أَول المُبَشَّرينَ بالجَنَّةِ أَبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ
اليوم نبدأ سلسلة جديدة من سيرة الصحابة المبشرون بالجنة، وأول هؤلاء أبو بكر الصديق رضى الله عنه.
هوَعبدُ الله بنُ أبى قحَافَةَ مِنْ قَبيلةِ قريشٍ وأمهُ هىَ أمُ الخَيرِ سَلمى بنتُ صَخْر، وقدْ وُلِدَ بَعْدَ الرسُولِ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ بسنتينِ وَعدةِ أَشْهرٍ .
وفى الجَهِليةِ كَانَ مِنْ رُؤسَاءِ قريشٍ ومِنْ أكْبرِ التجَّارِ وأَغْناهُمْ كما عرِفَ فى الجَاهِليةِ بِحسنِ الخُلقِ والمروءةِ والعِفةِ ورجَاحَةِ العَقْلِ .
ولَقدْ نَشأتْ صَداقةٌ قَويةٌ بينَ مُحمدٍ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ قَبْلَ الإِسلامِ واستمرتْ هَذهِ الصدَاقَةُ والصحبةُ بعدَ الإسْلامِ.
ولِذلكَ لمْ يَترددْ أبو بَكْرٍ في تصديقِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ فكانَ أولَ مَنْ أَسْلمَ مِنْ الرِّجالِ الأحرار.
وفي السنواتِ الأُولَى مِنْ الدَّعوةِ الإسلامِيةِ بَذَلَ أبو بَكْرٍ الكثيرَ مِنْ مَالِهِ في شِراءِ العبيدِ الذينَ أَسْلمُوا فَخَلَّصَهُمْ مِنَ الذابِ والعبودِيةِ وأعتَقَهُمْ لوجهِ الله.
لماذا لُقَّبَ بالصِّدِّيقِ
بعدَ أَنْ عادَ النبَّىُّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ مِنْ رحْلةِ الإسْراءِ والمِعراجِ أَخَذَ يحدثُ الناسَ في مَكَّةَ عنْ تلكَ الرحلةِ فكذَّبوهُ وسَخِروا مِنْهُ كَعَادَتِهمْ.
إلاّ أَبو بَكْرٍ الّذى أَخَذَ يَستَمعُ إلى النبَّىَّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ وهو يَصِفُ رِحْلَتَهُ..
ثمَّ قَالَ لَهُ: صَدَقْتَ .. أَشْهدُ أَنَّكَ رَسولُ الله، وحِينَئذٍ لقب أَبو بَكْرٍ بالصِّدِّيقِ .
هِجْرَتُهُ مع النَّبىَّ
اخْتارَ النبَّىَّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ أَبا بَكْرٍ لِيصَاحبَهُ فى هِجْرتِهِ مِنْ مكةَ ألى المدينةِ المنورةِ.
فكانَ ذلكَ تَشْريفاً وتَكْريماً مِنْ اللهِ ورسولِهِ لأبى بَكْرٍ الصَّدَّيقِ حَيْثُ سجَّلَ القرآنُ الكريمُ ذلكَ في قَولهِ تَعالى:
﴿إلّا تَنْصُرُوهْ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الّذينَ كَفَرُوا ثاَنىَ اثنينِ إِذْ هُما فى الغَارِ إِذْ يَقولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا﴾
الآية 40 من سورة التوبة .
جِهادُهُ فى سبيلِ اللهِ
إلى جَنبِ جِهادِ أبى بَكْرٍ بِمالِهِ جَاهَدَ بِنْفسِهِ أَيْضاً فى سبيلِ اللهِ فَشَارَكَ النَّبىَّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ فى جَميعِ الغَزواتِ.
وكَانَتْ اَولها غَزْوةَ بَدْرٍ الكُبرى وآخِرُها غَزْوةَ تَبوك فى السنةِ التاسِعَةِ مِنْ الهِجْرةِ.
الخَليفَةُ الأوّلُ
بَعْدَ عودةِ النَّبىَّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ مِنْ حجَّة الوَداعِ في السنةِ العَاشرةِ مِنْ الهِجْرةِ اشتدَّ بِه المرضُ ثم انتقلَ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ إلى الرَّفيقِ الأَعْلَى.
وأجمعَ الصَّحابةُ مِنْ المُهاجرينَ والأنصارِ على اختيارِ أَبى بَكْرٍ خليفةً لرسُولِ الله صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ.
وفى مدةِ خِلافَتهِ التى استمرتْ لمدَّةِ سنتينِ وثلاثةِ أَشْهُرٍ وعشرِ ليالِ أَنْجزَ الكثيرَ مِنْ الأعمالِ العظيمةِ في تاريخِ الدعوةِ الإسْلامِيةِ مِنْها :-
1-
أَنَّهُ أَرْسَلَ الجيشَ الّذى أَعَدَّهُ النَّبىَّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ قَبْلَ وفَاتِهِ لغزوِ الرُّومِ بِقيادةِ أُسامةَ بنِ زَيْدٍ وَعَادَ أُسامةَ بجيشِهِ منْتصراً
2-
حروب الردة :-
بعدَ وفاةَ النبىِ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ارتدتْ العربُ ومنعت ْالزكاةَ واختلفَ رأىُ الصحابةِ فى قِتَالهِمْ مَعَ تكلُمهمْ بالتوحيدِ، قالَ عمرُ بنُ الخطابِ:
” كيفَ تقاتلُ الناسَ وقدْ قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ” أُمرتُ أَنْ أُقاتلَ الناسَ حتى يقولوا لا إلهَ إلا اللهُ، فإذا قالوهَا عَصمُوا منّي دماءَهم وأموالهَم إلا بحقِها، وحسابُهمْ على اللهِ” .
قالَ أَبو بَكْرٍ “ الزكاةُ حقُّ المالِ “ وقال “ واللهِ لأقاتلنَّ مَنْ فرّقَ بينَ الصلاةِ والزكَاةِ، واللهِ لو منعوني عَنَاقاً كانوا يؤدّونَها إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ لقاتلتُهمْ على مْنعِها.
وهَزَمَ اللهُ المرتدينَ وخَمَدَتْ نِيرانُ تِلْكَ الفِتْنةِ وَلَمْ يَمُتْ أَبو بَكْرٍ حَتَى اسْتقَامَ الدِّينُ وأنْتَهى أمْرُ المُرتدِّينَ .
وتوفِّىَ أَبو بَكْرٍ الصِّديقُ فى السَّنةِ الثَّالِثةَ عَشْرةَ مِنْ الهِجْرةِ وهو ابنُ ثلاثٍ وستينَ سنةً ودفِنَ رَضىَ اللهُ عَنْهُ إلى جوارِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ .