روايات مصرية التبنى إحدى القصص الواقعية المصرية.. الفصل الخامس الصدمة

روايات مصرية التبنى إحدى القصص الواقعية المصرية

التبنى الفصل الخامس والأخير: الصدمة

لم تستطع الأسرة ومعها الزمن علاج بعض الانحرافات التي بدأت تظهر على شخصية “باسم”، والتي ظلت تكبر معه، وقد ظهرت هذه الانحرافات بعد أن بلغ سنه ثلاث عشر سنة، وهى بداية مرحلة المراهقة، والتي لا يسمع فيها الطفل إلا لنفسه وأقرانه..

أدرك “باسم” أنه ليس طفلا أصيلا في الأسرة، بل هو يتيم قد أخذته أسرة “سعيد” من الجمعية، ولم ينس “باسم” أبدا أن له أبا آخر وأم أخرى لا يعلم عنهما شيء، وأنهما قد ارتكبا في حقه جرما كبيرا عندما تركاه ملق في الشارع حتى أخذه من أودعه تلك الجمعية التي عاش فيها ما يقرب من سنتان قبل أن يأخذه “سعيد”..

دارت في نفس “باسم” كثير من الأسئلة المحيرة التي لم يجد لها جوابا.. ما هو أصل وجوده، ونسبه، وأرحامه وأقربائه الذين لا يعلم عنهم شيئا..

روايات مصرية

كانت نظرة “باسم” للمجتمع مملوءة بالحقد والغيظ، فهو المجتمع الذي ترك أباه وأمه يفرطان فيه، وهو ما زال طفلا رضيعا، ولم يحاسبهما على ما اقترفاه من جرم في حقه..

لا شك أن عقل الطفل “باسم” قد نضج قليلا، وبدأ يفكر، ويعرف، ويبحث عن إجابات كثيرة لأسئلة يسمعها من زملائه أو تدور في ذهنه.. أسئلة تتعلق بنسبه، واسم أبيه المغاير لاسم “سعيد” الذي قام على تربية..

ولم تستطع أسرة “سعيد” رغم ما وجد فيها “باسم” من عطف وحنان ورعاية أن تنسياه تلك الأفكار..

ولعل ما زاد من خطورة هذه الأفكار هو الشلة التي كان يصاحبها “باسم”، وكانت أحد أهم الأسباب في انحرافه..

روايات مصرية

قد ظهرت بوادر التجاهل لأوامر “سعيد” تظهر يوما بعد يوم، وبدأ يرتفع صوته في البيت بمناسبة وبغير مناسبة، وقد شجعه على هذا تلك المعاملة اللينة التي كان يتلقاها من ” وفاء”  ” وسعيد” ، وخاصة بعد أن ظهرت عليهما علامات الكبر في السن ولم يعد بإمكانهما توجه اللوم إليه، والأخذ على يديه، فكان البديل عندهما.. وهو البديل المريح لهما، والذي لا يملكان غيره هو محاولة إرضاء ” باسم”  وتلبية كل ما يطلبه، عسى أن يصلح حاله في يوم من الأيام.

هذا كان رجاء ” وفاء”  ” وسعيد”  فى الشاب الذي كبر وعلا صوته عليهما، حتى سمعه الجيران، الذين طالما لم يسمعوا من بيت ” سعيد”  إلا هممات السعيدة، ولم يصدر منهم إلا كل حسن..

تطور الأمر مع ” باسم” ، بعد أن ظهرت عليه علامات البلوغ، فبدأ ينظر إلى ” صباح”  نظرات مريبة، غير نظرة الأخ لأخته، فهو يعلم كما يعلم الجميع أن ” صباح”  ليست أخته، وأنه يحل له الزواج منها، فهو إن لم يستطيع الزواج بها احتراما للتقاليد، فلا أقل من ينال منها ما يحتاجه.. سواء بالنظرات أو التحرش اللفظي أو غيرها من أفعال المراهقين..

روايات مصرية

ولكنه في كل مرة كان يصده عن ذلك الحزم الذي يقابله في تعامله مع “صباح” ، فهى لم تكن تسمح له بالتجاوز معها في أي أمر، وكان يشجعها على ذلك هو تقديره واحترامه لها، فهو لم ينس أبدا العطف الذي ناله منها عندما كانت تزروه في الجمعية..

ومع مرور الأيام واشتداد وطأة سوء الخلق من ” باسم”، اضطرت “صباح” إلى الذهاب إلى جمعية رعاية الأطفال التي أخذوا منها ” باسم”، لتسألهم عن سبب التحول الذي ظهر على “باسم”، وهناك انكشف لها أمرا لم يكن في الحسبان..

انكشفت حقيقة “باسم”.. إنه أحد أطفال الشوارع الذين قامت الجمعية بضمه، بعد أن قدم به رجل كبير زعم أنه ابن ابنه، ولا يستطيع القيام على تربية بعد وفاة أبيه..

هكذا عرفت صباح تلك المعلومات الخطيرة من إحدى العاملات في الجمعية، والتي حرصت على الحديث معها في سرية، حتى لا تلاحظ مديرة الجمعية..

نعم كان يبدو على الطفل “باسم” أنه مسالم ووديع، ولكنه في الحقيقة ذو طبع حاد، وشرس، وقد كادت هذه الصفات أن تختفي من شخصيته، لولا أن حرصه على امتلاك كل شيء ومغالبة الآخرين كما تعود في الشارع مع أقرانه قد أظهرت عنده هذه الصفات..

روايات مصرية

كم مرة كان يريد أن يتساوى مع أخته في المصروف رغم صغر سنه، وكم مرة أظهر الامتعاض وهو يرى الأم “وفاء” تعامل ابنتها الوحيدة “صباح” برقتها المعهودة، وكان يأمل أن يأتي فيأخذ النصيب الأكبر من الحب والحنان..

ولا تنسى له الأسرة اليوم الذي تأخر فيه عن العودة إلى البيت بعد انتهاء الدراسة بحجة أنه ذهب يذاكر مع زملائه، والحقيقة التي اكتشفها الأب “سعيد” هو أنه كان في صحبة أصدقاء سوء، من متسربي التعليم، وممن ظهرت عليهم علامات الإجرام المبكر..

حذر “سعيد” “باسم” أكثر من مرة من الاختلاط بهؤلاء الأفراد، الذين سهر معهم أكثر من مرة، ولكن “باسم” لم يكن يعير لتحذير والده “سعيد” أية اهتمام، ما دفعه في نهاية الأمر إلى الإدمان والانجرار وراء هؤلاء الأشقياء إلى السرقة حتى يستطيع شراء ما يحتاجه من المخدرات..

كانت هذه السرقات تتم في الخفاء، ولا يعلم بها أحد، غير أنه في يوم من الأيام رأت “صباح” أخيها “باسم” يتسلل خارجا من غرفة أمها “صباح”، التي ذهبت للسوق..

 تقدمت إليه “صباح” وحاولت أن تفهم منه سبب تسلله على هذا النحو المريب.. حاول “باسم” أن يخفى جريمته، غير أن “صباح” لاحظت في يده علبة قطيفة كانت الأم “وفاء” تضع فيها مصوغاتها، حينها أدركت “صباح” أن في الأمر شيء، وخاصة بعد ارتباك “باسم” وتلعثم وهو يجيب عن سؤال أخته “صباح”: لماذا تتسلل خارجا من غرفة أمي؟

روايات مصرية

وبسرعة فائقة خطفت “صباح” العلبة من يد “باسم”، ولكن تمسكه بها جعلهما يتنازعانها، وفى النهاية وقعت العلبة على الأرض، وخرجت منها المشغولات الذهبية التي تحتفظ بها أمها “وفاء”..

كانت الصدمة كبيرة.. أنت تسرق كل ما تملكه أمي من مصوغات؟ ومن أجل ماذا؟ وإلى أين تذهب بها؟

دارت كل هذه التساؤلات في ذهن “صباح”، وبينما كانت “صباح” واقفة في ذهول أسرع “باسم” وأخذ العلبة بما فيها من مصوغات وفر هاربا من البيت..

جلست “صباح” تبكى، وقد فاقت صدمتها كل ما تصورته، وما سمعت عنه، أهذه “باسم” الطفل البريء الذي تعلقت به، وأقنعت والدي أن يتبناه، ليعيش معنا، وليكون أخا لي..

أهكذا يرد “باسم” المعروف لهذه الأسرة التي بذلت له كل ما تملك، وأعطته كل ما تستطيع؟

ما تقول “صباح” لأمها وأبيها، فالمصائب كبيرة والمفاجآت كثيرة، فالطفل الذي ألحت على أخذه من الجمعية هو من أطفال الشوارع، والجرائم التي يرتكبها تزداد يوما بعد يوما..

ترى ما الذي جعل “باسم” يحمل في نفسه هذا الكم من الحقد على المجتمع، فيتمرد على الأسرة التي آوته، والجمعية التي قضى فيها سنوات طفولته، لماذا يدمر كل شيء، ولا يحاول الاستفادة من أسرة “سعيد” التي اعتبرته أحد أبنائها.. أسئلة كثيرة دارت في ذهن “سعيد” والابنة “صباح” والأم “وفاء”..

روايات مصرية

ومع الأسف لم يجدوا لها جميعا إجابة، ولم يعرفوا كيف يكون مصير هذا المراهق الذي أصبح صداعا في رأس الأسرة تريد التخلص منه، ولا تجد لذلك سبيلا..

علمت “وفاء” من أختها “انتصار” أن الجمعية يمكن أن تسترد بعض الأطفال الذين خرجوا منها للتبني من الأسرة التي ترغب في ذلك، ولكن الأمر الآن أصبح صعبا، لأن “باسم” أصبح كبيرا في السن، والجمعية مخصص لرعاية الأطفال..

جلست أسرة “سعيد” في صالة البيت يستعرضون ما جري لهم، خلال السنوات القليلة التي مرت بهم، والتي لم تحمل لهم كثيرا من السعادة التي كانوا يتمنونها، فالطفل الذي أتوا به ليجلب لهم السعادة، كان سببا في شقائهم، وما زالت المشاكل التي يجلبها لهم من الجيران وسكان الحي لا تنقطع..

لقد كانت صدمت “سعيد” “ووفاء” في “باسم” كبيرة، ولكن صدمة “صباح” الابنة كان الأعظم..

دخل باسم على أسرته الجالسة في صالة البيت.. نظر أفراد الأسرة بعضهم إلى بعض.. ثم انصرف كل واحد إلى حاجة.. بينما جلس باسم في الصالة وحيدا يشاهد التلفاز..

تمت

اقرأ فصول الرواية كاملة من هنا

الفصل الأول

الفصل الثاني

الفصل الثالث

الفصل الرابع

الفصل الخامس والأخيرة

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال