هيا نعلم أطفالنا كيف نعامل الحيوانات

بينما كان أحمد يجلس في حجرته ويذاكر دروسه، سمع صوت قطة تصرخ بصوت عال، فخرج أحمد من حجرته فوجد أخته إيمان تمسك القطة من ذيلها، وتشدها بقوة وعنف، فقال أحمد: اتركي القطة يا إيمان فهي حيوان ضعيف ينبغي أن نعامله برفق ولين . 

– إيمان: ولكي أريدها أن تدخل معي الحجرة، ولا أريد إيذاءها! 
– أحمد: إن الحيوانات يا إيمان تحب الحرية مثل الإنسان، ولو أني أخذتك وأجلستك معي في الحجرة وقتا طويلا، فماذا ستفعلي؟ 
– إيمان: سوف أشعر بالضيق والملل وأحاول الخروج من الحجرة. 
– أحمد: وكذلك الحيوانات تحب الحرية مثلك يا إيمان ولا تحب أن يضايقها أحد أو يحبسها في قفص أو عش أو حجرة. 
– ولو وضعت يا إيمان طائرا صغيرا أو عصفورا في قفص وأحضرت له كل ما يحتاج إليه من الطعام والفاكهة والحبوب والماء النظيف، فإنه لا يرضى عن الحرية بديلا، وإن تفتحي القفص فإنه يطير في الفضاء الواسع ويترك هذا القفص حتى ولو كان من ذهب. 
– إيمان: فهمت ما تقصد يا أحمد، ولكنى لم أقصد إيذاءا للقطة، وعموما فلن أضايقها بعد اليوم، ولن أحبسها في حجرتي. 
استمعت الأم إلى هذا الحوار وابتسمت وقالت: ولا تنسي يا إيمان أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن امرأة حبست قطة وعذبتها حتى ماتت فدخلت النار بسبب هذه القطة. 
– أحمد: نعم يا أمي فأنا أحفظ هذا الحديث، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:” دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض ( حشرات) الأرض ” (متفق عليه). 
– والدة أحمد: وهذا الصحابي الجليل أبو قتادة – رضي الله عنه – رأى قطة عطشى تبحث عن ماء، وكان يتوضأ، فأمال لها الإناء حتى شربت وانصرفت، والصحابي الجليل أبو هريرة – رضي الله عنه- واسمه عبد الرحمن بن صخر، ولقد لقب بأبي هريرة لأنه كان له قطة صغيرة يعتني بها ويحملها معه، فأطلقوا عليه أبا هريرة. 
– إيمان: وماذا أيضا يا أمي من آداب في معاملة الحيوان؟ 
– والدة أحمد: هذا أمر يحتاج أن نذهب إلى أبيك ليشاركنا في الحوار، ودخل الثلاثة على حجرة المكتب حيث يجلس والد احمد في مكتبه، فحكوا له ما جرى بينهم. 
– فقال والد أحمد: الله سبحانه وتعالى خلق الحيوانات لتكون في خدمة الإنسان، وتساعده على قضاء حوائجه فيستفيد من لحومها وألبانها، ويرتدي الملابس من صوفها وجلودها، ويتخذ من بعضها زينة وطيبا، يقول تعالى: ( والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون، ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون، وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم، والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون) (النحل:5-8). 
وينبغي يا أولادي أن نرحم الحيوان فنوفر له الطعام والشراب والمكان المناسب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله تبارك وتعالى رفيق يحب الرفق، ويرضى به، ويعين عليه ما لا يعين على العنف، فإذا ركبتم هذه الدواب العجم ( التى لا تتكلم ) فأنزلوها منازلها ( أريحوها في المواضع التي اعتدتم الاستراحة فيها أثناء السفر) (مالك). 
وأنتم تعرفون قصة الرجل الذي سقى كلبا عطشانا فغفر الله له. 
– أحمد: اسمح لي يا أبي أن أذكر هذه القصة. 
– والد أحمد: تفضل يا أحمد. 
– أحمد: كان رجل يمشي في طريق، فعطش واشتد به العطش، فبحث عن ماء ليشرب، فوجد بئرا، فنول فيها وشرب، ثم خرج الرجل، فرأى كلبا يلهث ويأكل التراب المبلل من شدة العطش. 
فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي بلغ مني، ثم نزل الرجل البئر، فملأ حذاءه بالماء، ثم أمسكه بفيه وصعد إلى أعلى البئر حتى سقى الكلب. 
ويخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه شكر لهذا الرجل صنيعه وغفر له، فقال الصحابة: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ( وفي كل ذات كبد رطبة أجر) ( متفق عليه). 
– والدة أحمد: وهناك قصة أخرى حدثت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حيث دخل النبي صلى الله عليه وسلم بستان رجل من الأنصار، فوجد فيه جملا، ولما شاهد الجمل النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إليه مسرعا وطأطأ رأسه وانهمرت الدموع من عينيه، فمسح النبي صلى الله عليه وسلم خلف أذني الجمل حتى سكت، ثم سأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن صاحبه، فجاء فتى من الأنصار وقال: أنا صاحبه يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التى ملكك الله إياها، فإنه شكا إليّ أنك تجيعه وتدئبه ( تتعبه وترهقه) ( أبو داود). 
وهذه القصة تعلمنا أن لا نشق على الحيوان ولا نتعبه ولا نجعله يحمل أكثر مما يطيق. 
– أحمد: وماذا يا أبي عن بعض الناس الذين يكوون حيواناتهم بالنار ليجعلوا لهم علامة معينة في أجسامهم؟ 
– والد أحمد: هذا حرام يا أحمد، فالإسلام حث على الرحمة والشفقة، والمسلم لا يعذب حيوانا أو طائرا، خاصة إذا كان هذا التعذيب بالنار، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم قرية نمل حرقها الصحابة، فقال: ( من حرق هذه؟ فقالوا: نحن . قال: ( إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار ) ( أبو داود). 
ومر النبي صلى الله عليه وسلم على حمار وُسم في وجهه ( كوي بالنار) فقال: ( لعن الله الذي وسمه) (مسلم). 
وكذلك يا أحمد ينبغي أن نرفق بالحيوانات عند الذبح، وذلك بأن نذبحها بسكين حاد وبسرعة حتى لا تتعذب، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول:( إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته) (مسلم). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من رحم ولو ذبيحة عصفور رحمه الله يوم القيامة) (الطبراني). 
والمسلم لا يمثل بالحيوانات فلا يقطع آذانها أو عضوا من أعضائها وهي حية، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من مثل بحيوان فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) (الطبراني). 
– أحمد: وهل يجوز يا أبي قتل بعض الحيوانات؟ 
– والد أحمد: يجوز إذا كانت تؤذي وتضر كبعض الكلاب التي أصابها السعار فصارت تعض الناس وتؤذيهم أما إذا كانت الحيوانات لا تؤذي فلا يجوز قتلها، وقد لجأ الناس في بعض الأماكن إلى قتل القطط، فازداد عدد الفئران وأصبحت تمثل خطرا على المحاصيل الزراعية، مما كلف الإنسان أموالا كثيرة لصنع المبيدات والسموم للتخلص من الفئران. 
وتدخل الإنسان هكذا بقتل الحيوانات بلا سبب يؤدي إلى الإخلال بتوازن البيئة. 
– إيمان: أشاهد يا أبي بعض المتسابقين في الرماية وهم يقتلون الحمام والطيور أثناء سباقهم، فهل هذا جائز؟ 
– والد أحمد: أحسنت يا إيمان في هذا السؤال، فالمسلم لا يجعل من الطيور أو الحيوانات هدفا للرمي وقد مر عبد الله بن عمر – رضي الله عنه- على فتيان من قريش، ربطوا طائرا في مكان مرتفع، وهم يرمونه، فلما رأوا ابن عمر هربوا بعيدا، فغضب ابن عمر وقال: من فعل هذا . إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لعن الله من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا ) ( مسلم). 
ورأى أنس بن مالك – رضي الله عنه- غلمانا قد ربطوا دجاجة، وأخذوا يرمونها بنبالهم، فقال لهم: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تصبر البهائم ( أي تتخذ هدفا) (البخاري). 
– والدة أحمد: وهناك نقطة مهمة في معاملة الحيوانات، وهي عدم التفريق بين الطيور الصغيرة وأمهاتها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر مع أصحابه طائرا صغيرا ومعه فرخان صغيران فأخذوا ولديها، فجاء الطائر يرفرف بجناحيه بشده وكأنها تشتكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ففهم النبي صلى الله عليه وسلم ما تريد وقال لأصحابه: ( من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها) (أبو داود). 
– أحمد: ما أجمل دين الإسلام الذي علمنا الرحمة والرفق في كل شيء حتى في معاملة الحيوانات. 
– إيمان: وأنا من الآن لن أؤذي أحدا من الحيوانات، وسوف أعاملها برفق ورحمة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال