رواية ليلة الخطوبة للناشئة.. الفصل الثامن: الشركاء الثلاثة

رواية ليلة الخطوبة للناشئة.. الفصل الثامن: الشركاء الثلاثة

رواية ليلة الخطوبة للناشئة.. الفصل الثامن: الشركاء الثلاثة

اليوم مع رواية ليلة الخطوبة للناشئة الفصل الثامن بعنوان: الشركاء الثلاثة.

بالرغم من الذهول الذي أصاب هادية ولمياء، إلا أنهما سرعان ما استعادتا تركيزهما، وجعلت هادية تتصرف مع الموقف- رغم خطورته- بلباقة تامة، فاستغرقت في رسم دور الصحفية المجتهدة، وأخرجت (بلوك نوت) صغير، وجعلت تسأل الرجل بحس الصحفي، وهو ما جعلها تزيل شك الرجلين اللذين كانا طوال المحادثة يحدقان النظر إليهما، ثم أنهت هادية حديثها قائلة للرجل:

إنني أشكرك جدًّا يا عمي عبد السميع، وسوف ننشر هذا التحقيق الصحفي على صدر جريدة الكلية.

وما كادتا تغادران المستشفى، حتى قالت لمياء:

يا خبر! لقد اتضحت لنا المفاجأة التي لم تكن في الحسبان أبدًا، وهي أن يكون الرجل شريكًا في الجريمة!

وما أن استقلتا التاكسي في طريق العودة للقاء الأصدقاء، حتى تساءلت هادية وهي لا تصدق:

لقد فكرت يا لمياء فيما حدث، فاتضح لي أن هناك أمرًا لا يمكن تصديقه أبدًا!

فسألتها لمياء في دهشة ولهفة:

وما هو؟

اقتربت هادية من لمياء، وقالت بصوت هامس؛ حتى لا يسمعها سائق السيارة:

المعروف أن هذه المادة المُشعّة تحرق الخلايا تمامًا، فالمصاب بالإشعاع يتعرض لأخطر الأمراض، كالسرطان وغيره، فكيف يجرؤ هذا الرجل على القيام بذلك؟ إنه وكأنما اتفق مع المُجرِمَيْن على أن ينتحر! فهل يرضى أن ينتحر مقابل مبلغ من المال مهما كانت قيمته؟!

وما أن تقابلتا مع بقية الأصدقاء، وروتا لهم ما حدث، حتى أصاب الذهول الجميع، فصاح وليد في حيره:

فعلا يا هادية! فلا يمكن لإنسان أن ينتحر مقابل أي مال، وما قيمة المال بالنسبة له إذا كان سيفارقه؟

وتساءل جاسر متعجبًا:

إن هذا اللغز محير فعلاً؛ فزيارة المُجْرِمَين للرجل في المستشفى تؤكد أنهما على صلة به، وبالتالي يكون مشتركًا معهما في الجريمة، ولكن هل يكون دوره في هذه المؤامرة أن يقتل نفسه بالإشعاع؟ إن هذا لا يُعقل أبدًا!

وراح كل منهم يفكر في الأمر لمدة، وأخيرًا قال حمدي:

لا توجد أمامنا وسيلة سوى مراقبة عبد السميع هذا؛ لأننا لا نعرف عنوان هذين الرجلين، ولا اسمَيْهما، فهما قدما ثمرة الكرنب للشرطة، ولم يفطن أحدنا إلى ذلك وسط الزحام.

قام حمدي يرافقه جاسر بمراقبة الرجل بعد أن تنكّرا، وكان أول دور عليهما القيام به، هو الذهاب إلى المستشفى، للحصول على بياناته من الاستقبال، وقد عرفا من خلال ذلك أن الرجل يسكن في حي الحسينية، فصاح حمدي قائلاً:

إن منزل الرجل قريب من منزل عائلتي السابق، والكائن بحي خان الخليلي.

لم يكد كلاهما يمران أمام باب بيت الرجل ويسرعان في الدخول، حتى توقف جاسر فجأة، وتساءل في حيرة:

ماذا سنفعل؟ يجب أن نضع أولاً خطة للاستفسار عن الرجل.

فكّر حمدي لثوانٍ، ثم قال:

إن الرجل الآن راقد في المستشفى، فلو دخلنا منزله بحُجّة أنه صديق لوالدي، الذي أرسلنا للاطمئنان عليه، فإن أهله بالقطع لن يشكوا في أمرنا، فنستطيع بذلك الحصول على بيانات وافية عن هذا الرجل.

وما كاد حمدي يستكمل كلامه، حتى وجد رجلاً ينزل من على سُلّم المنزل، وعندما توقف وسألهما عن سر تواجدهما أمام المنزل، اضطرّ ا إلى سؤاله عن عبد السميع المغربي، فأخبرهما أنه يسكن في الطابق الثاني، وأسرع مغادرًا، فلم يجد الصديقان بُدًّا من الصعود، وما أن طرق حمدي الباب عدة طرفات، حتى فتحت لهم امرأة كبيرة السن، فبادر حمدي
بسؤالها قائلاً:

هل الأستاذ عبد السميع موجود؟

جعلت المرأة تُحدّق في وجْهَيْهما بنظرات ملؤها الشك، ثم أجابت قائلة:

لا.. إنه في المستشفى.

فسارع حمدي قائلاً:

لقد أتينا من الإسكندرية خصيصًا للسؤال عنه، فوالدي الحاج رضوان الكاشف صديق قديم له، ولكنه مريض وملازم للفراش، ولما عرف بخبر إصابته من الجرائد، طلب مني زيارته لأطمْئِنَه عليه.

ردت المرأة في حيرة وشغف:

تُطمئنه عليه!!

وقف الصديقان لثوانٍ في انتظار أن تطلب منهما المرأة الدخول، أو مجرد دعوتهما لتناول الشاي، ولكنها قالت بلهجة من يرغب في إنهاء الحديث:

إن الحاج عبد السميع موجود بالمستشفى.

اضطر الصديقان إلى مغادرة المنزل وهما في غضب وضيق شديدين، ولم ينطق أحدهما بكلمة واحدة حتى وصلا إلى الكافيتريا المُلْحقة بالفندق، الذي تقيمان فيه هادية ولمياء، وكان في انتظارهما أيضًا وليد وطلال:

روى جاسر ما حدث وهو في حالة من الضيق الشديد، وما أن أنهى حديثه، حتى سادت بين الجميع حالة من الصمت، ولم تلبث هادية أن قطعته قائلة:

يا جماعة، إن موقف هذه المرأة يجعلنا نشك أكثر في عبد السميع المغربي هذا!

فلما التفت إليها الجميع، وجعلوا ينظرون إليها في حالة من الحيرة، أردفت قائلة:

نعم..
إن امرأة في هذا العمر، وفي حالة فقر شديد، وجاهلة أيضًا، من المؤكد لو جاء أحد قادم من سفر طويل، وسألها عن صحة زوجها، أنها لن تتردد ثانية واحدة في استضافته، أو على الأقل ستشكره.

توقفت هادية، وراحت تنقل نظراتها بين الجميع، ثم أردفت قائلة:

وبما أن المرأة لم تفعل ذلك، وشكّت في أمر حمدي وجاسر، فإن ذلك يعني أحد أمرين: إما أن هذه المرأة تشارك زوجها في الجريمة، أو أن لديها تعليمات بألا تُدخل أحدًا الشقة، وهذه التعليمات قد تكون من زوجها، أو من المُجْرِمَين نفسيهما، وفي كلتا الحالتين، فإن ذلك يعني أن عبد السميع المغربي هذا لغز، فكيف يضحي بنفسه بالانتحار مقابل مبلغ من المال؟!

فعلّقت لمياء بالقول:

يبدو أن هذا الرجل يعاني من فقر شديد، لدرجة أنه يضحي بعمره كله من أجل أن يترك مبلغًا من المال لأولاده!

فقال طلال في أسًى شديد:

لقد تعقد الأمر الآن تمامًا!

فلما نظر إليه الجميع متساءلين، أجاب موضّحًا:

نعم..
فقد اتضح أن هذا الرجل مشترك في الجريمة مع هذين المجرمين، كما أنه لا يهمه الموت، فتخيلوا رجلاً لا يهمه الموت، هل يخشى القانون؟!

فاندفع وليد قائلاً:

لا يوجد أمامنا سوى إبلاغ رجال المباحث، فعندما يثبت شريط الفيلم لهم أن الرجلين اندفعا فورًا إلى ثمرة الكرنب الوحيدة، وأخرجاها من وسط آلاف الثمرات، دون أن يقوموا بتفتيش المخزن، فإن ذلك سيثبت لهم أنهما قد دبَّرا كل ذلك.

فعقَّب طلال مؤكدًا؟

صحيح! والأمر الثاني الذي يؤكد ذلك أن المُجرِمَيْن على علاقة بالرجل المصاب.

وفي صباح اليوم التالي، كان الأصدقاء الستة في مكتب رئيس مباحث مركز الشرطة باب الشعرية، وبعد أن ذكروا له ما حدث، وعقِبَ مشاهدته لشريط الفيديو، قال لهم:

إننا لا نعرف شيئًا عن الرجلين، ولذا علينا أولاً أن نحصل على معلومات كافية عن هذا الرجل المُصاب.

غادر الأصدقاء مكتب رئيس المباحث، وذهبوا جميعًا لتناول الغداء في منزل أسرة حمدي، وبينما كان الجميع يتناولون الغداء، إذا بتليفون حمدي المحمول يرن، وكان المتحدث رئيس المباحث، فترك الجميع الطعام، وراحوا يتابعون حمدي وهو يتحدث، فما كاد ينهي المكالمة حتى أطرق قليلاً، وقال وهو لا يكاد يصدق:

تصورا أن الرجل ليس له أولاد، وأنه تزوج رغم كبر سنه من هذه المرأة منذ شهر فقط؟!

فصاح وليد:

إن معنى ذلك أن الرجل لم يفعل ذلك من أجل أولاده، فلماذا يُقدم إذن على قتل نفسه؟

وهنا أصيب الجميع بذهول تام!

****

اقرأ كل فصول رواية ليلة الخطوبة من هنا

الأول: الخطوبة السعيدة

الثاني: شيك بدون رصيد

الثالث: حقيقة الموقف

الرابع: العلم.. والغذاء

الخامس: الوجبة المتكاملة

السادس: المطعم العجيب!

السابع: المؤامرة!

الثامن: الشركاء الثلاثة

التاسع: دافع الجريمة

العاشر: الصفقة المقترحة

الحادي عشر: سقوط العصابة

الثاني عشر والأخير: الفكرة الشيطانية!

شاهد قناة قصة لطفلك

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال