قصة الصحابى الجليل أبي أيوب الأنصاري رضى الله عنه

هل وصل رسول
الله حقا ، انه أعظم يوم في تاريخ تلك المدينة ، ها هي تدخل التاريخ من أوسع
الأبواب ، و هل هناك أعظم من النبي محمد أحب خلق الله الي الله .. الرحمة المهداة
، و الأسوة المسجاة .صلى الله عليه وسلم

*  
*   *

كان الجميع
يطمعون في استضافة النبي صلي الله عليه وسلم كلما توقفت الناقة بجوار بيت من
بيوتهم حدقت عيونهم ، و كادت تتوقف قلوبهم ، يمنون أنفسهم بأعظم شرف يناله إنسان ،
و ما أن تتحرك الناقة خطوات حتي يهدأ الأمل ، ثم ما يلبث أن ينطفيء ، ليتجدد في
قلوب أخري تنظر إلي الناقة المأمورة عسي أن يكون لهم نصيب في استضافة النبي ،
كانوا جميعا يتلهفون و هم يسيرون في إثرها ، متشوقون لمعرفة ذلك السعيد المحظوظ،

و يمر الموكب
البهيج بأحياء المدينة ، و كلما اقترب صلي الله عليه وسلم من أحد هذه الأحياء برز
إليه أهله مرحبين يقولون :

ـ انزل إلينا يا
رسول الله حيث المال و الثروة، و العدد و العدة .

و يأخذون بحطام
ناقته فيعتذر إليهم و يثني عليهم خيرا، ثم يشير إلي ناقته و يقول:

ـ دعوها فإنها
مأمورة

و يمر الموكب
علي أحياء : بني سالم بن عوف .. و بني بياضة .. و بني ساعدة .. و بني عدي .. و بني
مالك .. و بني النجار .. ثم تمضي الناقة المسيرة حتي تبلغ مربضا لغلامين يتيمين
كانا في حجر الصحابي الجليل أسعد بن زرارة ومشت خطوات قليلة ، وراحت تحرك رأسها
ذات اليمين لتري أفواج من الناس ينظرون إليها و يرجونها أن تتجه نحو دورهم ، ثم
تتجه برأسها ناحية الشمال لتنعكس علي صفحة وجهها عشرات من الناس ينظرون إليها في
إلحاح ، يكاد أحدهم من فرط اهتمامه أن يقبض علي زمامها و يجري بها نحو بيته ، لكن
النبي أصدر أمرا بتركها فهي مأمورة بإذن الله تعالي ،

ها هي الناقة
تنبعث من مرقدها ، لترجع إلي مكانها الأول الذي بركت فيه منذ لحظات ، لقد استقر
بها المقام هنا ، نعم ، عند بيت ذلك الصحابي الكريم أبى أيوب الأنصارى.

 و يتقدم أبو أيوب نحو النبي ، يتقدم ليحمل أمتعة
النبي و يتجه بها نحو بيته أي سعادة تلك التي تملأ قلب هذا الصحابي ، إن أي إنسان
مهما أوتى من عبقرية ، و قدرة علي الوصف ، لن يستطيع أن يصف مشاعر هذا الصحابي ،
والنبي صلي الله عليه وسلم يدخل ضيفا عليه ،

 وبات ليلته لا يغمض له جفن . في الصباح قال
للنبي :

ـ و الله ما
أغمض لنا جفن في هذه الليلة، لا أنا و لا زوجتي ،

فقال صلي الله
عليه وسلم :

ـ ومم ذاك ؟

قال :

ـ ذكرت أني علي
ظهر بيت أنت تحته و أني إذا تحركت تناثر عليك الغبار فآذاك فقال النبي :

ـ هون عليك ،
انه أرفق بنا أن تكون في السفل ، لكثرة من يغشانا من الناس .

*  
*   *

لكن الصحابي
الجليل خالد بن زيد بن كلاب  وشهرته ( أبو
أيوب الأنصاري)
رضى الله عنه

 لا يزال
يؤرقه هذا الأمر ، إذ كيف له أن يعتلي الطابق الأعلى بينما أعظم الخلق عند الله
يكون بالأسفل ، و ما زاد من إصراره و تمسكه بصعود النبي الي أعلي ما حدث مع الجرة
.

يقول رضي الله
عنه :

ـ ما تمثلت لأمر
النبي صلي الله عليه وسلم إلي أن كانت ليلة باردة ، لنا جرة وأريق ماؤها و معي
زوجتي و ليس لدينا إلا قطيفة كنا نتخذها لحافا، و جعلنا ننشف بها الماء خوفا من أن
يصل إلي رسول الله ، فلما كان الصباح غدوت علي الرسول وقلت :

ـ بأبي أنت وأمي
، إني أكره أن أكون فوقك ، و أن تكون أسفل مني ، ثم قصصت عليه خبر الجرة فاستجاب
لي وصعد إلي العلية ، ونزلت أنا وزوجتي إلي السفل . و هكذا أقام النبي صلي الله
عليه وسلم نحوا من سبعة أشهر ، حتي تم بناء مسجده في الأرض الخلاء التي بركت فيها
الناقة ، فانتقل صلي الله عليه وسلم إلي الحجرات التي أقيمت حول المسجد له
ولأزواجه ، و غدا أبا أيوب جارا للنبي صلي الله عليه وسلم . ملازما له فى كل
حركاته وسكناته. شاهدا معه كل المشاهد.. ولقد تجلت إنسانيته العالية وظهرت فى كثير
من المواقف.. وكان النبى صلى الله عليه وسلم يحبه ويدعو له بالخير ، ويجود عليه
وعلى زوجته بما يصل إليه من طعام يبعث به أهل المدينة.

قال
رضى الله عنه للرسول -صلى الله عليه وسلم-:( يا رسول
الله ، كنت ترسل إليّ بالطعام فانظر ، فإذا رأيتُ أثر
أصابعك وضعتُ يدي فيه ، حتى كان هذا الطعام الذي أرسلتَ به إلي ، فنظرت فيه فلم أرَ
فيه أثر أصابعك
؟!) 

فقال رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- 🙁 أجل إنّ فيه بصلاً ، وكرهتُ أن آكله من أجل الملَكَ الذي يأتيني ،
وأمّا أنتم فكلوه.

 كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطوفُ بين
الصفا والمروة ، فسقطت على لحيتِه
ريشةٌ ، فابتدر إليه أبو أيوب فأخذها ، فقال له النبي
-صلى الله عليه وسلم- 🙁 نزع الله عنك ما تكره )

أما أشهر
العلامات المضيئة فى حياته بعد استضافته للنبى 
هو استشهاده رضى الله عنه.. فانه ضرب أعظم الأمثلة فى الجهاد وبذل النفس فى
سبيل الله .. وذلك فى عهد الدولة الأموية حين اتجه الجيش لفتح القسطنطينية.عام ( 52 هـ )، فسارع رضى الله عنه
إلى
ركوب فرسه وحمل سيفه ، فأصيب في هذه المعركة ، وجاء قائد الجيش
يزيد بن معاوية – يعوده فسأله 🙁 ما حاجتك ؟)

فيا له من
مطلب نفذه
يزيد بناءا على هذه الوصية ، فقد طلب أن يحمل جثمانه فوق فرسه
ويمضي به أطول مسافة ممكنة في أرض العدو ، وهنالك يدفنه ، ثم يزحف بجيشه على طول
هذا
الطريق ، حتى يسمع وقع حوافر خيل المسلمين فوق قبره ، فيدرك آنئذ ، أنهم قد أدركوا
ما يبتغون من نصر وفوز !!

وفي قلب القسطنطينية وفي ( اسطنبول ) ثوي جثمانه -رضي
اللـه عنه- مع سور المدينة
وبُنيَ عليه ، فلمّا أصبح المسلمون أشرف عليهم الروم

فقالوا
🙁 يا معشر العرب قد كان لكم الليلة شأنٌ ؟)

فقالوا
🙁 مات رجلٌ من أكابر
أصحاب نبيّنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ، ووالله لئن نبش
لأضرب بِناقوسٍ في بلاد العرب )

فأصبح قبره لأهل قسطنطينية وقبل أن يصل لهم الإسلام
قبر قديس يتعاهدونه ويزورونه ويستسقون به إذا قحطوا !!

فرضى الله عن
أبو أيوب الأنصارى وسائر الصحابة أجمعين

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال