قصص عن خلق الصبر أجمل القصص التى وردت عن الصبر

 

قصص عن خلق الصبر

 

قصص عن خلق الصبر أجمل القصص التى وردت عن الصبر

الصَّبْرُ هُوَ أَنْ يَتَقَبَّلَ الْمُسْلِمُ بِنَفْسٍ رَاضِيَةٍ مَا يُصِيبُهُ مِنْ مَصَائِبَ وَشَدَائِدَ، وَلا يَجْزَعُ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الْبَقَرَةُ: 153].

وَقَدْ وَصَفَ اللهُ -تَعَالَى- الأَنْبِيَاءَ بِالصَّبْرِ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنْ الصَّابِرِينَ. وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ} [الأَنْبِيَاءُ: 85-86].

وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأَحْقَافُ: 35].

وَلِلصَّبْرِ فَضْلٌ كَبِيرٌ وَثَوَابٌ كَبِيرٌ. قَالَ تَعَالَى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [الْبَقَرَةُ: 155-157].

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ) [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].

لِلصَّبْرِ أَنْوَاعٌ، مِنْهَا: الصَّبْرُ عَلَى الطَّاعَةِ، وَمِنْهَا الصَّبْرُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ، وَمِنْهَا الصَّبْرُ عَلَى الْمَصَائِبِ.

والآن مع مَجْمُوعَةٌ مِنَ الْقِصَصِ وَالْحِكَايَاتِ الشَّيِّقَةِ، الْهَدَفُ مِنْهَا غَرْسُ حُبِّ خُلُقِ الصَّبْرِ فِى نُفُوسِ الأَطْفَالِ.

قصة المرأة المصابة

أَعَدَّ اللهُ لِلصَّابِرِينَ ثَوَابًا عَظِيمًا، فَقَالَ تَعَالَى: { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ. الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ }[سُورَةُ الْبَقَرَةِ:155-157]. وَلِذَا يُحْكَى أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً تَبْكِى عَلَى وَلَدِهَا الَّذِى مَاتَ، فَقَالَ لَهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (اتَّقِي اللهَ وَاصْبِرِي). وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ لا تَعْرِفُ النَّبِىَّ، فَقَالَتْ لَهُ: إِلَيْكَ عَنِّي، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي. فَلَمَّا عَرَفَ النَّاسُ مَا حَدَثَ مِنَ الْمَرْأَةِ، قَالُوا لَهَا: إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَأَسْرَعَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْتَذِرُ إِلَيْهِ، وَتَقُولُ: لَمْ أَعْرِفْكَ. فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى)؛ أَيْ يَجِبُ عَلَيْكِ الصَّبْرُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ.

قصة صبر سمية وياسر وابنهما عمار

اللهُ تَعَالَى يَغْفِرُ الذُّنُوبَ لِلصَّابِرِينَ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ (تَعَبٍ) وَلا وَصَبٍ (مَرَضٍ) وَلا هَمٍّ وَلا حَزَنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَة يُشَاكُهَا إِلاَّ كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ). وَلِذَلِكَ يُحْكَى أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرَ وَأَبَاهُ يَاسِرَ وَأُمَّهُ سُمَيَّةَ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ – أَعْلَنُوا إِسْلامَهُمْ، فَلَمَّا عَلِمَ الْمُشْرِكُونَ بِإِسْلامِهِمْ قَامُوا بِتَعْذِيبِهِمْ لِكَىْ يَرْتَدُّوا عَنِ الإِسْلامِ، فَلَمَّا عَلِمَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا حَدَثَ لآلِ يَاسِرَ حَزِنَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ لَهُمْ: (صَبْرًا آلَ يَاسِرَ! فَإِنَّ مَوْعِدُكُمُ الْجَنَّةَ). وَاسْتَجَابَ آلُ يَاسِرَ لأَمْرِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّبْرِ، وَتَحَمَّلُوا الْعَذَابَ فِى سَبِيلِ اللهِ، حَتَّى مَاتَ الأَبُ وَالأُمُّ مِنْ شِدَّةِ الْعَذَابِ.

قصة صبر أيوب عليه السلام على المرض

الأَنْبِيَاءُ أَشَدُّ النَّاسِ صَبْرًا، وَهُمُ الأُسْوَةُ لِلنَّاسِ فِى الصَّبْرِ عَلَى الابْتِلاءِ، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّهِ أَيُّوبَ: { إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِّعْمَ العَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }[سُورَةُ ص: 44]. فَقَدْ كَانَ أَيُّوبُ – عَلَيْهِ السَّلامُ – رَجُلاً كَثِيرَ الْمَالِ وَالأَهْلِ، فَابْتَلاهُ اللهُ بِالْمَرَضِ وَالْفَقْرِ وَفَقْدِ أَوْلادِهِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ فِى الدُّنْيَا إِلاَّ زَوْجَتُهُ الْوَفِيَّةُ. وَمَعَ كُلِّ ذَلِكَ ظَلَّ أَبُّوبُ عَلَيْهِ السَّلامُ صَابِرًا، وَظَلَّ لِسَانُهُ ذَاكِرًا، وَقَلْبُهُ شَاكِرًا، حَتَّى جَاءَ الْفَرَجُ مِنَ اللهِ، حَيْثُ أَمَرَهُ اللهُ أَنْ يَضْرِبَ الأَرْضَ بِرِجْلِهِ، فَفَعَلَ، فَأَخْرَجَ اللهُ لَهُ عَيْنَ مَاءٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ وَيَشْرَبَ مِنْهَا، فَفَعَلَ، فَأَذْهَبَ اللهُ عَنْهُ الْمَرَضَ، وَأَعْطَاهُ مَالاً كَثِيرًا، وَأَوْلادًا جَزَاءً لَهُ عَلَى صَبْرِهِ.

قصة صبر أم زفر على الصرع

وَصَبْرُ الْمُسْلِمِ عَلَى مَرَضِهِ سَبَبٌ فِي دُخُولِهِ الْجَنَّةَ، فَهَا هِىَ السَّيِّدَةُ أُمُّ زُفَرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا – إِحْدَى الصَّحَابِيَّاتِ – الَّتِى كَانَتْ تُعَانِى مِنْ مَرَضِ الصَّرَعِ، ذَهَبَتْ لِلنَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَطَلَبَتْ مِنْهُ أَنْ يَدْعُوَ اللهَ لَهَا بِالشِّفَاءِ. فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنْ شِئْتِ صَبِرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَكِ). فَاخْتَارَتِ السَّيِّدَةُ أُمُّ زُفَرٍ – رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَنْ تَصْبِرَ عَلَى مَرَضِهَا وَلَهَا الْجَنَّةُ فِي الآخِرَةِ.

 قصة صبر النبى صلى الله عليه وسلم على أذى المشركين

ضَرَبَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ فِي الصَّبْرِ، وَتَحَمَّلَ الأَذَى مِنْ أَجْلِ الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ، فَهَا هُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – يَتَحَدَّثُ عَنْ صَبْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحَمُّلِهِ لِلأَذَى؛ فَيَقُولُ: لَقَدْ كُنْتُ أَرَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ (أَصَابُوهُ وَجَرَحُوهُ)، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَدْعُو لِقَوْمِهِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اهْدِ قَوْمِي فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ.

قصة صبر الملك

مِنْ أَنْوَاعِ الصَّبْرِ الصَّبْرُ عَلَى الْمَصَائِبِ، فَالْمُسْلِمُ يَصْبِرُ عَلَى مَا يُصِيبُهُ فِي مَالِهِ أَوْ نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ. وَلِذَا كَانَ لأَحَدِ الْمُلُوكِ وَلَدٌ يُحِبُّهُ، وَفِي صَبَاحِ أَحَدِ الأَيَّامِ دَخَلَ الْمَلِكُ لِيُوقِظَ وَلَدَهُ، فَوَجَدَهُ قَدْ مَاتَ فَتَحَسَّرَ عَلَيْهِ، وَبَكَى بُكَاءً عَظِيمًا، وَجَاءَ النَّاسُ كُلٌّ يُعَزِّيهِ، وَكُلَّمَا جَاءَ أَحَدٌ يُعَزِّيهِ، ازْدَادَ حُزْنُهُ، وَلَمَّا عَرَفَ الْوَزِيرُ وَفَاةَ وَلَدِ الْمَلِكِ، وَمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْحُزْنِ، فَكَّرَ كَيْفَ يُخْرِجُهُ مِنْ مِحْنَتِهِ، فَدَخَلَ عَلَى الْمَلِكِ فِي مَجْلِسِهِ، فَإِذَا هُوَ حَزِينٌ كَمَا كَانَ، فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ لِلْمَلِكِ: لَمْ أَحْضُرْ مَجْلِسَ الْمَلِكِ لأُعَزِّيَهُ، وَلَكِنْ لأَتَعَلَّمَ مِنْهُ حُسْنَ الصَّبْرِ، فَسُرِّىَ عَنِ الْمَلِكِ، وَقَالَ: اضْطَرَّنِي وَاللهِ إِلَى الصَّبْرِ.

قصة صبر القاضى شريح على وفاة ولده

بَيَّنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَزَاءَ الصَّبْرِ عَلَى مَوْتِ الأَحِبَّةِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: مَا لِعَبْدِي الْمُؤْمِنُ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ إِلاَّ الْجَنَّةُ). وَلِذَا يُحْكَى أَنَّ الْقَاضِى شُرَيْحٍ كَانَ لَهُ صَبِيٌّ صَغِيرٌ مَرِيضٌ، وَكَانَ النَّاسُ دَائِمًا يَزُورُونَهُ وَيَسْأَلُونَ عَنْهُ، وَفِى ذَاتِ يَوْمٍ مَاتَ الصَّبِيُّ دُونَ أَنْ يَعْلَمَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، فَجَهَّزَهُ الْقَاضِي شُرَيْحٌ وَغَسَّلَهُ وَدُفِنَ بِاللَّيْلِ، وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ أَحَدٌ، وَفِى الصَّبَاحِ جَلَسَ الْقَاضِى شُرَيْحٌ لِلْقَضَاءِ، وَكَالْعَادَةِ جَاءَ النَّاسُ يَزُورُونَهُ وَيَسْأَلُونَ عَنِ ابْنِهِ الْمَرِيضِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ، الآنَ فَقَدَ الأَنِينَ وَالْوَجَعَ. فَفَرِحَ النَّاسُ، وَظَنُّوا أَنَّ اللهَ قَدْ شَفَاهُ مِنْ مَرَضِهِ، فَقَالَ الْقَاضِى: احْتَسَبْنَاهُ عِنْدَ اللهِ، وَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. فَتَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْ صَبْرِهِ.

قصة الصبر على المصائب

وَقَالَ الإِمَامُ عَلِيُّ: إِنْ صَبِرْتَ جَرَى عَلَيْكَ الْقَلَمُ وَأَنْتَ مَأْجُورٌ، وَإِنْ جَزِعْتَ جَرَى عَلَيْكَ الْقَلَمُ وَأَنْتَ مَأْزُورٌ (عَلَيْكَ ذَنْبٌ). وَلِذَا يُحْكَى عَنْ أَحَدِ الصَّالِحِينَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أُصِيبَ بِشَيْءٍ يَقُولُ: خَيْرًا. وَذَاتَ لَيْلَةٍ جَاءَ ذِئْبٌ فَأَكَلَ دِيكًا لَهُ, فَقَالَ: خَيْرًا. ثُمَّ مَاتَ كَلْبُهُ الْمُكَلَّفُ بِالْحِرَاسَةِ، فَقَالَ: خَيْرًا. وَفِى ذَاتِ اللَّيْلَةِ مَاتَ حِمَارُهُ, فَقَالَ: خَيْرًا. وَمَا هِىَ إِلاَّ سَاعَاتٌ حَتَّى أَغَارَ عَلَى قَرْيَةِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ بَعْضُ الْقَبَائِلِ، فَقَتَلُوا كُلَ مَنْ بِالْمِنْطَقَةِ وَلَمْ يَنْجُ مِنَ الْقَرْيَةِ إِلاَّ الرَّجُلُ الصَّالِحُ وَأَهْلُ بَيْتِهِ. وَكَانَ سَبَبُ النَّجَاةِ هُوَ مَوْتَ الدِّيكِ وَالْحِمَارِ وَالْكَلْبِ، لأَنَّ الَّذِينَ غَارُوا اسْتَدَلُّوا عَلَى النَّاسِ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ بِصِيَاحِ الدِّيَكَةِ وَنُبَاحِ الْكِلابِ وَنَهِيقِ الْحَمِيرِ, فَكَانَ هَلاكُ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ خَيْرًا وَسَبَبًا لِنَجَاتِهِ مِنَ الْقَتْلِ.

قصة دواء الصبر

مِنْ أَنْوَاعِ الصَّبْرِ الصَّبْرُ عَلَى ضِيقِ الْحَيَاةِ: فَالْمُسْلِمُ يَصْبِرُ عَلَى عُسْرِ الْحَيَاةِ وَضِيقِهَا، وَلا يَشْكُو حَالَهُ إِلاَّ لِرَبِّهِ، وَلِذَا غَضِبَ أَحَدُ الْمُلُوكِ عَلَى وَزِيرِهِ فَأَمَرَ أَنْ يُسْجَنَ، وَأَنْ يَلْبَسَ الْخَشِنَ، وَأَنْ يَكُونَ طَعَامُهُ قُرْصَيْنِ مِنَ الْخُبْزِ وَكُوبَ مَاءٍ, وَظَلَّ الْوَزِيرُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ شُهُورًا فَلَمْ تُسْمَعْ لَهُ شَكْوَى، فَتَعَجَّبَ الْمَلِكُ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بَعْضَ أَصْدِقَائِهِ لِيَزُورُوهُ، وَلِيَسْأَلُوهُ عَنْ حَالِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَصْدِقَاؤُهُ وَجَدُوهُ سَعِيدًا وَمَسْرُورًا، فَسَأَلُوهُ عَنْ حَالِهِ، فَقَالَ: إِنِّي صَنَعْتُ دَوَاءً لِلصَّبْرِ مُكَوَّنًا مِنَ الثِّقَةِ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالصَّبْرِ، وَحَمْدِ اللهِ، وَانْتِظَارِ الْفَرَجِ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ.

قصة صبر العلماء

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فِي مَالِهِ أَوْ جَسَدِهِ، وَكَتَمَهَا وَلَمْ يَشْكُهَا إِلَى النَّاسِ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ). وَلِذَلِكَ كَانَ أَحَدُ الأَسَاتِذَةِ جَالِسًا يُلْقِي دَرْسًا بَيْنَ تَلامِيذِهِ فَجَاءَهُ الْخَبَرُ أَنَّ وَلَدَهُ قَدْ مَاتَ؛ وَكَانَ فِي رَيْعَانِ شَبَابِهِ، فَلَمْ يَضْطَرِبْ وَاسْتَمَرَّ فِي إِلْقَاءِ دَرْسِهِ، فَلَمَّا سُئِلَ:كَيْفَ لَمْ تَضْطَرِبْ وَلَمْ تَحْزَنْ، بَلْ أَكْمَلْتَ الدَّرْسَ؟ فَقَالَ: لَوْ جَاءَنِي الْخَبَرُ فَجْأَةً لَحَزِنْتُ وَلَكِنْ كُنْتُ أَنْتَظِرُ وَفَاتَهُ مُنْذُ وِلادَتِهِ، وَكَانَ كُلَّمَا مَضَى عَامٌ اعْتَبَرْتُهُ خِلْسَةً اخْتَلَسْتُهَا مِنَ الزَّمَنِ، حَتَّى مَضَى عِشْرُونَ عَامًا عَلَى أَمَانَةِ اللهِ، فَأَحْمَدُ اللهَ الَّذِي أَبْقَاهَا لِي كُلَّ هَذِهِ الْمُدَّةِ، فَلَمَّا أَخَذَهَا فَلَهُ الأَمْرُ.

قصة جزاء الصابر

بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى فَضْلَ الصَّبْرِ فَقَالَ: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [سُورَةُ الزُّمُرِ: 10]. وَلِذَلِكَ أَرْسَلَتْ بِنْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى النَّبِىِّ تُخْبِرُهُ أَنَّ ابْنَهَا يُشْرِفُ عَلَى الْمَوْتِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَقُولُ لَهَا: إِنَّ للهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ. وَبَعْدَ أَنْ قَالَتْ هَذَا الدُّعَاءَ طَلَبَتْ مِنَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتِىَ إِلَيْهَا، فَذَهَبَ إِلَيْهَا النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ سَعْدٍ بْنِ عُبَادَةَ، وَمُعَاذٍ بْنِ جَبَلٍ، وَأُبَيٍّ بْنِ كَعْبٍ، وَزَيْدٍ بْنِ ثَابِتٍ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ – لِيُعَزِّيَهَا وَيَقِفَ بِجِوَارِهَا. فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغُلامَ بَكَى وَقَالَ لأَصْحَابِهِ: ‏هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللهُ تَعَالَى فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ. أَىْ لا يَتَنَافَى الصَّبْرُ مَعَ الْبُكَاءِ‏.‏

 قصة صبر موسى عليه السلام

أَخْبَرَ اللهُ تَعَالَى النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَبْرِ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِهِ، وَأَمَرَهُ بِالتَّأَسِّى بِهِمْ فَقَالَ: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُواْ الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [سُورَةُ الأَحْقَافِ: 35]. وَأُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ هُمْ: نُوْحٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُوسَى، وَعِيسَى. وَلِذَا يُحْكَى أَنَّهُ فِى غَزْوَةِ حُنَيْنٍ أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ النَّاسِ مِنْ أَمْوَالِ الْمَعْرَكَةِ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضِهِمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مُعْتَرِضًا‏:‏ وَاللهِ إِنَّ هَذِهِ قِسْمَةٌ مَا عُدِلَ فِيهَا، وَمَا أُرِيدَ فِيهَا وَجْهُ اللهِ، فَلَمَّا عَلِمَ رَسُولُ اللهِ بِمَا قَالَهُ الرَّجُلُ غَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا، وَقَالَ‏:‏ فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلِ اللهُ وَرَسُولُهُ‏؟‏ ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏: ‏”يَرْحَمُ اللهُ مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ‏”‏‏.‏‏

قصة صبر أبو طلحة

بَيَّنَ النَّبِىُّ أَنَّ أَفْضَلَ مَا يَرْزُقُهُ اللهُ لِلْمُسْلِمِ هُوَ الصَّبْرُ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ). وَلِذَا كَانَ لأَحَدِ الصَّحَابَةِ – وَيُدْعَى أَبُو طَلْحَةَ – وَلَدٌ مَرِيضٌ، فَسَافَرَ ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ رَجِعَ مِنَ السَّفَرِ فَسَأَلَ زَوْجَتَهُ عَنِ الْوَلَدِ، فَقَالَتْ: هُوَ أَسْكَنُ مَا كَانَ. ثُمَّ قَرَّبَتْ إِلَيْهِ الطَّعَامَ فَأَكَلَ، وَقَبْلَ أَنْ يَنَامَ أَخْبَرَتْهُ زَوْجَتُهُ أَنَّ ابْنَهُمَا قَدْ مَاتَ وَقَدْ قَامَتْ هِىَ بِدَفْنِهِ، فَغَضِبَ أَبُو طَلْحَةَ مِنْ زَوْجَتِهِ وَذَهَبَ يَشْتَكِى لِرَسُولِ اللهِ، فَدَعَا لَهُ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَزَقَ اللهُ أَبَا طَلْحَةَ بِبَرَكَةِ دُعَاءِ النَّبِىِّ غُلامًا فَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ.

قصة صبر عمر بن الخطاب رضى الله عنه

حَذَّرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغَضَبِ فَقَالَ لِرَجُلٍ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُوْصِيَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا تَغْضَبْ، لا تَغْضَبْ، لا تَغْضَبْ. وَلِذَلِكَ يُحْكَى أَنَّ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ دَخَلَ يَوْمًا عَلَى مَجْلِسِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَلَمَّا رَأَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ قَالَ‏:‏ هِىَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فَوَاللهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ وَلا تَحْكُمُ فِينَا بِالْعَدْلِ. فَغَضِبَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ بْنُ قَيْسٍ‏:‏ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏} ‏‏خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ‏‏{ [سُورَةُ ‏الأَعْرَافِ ‏:‏199]‏‏، وَإِنَّ هَذَا مِنَ الْجَاهِلِينَ. فَلَمَّا سَمِعَ عُمَرُ رَضِىَ اللهُ عَنْهُ هَذِهِ الآيَةَ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبَ وَصَبِرَ عَلَى إِيذَاءِ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ‏.‏

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال