رواية ليلة الخطوبة .. الفصل الأول : الخطوبة السعيدة

رواية ليلة الخطوبة .. الفصل الأول : الخطوبة السعيدة

رواية ليلة الخطوبة .. الفصل الأول : الخطوبة السعيدة

ننشر لكم بداية من اليوم فصول رواية ليلة الخطوبة كاملة..
لم يصدق حمدي ما حدث، وسأل نفسه في سعادة غامرة:
أخيرًا..أخيرًا ستتم خطوبتي لهادية، بعد أن أنقذنا الله من الموت على يد أخطر عصابة؟!
بَيْدَ أن سعادته لم تكن بأشد من سعادة هادية، والتي تجد فيه فتى أحلامها؛ فهو أذكى شاب عرفته، وهو الطالب النابغ المتفوق، والذي يظفر دائمًا بالمركز الأول عن جدارة، 
وفوق كل ذلك، فإنها تشعر معه دائمًا بالأمان والحب والألفة. 
ومما ضاعف سعادتها، أن جميع أفراد عائلة حمدي يفيضون بالحنان والحب اللذين افتقدَتْهما مع زوجة أبيها القاسية، أما والدها نفسه، فإنها كانت طوال عمرها تفتقد إلى وجوده بالمنزل، حيث كان يعمل دائمًا خارج البلاد.
وكان الكثيرون من طلبة الكلية قد حاولوا التقرب من هادية؛ حيث يجد كل منهم فيها فتاة أحلامه؛ فهي أجمل وأذكى فتاة بالكلية، بالإضافة إلى أدبها الجمّ، وروحها المرِحَة.. ولكن، لَمَسَ كل منهم بنفسه مدى قوة الرابطة التي تربطها بحمدي، والتي كانت تشتد قوة مع كل مغامرة تجمعهما معًا.. 
فامتثل الجميع للأمر الواقع! صار حلم الحبيبين حقيقة، حيث تم الاتفاق بين والديهما على موعد الخطوبة، وما أن علم طلبة الكلية بذلك، حتى سارع كل منهم بعرض المساهمة في إقامة هذا الحفل.
قال طالب صومالي الجنسية يُدعى أحمد وِلْد داده:
يا جماعة، إن عدد طلبة الكلية يصل إلى أربعمائة وخمسين طالبًا، بالإضافة إلى أعضاء هيئة التدريس وإدارة الكلية، ولو أضفنا إلى كل هؤلاء أقارب الخطيبين ومعارفهما، فسيتجاوز ذلك الآلف، ولذا فإنه لا توجد قاعة فندق تستوعب مثل هذا العدد! 
عقّبت طالبة لبنانية تُدعى راندا نوّار قائلة: 
ولماذا لا نستخدم الأرض الفضاء المعدَّة لتوسعات الكلية، والتي تبلغ مساحتها مائتي ألف متر، ليُقام عليها سرادق يتسع لكل هذا العدد؟!
استحسن الجميع الفكرة، واتفقوا على أن يساهم كل طالب في مصاريف الحفل، واختاروا جاسرًا لكي يقوم بتحصيل مساهمات الطلبة.
وبعد مرور ثلاثة أيام فقط، استطاع جاسر تحصيل مساهمات الجميع، فصاح طلال وهو لا يصدق:
تصوّروا!! لقد بلغت المساهمات ستمائة وخمسين ألف جنيه بالتمام والكمال!
علّقت فتاة جزائرية تُدعى سونيا قائلة:
عظيم! إن ذلك يكفي لإقامة سرادق كبير، وسداد أتعاب الفرقة الموسيقية الكبرى، وشراء عشاء وحلوى تكفي لما يزيد عن ألف مدعو.
وما أن شرع الجميع في استئجار السّرادق، حتى أخبرتهم إدارة الكلية بأنها قد تلقت من الشيخ بن حمدان، والد هادية، نصف مليون جنيه لإقامة الحفل على حسابه الخاص.
فصاح وليد في حيرة:
معنى ذلك أننا يجب أن نُعيد لزملائنا قيمة ما ساهموا به! فاعترضت فتاة تونسية قائلة:
هذا خطأ؛ فنحن جميعًا نعتبر هذه مساهمة منال حمدي وهادية، فالأفضل إيداعها باسمَيْهِما في أحد البنوك.
وافق الجميع على الفكرة، واضطر جاسر إلى إيداع هذا المبلغ الضخم في خزينة ملابسه، حتى يودعه في اليوم التالي بالبنك.
إلا أنه لم يجد وقتًا لإيداعه في اليوم التالي بالبنك، حيث انشغل تمامًا مع طلال ولمياء ووليد في الإعداد للحفل، والذي سيُقام بعد ثلاثة أيام، وكان عليه أن يسارع بالسفر إلى مدينة الإسكندرية بسيارته، للتعاقد مع أكبر وأشهر محل للحلوى بها، لشراء حلوى لعدد يزيد عن الألف مدعو. أما وليد وطلال فكان عليهما الذهاب إلى محل الفراشة الموجود بمدينة العلَمين لاستئجار قماش السرادق الهائل، بينما تقوم لمياء وبعض فتيات الكلية بتجهيز فستان الفرح، وتجهيز العروس هادية.
جاء يوم الحفل، والذي ضم أكثر من ألف مدعو، وكان والد حمدي ووالدته وشقيقته قد حضروا مبكرًا، أما الشيخ بن حمدان، والد هادية، فقد أتى بعد بداية الحفل بساعة واحدة، وكان بصحبته ابن أخيه سعفان، والذي سبق أن تقدم لخطبة هادية ورفضته، ولذلك حرص على أن يترك كل أعماله بالخارج، ليحضر خطوبة ابنة عمِّه هادية، والتي جذبت أنظار جميع من بالحفل بجمالها الباهر، وقد جعلها التاج الذي وضعته فوق رأسها أبهى جمالاً، وكأنها ملكة متوجة.
سرت كل مراسم الحفل كما خَطَّط لها مسئول العلاقات العامة بالكلية، والذي حرص على أن يسجل من خلال كاميرا الفيديو كل ما يدور بالحفل. أما الفرقة الموسيقية، فقد حرصت على أن تعزف جميع الأغاني الشهيرة بكل بلد عربي كتحية لهم.
علَّق الحاج فاضل، والد حمدي، قائلاً للشيخبن حمدان، والد هادية، وقد تهلّلت أسرير وجهه:لقد صِرْنا عائلة واحدة يا شيخ بن حمدان. فأومأ الشيخ برأسه مؤكدًا، وقال في سعادة غامرة:
هذا ما أثلج صدري وضاعف سعادتي يا حاج، فإنني أشعر أن ابنتي لن تذهب إلى أحد غريب. وكانت إدارة الكلية قد فكّرت في أمر مبيت الأهالي والمعارف الذين سيحضرون الحفل ولن يستطيعون العودة في منتصف الليل، ولذلك حرصت على توفير أماكن للمبيت في استراحة إدارة التدريس وشئون الطلبة بالكلية.
فلما انتهى الحفل وغادر الجميع السرداق إلى الأماكن المخصصة لمبيتهم، حرص الأصدقاء الثلاثة جاسر ووليد وطلال، مع مجموعة من الطلبة، على السهر مع حمدي حتى انتصف الليل، فذهب الجميع إلى استراحة الطلبة للمبيت، تاركين حمدي وهادية اللذين ذهبا للاطمئنان على مبيت أهْلَيْهِمَا.
وبينما كان كل من جاسر ووليد وطلال يصعدون سلم الاستراحة، قال طلال لجاسر: احْرِص على أن تذهب صباحًا إلى البنك، حتى تتخلص من هذا المبلغ الضخم الموجود بخزينة ملابسك، فالكل يعرف أنه موجود بحيازتك.
فأومأ جاسر برأسه مؤكدًا، وقال لطلال:
وعليك أنت مساعدتي في ذلك، بإيقاظي مبكرًا؛ فإنني أخشى ألا ألحق مواعيد البنك غدًا.
وما كاد جاسر يقترب من غرفته، حتى وجد بابها مفتوحًا، فأُصيب بدهشة كبيرة؛ كما فوجئ بشبح رجل راقد على سريره، وعندما ألقى نظرة على خزينة ملابسه، وجد بابها مفتوحًا، فنَدَتْ عنه صرخة مرتفعة، وصاح مستغيثًا: الحقوني…لقد سُرقت!!

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال