سلسلة السيرة النبوية للأطفال الجزء الرابع (الرسالة) The Prophetic Biography: The life story of Muhammad

سلسلة السيرة النبوية للأطفال الجزء الرابع (الرسالة) The PropheticBiography: The life story of Muhammad


السيره النبوية للاطفال الرسالة

 واليوم مع الجزء الرابع من السيرة وهو بعنوان الرسالة..

والآن أترككم مع القصة

تأمل وتفكر

   لَمَّا أَشْرَفَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم عَلَى الأَرْبَعِينَ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخُلْوَةُ وَالْعُزْلَةُ.. فَكَانَ يَحْمِلُ جَسَدَهُ الطَّاهِرَ الشَّرِيفَ، وَيَصْعَدُ بِهِ فَوْقَ جَبَلِ النُّورِ؛ حَامِلاً بَعْضَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، لِيَجْلِسَ مَعَ نَفْسِهِ فِي غَارِ حِرَاءٍ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ.. يَبْتَعِدُ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَعَنْ أَهْلِهِ وَأَوْلادِهِ.. 

   كَانَ صلى الله عليه وسلم يَنْظُرُ إِلَى الْكَوْنِ الْعَظِيمِ، يَتَدَبَّرُ وَيَتَأَمَّلُ، وَيَسْتَكْشِفُ الْعَالَمَ، وَيَبْحَثُ عَنِ الْحَقِيقَةِ؛ لأَنَّ أَحْوَالَ النَّاسِ لَمْ تَكُنْ تُعْجِبُهُ.. 

   فَقَدِ اسْتَشْرَى الْفَسَادُ فِي الأَرْضِ.. وَصَارَ الْقَوِيُّ يَأْكُلُ الضَّعِيفَ.. وَانْتَشَرَتِ الْفَوَاحِشُ، وَصَارَتِ الْحِجَارَةُ الصَّمَّاءُ الَّتِي لا تَسْمَعُ وَلا تَتَكَلَّمُ  هِيَ الآلِهَةَ الَّتِي يَعْبُدُهَا النَّاسُ وَيَحْلِفُونَ بِهَا، وَيُقَدِّمُونَ لَهَا الْهَدَايَا وَالْقَرَابِينَ.

الوحي

   كَانَ هُنَاكَ شُعُورٌ قَوِيٌّ يَحْتَوِيهِ وَيَجْعَلُهُ دَائِمَ التَّفْكِيرِ يَتَطَلَّعُ إِلَى السَّمَاءِ، وَإِلَى النُّجُومِ وَالْكَوَاكِبِ.. ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى الْجِبَالِ الشَّامِخَاتِ.. وَالطُّيُورِ تَضْرِبُ بِأَجْنِحَتِهَا الْهَوَاءَ.. 

   هُوَ الآنَ فِي مَعْزِلٍ عَنِ الْعَالَمِ، لَكِنَّهُ يُفَكِّرُ فِي هَذَا الْعَالَمِ: مَنِ الَّذِي أَوْجَدَهُ؟.. مَنِ الَّذِي يَقُومُ عَلَى شُئُونِهِ؟

أَتِلْكَ الأَصْنَامُ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا وَيَقُولُونَ إِنَّهَا آلِهَةٌ، وَهِىَ لا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْفَعَ أَوْ تَضُرَّ؟!!.. مَنِ الْخَالِقُ.. الْقَادِرُ الرَّازِقُ؟.. مَنِ الَّذِي يَنْصُرُ الْمَظْلُومِينَ، وَيُعَاقِبُ الطُّغَاةَ وَالظَّالِمِينَ..؟؟

وَفِى لَحْظَةٍ مَا فَاصِلَةٍ.. أَرَادَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَنْشُرَ الْخَيْرَ عَلَى الْبَشَرِيَّةِ ، فَأَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ جِبْرِيلَ لِيَهْبِطَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيُبَشِّرَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ.

   وَجَاءَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام  فَقَالَ: اقْرَأْ. 

   فَقَالَ النَّبِيُّ: صلى الله عليه وسلم مَا أَنَا بِقَارِئٍ. 

   فَأَخَذَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام  فَغَطَّهُ حَتَّى بَلَغَ مِنَ النَّبِيِّ   الْجُهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَهُ، وَقَالَ: اقْرَأْ. 

فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : مَا أَنَا بِقَارِئٍ. 

  فَقَالَ جِبْرِيلُ عليه السلام:  اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ    [الْعَلَقُ: 1-3].

بشارة ورقة

رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِد رضى الله عنها ٍ، فَقَالَ: "زَمِّلُونِي.. زَمِّلُونِي". فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ: لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي. 

   فَقَالَتْ خَدِيجَةُ رضى الله عنها: كَلاَّ، وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتُقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ.

   وَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ رضى الله عنها حَتَّى أَتَتْ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ؛ ابْنَ عَمِّهَا وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا، وَكَانَ يَعْرِفُ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ.

   قَالَتْ خَدِيجَةُ رضى الله عنها لِوَرَقَةَ: يَا ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ. 

فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ   خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَهُ اللَّهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جِذْعًا، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. 

   فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. 

   وَلَكِنَّ وَرَقَةَ تُوُفِّيَ بَعْدَ فَتْرَةٍ.

محمد رسول الله

   بَعْدَ هَذِهِ الْمُقَابَلَةِ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي غَايَةِ التَّشَوُّقِ لِرُؤْيَةِ الْوَحْيِ.. فَلَمَّا غَابَ عَنْهُ فَتْرَةً ظَنَّ أَنَّهُ لَنْ يَأْتِيَ إِلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَ. 

   لَكِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام ظَهَرَ لَهُ، وَرَاحَ يُخَاطِبُهُ قَائِلاً: "يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، وَأَنَا جِبْرِيلُ..

        يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللهِ.. وَأَنَا جِبْرِيلُ".

   فَاطْمَأَنَّ قَلْبُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم .. وَتَأَكَّدَ لَهُ بِيَقِينٍ أَنَّهُ بِالْفِعْلِ رَسُولُ اللهِ، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي أَتَاهُ هُوَ جِبْرِيلُ.

   أَمَرَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَبِيَّهُ أَنْ يَدْعُوَ النَّاسَ إِلَى دِينِ اللهِ، وَأَنْ يَبْدَأَ بِأَقْرَبَ النَّاسِ  إِلَيْهِ أَوَّلاً.. عَلَيْهِ أَنْ يَشْرَحَ لَهُمُ التَّوْحِيدَ الْخَالِصَ، وَأَنْ يَرْفَعَ الْغِشَاوَةَ السَّوْدَاءَ عَنْ عُيُونِهِمْ؛ حَتَّى يَرَوْا نُورَ اللهِ الَّذِي جَاءَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ..

   كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم  يَعْلَمُ أَنَّهَا مُهِمَّةٌ صَعْبَةٌ.. صَعْبَةٌ جِدًّا..

وَبِالذَّاتِ مَعَ أَهْلِ مَكَّةَ وَسَادَتِهَا.. لَكِنَّهُ شَمَّرَ عَنْ سَاعِدِ الْجِدِّ، وَاسْتَعَانَ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبَدَأَتْ رِحْلَتُهُ التَّارِيخِيَّةُ الْعَظِيمَةُ الشَّاقَّةُ.

أول من أسلم

   هَا قَدْ بَدَأَتِ الرِّحْلَةُ الْحَقِيقِيَّةُ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ الأَمْرَ مِنَ اللهِ أَنْ يُبَلِّغَ الأَقْرَبِينَ وَأَنْ يَدْعُوَهُمْ إِلَى دِينِ التَّوْحِيدِ وَالتَّخَلُّصِ مِنْ شَوَائِبِ الْكُفْرِ وَالطُّغْيَانِ.. عَلَيْهِمْ أَنْ يُفَكِّرُوا بِعُقُولِهِمْ.. وَيَفْتَحُوا قُلُوبَهُمْ لِهَذَا النُّورِ الَّذِي أَتَى بِهِ..

وَامْتَثَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَمْرِ رَبِّهِ، وَبَدَأَ دَعْوَتَهُ بِأَقْرَبَ النَّاسِ إِلَيْهِ آمَنَتْ زَوْجَتُهُ خَدِيجَةُ مِنْ أَوَّلِ لَحْظَةٍ.. لأَنَّهَا  كَانَتْ تَعِيشُ لَحَظَاتِ الْوَحْيِ الأُولَى لَحْظَةً بِلَحْظَةٍ فَهِيَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ، وَصَدَّقَهُ وَآزَرَهُ، وَوَقَفَ بِجَانِبِهِ وَضَحَّى مِنْ أَجْلِهِ كَانَتْ تُوَفِّرُ لَهُ كُلَّ أَسْبَابِ الرَّاحَةِ وَالْهَنَاءِِ دَاخِلَ الْبَيْتِ حَتَّى يَتَفَرَّغَ لِدَعْوَتِهِ.

   وَآمَنَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ رضى الله عنه ( ابْنُ عَمِّهِ )؛ لأَنَّهُ كَانَ يَعِيشُ فِي كَنَفِهِ وَيَتَرَبَّى فِي حِجْرِهِ، فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْلَمُ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ رَقِيقُ الْحَالِ، وَعِنْدَهُ

الْكَثِيرُ مِنَ الْعِيَالِ، فَأَرَادَ أَنْ يُسَاعِدَهُ وَيَحْمِلُ عَنْهُ بَعْضَ الشَّيْءِ وَيَرُدُّ إِلَيْهِ مَا فَعَلَهُ مَعَهُ حِينَ كَانَ فِي كَفَالَتِهِ وَرِعَايَتِهِ.. فَنَشَأَ  "عَلِيٌّ" مُنْذُ نُعُومَةِ أَظْفَارِهِ 

عَلَى الْقِيَمِ النَّبَوِيَّةِ.. وَالْمَكَارِمِ الْعُلْيَا.. فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ مِنَ الصِّبْيَانِ.. 

إيمان أبو بكر

   وَقَدْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ الصَّدِيقُ الصَّدُوقُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضى الله عنه "؛ وَالَّذِي كَانَ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهْ مِنَ الرِّجَالِ.. 

وَالَّذِي قَدَّمَ نَفْسَهُ وَرُوحَهُ وَمَالَهُ فِي سَبِيلِ نُصْرَةِ دِينِ اللهِ، وَالدِّفَاعِ عَنْ رَسُولِهِ، وَتَحَمَّلَ الأَذَى الْكَثِيرَ. 

   حَتَّى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم  قَالَ فِي حَقِّهِ مُشِيدًا بِفَضْلِهِ: "مَا لأَحَدٍ عِنْدَنَا يَدٌ إِلاَّ كَافَيْنَاهُ بِهَا مَاخَلا أَبَا بَكْرٍ؛ فَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا يَدًا يُكَافِيهِ اللهُ تَعَالَى بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.. وَمَا نَفَعَنِي مَالُ أَحَدٍ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِى بَكْرٍ، وَمَا عَرَضْتُ الإِسْلامَ عَلَى

أَحَدٍ إِلاَّ كَانَتْ لَهُ كَبْوَةٌ (أَيْ تَرَدُّدٍ) إِلاَّ أَبَا بَكْرٍ رضى الله عنه  فَإِنَّهُ لَمْ يَتَلَعْثَمْ..

اقرأ السلسلة كاملة من هنا



إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال