دع القلق وانطلق.. لا خوف ولا حزن

قصة لطفلك
عباد الله الصالحون، أولياؤه، أحباؤه “لا خوف عليهم ولا هم يحزنون”، لا خوف عليهم من المستقبل الذي ينتظرهم، ولا حزن على ما فاتهم. 
هكذا تقرر الحقيقة القرآنية في جلاء. ووضح أن على كل من أراد أن ينجو من براثن هذين الهدامين أن يندرج في سلك المؤمنين، وأن يزيد من أعداد المتقين “الذين آمنوا وكانوا يتقون ” . 
لقد تحرر هؤلاء الكرام من أفتك الآفات التي تعصف بغيرهم ممن لم يخالط الإيمان بشاشة قلوبهم، ولم تستقر خشية الله في حناياهم. 
لقد تخلص الصالحون من داءين ــ كم أزالا من جبال وصدعا من بنيان وأذابا من حديد ــ داء الخوف وداء الحزن . 

يقول أحد الأطباء: ” كم قرعوا بابي ليحذروني من مرض كذا وكذا، لكنهم لم يقرعوه مرة ليعطوني مصلاً واقيًا من القلق النفسي الذي يفتك ويضر أضعاف ما تضر عشرات الأوبئة ” . 
ويعقب عليه آخر “أنت لا تصاب بالقرحة بسبب ما تأكله من طعام ، بل بسبب ما يأكلك من هموم” . 
ومن هنا، فإن كثيرًا من الدراسات النفسية تشير إلى أهمية استحداث نوع جديد من الطب هو الطب الجسدي النفسي، وهو طب يعالج العقل والجسد معًا. 

صحيح أن الطب استطاع بتوفيق من الله تعالى أن يقضي على الأمراض الرهيبة الناتجة عن الجراثيم العضوية، مثل أمراض الجدري، والكوليرا، والحمى الصفراء، إلى غير ذلك من أمراض أودت بالملايين إلى القبور، لكن ذلك الطب لم يكن قادرًا على معالجة الانهيارات العصبية والعضوية التي لم يكن سببها الجراثيم، بل مشاعر القلق والخوف والحقد والكبت واليأس. 
إن هذا النوع الجديد من الطب الذي ينشده العقلاء والحكماء ليكمن في الإيمان، والذي يعد بمثابة الصخرة الهائلة التي تتحطم عليها كل عوامل الهدم والتدمير، فالإيمان بالله تعالى هو الذي يبعد شبح القلق عن النفس، وذلك حين يعمق في النفس استشعارها بمعية الله الودود الرحيم، وهو شعور يعالج مرضى الاغتراب والوحشة، ومعهم من يعانون من تنكر الآخرين لهم وتجاهلهم لمشاعرهم وذواتهم. 
وهكذا الذي يناوشه الضعف من كل جانب، ثم إذا به يستمسك بحبل الله القوي المتين، فيكلؤه بسياج عنايته ويشمله بلطيف رعايته . ومثله الذي يحوطه الكرب، فيعلم أن له ربًّا بيده مقادير كل شيء، ويمكنه أن يبدل عسره يسرا، فهو دائم الإلحاح على ربه، وكلما ألح عليه في الدعاء اقترب منه أكثر و أكثر، حتى يدخله ساحة الخلاص ويصيبه الفرج القريب. 

والذي يشعر بالضعة والازدراء يعلم أن قيم السماء مازالت مشرقة، وأن موازينها في أسواق القيم ماتنفك منصوبة، وأن ” خافضة رافعة ” لهي من سمات القيامة، وأن حرمة من تسربل بعبادة ربه، ولهج بالثناء عليه، وعظم شعائره وشرائعه لتفوق السحاب، وكما أن هناك بيت الله الحرام، فهناك عبد الله الحرام، كذلك ” كل المسلم على المسلم حرام ، دمه و ماله وعرضه ” . 
فلا مجال لخوف بعد الاستمداد من القوي، ولا مجال لحزن بعد الفرج بالودود. 
أي علياء تلك التي يرتقيها هؤلاء الصالحون الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون . اللهم اجعلنا منهم .

بقلم: أحمد عبد الباري

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال