السيره النبوية للأطفال مولد الرحمة
اليوم مع الجزء الأول من السيرة النبوي للأطفال وهو بعنوان مولد الرحمة..
والآن أترككم مع القصة
العرب قبل الإسلام
رَغْمَ أَنَّ الشَّمْسَ كَانَتْ تَنْشُرُ أَشِعَّتَهَا الْقَوِيَّةَ الْمُتَلأْلِئَةَ عَلَى أرْضِ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ، بِكُلِّ مَا تَحْمِلُُ هَذِهِ الأَرْضُ عَلَى صَدْرِهَا مِنْ رِمَالٍ بَعِيدَةٍ.. وَجِبَالٍ شَامِخَاتٍ، وَبُيُوتٍ وَخِيَامٍ.. وَأَسْوَاقٍ، وَحَيَوَانَاتٍ.. فَإِنَّ ضَوْءَ الشَّمْسِ ـ بِرَغْمِ قُوَّتِهِ ـ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُبَدِّدَ تِلْكَ الظُّلْمَةَ الْحَالِكَةَ، الَّتِى سَيْطَرَتْ عَلَى الْعُقُولِ؛ لأَنَّ النَّاسَ فِى بِلادِ الْعَرَبِ تَرَكُوا دِينَ أَبِيهِمْ " إِبْرَاهِيمَ "، وَصَارُوا يَعْبُدُونَ الأَصْنَامَ. كَانَ ذَلِكَ عَلَى يَدِ " عَمْرَو بْنِ لحى ". الَّذِى قَالَ لَهُمْ: لَقَدْ رَأَيْتُ أَهْلَ الشَّامِ يَسْجُدُونَ لَهَا.. هَيَّا نَفْعَلُ مِثْلَهُمْ!!
فَأَطَاعَهُ أَهْلُ مَكَّةَ، وَدَخَلَتِ الأَصْنَامُ الْبُيُوتَ وَأَحَاطَتْ بِالْكَعْبَةِ، وَصَارَ النَّاسُ يَعْبُدُونَهَا.
كَانَ الْعَرَبُ وَعَلَى رَأْسِهِمْ أَهْلُ مَكَّةَ يَتَّصِفُونَ بِصِفَاتٍ جَمِيلَةٍ؛ مِثْلِ: الشَّجَاعَةِ الْمُرُوءَةِ.. الْكَرَمِ .. الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَغَيْرِهَا مِنَ الصِّفَاتِ النَّبِيلَةِ. لَكِنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ كَانَ يَغْلِبُ عَلَيْهَا ـ بِكُلِّ أَسَفٍ ـ صِفَاتٌ أُخْرَى قَبِيحَةٌ؛ مِثْلُ الْعَصَبِيَّةِ وَشُرْبِ الْخُمُورِ وَلَعِبِ الْمَيْسِرِ، وَقَتْلِ الْبَنَاتِ..
وَكَانَتِ الْحُرُوبُ الطَّاحِنَةُ تَنْشَبُ بَيْنَ الْقَبَائِلَ لأَتْفَهِ الأَسْبَابِ وَقَدْ تَطُولُ الْحَرْبُ سَنَوَاتٍ وَسَنَوَاتٍ.. فِى هَذَا الْجَوِّ الأَسْوَدِ الْقَاتِمِ.. كَانَ الْكَوْنُ بِأَسْرِهِ يَتَهَيَّأُ لاسْتِقْبَالِ أَعْظَمِ وَأَكْرَمِ مَخْلُوقٍ.. مَوْلُودٌ سَوْفَ يَتَغَيَّرُ الْعَالَمُ كُلُّهُ عَلَى يَدَيْهِ وَيَتَحَوَّلُ مِنَ الظَّلامِ إِلَى النُّورِ..لأَنَّهُ مَوْلِدُ الرَّحْمَةِ الْمُهْدَاةِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
حادث الفيل
فِى هَذَا الْوَقْتِ صَارَ أَبْرَهَةُ الأَشْرَمُ حَاكِمًا عَلَى بِلادِ الْيَمَنِ، وَأَخَذَ قَرَارًا بِبِنَاءِ كَنِيسَةٍ عَظِيمَةٍ يَتَحَدَّثُ عَنْهَا الْعَالَمُ كُلُّهُ، وَيَأْتِى إِلَيْهَا الْعَرَبُ مِنْ كُلِّ أَنْحَاءِ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ لِزِيَارَتِهَا فَقَالَ لَهُ الْوُزَرَاءُ: إِنَّ عِنْدَ الْعَرَبِ كَعْبَةٌ يَا سَيِّدِى، يَذْهَبُونَ إِلَيْهَا وَيَطُوفُونَ حَوْلَهَا.. وَيَقُولُونَ إِنَّهَا بَيْتُ اللهِ الْحَرَامُ.
وَهُنَا رَدَّ أَبْرَهَةُ مُبْتَسِمًا: سَأَجْعَلُ كَنِيسَتِى أَعْظَمَ مِنَ الْكَعْبَةَ، وَسَوْفَ يَتْرُكُ النَّاسُ مَكَّةَ وَيَأْتُونَ إِلَيْنَا.. الأَسْوَاقُ فِى الْيَمَنِ سَوْفَ تَنْتَعِشُ، وَالنُّقُودُ الذَّهَبِيَّةُ سَوْفَ تَمْلأُ الْخَزَائِنَ وَتَفِيضُ.
هَزَّ الْوُزَرَاءُ وَالْكُبَرَاءُ رُؤُوسَهُمْ فِى سَعَادَةٍ، وَقَالُوا: صَدَقْتَ يَا سَيِّدِى.. الْيَمَنُ سَوْفَ تُصْبِِحُ لَهَا مَكَانَتُهَا الْعَظِيمَةُ فِى قُلُوبِ النَّاسِ. وَبَدَأَ أَبْرَهَةُ فِى بِنَاءِ كَنِيسَتِهِ " الْقَلِيسِ ".
هَا قَدْ تَمَّ الانْتِهَاءُ مِنْ بِنَاءِ كَنِيسَةِ " الْقَلِيسِ".. كَانَ بِنَاءً شَامِخًا جِدًّا، لَكِنَّ أَحَدًا مِنَ الْعَرَبِ لَمْ يَأْتِ..النَّاسُ كَانَتْ تَذْهَبُ إِلَى مَكَّةَ، وَيَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ.
اغْتَاظَ أَبْرَهَةُ جِدًّا لأَنَّ أَحَدًا لَمْ يَأْتِ إِلَى الْقَلِيسِ وَقَالَ فِى غَضَبٍ: سَوْفَ أَقُومُ بِهَدْمِ الْكَعْبَةَ حَتَّى يَأْتِىَ النَّاسُ بِالْقُوَّةِ.!!
وَأَعَدَّ أَبْرَهَةُ جَيْشًا عَظِيمًا، وَأَحْضَرَ عَدَدٌ مِنَ الأَفْيَالِ الضَّخْمَةِ وَاتَّجَهَ نَحْوَ مَكَّةَ لِيَهْدِمَ الْكَعْبَةَ.
للبيت رب
استَدعَى أَبْرهَةُ عَبدَ المطَّلبِ - وَهُو َجَدُّ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَزَعِيمُ مَكَّةَ - فذَهَبَ إليهِ وَقَالَ لَهُ: إِنَّ جُنُودَكَ سَرَقُوا إِبِلِى، أُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ إِلَىَّ هَذِهِ الإِبِلُ.
نَظَرَ إِلَيْهِ أَبْرَهَةُ فِى دَهْشَةٍ وَقَالَ لَهُ: ظَنَنْتُ أَنَّكَ جِئْتَ مِنْ أَجْلِ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِى تُقَدِّسُونَهُ..!! قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: الإِبِلُ إِبِلِى أَنَا.. أَمَّا الْبَيْتُ فَلَهُ رَبٌّ يَحْمِيهِ.
أَمَرَ أَبْرَهَةُ بِرَدِّ الإِبِلِ إِلَى سَيِّدِ مَكَّةَ، ثُمَّ أَصْدَرَ إِلَى جَيْشِهِ الأَمْرَ أَنْ يُقَدِّمُوا الْفِيلَ نَحْوَ الْكَعْبَةَ. لَكِنَّ الْفِيلَ لَمْ يَتَحَرَّكْ خُطْوَةً وَاحِدَةً. حَاوَلُوا مَعَهُ فَلَمْ يَتَحَرَّكْ.. امْتَنَعَ الْفِيلُ عَنْ هَدْمِ الْكَعْبَةِ.. وَهُنَا أَرْسَلَ اللهُ طَيْرًا تَرمِيهمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ جَهَنَّمَ عَلَى أَبْرَهَةَ وَجَيْشِهِ فَانْهَزَمُوا، وَحَمَى اللهُ الْكَعْبَةَ.
كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ قَدْ قَرَّرَ أَمْرًا فِى غَايَةِ الْخُطُورَةِ، قَرَّرَ أَنْ يَذْبَحَ أَحَدَ أَبْنَائِهِ إِذَا رَزَقَهُ اللهُ تَعَالَى بِعَشَرَةٍ مِنَ الأَوْلادِ. - وَذلكَ عِندَمَا غَلبَتْهُ قُريشُ فِى حَفرِ بئرِ زَمْزَمَ وَوَقَعَ الاخْتِيَارُ عَلَى " عَبْدِ اللهِ " بَعْدَ أَنْ قَامَ بِعَمَلِ قُرْعَةٍ.
وَكَانَ عَبْدُ اللهِ هُوَ أَحَبَّ أَبْنَائِهِ إِلَى قَلْبِهِ، وَإِلَى قُلُوبِ قُرَيْشٍ جَمِيعِهَا، وَلِذَا تَصَدَّتْ قُرَيْشُ جَمِيعُهَا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
وَاسْتَطَاعُوا فِى النِّهَايَةِ أَنْ يُقْنِعُوا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بِالْفِدَاءِ، فَقَدَّمَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ مِائَةَ نَاقَةٍ لِيَفْتَدِىَ بِهَا وَلَدَهُ الْحَبِيبَ عَبْدَ اللهِ.
وَفَرِحَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ جِدًّا.. وَفَرِحَتْ قُرَيْشُ أَيْضًا وَقَرَّرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَنْ يُزَوِّجَ وَلَدَهُ عَبْدَ اللهِ مِنْ فَتَاةٍ تَلِيقُ بِهِ.
مولد الرحمة
َمضَى عَلَى الزَّوَاجِ السَّعِيدِ شَهْرَانِ.. وَقْتَهَا قَرَّرَ " عَبْدُ اللهِ " أَنْ يَخْرُجَ ضِمْنَ قَافِلَةٍ تَتَّجِهُ نَحْوَ الشَّامِ.
نَظَرَتْ آمِنَةُ إِلَى وَجْهِ عَبْدِ اللهِ وَأَحَسَّتْ أَنَّهَا لَنْ تَرَى زَوْجَهَا مَرَّةً أُخْرَى، فبَكتْ.
ابْتَسَمَ عَبْدُ اللهِ قَائِلاً: لا تَقْلَقِى يَا زَوْجَتِىَ الْعَزِيزَةَ.. فَمَا أَسْرَعَ الأَيَّامِ، وَسَأَعُودُ إِلَيْكِ بِكُلِّ خَيْرٍ.
وَخَرَجَ عَبْدُ اللهِ، وَفِى الطَّرِيقِ شَعَرَ بِبَعْضِ الآلامِ، فَاضْطُرَّ أَنْ يَمْكُثَ بَعْضَ الْوَقْتِ عِنْدَ أَخْوَالِهِ بِالْمَدِينَةِ.. وَلَكِنْ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الأَلَمُ أَكْثَرَوَلَمْ يَمْضِ شَهْرٌ حَتَّى وَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّ وَلَدَهُ عَبْدَ اللهِ قَدْ مَاتَ. فَشَعَرَ الْجَمِيعُ بِالأَسَى وَالْحُزْنِ.. وَبَكَتْ آمِنَةُ كَثِيرًا لأَنَّهَا كَانَتْ حَامِلَ وَكَانَتْ تَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا بِجَانِبِهَا لِيَرَى طِفْلَهُمَا الْقَادِمَ.
ولَمَّا وَضَعَتِ السَّيِّدَةُ آمِنَةُ مَوْلُودَهَا الْمُبَارَكَ.. أَرْسَلَتْ بِهِ إِلَى جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
فَرِحَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بِهَذَا الْمَوْلُودِ، وَحَمَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَذَهَبَ بِهِ عِنْدَ الْكَعْبَةَ. سَأَلَهُ الْبَعْضُ: مَا اسْمُ هَذَا الْمَوْلُودِ؟
ابْتَسَمَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ قَائِلاً: اسْمُهُ " مُحَمَّدٌ ". قَالُوا لَهُ: وَمَا مُحَمَّدًا؟.. قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: إِنَّهُ مُحَمَّدٌ فِى السَّمَاءِ مَحْمُودٌ فِى الأَرْضِ.
لَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِى غَايَةِ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ حَتَّى أَنَّهُ ذَهَبَ لِلْكَعْبَةَ وَرَاحَ يَدْعُو اللهَ تَعَالَى وَيَشْكُرُهُ.
كَانَ الْجَمِيعُ يَشْعُرُ بِالسَّعَادَةِ لِهَذَا الْمَوْلُودِ الْجَمِيلِ..كَمَا كَانُوا يَشْعُرُونَ نَحْوَهُ بالْعَطْفِ؛ لأَنَّهُ وُلِدَ يَتِيمًا..لَكِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ كَانَ يُحَاوِلُ أَنْ يُعَوِّضَهُ عَنْ فُقْدَانِ أَبِيهِ.بركة النبي صلى الله عليه وسلم
كَانَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَنْ يَلْتَمِسُوا لأَطْفَالِهِمْ الْمَرَاضِعَ اللائِى يَعِشْنَ فِى الْبَوَادِى؛ لِكَىْ تَقْوَى أَجْسَادُهُمْ وَيُتْقِنُوا اللِّسَانَ الْعَرَبِىَّ مُنْذُ طُفُولَتِهِمُ الْمُبَكِّرَةِ.وَهَذَا مَا جَعَلَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَلْتَمِسُ إِحْدَى الْمُرْضِعَاتِ اللائِى أَقْبَلْنَ إِلَى مَكَّةَ لِكَىْ تَقُومَ بِإِرْضَاعِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم ..
الْكَثِيرُ مِنَ الْمُرْضِعَاتِ رَفَضْنَ أَخْذَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم لأَنَّهُ يَتِيمٌ وَفَقِيرٌ مُرْضِعَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَطْ هِىَ الَّتِى وَافَقَتْ عَلَى أَخْذِهِ.. إِنَّهَا حَلِيمَةُ السَّعْدِيَّةُ، مِنْ قَبِيلَةِ بَنِى سَعْدٍ.
جَاءَتْ إِلَى مَكَّةَ عَلَى حِمَارَةٍ ضَعِيفَةٍ، تَتَمَنَّى أَنْ تَجِدَ طِفْلاً غَنِيًّا لِتَضْمَنَ الْخَيْرَ مِنْ وَرَائِهِ، وَلَكِنَّهَا اضْطُرَّتْ لأَخْذِ الْيَتِيمِ؛ لأَنَّهَا لَمْ تَجِدْ غَيْرَهُ، فَقَالَتْ لِنَفْسِهَا:"رُبَّمَا يَأْتِى الْخَيْرُ الَّذِى نَبْغِيهِ عَلَى قُدُومِ هَذَا الطِّفْلِ الْيَتِيمِ ". وَأَخَذَتْهُ حَلِيمَةُ، وَعَادَتْ بِهِ إِلَى مَوْطِنِهَا فِى بَنِى سَعْدٍ.
مَا أَنْ أَخَذَتْ حَلِيمَةُ مُحَمَّدَ الرَّضِيعَ حَتَّى ظَهَرَتْ بَرَكَتُهُ، فَكَثُرَ اللَّبَنُ فِى ثَدْيِهَا فَأَرْضَعَتْهُ حَتَّى شَبِعَ، وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا الَّذِى لَمْ يَكُنْ يَكُفُّ عَنِ الْبُكَاءِ مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ.
حَمَلَتْ حَلِيمَةُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم وَانْطَلَقَتْ عَلَى حِمَارَتِهَا الْهَزِيلَةِ، فَإِذَا بِهَا تُسَابِقُ الْجَمِيعَ، وَأَسْرَعَتْ حَلِيمَةُ لِتَصِلَ إِلَى مَوْطِنِهَا فِى دِيَارِ بَنِى سَعْدٍ لِتَجِدَ الْخَيْرَ الْوَفِيرَ كَانَتِ الأَلْبَانُ تَتَدَفَّقُ بِغَزَارَةٍ منْ أَثْدَاءِ الْمَاعِزِ وَالإِبِلِ وَتَمْتَلِئُ الْحَيْوَانَاتُ بِاللَّحْمِ.. وَكَثُرَتِ الثِّمَارُ.وَصَارَتْ حَلِيمَةُ وَزَوْجُهَا يَعِيشُونَ فِى رَغَدٍ مِنَ الْعَيْشِ بِفَضْلِ بَرَكَةِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم .
وَهَكَذَا كَانَتِ الأَيَّامُ تَجْرِى بِسُرْعَةٍ، حَتَّى مَرَّتْ سَنَتَانِ، شَبَّ فِيهِمَا الرَّسُولُ وَبَدَا أَكْبَرَ وَأَقْوَى مِنَ الأَطْفَالِ الَّذِينَ هُمْ فِى مِثْلِ سِنِّهِ.
طفولة النبي
لَمَّا بَلَغَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم السَّنَةَ الرَّابِعَةَ مِنْ عُمْرِهِ، وَبَيْنَمَا كَانَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، جَاءَهُ رَجُلانِ وَأَمْسَكَا بِهِ وَطَرَحَاهُ عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ شَقَّا عَنْ قَلْبِهِ فَاسْتَخْرَجَا الْقَلْبَ، وَاسْتَخْرَجَا مِنْهُ عَلَقَةً. خَافَتْ السَّيِّدَةُ حَلِيمَةُ السَّعْدِيَّةُ وَأَرْجَعَتِ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُمِّهِ. ضَمَّتِ السَّيِّدَةُ آمِنَةُ وَلَدَهَا إِلَى صَدْرِهَا وَرَاحَتْ تُغَذِّيهِ بِالْحُبِّ وَالْحَنَانِ حَتَّى بَلَغَ السَّادِسَةَ مِنْ عُمْرِهِ. وَرَأَتْ آمِنَةُ، وَفَاءً لِذِكْرَى زَوْجِهَا، أَنْ تَذْهَبَ إِلَى قَبْرِهِ بِالْمَدِينَةِ، لَكِنَّهَا فِى طَرِيقِ عَوْدَتِهَا مَرِضَتْ وَمَاتَتْ، فأَخَذَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِيَقُومَ عَلَى رِعَايَتِهِ، وَرَاحَ يُقَدِّمَهُ عَلَى كُلِّ أَوْلادِهِ وَأَحْفَادِهِ فَكَانَ يُجْلِسُهُ عَلَى فِرَاشِهِ فِى ظِلِّ الْكَعْبَةِ قَائِلاً: دَعُوا ابْنِى هَذَا، فَوَاللهِ إِنَّ لَهُ لَشَأْنًا.
وَلَمَّا بَلَغَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِىَ سَنَوَاتٍ تُوُفِّىَ جَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، فَتَوَلَّى رِعَايَتَهُ مِنْ بَعْدِهِ عَمُّهُ " أَبُو طَالِبٍ ".
اقرأ السلسلة كاملة من هنا
التسميات
قصص