمِيرُ الْيَمَنِ يَعْلِى بْنُ أُمَيَّةَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ؛ يَسْتَشِيرُهُ فِى أَمْرِ جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ تَعَاوَنُوا عَلَى قَتْلِ غُلامٍ، أَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُقْتَلُوا جَمِيعًا. ثُمَّ أَقْسَمَ بِاللهِ أَنَّهُ لَوْ أَنَّ أَهْلَ صَنْعَاءَ اشْتَرَكُوا فِى قَتْلِهِ لَقَتَلَهُمْ أَجْمَعِينَ، فَالتَّعَاوُنُ لا يَكُونُ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.
قصة تَعَاوُنٌ وَطَاعَةٌ
فِى التَّعَاوُنِ بَرَكَةٌ. قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “يَدُ اللهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ”. يُحْكَى أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ يُقَسِّمُ اللَّيْلَ إِلَى ثَلاثَةِ أَقْسَامٍ، فَكَانَ يُصَلِّى للهِ حَتَّى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأَوَّلِ، ثُمَّ يَنَامُ بَعْدَ أَنْ يُوقِظَ زَوْجَتَهُ لِتُصَلِّىَ للهِ فِى ثُلُثِ اللَّيْلِ الثَّانِى، ثُمَّ تَنَامُ الزَّوْجَةُ بَعْدَ أَنْ تُوقِظَ الْخَادِمَ لِيُصَلِّىَ للهِ فِى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأَخِيرِ، وَهَكَذَا كُلُّ يَوْمٍِ يَتَعَاوَنُونَ عَلَى طَاعَةِ اللهِ تَعَالَى.
قصة السَّدُّ الْعَظِيمُ
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا”.
حَكَى لَنَا الْقُرْآنُ أَنَّهُ كَانَ فِى الأُمَمِ السَّابِقَةِ مَلِكٌ عَادِلٌ يُسَمَّى ذَا الْقَرْنَيْنِ، ذَهَبَ إِلَى إِحْدَى الْبِلادِ فَطَلَبَ مِنْهُ سُكَّانُ تِلْكَ الْبَلْدَةِ أَنْ يُسَاعِدَهُمْ فِى بِنَاءِ سَدٍّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الأَعْدَاءِ مِنْ قَوْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ.
فَوَافَقَ ذُو الْقَرْنَيْنِ عَلَى بِنَاءِ السَّدِّ، ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُمْ أَنْ يُعَاوِنُوهُ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ إِتْمَامِ السَّدِّ سَرِيعًا قَبْلَ وُصُولِ الأَعْدَاءِ. وَتَمَّ بِنَاءُ السَّدِّ، وَكَانَ قَوِيًّا مَتِينًا مِنَ الْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ، وَهَكَذَا حَمَى اللهُ تَعَالَى هَؤُلاءِ النَّاسَ بِفَضْلِ تَعَاوُنِهِمْ مَعَ ذِي الْقَرْنَيْنِ.
قصة تَعَاوُنُ الأَبِّ وَالابْنِ
التَّعَاوُنُ مِنْ أَخْلاقِ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، وَلِذَا لَمَّا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِبِنَاءِ الْكَعْبَةِ، اسْتَجَابَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ وَأَخْبَرَ ابْنَهُ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِمَا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى.
وَتَعَاوَنَ إِسْمَاعِيلُ مَعَ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ – عَلَيْهِمَا السَّلامُ – فِى بِنَاءِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ، فَكَانَ إِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَجْمَعُ الْحِجَارَةَ وَيُعْطِيهَا لأَبِيهِ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَقُومُ بِبِنَاءِ الْحِجَارَةِ الَّتِى يُحْضِرُهَا إِسْمَاعِيلُ حَتَّى انْتَهَى بِنَاءُ الْكَعْبَةِ.
قصة الزَّوْجَانِ
التَّعَاوُنُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ يَجْعَلُ الْبَيْتَ سَعِيدًا. يُحْكَى أَنَّهُ لَمَّا تَزَوَّجَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ السَّيِّدَةَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَكُنْ فِى بَيْتِهِ خَادِمٌ، وَكَانَ فَقِيرًا، فَطَلَبَ مِنَ السَّيِّدَةِ فَاطِمَةَ أَنْ تَتَعَاوَنَ مَعَ أُمِّهِ فِى عَمَلِ الْبَيْتِ. فَكَانَتِ السَّيِّدَةُ فَاطِمَةُ تَعْجِنُ وَتَطْبُخُ وَتُنَظِّفُ الْبَيْتَ، وَكَانَتْ أُمُّ عَلِىٍّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ تَقُومُ بِشِرَاءِ مَا يَلْزَمُ الْبَيْتَ مِنَ السُّوقِ، وَكَانَ عَلِىَُّ يَعْمَلُ فِى التِّجَارَةِ وَيُجَاهِدُ فِى سَبِيلِ اللهِ.