رواية ليلة الخطوبة مكتوبة.. الفصل الخامس : الوجبة المتكاملة
اليوم مع رواية ليلة الخطوبة مكتوبة الفصل الخامس بعنوان: الوجبة المتكاملة.
انتفض الدكتور مخلوف واقفًا، وأسرع في مغادرة المكان، واضطر الدكتور فهد إلى الخروج معه، فوجد الأصدقاء أنفسهم يهرعون ليلحقوا بهما.
ولم تمر إلا دقائق معدودة حتى كان الجميع في المستشفى، وما أن اقترب الدكتور مخلف من باب غرفة العناية المركزة، حتى أشارت زوجة الرجل إلى أحد الأطباء وقالت:
ها هو الدكتور رفعت، إنه المسئول عن صحة زوجي فى غرفة الرعاية.
وما كادت عين الدكتور رفعت تقع على المرأة، حتى نَدَت عنه ابتسامة رقيقة، وقال:
الحمد لله.. لقد أنقذناه في آخر لحظة!
سأله الدكتور مخلوف في حيرة:
أنا الدكتور مخلوف، أستاذ الباطنة، والذي كتب له الدواء،
فماذا حدث؟
أجاب الدكتور رفعت في أسًى:
للأسف! إنه بدلاً من أن يتناول نصف قرص من الدواء الذي كتبته له، تناول ثلاثة أقراص مرة واحدة!
فانتفض الدكتور مخلوف، واتجه إلى زوجة الرجل، وخاطبها قائلاً في ثورة وتأنيب:
ألم أنبِّه عليكِ مرارًا أن يتناول نصف قرص فقط بعد الأكل؟
فقالت المرأة، وقد شعرت بحرج شديد:
لقد وجد أنه بعد أن تناول نصف القرص لم يتحسن، فناولته قرصًا كاملا، وبعد ساعة لم يتحسن، فناولته قرصين!
هزّ الدكتور مخلوف رأسه، وقال في حنقٍ وأسى شديدين:
لقد كدتِ تقتلين زوجك بجهلك!
اجتمع الأصدقاء مع الدكتور فهد وزملائه في اليوم التالي، وكان الاجتماع هذا المرة في منزل حمدي.
بادر الدكتور فهد قائلاً:
هل تعرفون أننا جئنا منذ ستة أشهر لتنفيذ هذا المشروع؟! وقد لا تتصورون مدى الجهد الذي قام به صديقي الدكتور مجد الدين اليماني في عمل مسح اجتماعي للسوق المصري، فلولاه لما توصلنا إلى أفكار مشروعنا.
قال الدكتور اليماني في تواضع:
في الحقيقة، إنني لست وحدي من قام بالعمل، بل شارك فيه معي علماء المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، وكما قلت لكم: إن أول ملاحظة لنا، أن الأسرة المصرية تنشد وجود أطعمة مضمونة منذ بداية زراعتها، ولذلك وجدنا أنه لو وجد مطعم تُنتج فيه هذه الأطعمة، فسوف تتجه أنظار معظم الناس إليه.
صاح حمدي مؤكدًا:
فعلاً، حتى ولو كانت أسعاره مرتفعة.
هزّ الدكتور اليماني رأسه مؤكدًا، وأردف قائلاً:
كما توجد ظاهرة أخرى في مُنتهى الأهمية.
فسألته لمياء في شفف:
وما هي؟
فأجابها قائلاً:
لا توجد في المطاعم المصرية الوجبة المتكاملة للفرد!
فردّ جاسر متسائلاً:
وجبة متكاملة للفرد! ماذا تقصد بذلك؟
أجابه قائلاً:
نعم، قد تتضمن الوجبة في مصر الفول والطعمية والسلاطة، أو أن تكون متكونة من كفتة وكباب أو كبدة، مع السلاطة، وكل ذلك لا يعتبر وجبة متكاملة، فيندر أن نجد وجيه تحوي الخضار والأرز والفاكهة أو الحلوي، ومعها السلاطة والمشروب، فالوجبة المتكاملة هذه لا توجد إلا في المطاعم الكبرى، والتي لا يتحمل معظم الأفراد أسعارها.
نظر الأصدقاء إلى حمدي، فهز رأسه موافقًا، وأردف الدكتور اليماني قائلاً:
كذلك لا يوجد في السوق المصري بيع لجزئية واحدة لفرد، فمثلاً، لا يوجد فكهاني يبيع إصبعين من الموز، أو برتقالة واحدة، أو تفاحة واحدة، كما لا يوجد محل حلوى يبيع قطعة بسبوسة صغيرة لفرد، أو قطعة كنافة، أو جاتوه، وغيرهما من أنواع الحلوى!
صاح حمدي في دهشة:
وحدات من الفاكهة! ليت ذلك يحدث، فلو ذهبت إلى بائع فاكهة وطلبت منه كيلو برتقال، ربمايقول لك في ضيق: تشتري كيلو واحدًا، وتريد أن تنتقي ما تريده؟!
فصاح الدكتور فهد، وهو يُحيل النظر بين الجميع:
تخيلوا لو أن كل مريض بمرض مُزْمِن يجد أمامه عشرات البدائل من توليفات الطعام الصحي كامل النظافة، والذي يتم إعداده وفق أحدث ما وصل إليه العلم، حيث التربية الطبيعية، والتخزينالصحي، والطهي السليم، وبالنسب المتعارف عليها علميًّا، وبالإضافة إلى كل ذلك، يقوم بإعداده طهاة على أعلى مستوى؛ فيكون الطعام شهيًّا، بل ويتناول كل فرد ما يحلو له.
صاح وليد في حماس:
فعلاًَ.. سيُقبل عليه المصريون جميعًا!
إلا أنه طلال تساءل غير مصدّق:
ولكن دخل معظم الناس منخفض، والطعام بهذه المواصفات سيكون سعره مرتفعًا جدًّا.
وهنا، فوجئ الجميع بالدكتور جهاد التوني، أستاذ الاقتصاد، يقول:
بالعكس! ستكون وجبات الطعام هذه أرخص منها لو قامت بطهيها كل أسرة في منزلها!
فنظر الجميع إليه في ذهول!!
****