عروة بن الزبير جبل الصبر رضى الله عنه

عروة بن الزبير
 
 
 

عروة بن الزبير

من هو عروة بن الزبير؟

§       هل تعرف الزبير بن العوام، حواري رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأول من سل سيفا فى الإسلام..وأحد العشرة المبشرين
بالجنة..؟ إنه أبوه.

§       هل تعرف السيدة أسماء بنت أبى بكر، ذات
النطاقين والتى شقت نطاقها يوم الهجرة شقين لتربط بأحدهما مزود رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وبالآخر سقاءه..؟، إنها أمه.

§       هل تعرف السيدة الجليلة أم المؤمنين
عائشة رضى الله عنها.. إنها خالته..

§       هل تعرف أن عبد الله بن الزبير أول
مولود للمهاجرين بالمدينة.. شقيقه.

§       هل تعلم أن أبوبكر الصديق ، الصحابى الأول،
خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاحبه فى الغار يكون جده لأمه.

§       هل تعلم أن السيدة الجليلة صفية بنت عبد
المطلب، عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحبة المواقف الشجاعة فى تاريخ
الصحابيات تكون جدته لأبيه.

*

نعم
ـ أيها الأصدقاء ـ إن عروة بن الزبير بن العوام قد ولد وترعرع فى بيئة طيبة طاهرة،
ويعد بيته من أعز بيوت المسلمين شأنا وأرفعها مقاما. وكان مولده فى أواخر خلافة
الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه. لذلك فهو يعد من سادة التابعين، لأنه لم يرا
رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنه رأى الكثير من أصحابه الكرام، فأخذ عنهم وتعلم
على يديهم، لذلك فهو يعد تابعى، بل هو أحد كبار التابعين الذين يعزو إليهم العلم
بالمدينة وكانوا عشرة، وهم:


عروة بن الزبير بن العوام


أبا بكر بن سليمان بن أبى خيثمة


عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود


أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث


سليمان بن يسار


القاسم بن محمد


سالم بن عبد الله بن عمرو


عبد الله بن عبيد الله بن عمر


عبد الله بن عامر بن ربيعة

10ـ
خارجة بن زيد.

هؤلاء
هم رؤوس الفقه فى المدينة، والذى دعاهم عمر بن عبد العزيز يوم أن تولى إمرة
المدينة وراح يوصيهم قائلا:

“…
إني دعوتكم لأمر تؤجرون عليه وتكونون فيه أعوانا على الحق، لا أريد أن أقطع الأمر
إلا برأيكم أو بر
أيكم أو براى من حضر منكم، فإن رأيتم أحدا يتعدى أو بلغكم عن عامل لى ظلامه
فأسألكم بالله أن تبلغوني ذلك.

فخرجوا جميعا وهم يدعون له بخير.

*    *    *

لقد بلغ عروة بن الزبير تلك المكانة السامقة فى العلم
والفقه لاهتمامه البالغ، وحرصه على أن يكون فقيها ينتفع الناس بعلمه، وقد تتلمذ
على يد مجموعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسهم أبوه “
الزبير بن العوام، وأمه أسماء بنت أبى بكر، وزيد بن ثابت الأنصاري، وأبو أيوب الأنصاري،
ومعاوية بن أبى سفيان، والنعمان بن بشير وأبى هريرة. والعبادلة وهم: عبد الله بن
عمر، عبد الله بن مسعود، عبد الله بن عمرو بن العاص، عبد الله بن الزبير، عبد الله
بن عباس، فضلا عن أم المؤمنين السيدة ” عائشة ” خالته والتى كان ملازما
لها، يتلقى أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تشربها قلبه، ووعاها عقله..

وهناك كثيرون آخرون تلقى عنهم عروة بن الزبير رضى الله
عنه..كما أنه يعد أول من كتب فى المغازى.

*   *   *

لم يكن عروة مجرد وعاء لتلقى العلم فقط، بل كان عالما
عاملا.. فقد كان صواما قواما طوال العام فيما عدا العيدين ( عيد الفطر، وعيد
الأضحى )، وكان له وردا من القرآن الكريم ( ربع القرآن ) يقرأه فى المصحف بتمعن ،
ثم هو يقوم به الليل. وقد ظل محافظا على ذلك طوال عمره، ولم يعرف عنه أنه ترك ذلك
إلا مرة واحدة حين نزلت به إحدى النوازل القاسية والتى استقبلها كأحسن ما يكون
الصبر والاحتساب، وهى قصة من الأهمية بمكان، ولسوف نسردها لنستخلص منها الدروس
والعبر.

*   *   *

ويعد” بن الزبير ” من أولئك الذين يضرب بهم
المثل فى الكرم والجود، جنبا إلى جنب علمه، وورعه.. وعبادته لله عز وجل. وليست قصة
البستان عنا ببعيدة، ذلك البستان الذى يعد من أعظم بساتين المدينة، لعذوبة مائه،
ووفرة أشجاره، وجودة نخيله.

وكان يضرب عليه سورا شاهقا يلتف من حوله التفاف السوار
بالمعصم ليحفظه من عبث الصبيان، والماشية. حتى إذا ما نضجت الثمار، وبلغت أقصى
حالات النضج كسر حائط البستان وجعل الناس جميعا يدخلونه يأكلون ويحملون ما
استطاعوا أن يحملوه إلى بيوتهم. حتى إذا ما أتوا على ثماره أعاد تجديد الحائط مرة
أخرى.

وكان إذا دخل بستانه ردد قول الله عز وجل.. ” ولولا
لإذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ”
الكهف 39

*   *   *

وإليكم ـ أيها الأصدقاء ـ قصة النازلة التى نزلت عليه
لنعرف قدر هذا الرجل ونتعلم منه كيف يكون الصبر.

… كان ذلك فى عهد الخليفة الأموى ” الوليد بن عبد
الملك ” ، حين دعاه يوما لمجلسه بعاصمة الخلافة الإسلامية ” دمشق
“. فقد كان الخليفة متشوقا بالفعل لرؤيته والاستماع إلى علمه.

واستجاب ” ابن الزبير ” لدعوة الخليفة واصطحب
معه بعض ولده، وهناك استقبله الخليفة استقبالا حافلا، وأكرم وفادته،وجعله على رأس
الحاضرين، فى تلك اللحظات.

خرج أكبر أولاده ويسمى “محمد” ليتجول فى اصطبل
الخيول يتأمل تلك الجياد الصافنات، وبينما هو يسير بينها، إذا بإحداها وقد رمحته
رمحة عنيفة كانت سببا فى هلاكه والقضاء عليه فى الحال، فلما وصل الخبر إلى أبيه
وكان ولده محمد هذا من أحب أولاده إلى قلبه، لم يقل أكثر من كلمة ” الحمد لله

ولم يكد الأب المفجوع فى ولده يفرغ من دفنه حتى شعر
بآلام مبرحة فى إحدى ساقيه. وما أن وصل قصر الخليفة حتى وجدها قد تورمت وتضخمت،
وهنالك أرسل الخليفة فى طلب الأطباء ليعالجوا ساقه . بيد أنهم حين رأوها أجمعوا
على بترها فى الحال. فقد غزتها ” الأكلة ” وتمكنت منها، وإذا هو لم
يتخلص من تلك الساق سوف تسرى الأكلة فى جسده كله وتكون سببا فى هلاكه.. ولم يكن
ثمة مفر.

*   *   *

لما أعدو العدة لإجراء الجراحة، وأحضروا المناشير
والمباضع وغيرها من لزوم العملية. أراد الجراح أن يسقيه مسكرا فرفض، قالوا له إنها
جراحة خطيرة ولا يستطيع أحد مهما أوتى من قوة وصلابة أن يتحمل آلامها، لابد من بعض
المخدر لكى تغيب عن وعيك ونستطيع أن نقوم نحن بعملنا على الوجه الأكمل. لكنه أبى
بشدة قائلا:

” ما أحب أن يسلب عضوا من أعضائى دون أن أشعر بألمه
واحتسب ذلك عند الله.. “

ولما وجد الدهشة ترتسم على وجوههم. ابتسم قائلا:

” دعونى أصلى ركعتين، وإذا ما وجدتموني قد اندمجت
فى الصلاة، فإليكم ساقى، شأنكم بها.. افعلوا ما بدا لكم ..

لأن روعة الصلاة، وعذوبتها ستقضى على كل الآلام
والأوجاع.

وبالفعل.. ما أن دخل ابن الزبير فى الصلاة حتى لم يعد يشعر
بشىء البتة !!.. وما أن فرغ من صلاته حتى كانت ساقه قد بترت، فدعا بها فأحضروها
له.

هز رأسه مبتسما، ثم أمسك بها وقبلها قائلا:

” أما والذى حملنى عليك فى عتمات الليل إلى
المساجد، إنه ليعلم أننى ما مشيت بك إلى حرام قط…”

ولما حملوه وعادوا به إلى المدينة استقبله أهلها بتأثر
بالغ وراحوا يعزونه ويطيبون خاطره، وكان من أحسن ما قيل  هو عزاء ” إبراهيم بن محمد بن طلحة “
حين قال:

” أبشر ـ يا أبا عبد الله ـ فقد سبقك عضو من
أعضائك، وولد من أبنائك إلى الجنة، والكل يتبع البعض إن شاء الله .

ولقد أبقى الله لنا منك ما نحن إليه فقراء وعنه غير أغنياء
من علمك، وفقهك، ورأيك، نفعك الله وإيانا به.. والله تعالى ولى ثوابك، والضمين
بحسن حسابك.

ابتسم بن الزبير فى وداعة قائلا:

” اللهم لك الحمد، كانوا سبعة أبناء أخذت واحدا
وأبقيت ستة، وكان لى أطراف أربعة فأخذت واحدا وأبقيت ثلاثة.فلئن كنت أخذت فلقد
أعطيت، ولئن كنت ابتليت فلطالما عافيت.

ثم تمثل بأبيات ” لمعن بن أوس” يقول فيها:

لعمرك ما أهويت كفى لريبــة       ولا حملتنى نحو فاحشة رجلى

ولا قادنى سمعى ولا بصرى لها       ولا دلنى رأيي عليها ولا عقلى

وأعلم أنى لم تصبنى مصيبــة    من الدهر إلا قد أصابت فتى قبلى.

يقول علماء السير، ثم لم يسمع لابن الزبير أن ذكر ساقه ولا
ولده بعد ذلك أبدا حتى مات وكان صائما رضى الله عنه.

اقرأ سيرة هؤلاء الصحابة

عروة بن الزبير

عَمْرو بن العَاصِ

خَالِد بن الوَلِيْدِ

جَابِر بن عَبْدِ اللهِ الأَنصَارِيُّ

معَاذ بن جَبَلٍ

سَعْد بن معَاذٍ

مصْعَب بن عمَيْرٍٍ

قصة بنى الله إبراهيم

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال