قصص عن خلق الشجاعه أجمل القصص التى وردت عن الشجاعة
الشَّجَاعَةُ هِيَ جُرْأَةُ الْقَلْبِ وَقُوَّةُ النَّفْسِ عِنْدَ مُوَاجَهَةِ الأُمُورِ الصَّعْبَةِ، وَهِي خُلُقٌ يَجِبُ أَنْ يَتَحَلَّى بِهِ الْمُسْلِمُ فِى تَعَامُلِهِ مَعَ النَّاسِ.
وَلِلشَّجَاعَةِ أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ؛ مِنْهَا: الشَّجَاعَةُ فِي الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ؛ امْتِثَالاً لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَواْ عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ﴾ [الْحَجُّ: 41]، وَامْتِثَالاً لِقَوْلِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “قُلِ الْحَقَّ، وَلَوْ كَانَ مُرًّا”.
وَهُنَاكَ الشَّجَاعَةُ فِي الاعْتِرَافِ بِالْخَطَإِ؛ حَيْثُ يَنْبَغِى عَلَى الْمُسْلِمِ الاعْتِرَافُ بِالْحَقِّ وَالرُّجُوعُ إِلَى الصَّوَابِ، وَأَلاَّ يَخَافَ فِى ذَلِكَ لَوْمَةَ لائِمٍ.
وَهُنَاكَ شَجَاعَةُ الْقِتَالِ؛ حَيْثُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَثْبُتَ أَمَامَ الأَعْدَاءِ وَأَلاَّ يَجْبُنَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُواْ اللهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الأَنْفَالُ: 45].
وَفِى مُقَابِلِ الشَّجَاعَةِ هُنَاكَ خُلُقُ الْجُبْنِ، وَهُوَ خُلُقٌ مَذْمُومٌ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الابْتِعَادُ عَنْهُ وَعَدَمُ التَّخَلُّقِ بِهِ.
والآن مع مَجْمُوعَةٌ مِنَ الْقِصَصِ وَالْحِكَايَاتِ الشَّيِّقَةِ، الْهَدَفُ مِنْهَا غَرْسُ حُبِّ خُلُقِ الشَّجَاعَةِ فِى نُفُوسِ الأَطْفَالِ.
قصة شَجَاعَةُ النِّسَاءِ
الشَّجَاعَةُ هِيَ جُرْأَةُ الْقَلْبِ وَقُوَّةُ النَّفْسِ عِنْدَ مُوَاجَهَةِ الأُمُورِ الصَّعْبَةِ.. فِي غَزْوَةِ الأَحْزَابِ جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ خَوْفًا عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. فَلَمَّا عَلِمَ الْيَهُودُ بِذَلِكَ أَرَدُوا أَنْ يَخْطِفُوا نِسَاءَ الْمُسْلِمِينَ، وَحَاوَلَ الْيَهُودُ أَنْ يُرْسِلُوا رَجُلاً لِيَعْلَمَ هَلْ مَعَ النِّسَاءِ حِرَاسَةٌ مِنَ الرِّجَالِ؟. فَلَمَّا اقْتَرَبَ الْيَهُودِيُّ مِنْ مَكَانِ النِّسَاءِ قَامَتِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ الصَّحَابَةِ بِقَتْلِ الْيَهُودِىِّ. فَلَمَّا عَلِمَ الْيَهُودُ بِمَقْتَلِ الرَّجُلِ تَرَاجَعُوا عَنْ فِكْرَةِ خَطْفِ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَظَنُّوا أَنَّ مَعَ النِّسَاءِ حَرَسًا مِنَ الرِّجَالِ فَهَرَبُوا.
قصة شَجَاعَةُ الإِمَامِ
مِنَ الشَّجَاعَةِ قَوْلُ الْحَقِّ. قَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “قُلِ الْحَقَّ، وَلَوْ كَانَ مُرًّا”. وَلِذَا لَمَّا طَلَبَ خَلِيفَةُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلَ أَنْ يُؤَيِّدَ مَا يَقُولُهُ رَفَضَ الإِمَامُ؛ لأَنَّهُ رَأَى الْخَلِيفَةَ كَانَ مُخَالِفًا لِلشَّرْعِ، وَمَعَ أَنَّ مُعْظَمَ الْعُلَمَاءِ لَمْ يَجْرُؤْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى مُخَالَفَةِ الْخَلِيفَةِ؛ إِلاَّ أَنَّ الإِمَامَ أَحْمَدَ رَفَضَ إِلاَّ أَنْ يَقُولَ الْحَقَّ. وَهُنَا قَامَ الْخَلِيفَةُ بِسَجْنِهِ، وَعَذَّبَهُ لِكَىْ يَتَرَاجَعَ عَنْ رَأْيِهِ، إِلاَّ أَنَّ الإِمَامَ ظَلَّ مُتَمَسِّكًا بِالْحَقِّ حَتَّى مَاتَ الْخَلِيفَةُ وَأَتَى غَيْرُهُ، فَأَخْرَجَ الإِمَامَ أَحْمَدَ مِنَ السِّجْنِ، وَنَجَّى اللهُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْفِتْنَةِ بِسَبَبِ شَجَاعَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ.
قصة نِعْمَةُ الْعَقْلِ
مِنَ الشَّجَاعَةِ النُّصْحُ لِلإِمَامِ. قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ، فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ، فَقَتَلَهُ”. يُحْكَى أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ الثَّقَفِيَّ خَطَبَ يَوْمًا فَأَطَالَ فِى الْخُطْبَةِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ شُجَاعٌ: يَا حَجَّاجُ لَقَدْ أَطَلْتَ الْخُطْبَةَ، وَأَسَأْتَ إِلَى النَّاسِ.
فَلَمَّا انْتَهَتِ الصَّلاةُ أَمَرَ الْحَجَّاجُ بِحَبْسِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَشَفَعَ لَهُ النَّاسُ عِنْدَ الْحَجَّاجِ، وَقَالُوا لَهُ إِنَّهُ مَجْنُونٌ، لِكَىْ يَصْفَحَ عَنْهُ الْحَجَّاجُ. وَلَكِنَّ الرَّجُلَ الشُّجَاعَ قَالَ لَهُمْ: كَيْفَ أُنْكِرُ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيَّ؟ أَنَا لَسْتُ مَجْنُونًا. فَلَمَّا رَأَى الْحَجَّاجُ شَجَاعَةَ الرَّجُلِ عَفَا عَنْهُ.
قصة شَجَاعَةٌ وَشَهَامَةٌ
مِنْ أَنْوَاعِ الشَّجَاعَةِ الشَّجَاعَةُ فِي الْقِتَالِ. قَالَ تَعَالَى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ) [الأَنْفَالُ: 60]، فَفِى غَزْوَةِ أُحُدٍ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ؟ فَقَالَ أَبُو دُجَانَةَ: وَمَا حَقُّهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلاَّ تَقْتُلَ بِهِ مُسْلِمًا وَلا تَفِرَّ بِهِ عَنْ كَافِرٍ. فَأَخَذَ أَبُو دُجَانةَ السَّيْفَ، وَتَقَدَّمَ فِى شَجَاعَةٍ نَحْوَ صُفُوفِ الأَعْدَاءِ، فَوَجَدَ فَارِسًا مُلَثَّمًا يَقُومُ بِتَحْرِيضِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْقِتَالِ، فَأَسْرَعَ أَبُو دُجَانَةَ إِلَى ذَلِكَ الْفَارِسِ، وَقَبْلَ أَنْ يَضْرِبَهُ بِسَيْفِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّهَا امْرَأَةٌ، فَامْتَنَعَ عَنْ قَتْلِهَا إِجْلالاً لِسَيْفِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قصة شَجَاعَةُ عَالِمٍ
مِنْ أَنْوَاعِ الشَّجَاعَةِ: الشَّجَاعَةُ فِي الاعْتِرَافِ بِالْخَطَإِ، فَالْمُسْلِِمُ إِذَا أَخْطَأَ يُسَارِعُ بِالاعْتِرَافِ بِخَطَئِهِ. وَلِذَلِكَ يُحْكَى أَنَّ رَجُلاً اسْتَفْتَى سُلْطَانَ الْعُلَمَاءِ الْعِزَّ بْنَ عَبْدِ السَّلامِ رَحِمَهُ اللهُ فِى أَمْرٍ ما، فَأَفْتَاهُ الْعِزُّ، وَلَمَّا انْصَرَفَ الرَّجُلُ عَرَفَ الْعِزُّ أَنَّهُ قَدْ أَخْطَأَ فِى فَتْوَاهُ، فَلَمْ يُصِرِّ الْعِزُّ عَلَى خَطَئِهِ، بَلْ اسْتَأْجَرَ مُنَادِيًا يُنَادِي فِى الْبِلادِ: أَنَّ مَنْ اسْتَفْتَى الْعِزَّ فِى كَذَا فَلا يَأْخُذْ بِالْفَتْوَى، فَإِنَّ الْعِزَّ قَدْ أَخْطَأَ.
قصة الْمَرْأَةُ الشُّجَاعَةُ
مِنْ أَنْوَاعِ الشَّجَاعَةِ: الشَّجَاعَةُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، فَالْمُسْلِمُ يَسْعَى دَائِمًا إِلَى طَلَبِ الْعِلْمِ. فَذَاتَ يَوْمٍ خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَمَامَ النَّاسِ، وَطَلَبَ مِنْهُمْ أَلاَّ يُغَالُوا فِى مُهُورِ النِّسَاءِ، حَتَّى يُيَسِّرَ أُمُورَ الزَّوَاجِ لِلْفُقَرَاءِ. وَكَانَ مِنْ بَيْنِ الْجُلُوسِ امْرَأَةٌ، فَقَامَتْ وَقَالَتْ لَهُ فِى شَجَاعَةٍ: يَا عُمَرُ، يُعْطِينَا اللهُ وَتَحْرِمُنَا؟! أَلَيْسَ اللهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: (وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا..) [النِّسَاءُ:20]. وَهُنَا عَلِمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ الْمَرْأَةَ أَدْرَكَتِ الصَّوَابَ، وَأَنَّ رَأْيَهَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ، فَقَالَ: أَصَابَتْ امْرَأَةٌ، وَأَخْطَأَ عُمَرُ.
قصة شَجَاعَةُ الْغِلْمَانِ
وَتَارِيخُنَا الإِسْلامِىُّ مَلِيءٌ بِالْمَوَاقِفِ الشُّجَاعَةِ مِنْ كُلِّ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ، بِمَا فِيهِمُ الأَطْفَالُ. فَهَا هُوَ سُمْرَةُ بْنُ جُنْدُبَ يَذْهَبُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ بَعْضِ زُمَلائِهِ لِيَأْخُذَهُمُ الرَّسُولُ مَعَهُ فِى غَزْوَةِ أُحُدٍ. فَقَبِلَ الرَّسُولُ بَعْضَ الْغِلْمَانِ وَلَمْ يَقْبَلْ سُمْرَةَ. فَقَالَ سُمْرَةُ لِلنَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ اخْتَرْتَ هَذَا الْغُلامَ وَلَمْ تَأْخُذْنِى، وَلَوْ صَارَعْتُهُ لَصَرَعْتُهُ. فَأَذِنَ لَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى أَنْ يُصَارِعَ الْغُلامَ، فَصَارَعَهُ سُمْرَةُ وَغَلَبَهُ. فَوَافَقَ الرَّسُولُ أَنْ يَشْتَرِكَ سُمْرَةُ فِى مَعْرَكَةِ أُحُدٍ، وَيَوْمَهَا قَاتَلَ سُمْرَةُ بِكُلِّ شَجَاعَةٍ.
قصة الْغُلامَانِ الشُّجَاعَانِ
لَقَدْ أَظْهَرَ كَثِيرٌ مِنْ أَطْفَالِ الصَّحَابَةِ الشَّجَاعَةَ أَثْنَاءَ الْغَزَوَاتِ مَعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَثَ فِى غَزْوَةِ بَدْرٍ، حَيْثُ نَظَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَإِذَا بِهِ يَقِفُ أَمَامَ غُلامَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ: مُعَاذُ بْنُ عَمْرٍو بْنُ الْجَمُوحِ وَمُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ. وَكَانَ الْغُلامَانِ يُرِيدَانِ قَتْلَ أَبِي جَهْلٍ لأَنَّهُ كَانَ يُؤْذِى النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَمَّا بَدَأَتِ الْمَعْرَكَةُ جَرَى الغُلامَانِ نَحْوَ أَبِي جَهْلٍ بِسُرْعَةٍ، وَضَرَبَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا حَتَّى ظَنَّا أَنَّهُمَا قَتَلاهُ. ثُمَّ ذَهَبَا إِلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَاهُ بِقَتْلِ أَبِى جَهْلٍ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟ فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: أَنَا الَّذِى قَتَلَهُ. فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟ فَقَالا: لا. فَنَظَرَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى السَّيْفَيْنِ فَوَجَدَ آثَارَ الدَّمِ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كِلاكُمَا قَتَلَهُ.
قصة شَجَاعَةٌ وَثَبَاتٌ
وَمِنَ الشَّجَاعَةِ الثَّبَاتُ عِنْدَ لِقَاءِ الأَعْدَاءِ. قَالَ اللهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا) [الأَنْفَالُ:45]. فَفِى مَعْرَكَةِ الْيَرْمُوكِ أَرَادَتْ مَجْمُوعَةٌ مِنْ أَبْطَالِ الْمُسْلِمِينَ اقْتِحَامِ صُفُوفِ الأَعْدَاءِ، فَطَلَبُوا مِنَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ أَنْ يَقُومَ بِالاقْتِحَامِ مَعَهُمْ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: إِنَّكُمْ لا تَثْبُتُونَ. فَقَالُوا لَهُ: كَلاَّ سَوْفَ نَقْتَحِمُ مَعَكَ وَنَثْبُتُ. وَقَرَّرَ الزُّبَيْرُ اقْتِحَامَ صُفُوفِ الأَعْدَاءِ، وَلَمَّا اقْتَرَبَ هُوَ وَالْفُرْسَانُ مِنَ الأَعْدَاءِ تَرَاجَعَ الْفُرْسَانُ مِنْ كَثْرَةِ عَدَدِ جُنُودِ الأَعْدَاءِ، وَلَكِنَّ الزُّبَيْرَ لََمْ يَتَرَاجَعْ، وَاخْتَرَقَ صُفُوفَ الأَعْدَاءِ وَحْدَهُ، وَظَلَّ يَقْتُلُ وَيُصِيبُ مِنْهُمُ الْعَدَدَ الْكَثِيرَ، ثُمَّ رَجِعَ إِلَى أَصْحَابِهِ الْفُرْسَانِ.
قصة شَجَاعَةُ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَانَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَشْجَعِ النَّاسِ، وَضَرَبَ لَنَا أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ فِى الشَّجَاعَةِ. فَذَاتَ لَيْلَةٍ سَمِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ صَوْتًا عَالِيًا يَأْتِى مِنْ خَارِجِ الْمَدِينَةِ، فَظَنُّوا أَنَّهُ عَدُوٌّ جَاءَ لِلْهُجُومِ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَقَبْلَ أَنْ يَتَحَرَّكَ الصَّحَابَةُ مِنْ بُيُوتِهِمْ لِمَعْرِفَةِ مَصْدَرِ الصَّوْتِ، إِذَا بِهِمْ يُقَابِلُونَ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَائِدٌ مِنْ مَصْدَرِ الصَّوْتِ، وَهُوَ يَقُولُ لَهُمْ مُطَمْئِنًا: لا تَخَافُوا لا تَخَافُوا. وَعَلِمَ الصَّحَابَةُ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُسْرِعًا عَلَى فَرَسِهِ بِكُلِّ شَجَاعَةٍِ نَحْوَ الصَّوْتِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ عَرَفَ مَصْدَرَ الصَّوْتِ، ثُمَّ رَجِعَ إِلَيْهِمْ لِيُطَمْئِنَهُمْ.
قصة يَوْمُ حُنَيْنَ
وَكَانَ مِنْ شَجَاعَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَحْتَمُونَ بِهِ إِذَا اشْتَدَّ الْقِتَالُ. فَفِى غَزْوَةِ حُنَيْنَ اغْتَرَّ الْمُسْلِمُونَ بِكَثْرَتِهِمْ، فَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ فِى أَوَّلِ الْمَعْرَكَةِ، وَفَرَّ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِى مَكَانِ الْمَعْرَكَةِ إِلاَّ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْضُ الصَّحَابَةِ الْقَلِيلِينَ. وَسَاعَتَهَا وَقَفَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكُلِّ شَجَاعَةٍ أَمَامَ صُفُوفِ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ رَاكِبٌ بَغْلَتَهُ، وَقَدْ رَفَعَ صَوْتَهُ قَائِلاً: أَنَا النَّبِىُّ لا كَذِبُ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلَبِ. فَلَمَّا سَمِعَ الصَّحَابَةُ قَوْلَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادُوا إِلَى أَرْضِ الْمَعْرَكَةِ مِنْ جَدِيدٍ، وَتَجَمَّعُوا حَوْلَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى هَزَمُوا الْمُشْرِكِينَ.
قصة شَجَاعَةُ الْعَبَّاسِ
لَقَدْ ضَرَبَ الصَّحَابَةُ لِلْبَشَرِيَّةِ أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ فِى الشَّجَاعَةِ وَالثَّبَاتِ. فَقَدْ أَرْسَلَ الرَّسُولُ حَنْظَلَةَ بْنَ الرَّبِيعِ لأَهْلِ الطَّائِفِ يَعْرِضُ عَلَيْهِمُ الإِسْلامَ، وَلَكِنَّ أَهْلَ الطَّائِفَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لِدَعْوَةِ حَنْظَلَةَ لَهُمْ، بَلْ اعْتَدَوا عَلَيْهِ وَحَاوَلُوا اخْتِطَافِهِ، فَلَمَّا عَلِمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ طَلَبَ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنْ يَذْهَبَ رَجُلٌ مِنْهُمْ لِيُنْقِذَ حَنْظَلَةَ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفَ. وَهُنَا قَامَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِكُلِّ شَجَاعَةٍ، وَذَهَبَ إِلَى أَهْلِ الطَّائِفَ لِيُخَلِّصَ حَنْظَلَةَ مِنَ الْخَطْفِ، وَعَادَ بِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَخْشَ أَهْلَ الطَّائِفَ وَحِجَارَتَهُمْ.
قصة الْمُبَارِزُ الْقَوِيُّ
يَجِبُ أَنْ نُرَبِّىَ أَبْنَاءَنَا عَلَى الشَّجَاعَةِ مُنْذُ الصِّغَرِ؛ كَمَا تَرَبَّى عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ. فَهَا هُوَ يَوْمَ الأَحْزَابِ يَقِفُ أَمَامَ الْخَنْدَقِ يَمْنَعُ عَنِ الْمَدِينَةِ الْمُعْتَدِينَ، وَلَكِنَّ عَمْرًا بْنَ عَبْدِ وُدٍّ اسْتَطَاعَ اخْتِرَاقَ الْخَنْدَقِ، ثُمَّ طَلَبَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُخْرِجُوا إِلَيْهِ مَنْ يُبَارِزُهُ. وَهُنَا قَامَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ إِلَيْهِ لِيُبَارِزَهُ، وَقَبْلَ الْمُبَارَزَةِ عَرَضَ عَلِىُّ عَلَى عَمْرٍو الدُّخُولَ فِى الإِسْلامِ، فَرَفَضَ عَمْرٌو. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ عَلِىٌّ بِكُلِّ شَجَاعَةٍ – رَغْمَ صِغَرِ سِنِّهِ – وَبَدَأَتِ الْمُبَارَزَةُ بَيْنَهُمَا، وَمَا هِىَ إِلاَّ دَقَائِقٌ حَتَّى هَجَمَ عَلِىُّ عَلَى عَمْرٍو وَقَتَلَهُ، وَهُنَا فَرِحَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ بِشَجَاعَةِ عَلِىٍّ.
قصة شَجَاعَةُ حَمْزَةَ
كَانَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ أَشْجَعِ الصَّحَابَةِ، فَفِى يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ، وَبَيْنَمَا كَانَ حَمْزَةُ عَائِدًا مِنْ رِحْلَةِ صَيْدٍ خَارِجَ مَكَّةَ مَرَّ بِامْرَأَةٍ، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ شَتَمَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَغَضِبَ حَمْزَةُ وَذَهَبَ إِلَى أَبِى جَهْلٍ. وَقَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ مَعَهُ أَبُو جَهْلٍِ ضَرَبَهُ حَمْزَةُ بِالْقَوْسِ الَّتِى كَانَ يَصِيدُ بِهَا عَلَى رَأْسِهِ، فَأُصِيبَ أَبُو جَهْلٍِ. وَلَمْ يَكْتَفِ حَمْزَةُ بِضَرْبِ أَبِى جَهْلٍِ، بَلْ قَالَ لَهُ بِكُلِّ شَجَاعَةٍ وَإِيمَانٍ: أَتَشْتُمُ مُحَمَّدًا وَأَنَا عَلَى دِينِهِ؛ أَقُولُ مَا يَقُولُ؟! فَرُدّ عَلَىَّ ذَلِكَ إِنْ اسْتَطَعْتَ. وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَبُو جَهْلٍ أَنْ يَرُدَّ الاعْتِدَاءَ لِحَمْزَةَ، وَاكْتَفَى بِالاعْتِذَارِ لَهُ؛ لأَنَّهُ سَبَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قصة شَجَاعَةُ الْحَوَارِىِّ
وَمِنْ أَمْثِلَةِ الشَّجَاعَةِ النَّادِرَةِ لِلزُّبَيْرِ مَا حَدَثَ أَثْنَاءَ غَزْوَةِ الأَحْزَابِ، فَقَدْ عَلِمَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ بَنِى قُرَيْظَةَ نَقَضُوا عَهْدَهُمْ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَاتَّفَقُوا مَعَ قُرَيْشٍ عَلَى حَرْبِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلصَّحَابَةِ: مَنْ يَأْتِينَا بَخَبَرِ الْقَوْمِ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ: أَنَا. فَقَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً ثَانِيَةًَ: مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا. فَقَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً ثَالِثَةً: مَنْ يَأْتِينَا بَخَبَرِ الْقَوْمِ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا. فَأُعْجِبَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَجَاعَةِ الزُّبَيْرِ، وَقَالَ لِلصَّحَابَةِ: إِنَّ لِكُلِّ نَبِىٍّ حَوَارِيًّا، وَإِنَّ حَوَارِيِّ الزُّبَيْرَ.
التسميات
قصص