قصة آداب المسجد وصلاة الجمعة

في يوم الجمعة، استيقظ أحمد من نومه مبكرا، فصلى الصبح، وجلس يتلو القرآن الكريم ويقرأ أذكار الصباح حتى أشرقت الشمس وجاء وقت صلاة الضحى، فصلى ركعتين سنة الضحى. 

وبعد ذلك تناول أحمد طعام الإفطار مع أسرته وظل يذاكر حتى اقتربت الساعة من الحادية عشرة، فقام وذهب إلى الحمام، وبعد أن استحم واغتسل ولبس ثيابه البيضاء النظيفة ذهب إلى والده مسرعا وقال له: هيا يا أبي لنذهب إلى المسجد مبكرا حتى ننال الأجر والثواب. 
– وابتسم والد أحمد وسأله: هل تعرف يا أحمد ما أجر التبكير إلى المسجد يوم الجمعة؟ 
– قال أحمد: نعم يا والدي: فقد ذكر الخطيب في خطبة الجمعة السابقة أن الذي يذهب مبكرا في الساعة الأولى فكأنما تصدق ببدنة ( أي جمل أو ناقة) ومن جاء في الساعة الثانية فكأنما تصدق ببقرة، ومن جاء في الساعة الثالثة فكأنما تصدق بكبش كبير ومن جاء في الساعة الرابعة فكأنما تصدق بدجاجة، ومن جاء في الساعة الخامسة فكأنما تصدق ببيضة حتى يصعد الخطيب المنبر. 
– قال والد أحمد: أحسنت يا أحمد فيوم الجمعة يوم فاضل عظيم، وهو عيد أسبوعي للمسلمين نجتمع فيه ونسمع الوعظ في خطبة الجمعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في فضله: ( خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم عليه السلام، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة)(مسلم). 
وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نترك كل ما في أيدينا حتى البيع لنلبي نداء الصلاة ونصلى الجمعة، فقال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم لعلكم تفلحون) (الجمعة:9). 
– قال أحمد: هل تأذن لي يا أبي أن استخدم هذه الرائحة الطبية التي عندك؟ 
– والد أحمد: نعم، فإن السنة أن يلبس المرء أنظف الثياب وأن يغتسل ويستخدم الرائحة الطبية قبل الذهاب إلى المسجد وقد قال الله تعالى: ( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ) (الأعراف:31). 
خرج أحمد ووالده من المنزل وتوجها إلى المسجد، وفي الطريق قال والد أحمد: أتعلم يا أحمد فضل هذه الخطوات التي نمشيها إلى المسجد؟ 
– قال أحمد: نعم يا أبي، فالله سبحانه وتعالى يعطينا بكل خطوة حسنة ويعفو عنا سيئة ويرفعنا درجة في الجنة، وأنا أحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداها تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة) ( مسلم). 
وأيضا أحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلا في الجنة كلما غدا أو راح) (متفق عليه). 
وفي الطريق إلى المسجد دعا أحمد ووالده بهذا الدعاء: ( اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي بصري نورا، وفي لساني نورا، وفي سمعي نورا، وعن يميني نورا، وعن يساري نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، وأمامي نورا، وخلفي نورا، واجعل لي نورا). 
ودخلا المسجد برجليهما اليمين وهما يقولان: ( بسم الله، اللهم صلى محمد، اللهم افتح لي أبواب رحمتك)، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم). 
ثم صليا ركعتين سنة عند دخولهما المسجد، وجلس كل منهما يقرأ سورة الكهف ويصليان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويذكران الله تعالى حتى جاء وقت الأذان، فأذن المؤذن بعد أن صعد الخطيب على المنبر وكان أحمد ووالده وجميع الحاضرين يرددون خلف المؤذن، وبعد أن انتهي المؤذن من الأذان دعا أحمد بهذا الدعاء: ( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا، وبمحمد رسولا، وبالإسلام دينا، اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه اللهم مقاما محمودا الذي وعدته). 
ثم بدأ الخطيب فألقى خطبتي الجمعة وصلى بالناس ركعيتن فرض صلاة الجمعة، ثم سلم، فبدأ المصلون في أذكار ختام الصلاة. 
وقال أحمد في سره: ( أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) ثم قرأ آية الكرسي وسورة الإخلاص وسورة الفلق وسورة الناس، ثم قال، سبحان الله (33مرة)، والحمد لله (33مرة)، والله أكبر (33مرة) وختم عدد المائة بقوله: ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير). 
ثم قال أحمد والمصلون بأداء صلاة السنة. 
وبعد انتهاء الصلاة تصافح المصلون وخرجوا من المسجد، ووجد أحمد صديقه حازم في المسجد فصافحه وواعده أن يلتقيا في صلاة العصر. 
خرج أحمد من المسجد برجله اليسرى وقال: ( بسم الله اللهم صل على محمد، اللهم إني أسألك من فضلك، اللهم أعصمني من الشيطان الرجيم). 
عاد أحمد إلى منزله مع والده، وبعد أن تناول الغداء مع أسرته، وأدى ما عليه من واجبات خرج هو ووالده لأداء صلاة العصر. 
ودخل حازم المسجد فوجد أحمد جالسا فجلس بجواره، ولما أقيمت الصة، ووقف المصلون يساوون صفوفهم، ترك أحمد وحازم الصفوف الأولى للرجال ووقفا في الصف التالي. 
وبعد انتهاء الصلاة توجه أحمد إلى والده – ومعه حازم – فوجداه يرفع يديه إلى السماء ويدعو الله سبحانه، فتساءل أحمد، مالي أراك يا أبي تكثر من الدعاء في هذا اليوم؟ 
– والد أحمد: إن يوم الجمعة فيه ساعة يستجيب الله فيها الدعاء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن في يوم الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله عز وجل فيها خيرا إلا أعطاه الله إياه) ( مسلم). 
– قال حازم، نريدك يا عمي أن تخبرنا بعض آداب المساجد. 
– والد أحمد: اعلم يا حازم أنت واحمد أن المسجد بيت الله سبحانه وتعالى ينبغي أن نحضر إليه بملابسنا النظيفة الطاهرة وأن تحرص على طهارته ونظافته والمحافظة على الصلوات في جماعة وكثرة الذهاب إلى المساجد لها أجر عظيم م، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ألا أدلك على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ ) قالوا: بلي يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط ) (مسلم). 
ويجب على المسلم أن يتجنب تناول الأطعمة التى له رائحة كريها كالثوم والبصل والكرات لقوله الرسول صلى الله عليه وسلم:( من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا) ( متفق عليه) 
والمساجد يا أولادي شرعت لذكر الله والصلاة وتلاوة القرآن، فينبغي أن لا تنشغل فيها بأمور الدنيا كالبيع والشراء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله لك، وإذا رأيتم من ينشد الضالة فقولوا: لا ردها الله عليك) (الترمذي والنسائي). 
– حازم: وماذا عن الحديث ورفع الصوت في المسجد؟ 
– والد أحمد: لا يجوز يا حازم، فالمسلم عندما يدخل المسجد يحافظ على الوقار والسكينة والهدوء ولا يشوش على أحد يصلي ولو بقراءة القرآن، واسمع إلى هذه القصة. 
ذات يوم دخل سيدنا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- المسجد، فوجد رجلين يختصمان ويرفعان صوتيهما، فقال لأحد أصحابه: اذهب فائتني بهذين، فلما جاءه الرجلان، ال: من أين أنتما؟ قالا: من الطائف فقال سيدنا عمر: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتمكما ضربا، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
– أحمد: وماذا يا أبي عن المرور من أمام المصلي؟ 
– والد أحمد: المسلم لا يمر من أمام المصلي، بل يسير من خلفه، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن المرور من أمام المصلين فقال: ( لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه) (مسلم). 
والآن جاء دوري لأسألكم بعض الأسئلة، كم عدد الصلوات في اليوم يا حازم؟ 
– حازم: خمس صلوات في اليوم والليلة. 
– والد أحمد: ما هن يا أحمد؟ 
– أحمد: الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء. 
– والد أحمد: كم عدد ركعات الفرض في كل صلاة يا حازم؟ 
– حازم الصبح ركعتان، الظهر أربع ركعات، العصر أربع ركعات، المغرب ثلاث ركعات، العشاء أربع ركعات. 
– والد أحمد: هل تحفظ يا أحمد حديثا في فضل الصلوات الخمس؟ 
– أحمد: نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار عذب على باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، فما يبقى ذلك من الدنس ) ( أحمد ومسلم) . 
– والد أحمد: أحسنتم يا أولادي، والآن هيا لنعود إلى المنزل.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال