حكاية قبل النوم الأصدقاء الثلاثة

حكاية قبل النوم الأصدقاء

حكاية قبل النوم الأصدقاء الثلاثة

اليوم نقدم لكم حكاية قبل النوم الأصدقاء الثلاثة.

في إِحْدَى الْغَابَاتِ.. عَاشَ أَسَدٌ وَذِئْبٌ وَقِرْدٌ..

كَانَ الثَّلاَثَةُ أَصْدِقَاء.. دَائِمًا مَا يَلْتَقُونَ، فَيَلْعَبُونَ مَعًا وَيَمْرَحُونَ.. وَكَثِيرًا مَا سَاعَدَ أَحَدُهُمْ الآخَرَ..

وَلَكِنَّ الْقِرْدَ كَانَ أَكْثَرَهَا مسَاعَدَةً وَنَشَاطًا، لأَنَّ الأَسَدَ كَانَ أَقْوَى مِنَ الذِّئْبِ، وَالذِّئْبُ أَقْوَى مِنَ الْقِرْدِ.

وَذَاتَ يَوْمٍ، جَاعَ الثَّلاَثَةُ.. وَأَرَادُوا أَنْ يَأْكُلُوا.

فقَالَ الْقِرْدُ: هَيَّا نَخْرُجُ وَنَصْطَادُ.

قَالَ الأَسَدُ: اِذْهَبْ أَنْتَ وَالذِّئْبُ.. أمَّا أنَا فَسَأَنْتَظِرُكُمَا؛ لأَنَّنِي مَلِكُ الْغَابَةِ.

صَاحَ الذِّئْبُ: وَلَكِنَّكَ أَكْثَرُنَا قوَّةً.. فَلِمَاذَا لاَ تَصْطَادُ مَعَنَا ؟!

نَهَرَهُ الأَسَدُ بِشِدَّةٍ.. فَاضَّطَرَّ الذِّئْبُ إِلَى الذَّهَابِ مَعَ الْقِرْدِ.

الذئب أقوى من القرد

سَارَ الاِثْنَانِ وَأَخَذَا يَبْحَثَانِ عَنْ أَيِّ صَيْدٍ.. مَشَيَا كَثِيرًا.. وَانْتَظَرَا طَوِيلاً .. لَكِنَّهُمَا لَمْ يَجِدَا شَيْئًا يَصْطَادَانَهُ.. حَتَّى مَلَّ الذِّئْبُ.

فَقَالَ لِلْقِرْدِ: لَقَدْ تَعِبْتُ.. سَأَسْتَرِيحُ هنَا قَلِيلاً.. وَعَلَيْكَ أَنْتَ أَنْ تَذْهَبَ وَتَبْحَثَ وَترَاقِبَ حَتَّى تَعْثُرَ عَلَى فَرِيسَةٍ، ثمَّ تخبِرَنِي بِذَلِكَ لأَصْطَادَهَا مَعَكَ.

قَالَ الْقِرْدُ غَاضِبًا: لَقَدْ تَعِبْتُ أَنَا الآخَرَ.. فَلِمَاذَا لاَ أَسْتَرِيحُ مِثْلَكَ؟

نَهَرَ الذِّئْبُ الْقِرْدَ، كَمَا سَبَقَ وَنَهَرَهُ الأَسَدُ.. وَصَاحَ فِيهِ قَائِلاً: هَلْ نَسِيتَ أَنَّنِي أَقْوَى مِنْكَ، وَأبْذِلُ مَجْهُودًا أَكْثَرَ مِنْكَ؟ فَيَجِبُ أَنْ أَسْتَرِيحَ كَثِيرًا.

حكاية قبل النوم الأصدقاء

القرد والغزالة

كَانَ الْقِرْدُ فِي شِدَّةِ الْغَيْظِ مِنَ الذِّئْبِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْطِقْ بِكَلِمَةٍ.. فَتَرَكَهُ وَانْطَلَقَ، لَعَلَّهُ يَجِدُ شَيْئًا يَأْكُلُونَهُ.

وَفَكَّرَ بِسُرْعَة، وَقَالَ لِنَفْسِهِ: بَدَلَ أَنْ أَسِيرَ عَلَى الأَرْضِ، وَيَرَانِي الْجَمِيعُ، سَأَقْفِزُ فَوْقَ الأَشْجَارِ، وَأَرَى الْفَرَائِسَ مِنْ أَعْلَى.

صَعَدَ الْقِرْدُ عِدَّةَ أَشْجَارٍ.. وَرَاقَبَ الْغَابَةَ مِنْ فَوْقِهَا جَيِّدًا.. وَأَخِيرًا وَجَدَ غَزَالَةً صَغِيرَةً بِمُفْرَدِهَا.. كَانَتْ تَأْكُلُ الأَعْشَابَ فِي هدُوءٍ.. وَلَمْ تَرَهُ..

فَفَرِحَ وَقَالَ: إِذَا اصْطَدْنَاهَا، فَسَوْفَ تشْبِعْنَا جَمِيعًا.. سَأَذْهَبُ عَلَى الْفَوْرِ وَأخْبِرُ صَدِيقِي الذِّئْبَ.

قَفَزَ الْقِرْدُ مِنْ شَجَرَةٍ إِلَى أخْرَى بِسُرْعَة، حَتَّى وَصَلَ إِلَى الذِّئْبِ.. فَلَمَّا جَاءَهُ تَعَجَّبَ جِدًا، فَقَدْ وَجَدَهُ غَارِقًا فِي نَوْمٍ عَمِيقٍ.. فَأَيْقَظَهُ قَائِلاً: لَقَدْ وَجَدْتُ فَرِيسَةً شَهِيَّةً هَيَّا بِنَا لِنَصْطَادَهَا.

مَشَى الذِّئْبُ مَعُهُ مُتَكَاسِلاً، حَتَّى وَصَلاَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ الْغَزَالَةُ، لَكِنَّهُمَا نَظَرَا فَلَمْ يَجِدَا شَيْئًا.

سَأَلَهُ الذِّئْبُ: أَيْنَ الْفَرِيسَةُ؟

قَالَ الْقِرْدُ: كَانَتْ هنَا مِنْ زَمَنٍ قَلِيلٍ.. لاَبُدَّ أَنَّهَا ذَهَبَتْ.

قَالَ الذِّئْبُ: لاَ.. لَقَدْ كَذَبْتَ أَنْتَ عَلَيّ؟!

قَالَ الْقِرْدُ: كَيْفَ أَكْذِبُ عَلَيْكَ وَنَحْنُ أَصْدِقَاء؟! إِنَّ الأَصْدِقَاءَ لاَ يَكْذِبُونَ عَلَى بَعْضِهِمْ الْبَعْضِ.

القرد يفهم معنى الصداقة

قَالَ الذِّئْبُ: فَمَا الْعَمَلُ الآنَ؟ إِنَّ الأَسَدَ جَائِعٌ.. وَيَنْتَظِرُنَا هنَاكَ.

قَالَ الْقِرْدُ: لَقَدْ أَخْطَأَ الأَسَدُ هوَ الآخَرُ.. كَانَ يَجِبُ أَنْ يَأْتِيَ مَعَنَا.

ثمَّ نَظَرَ إِلَى الذِّئْبِ، وَقَالَ لَهُ: أرِيدُ أَنْ أحَدِّثَكَ فِي مَوْضُوعٍ مهِم.

فقَالَ الذِّئْبُ: أَلاَ تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ هَذَا لَيْسَ وَقْتُ الْكَلاَمِ.

قَالَ الْقِرْدُ: بَلْ هوَ وَقْتُهُ.. اِسْمَعْنِي جَيِّدًا.. إِنَّ مَا تَفْعَلَهُ أَنْتَ وَالأَسَدُ لَيْسَ مِنَ الصَّدَاقَةِ فِي شَيْءٍ.

فسأله الذِّئْبُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟

قَالَ الْقِرْدُ: إِذَا أَرَدْنَا شَيْئًا كَالصَّيْدِ مَثَلاً فَيَجِبُ أَنْ نَشْتَرِكَ جَمِيعًا فِيهِ.. وَلَكِنْ مَا حَدَثَ أَنَّ الأَسَدَ تَكَاسَلَ وَأَمَرَنَا بِالذَّهَابِ، ثمَّ تَكَاسَلْتَ أَنْتَ وَنِمْتَ وَتَرَكْتَنِي أَبْحَثُ بِمُفْرَدِي عَنْ فَرِيسَةٍ.. وَكَذَلِكَ اِتَّهَمْتَنِي بِالْكَذِبِ.. وَالصَّدَاقَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ.

اِقْتَنَعَ الذِّئْبُ بِكَلاَمِهِ، وَقَالَ: وَالآنَ مَاذَا سَنَفْعَلُ؟

قَالَ الْقِرْدُ: نَسِيرُ مَعًا.. أَنَا أَقْفِزُ فَوْقَ الأَشْجَارِ أرَاقِبُ أَيَّةَ فَرِيسَةٍ، وَأَنْتَ تَنْتَظِرُنِي تَحْتَهَا، وَلاَ تَتْرُكْنِي.

الأرنب الفريسة

وَمَشَى الاِثْنَانِ مَعًا حَتَّى أَوَّلِ شَجَرَةٍ قَابَلاَهَا.. فَصَعَدَ الْقِرْدُ بِسُرْعَةٍ عَلَيْهَا، بَيْنَمَا وَقَفَ الذِّئْبُ تَحْتَهَا مُنْتَظِرًا.

مَرَّ بَعْضُ الْوَقْتِ.. ثمَّ لَمَحَ الْقِرْدُ فَوْقَ الشَّجَرَةِ أَرْنَبًا مِنْ بَعِيدٍ، فَنَزَلَ بِسُرْعَةٍ وَأَخْبَرَ الذّئْبَ.. فَسَارَ إِلَيْهِ بِحَذَرٍ شَدِيدٍ.. وَبِحَرَكَةٍ مفَاجِئَةٍ مِنَ الذِّئْبِ، هَجَمَ عَلَى الأَرْنَبِ وَأَمْسَكَ بِهِ..

وَقَالَ وَهوَ يَبْتَسِمُ: أَخِيرًا وَجَدْنَا مَا سَنَأْكُلُهُ الْيَوْمَ.

صَاحَ الأَرْنَبُ فِي خَوْفٍ شَدِيدٍ: تَأْكُلُونَنِي؟! كَيْفَ؟!

قَالَ الْقِرْدُ: إِنَّنَا جَائِعُونَ مُنْذُ الصَّبَاحِ.. وَأَنْتَ فَرِيسَتُنَا الآنَ.

نَظَرَ إِلَيْهِمَا الأَرْنَبُ فِي اِسْتِعْطَافٍ، وَقَالَ لَهُمَا: أَتَوَسَّلُ إِلَيْكُمَا أَنْ تَتْرُكَانِي، فَلَدَيَّ أَوْلاَدٌ صِغَارٌ، وَقَدْ خَرَجْتُ لأَجْمَعَ لَهُمْ بَعْضَ الطَّعَامِ مِنَ الأَعْشَابِ وَالْخُضْرَاوَاتِ.

قَالَ الذِّئْبُ: وَإِذَا تَرَكْنَاكَ، فَمَاذَا نَأْكُلُ إِذًا؟!

ثُمَّ أَخَذَاهُ وَانْطَلَقَا بِهِ إِلَى الأَسَدِ.

كَانَ الذِّئْبُ فَرِحًا بِالْفَرِيسَةِ، وَلَكِنَّهُ رَغْمَ هَذَا، كَانَ يُفَكِّرُ فِي شَيْءٍ مَا.

وَقَدْ لاَحَظَ الْقِرْدُ ذَلِكَ عَلَيْهِ.. فَسَأَلَهُ: فِيمَ تُفَكِّرُ؟!

قَالَ الذِّئْبُ: كُلُّ مَرَّةٍ نَخْرُجُ أَنَا وَأَنْتَ، نَبْحَثُ وَنَتْعَبُ، وَنَصْطَادُ.. ثُمَّ نَذْهَبُ إِلَى الأَسَدِ، فَيَأْكُلُ أَكْثَرَ الْفَرِيسَةِ، قَالَ الْقِرْدُ: نَعَمْ.. لَنْ يَحْدُثَ ذَلِكَ هَذِهِ الْمَرَّةَ.

حكاية قبل النوم الأصدقاء

حكاية قبل النوم الأصدقاء

الأصدقاء يتنازعون

وَوَصَلاَ إِلَى الأَسَدِ .. فَلَمَّا رَآهُمَا وَرَأَى الأَرْنَبَ، جَرَى نَحْوَ الذِّئْبِ الَّذِي كَانَ مُمْسِكًا بِالأَرْنَبِ، وَاخْتَطَفَهُ مِنْ يَدِهِ.

فَصَاحَ الذِّئْبُ فِيهِ: مَاذَا سَتَفْعَلُ؟

رَدَّ الأَسَدُ سَاخِرًا: كَمَا أَفْعَلُ كُلَّ مَرَّةٍ.. سَأَلْتَهِمُهُ، وَعِنْدَمَا أَشْبَعُ، سَأَتْرُكُ بَقِيَّتَهُ لَكُمَا.

قَالَ الْقِرْدُ غَاضِبًا: وَمَنْ قَالَ إِنَّنَا سَنَتْرُكُكَ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟

قَالَ الأَسَدُ: لَنْ يَجْرُؤَ أَحَدٌ عَلَى أَخْذِهِ مِنِّي.. إِنَّنِي مَلِكُ الْغَابَةِ، وَأَقْوَى حَيَوَانٍ فِيهَا.

وَهُنَا، هَجَمَ الذِّئْبُ عَلَى الأَسَدِ، وَانْتَزَعَ الأَرْنَبَ مِنْهُ، وَجَرَى بَعِيدًا عَنْهُ..

فَغَضِبَ الأَسَدُ جِدًا، وَأَسْرَعَ خَلْفَهُ..

وَظَلَّ الثَّلاَثَةُ يَتَشَاجَرُونَ، وَيَتَقَاذَفُونَ الأَرْنَبَ فِيمَا بَيْنَهُمْ.. وَفَجْأَة.. حَدَثَ مَا لَمْ يَتَوَقَّعْهُ الثَّلاَثَةُ..

فَلَقَدْ جَاءَ نِسْرٌ كَبِيرٌ مِنَ السَّمَاءِ، وَهَبَطَ إِلَى الأَرْنَبِ، وَانْتَزَعَهُ مِنْ قَبْضَةِ الأَسَدِ.. وَطَارَ فِي الْهَوَاءِ..

ثُمَّ قَالَ لَهُمْ ضَاحِكًا: لَقَدْ كُنْتُ أُرَاقِبُكُمْ وَأَرَى أَفْعَالَكُمْ.. أَنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ أَصْدِقَاءٌ.. وَالصَّدَاقَةُ لَيْسَ فِيهَا غِشٌّ وَلاَ كَذِبٌ وَلاَ تَكَاسُل وَلاَ طَمَعٌ وَلاَ أَنَانِيَّةٌ.

وَنَدِمَ الثَّلاَثَةُ عَلَى مَا فَعِلُوا!!

بقلم أحمد حسن عرابي

حكاية قبل النوم الأصدقاء

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال