قصة آدم عليه السلام

قصص الأنبياء
آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ هُوَ الإنْسَانُ الأَوَّلُ الَّذِي خَلَقَهُ اللهُ بِيَدَيْهِ. وَهُوَ أَبُو الْبَشَرِ جَمِيعًا.

خُلِقَ أَبُونَا آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِنْ تُرَابٍ ـ كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ـ وَاخْتَلَطَ التُّرَابُ بِالْمَاءِ لِيَصِيرَ طِينًا.

وَبَعْدَ مَرَاحِلَ عِدَّةٍ، نَفَخَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الرُّوحَ فِي آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِيَصِيرَ إنْسَانًا مُكْتَمِلَ الْبِنْيَةِ، سَلِيمَ الأَعْضَاءِ، جَمِيلَ الصُّورَةِ جِدًّا، يَتَحَرَّكُ وَيَتَكَلَّمُ، وَيُفَكِّرُ وَيَنْظُرُ وَيَتَأَمَّلُ.

عِنْدَمَا خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، سَجَدَ الْمَلاَئِكَةُ لآدَمَ سُجُودَ تَكْرِيمٍ اِمْتِثَالاً لأَمْرِ اللهِ الْخَالِقِ، لَكِنَّ إبْلِيسَ لَمْ يَسْجُدْ، وَلَمْ يَمْتَثِلْ لِلأَمْرِ، أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإثْمِ، وَرَاحَ يُحَدِّجُ آدَمَ بِنَظَرَاتٍ كُلُّهَا حِقْدٌ وَعَدَاءٌ.

لَقَدْ كَانَ إبْلِيسُ يَحْمِلُ لآدَمَ كُرْهًا، وَبُغْضًا حَتَّى مِنْ قَبْلِ أنْ يَنْفُخَ اللهُ فِيهِ الرُّوحَ، فَقَدِ اِنْتَفَخَ كِبْرًا وَغُرُورًا، وَعَقَدَ مُقَارَنَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ آدَمَ، وَاعْتَقَدَ فِي نَفْسِهِ أنَّهُ أفْضَلُ مِنْ آدَمَ، فَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَطَرَدَهُ مِنَ السَّمَاءِ.

وَهُنَا أَقْسَمَ إبْلِيسُ أنَّهُ لَنْ يَتْرُكَ آدَمَ وَلاَ ذُرِّيَّتَهُ، وَلَسَوْفَ يَسْتَخْدِمُ كُلَّ وَسَائِلِ الإغْرَاءِ حَتَّى يُضِلَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ الْقَوِيمِ.

فَلَعَنَهُ اللهُ وَأخْرَجَهُ مِنْ رَحْمَتِهِ، قَالَ تَعَالى: {اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ{[ الأعراف:18].

وَأخبَرهُ اللهُ تَعَالى أنَّهُ لَنْ يَسْتَطِيعَ أنْ يَصْنَعَ شَيْئًا مَعَ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ.

كَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ رَحِيمًا بِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، لأنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ وَحِيدًا لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ يُؤْنِسُهُ أوْ يُجَالِسُهُ، لِذَلِكَ خَلَقَ لَهُ مِنْ نَفْسِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَخْلُوقًا يُشْبِهُهُ، فَخَلَقَ زَوْجَهُ حَوَّاءَ.

أَسْكَنَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ وَزَوْجَهُ الْجَنَّةَ. فِيهَا كُلُّ مَالَذَّ وَطَابَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَفِيهَا كُلُّ مَا تَشْتَهِي الأَنْفُسُ، ثُمَّ أَمَرَهُمَا ألاَّ يَأْكُلاَ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَعَلَيْهِمَا أنْ يَحْذَرَا إبْلِيسَ اللَّعِينَ، لَكِنَّ إبْلِيسَ حَاوَلَ بِكُلِّ الْحِيَلِ وَالْوَسَائِلِ أنْ يَصِلَ إلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ.

نَسِيَ آدَمُ تَحْذِيرَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إيَّاهُ، وَهُنَا اسْتَغَلَّ إبْلِيسُ اللَّعِينُ ذَلِكَ، وَرَاحَ يُغْرِي آدَمَ وَزَوْجَهُ بِالأَكْلِ مِنَ الشَّجَرَةِ الْمُحَرَّمَةِ.

           وَاسْتَطَاعَ إبْلِيسُ أنْ يُقْنِعَهُمَا وَيَدْفَعَ بِهِمَا لِلأَكْلِ مِنَ الشَّجَرَةِ.

أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ أنْ يَخْرُجَا مِنَ الْجَنَّةِ وَيَهْبِطَا إلَى الأَرْضِ.

وَلأَنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ حَزِينًا لِمُخَالَفَتِهِ أَمْرَ رَبِّهِ، فَقَدْ رَاحَ هُوَ وَزَوْجُهُ يَتَوَسَّلاَنِ إلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أنْ يُسَامِحَهُمَا عَلَى هَذَا الذَّنْبِ.

{فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{[البقرة:37].

قَالَ آدَمُ وَحَوَّاءُ فِي تَضَرُّعٍ وَصِدْقٍ:

{قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ{[الأعراف:23].

وَغَفَرَ اللهُ تَعَالَى لآدَمَ وَزَوْجِهِ حَوَّاءَ، وَوَعَدَهُمَا الْجَنَّةِ بَعْدَ أنْ يَنْقَضِيَ أَجَلُهُمَا فِي الدُّنْيَا.

ها قد صار آدم يكد ويتعب هو وزوجته.. هبط جبريل عليه السلام بأمر من الله عز وجل وراح يعلم آدم وزوجته حواء كيف يصنعان طعامهما وشرابهما، وكيف يحرثان الأرض ويحصدان الزرع ويطحنان الحب.

ويعلمه كيف يروض الحيوانات، ويستفيد من لحومها وألبانها، لأن آدم عليه السلام هو أول إنسان من بنى البشر يدب بقدميه على هذه الأرض وزوجه حواء، وعليهما أن يصلحا من شأن الأرض ويأكلا من كدهما وعرقهما.

وصبر آدم عليه السلام، وراح يشكر الله تعالى على نعمه ويتمثل لطاعة الله وأوامره.

وَرَزَقَ اللهُ آدَمَ أوْلاَدًا كَثِيرِينَ، وَرَاحُوا يَتَكَاثَرُونَ وَيَتَنَاسَلُونَ، وَخَرَجَ مِنْهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالْمُرْسَلُونَ، وَالْعُلَمَاءُ وَالشُّهَدَاءُ، وَالصَّالِحُونَ.

إلاَّ أنَّ إبْلِيسَ اللَّعِينَ كَانَ لاَ يَزَالُ يُضْمِرُ الشَّرَّ، وَقَدْ حَاوَلَ إِضْلالَ أَبْنَاءِ آدَمَ، فَمِنْهُمْ مَنِ اِسْتَجَابَ لَهُ، وَمِنْهُمْ مَنِ اِسْتَطَاعَ أنْ يَنْتَصِرَ عَلَى إبْلِيسَ وَيَتَمَسَّكَ بِطَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَكَانَ أُولَئِكَ هُمِ الْمُفْلِحُونَ.

قصص الأنبياء

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال