رواية ليلة الخطوبة كاملة.. الفصل السادس: المطعم العجيب!

رواية ليلة الخطوبة كاملة.. الفصل السادس: المطعم العجيب!

رواية ليلة الخطوبة كاملة.. الفصل السادس: المطعم العجيب!

اليوم مع رواية ليلة الخطوبة كاملة الفصل السادس بعنوان: المطعم العجيب.

راح الجميع ينظرون إلى الدكتور التوني في دهشة شديدة، وسأله جاسر وهو لا يصدق:

معقولة! فكيف يكون سعر هذه الوجبات منخفضًا عن السعر الذي تتكلفه لو تم طهيها بالمنزل؟! مع أنه سيقوم بإعداد
الطعام
طُهاة كِبار يتقاضون
مرتبات مرتفعة، بالإضافة إلى
الموظفين، وعمال المطابخ والمخازن والمطاعم.. كل هذا بجانب ربح أصحاب المشروع، ورغم كل هذه التكاليف يكون السعر أرخص من تكلفة هذا الطعام بالمنزل، لو قامت بصنعه ربَّة الأسرة، حيث لا تُضاف أية أتعاب إلى مكونات الطعام؟!

فقال الدكتور جهاد التوني:

لأننا عندما قمنا بعمل دراسة أوَّلية للسوق المصري، استطعنا التوصل إلى نقطة في غاية
الأهمية
، وهي أن الفرق بين سعر السلعة في حالة بيعها من منتجها، وبين السعر
الذي يشتري به المستهلك النهائي هذه السلعة
يكون هائلاً.

فسألت لمياء في دهشة:

كيف ذلك؟

فرد الدكتور التوني قائلاً:

نعم.. انظروا عندما يبيع الزُّرَّاع في مصر الطماطم بخمسة وعشرين قرشًا، تصل إلى المستهلك بسعر جنيه بالكامل، وعندما يبيعون الخضراوات بسعر خمسين قرشًا، فإنها تصل إلى المستهلك بجنيهين، وحتى اللحوم عندما يبيعها مربي الماشية بخمسة عشر جنيهًا، تصل إلى المستهلك بثلاثين جنيهًا، والألبان عندما يبيعها مربي الماشية بجنيه ونصف، تصل إلى المستهلك بما يزيد على ثلاثة جنيهات!

صاحت هادية وهي لا تصدق:

يا خبر! معقولة! كل هذا الفرق؟

أومأ الدكتور التوني برأسه، وقال:

نعم.. فلو تم إنشاء شركة للزراعة، وأخرى لتربية الماشية والطيور، فإن مكسبنا
يكون فى بيعها لمطاعمنا، فنحن نبيع للمطعم بسعر المستهلك
، فنكسب الفرق بين سعر المنتج وسعر المستهلك، ولذلك لا يجب أن
تضيف مطاعمنا على هذا السعر شيئ
ًا.

صاح وليد في إعجاب:

معنى ذلك أن السعر سيكون هو نفس السعر الذي يشتري به المستهلك المادة الخام من السوق! يا لها من فكرة هائلة!

وبعد عدة أيام فقط، أصبح الأصدقاء مقتنعين تمامًا بالمشروع، ووجدوا أنه عند اكتماله، سيكون أعظم مشروع
للغذاء ف
ي العالم، بل إنه سيكون مشروع القرن!

كان أول ما فكر فيه العلماء المصريون الخمسة، هو كيف
يبدأ المشروع
بالنموذج الأول، ليتم بعد ذلك عمل مئات المشاريع على نفس النمط؛ فيسود في كل أنحاء مصر
الغذاء على أحدث ما وصل إليه العلم.

وكانت الخطوة الأولى للمشروع هي زراعة مائتي فدان باستخدام السماد الطبيعي، وأيضًا وضع دراسة
لعناصر الأرض الزراعية، بحيث تكون بالنسبة العلمية الم
ُتعارف عليها، فيتم غرس
أحدث البذور وأقواها
. أما مكافحة الحشرات والآفات التي تصيب النباتات، فيُستعاض عن الرش بالطرق الطبيعية. ويتم الري بالطرق الحديثة كالرش والتنقيط والرشح؛ ليأخذ النبات ما يكفيه من الماء بالضبط، ويُضاف إلى ذلك
مزارع لتربية المواشي والطيور بكافة أشكالها
، وكذلك المزارع السميكة؛ لتكون اللحوم بأشكالها المختلفة تحت رعاية علماء الإنتاج الحيواني أنفسهم، فيضمن الناس
بذلك وجود
المواشي والدواجن والأسماك بصورة
صحية تمام
ًا، حيث تتناول أعلافًا طبيعية، ولا تصاب
بالأمراض
. أما مخازن الخضراوات
والفواكه واللحوم والطيور بكافة أشكالها، ف
تكون على أحدث ما وصل إليه العلم، بحيث لا تؤدي إلى وجود فاقد. وحتى السيارات التي تنقل كل ذلك، تكون مُجهَّزة بالثلاجات حتى تصل إلى مطابخ الشركة آمنة سليمة. أما مطابخ إعداد الطعام، فهي وفق أحدث ما
وصل إليه علم الأغذية من ن
ِسَب مكونات كل توليفة غذاء،
ووجود عشرات التوليفات المختلفة لكل مرض، ومئات التوليفات بالنسبة لغذاء الأصحاء، وإعادة صياغة الوجبات المصرية لتكون وفق كل ما هو صحي، مع المحافظة في الوقت نفسه
على أن تكون شهية، ليستطيع كل مواطن تناول طعامه ف
ي أمان تام.

وبعد عدة أيام، قال الدكتور اليماني، أستاذ علم الاجتماع: ولكنني من خلال دراستي للحياة المصرية، وجدت أنه يندر ذهاب
العائلة المصرية إلى المطاعم لتناول الغذاء
، وقضاء وقت ممتع بهذه المطاعم.

فأضاف الدكتور جهاد التوني:

فعلاً.. يحدث ذلك لأن المطاعم الموجودة لا تُتيح للفرد إلا الجلوس لدقائق، هي مدة تناوله للطعام، أما المطاعم
التي تصلح أن تكون مطعم
ًا و(كازينو) في الوقت نفسه، فإن وجبة غذاء
الأسرة في
ها توازي دخلها عن شهر بأكلمه!

فسأله الدكتور فهد:

ماذا تقصد بذلك يا دكتور؟

فأجاب الدكتور جهاد قائلاً:

إذا كان الفرد سيتناول الطعام الذي تنتجه شركتنا بنفس السعر، أو أقل من قيمة تكلفته لو قام
بصنع
ه في منزله،
فلماذا لا نقيم مطعم
ًا يُعتبر بمثابة مطعم و(كازينو) في الوقت نفسه،
ف
يتناول فيه أفراد الأسرة طعامهم، بنفس السعر الذي يتكلفونه عندما يصنعونه في منزلهم، ويُضاف إليه
عشرة ف
ي المائة، مقابل
الخدمة فقط.

وبعد مدة، اتفق الجميع على أن يكون المطعم عبارة عن بحيرة
مياة صناعية دائرية الشكل، يسبح فيها البجع
، وتكون حولها
خضرة كثيفة، و
موائد للطعام، يكون الجالسون بها منعزلين تمامًا عن الذين
بجانبهم، ليتناولون طعامهم بحرية
، وعلى بُعد مترين، يرتفع الطابق الأول بارتفاع مترين،
ويحوي موائد للطعام بنفس الكيفية
، وعلى ارتفاع مترين أيضًا، يكون الطابق الثاني، وهكذا حتى عشرة طوابق، بحيث يكون الجالسون على الموائد جميعًا يشاهدون البحيرة
فائقة الجمال،
وبذلك يحوي المطعم خمسمائة منضدة، تتسع لألفي زبون، مما يتيح للمطعم أن يستقبل في اليوم الواحد
ما لا يقل عن خمس
ة ألاف زائر! ويوضع على كل منضدة قوائم بدائل الأطعمة لكافة الأمراض.

ونظرًا لجمال وسحر المكان، فإن الزبائن على المائدة الواحدة قد يقضون اليوم بأكمله، ولذلك
يتم وضع آلة لتسجيل وقت الدخول، بحيث لا ي
ُسمح للأسرة بقضاء
أكثر من ساعة ونصف، أما لو زادت المدة عن ذلك، ف
يُضاعف السعر. وحول هذا المكان تكون
الحدائق الكثيفة تزدان بألوان
وأشكال مختلفة من المزروعات، وداخل أسوار المطاعم توجد محلات البيع (التيك أواي)
، على أن يكون شكل المطعم من الخارج رائعًا، بحيث يُضفي جمالاً على المنطقة الموجود بها.

وعندما وجد ذلك الدكتور التوني، عالم الاقتصاد، قام بتأسيس شركة مساهمة لهذا المشروع، تحت اسم شركة
الأمل
، وسارع حمدي وهادية إلى وضع قيمة القرض الذي
اقرضاه للدكتور فهد ف
ي شراء أسهم
بالمشروع، أما الحاج فاضل
، والد حمدي،
فقد فك
ّر في أن يسدد باقي حصة المشروع بالكامل، ولكن فضلت إدارة المشروع أن تتوزع قيمة الحصص على
أكبر عدد من الناس
، فسارع طلبة كلية الصيدلة العربية، التي تضم جميع الأصدقاء، إلى
المساهمة في المشروع، فوضع كل منهم كل ما لديه
لشراء الأسهم. وبعد شهرين فقط، تم استكمال
حصص المشروع
، فتم شراء أرض منزرعة
بالفعل
، وقامت الشركة بتغيير نوع السماد، وبناء
مزارع لتربية الماشية والدواجن
، وأخرى لتربية الأسماك، وبرز أخيرًا المطعم
بشكله الخارجي الجميل
، وأسواره
التي تحوي محال خارجية للبيع
، ومن داخله
البحيره الجميلة، وحولها موائد المطعم
، والتي تفصل كل منها عن الأخرى الخضرة الكثيفة.

وتم تنفيذ الحملة الإعلانية، وانتشر الخبر. إنه مطعم
تتناول فيه الأسرة كل ما تشتهيه
، وأمام كل
فرد فيها عشرات البدائل من الأطعمة
، والتي أُعدت
وفق أحدث ما وصل إليه العلم، ويجلس فيه الفرد بين الخضرة الكثيفة
، وكل ذلك بنفس السعر الذي يتكلفه الفرد لو قام بصنع
هذا الطعام بمنزله.

وجاء يوم الافتتاح، فارتدي فيه الأصدقاء أحدث ما لديهم، وبَدَت هادية وليماء في غاية الأناقة
والجمال، وسافر جميع طلبة الكلية إلى القاهرة ليشهدوا يوم الافتتاح.

احتشدت الأسر قبل ميعاد الدخول، وتساءل رجل يرتدي
جلباب
ًا متواضعًا من رجال الأمن الذين يقفون أمام مدخل المطعم قائلاً:

هل الأسعار فعلاً هي الأسعار المعلنة! معقول؟!

فلما أخبره رجل الأمن بأن السعر حقيقي، لم يصدق، وهمّ بالدخول مع أسرته، إلا أن رجل
الأمن جعله ينتظر، حتى يتم يحين ميعاد قص شريط الافتتاح.

وما أن أُذِنَ للجميع بالدخول، حتى اقتحمت حشودهم الأبواب، وكأنما يغزون المطعم، وجعل
الجميع يسارع إلى حجز مكان له ولأسرته.

ومرت فترة كان الجميع فيها مأخوذين بروعة وسحر المكان، وراح كل زبون ينظر إلى قوائم
الطعام، والتي تحوي عددًا لا يقل عن أربعمائة وجبة، مقسّمة حسب الأمراض، بالإضافة
إلى الوجبات الخاصة بالأصحاء، وأمام كل وجبة السعر الذي يستطيع أي إنسان دفعه.
وبعد دقائق، كان أمام كل أسرة الطعام الذي اختارته.

وما كاد معظم الزبائن يتناولون الطعام، حتى ظهرت آثار الإعجاب بشهيّة الطعام وحلاوة نَكْهَتِه
على الجميع، وكان الأصدقاء قد حجزوا منضدة لهم وسط الحدائق، وقد ذاقوا الطعام،
فوجدوه بالفعل أشهى من أي طعام تناولوه من قبل.

وفجأة، انطلق صوت رجل يصيح وهو يتلوى من شدة الألم:

الحقوني..الحقوني!!
وانطلق في أعقابه صوت رجل آخر:

اطلبوا الإسعاف فورًا!

وما أن مرت عدة دقائق حتى وصلت سيارة الإسعاف، وقامت بحمل الرجل، فانطلق صوت رجل آخر
مهددًا ومحذرًا:

يجب تفتيش المطعم، وخاصة الطعام المخزون!

أسرع صاحب الصوت نفسه يجري تجاه المخازن، ومن وراءه كان يجري رجل آخر ملازمًا له، ثم
جرى رجال الأمن خلفهما، وبعد عدة دقائق، فوجئ الجميع بأحد الرجلين يقف أمام أحد
المخازن، ووضع يديه على ثمرة كرنب مُعدّة للحشو، وصاح في الناس:

ابتعدوا!
ابتعدوا؛ فالخضار يحوي مادّة مُشعَّة!

لم يصدق أحد ما حدث في بداية الأمر، إلا أنه وبعد ساعتين فقط، وصل التقرير الطبي،
وكانت نتيجته مذهلة، حيث أوضح أن الرجل تناول بالفعل طعامًا به مادّة مُشعّة، وظهر

أن ثمرة الكرنب التي أخرجها الرجلان تحوي مادّة مُشعّة أيضًا!

وما أن سمع محامي الشركة بذلك، حتى صاح قائلاً:

إن معنى ذلك أن الشركة ستُغلق تمامًا، ويضيع عليكم المشروع!

شعر حمدي وهادية والأصدقاء أن كل ما لديهم من مال قاموا بوضعه في المشروع، قد ضاع
عليهم إلى الأبد!!

****

اقرأ كل فصول رواية ليلة الخطوبة من هنا

الأول: الخطوبة السعيدة

الثاني: شيك بدون رصيد

الثالث: حقيقة الموقف

الرابع: العلم.. والغذاء

الخامس: الوجبة المتكاملة

السادس: المطعم العجيب!

السابع: المؤامرة!

الثامن: الشركاء الثلاثة

التاسع: دافع الجريمة

العاشر: الصفقة المقترحة

الحادي عشر: سقوط العصابة

الثاني عشر والأخير: الفكرة الشيطانية!

شاهد قناة قصة لطفلك

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال