حكاية قبل النوم حكاية الابنة الذكية الحكاية مكتوبة ومصورة
اليوم مع حكاية قبل النوم الابنة الذكية.
كانَ هناكَ صَيَّادٌ فَقِيرٌ، لَكِنَّهُ مجْتَهِدٌ وَقَنُوعٌ، يَرْضَى بِمَا رَزَقَهُ اللهُ مَهْمَا كَانَ قَلِيلا..
فِى يَومٍ مِن الأيامِ أَخَذَ شَبَكَتَهُ ذَاتَ صَبَاحٍ، وَذَهَبَ إلَى النَّهْرِ كَيْ يَصْطَادَ.. قَالَ: بِسْمِ اللهِ، ثمَّ أَلْقَى الشَّبَكَةَ إلَى الْمَاءِ، وَانْتَظَرَ.. ثمَّ سَحَبَهَا..
وَظَلَّ يَرْمِي وَيَنْتَظِرُ وَيَسْحَبُ حَتَّى امْتَلأَتِ الشَّبَكَةُ فِي آخِرَ مَرَّةٍ بِالسَّمَكِ، فَحَمَلَهَا عَلَى ظَهْرِهِ، وَمَضَى إلَى بَيْتِهِ.
كَانَ يَعِيشُ فِي كوخٍ خَشَبِيٍ مَعَ ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ وَالْوَحِيدَةِ ” هدَى “..
فَلَمَّا وَصَلَ، أَعَطَاهَا الشَّبَكَةَ، كَي تنَظِّفَ السَّمَكَ خَارِجَ الْكُوخِ، وَدَخَلَ هوَ لِيَسْتَرِيحَ قَلِيلاً حَتَّى تعِدَ لَهُ طَعَامَ الْغَدَاءِ.
لَمْ يَنَمْ الصَّيَادُ.. فَبَعْدَ عِدَّةِ دَقَائِقَ، سَمَعَ ابْنَتَهُ وَهِيَ تنَادِيهِ قَائِلَةً: أَبِي، أبي، انْظُرْ مَاذَا وَجَدْتُ؟!
الزجاجة المسحورة
صَاحَتِ الابْنَةُ: اُنْظُرْ يَا أَبِي، لَقَدْ وَجَدْتُ وَسَطَ السَّمَكِ هَذِهِ الزُّجَاجَةَ!!
اِنْدَهَشَ الصَّيَّادُ عِنْدَمَا شَاهَدَ تِلْكَ الزُّجَاجَةَ، وَقَالَ: لابُدَّ أَنَّنِي أَخْرَجْتُهَا مِنَ الْمَاءِ مَعَ السَّمَكِ..
إنَّ شَكْلَهَا عَجِيبٌ وَغَرِيبٌ.. وَلَكِنْ مَا الَّذِي بِدَاخِلِهَا؟
أَسْرَعَ الأبُ إلَى خَارِجِ الْكُوخِ، وَسَأَلَ هدَى: مَاذَا حَدَثَ؟ وَمَا الَّذِي وَجَدْتِيه؟
صَاحَتِ الابْنَةُ: اُنْظُرْ يَا أَبِي، لَقَدْ وَجَدْتُ وَسَطَ السَّمَكِ هَذِهِ الزُّجَاجَةَ!!
اِنْدَهَشَ الصَّيَّادُ عِنْدَمَا شَاهَدَ تِلْكَ الزُّجَاجَةَ، وَقَالَ: لابُدَّ أَنَّنِي أَخْرَجْتُهَا مِنَ الْمَاءِ مَعَ السَّمَكِ.. إنَّ شَكْلَهَا عَجِيبٌ وَغَرِيبٌ.. وَلَكِنْ مَا الَّذِي بِدَاخِلِهَا؟
نَظَرَتْ هدَى إلَى الزُّجَاجَةِ جَيِّدًا، ثمَّ قَالَتْ: لا شَيءَ بِدَاخِلِهَا غَيْرَ بَعْضِ الدُّخَانِ! زجَاجَةٌ وَبِهَا دُخَانٌ!
العفريت المسجون
ازْدَادَتْ دَهْشَةُ وَحَيْرَةُ الصَّيَّادِ وَابْنَتِهِ.
ثمَّ أَمْسَكَتْ هدَى غِطَاءَ الزُّجَاجَةِ، وَحَاوَلَتْ فَتْحَهُ.. لَكِنَّهُ كَانَ محْكَمًا جِدًا.. فَحَاوَلَتْ مَرَّةً ثَانِيَةً وَثَالِثَةً حَتَّى نَزَعَتْهُ..
وَفَجْأَة وَجَدَتِ الدُّخَانَ يَخْرُجُ مِنْ تِلْكَ الزُّجَاجَةِ..
فَخَافَتْ، وَرَمَتْهَا عَلَى الأَرْضِ، وَأَسْرَعَتْ خَلْفَ وَالِدِهَا محْتَمِيَةً بِهِ.
أَخَذَ الدُّخَانُ يَخْرُجُ بِكَثَافَةٍ مِنَ الزُّجَاجَةِ، وَارْتَفَعَ فِي الْهَوَاءِ، وَشَيْئًا فَشَيْئًا أَخَذَ يَتَشَكَّلُ عَلَى صُورَةِ رَجُلٍ ضَخْمٍ جِدًا جِدًا!!
اِرْتَعَدَ الأَبُ الصَّيَّادُ مِمَّا حَدَثَ، وَنَطَقَ بِصُعُوبَةٍ مُتَسَائِلا: مَنْ أَنْتَ؟
كَانَتِ الْمفَاجَأَةُ كَبِيرَةً.. فَقَدْ جَاءَتْهُ الإِجَابَةُ بِصَوْتٍ شَدِيدٍ وَقَويٍ وَمخِيفٍ: أَنَا عِفْرِيتُ هَذِهِ الزُّجَاجَةِ!!
صَاحَتْ هدَى مُتَعَجِّبَةً: وَلَكِنْ كَيْفَ دَخَلْتَ تِلْكَ الزُّجَاجَةَ؟!
إِنَّكَ ضَخْمٌ وَكَبِيرٌ، وَالزُّجَاجَةُ صَغِيرَةٌ جِدًا.
ضَحِكَ الْعِفْرِيتُ وَقَالَ بِغُرُورٍ: إِنَّنِي جِنِّيٌّ عَجِيبٌ..
يمْكِنُنِي أَنْ أَتَشَكَّلَ فِي أَي صُورَةٍ.. وَيمْكِنُنِي فِعْلُ أَيِّ شَيْءٍ.. اُنْظُرِي إِلَيَّ جَيِّدًا.
الجني يريد الانتقام
نَظَرَتْ هدَى وَأَبُوهَا الصَّيَّادُ إِلَى الْجِنِّي، فَوَجَدَاهُ قَدْ طَارَ فِي الْهَوَاءِ، وَابْتَعَدَ عَنْهُمَا، ثمَّ عَادَ بِسُرْعْةٍ إِلَيْهِمَا، وَقَالَ: هَلْ رَأَيْتُمَا مَا فَعَلْتُ؟!
قَالَ الصَّيَّادُ: شَيْءٌ عَجِيبٌ حَقًا..
وَقَالَتِ الابْنَةُ الصَّغِيرَةُ: إِنَّنِي لَمْ أَرَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ قَبْلُ..
قَالَتْ هدَى: وَلِمَاذَا ترِيدُ أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ؟
وَهنَا صَاحَ الْعِفْرِيتُ قَائِلا: وَالآنَ يَجِبُ أَنْ أعَاقِبَكُمَا! اِنْدَهَشَ الصَّيَّادُ وَابْنَتُهُ، وَنَطَقَا فِي صَوْتٍ وَاحِدٍ: تعَاقِبُنَا؟!
قَالَ الَجِنِّيُ: نَعَمْ.. يَجِبُ أَنْ أدْخِلْكُمَا فِي هَذِهِ الزُّجَاجَةِ مِثْلَمَا كنْتُ فِيهَا!
قَالَتْ هدَى: وَلِمَاذَا ترِيدُ أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ؟
رَدَّ الْعِفْرِيتُ: لَقَدْ قَضَيْتُ أَعْوَامًا طَويلَةً مَسْجُونًا دَاخِلَ هَذِهِ الزُّجَاجَةِ الضَّيِّقَةِ، فَصَمَّمْتُ عَلَى أَنْ أَضَعَ فِيهَا أَوَّلَ مَنْ يخْرِجُنِي مِنْهَا!
قَالَ الصَّيَّادُ: وَهَلْ هَذَا جَزَاءُ إِحْسَانِنَا إِلَيْكَ؟!
إِنَّنَا نَحْنُ الَّذِينَ أَعَدْنَا إِلَيْكَ حرِّيَّتَكَ، كَيْ تَسْتَمْتِعَ بِالْحَيَاةِ مَرَّةً أخْرَى، فَلِمَاذَا ترِيدُ أَنْ تحْرِمَنَا مِنْ حرِّيَّتِنَا ؟! .
قَالَ الْعِفْرِيتُ: لابُدَّ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ.
ذكاء هدى
وَهنَا، قَالَتْ هدَى: اِسْمَعْ أَيُّهَا الْجِنِّيُّ، نَحْنُ موَافِقُونَ عَلَى أَنْ نَدْخُلَ الزُّجَاجَةَ.. وَلَكِنْ نرِيدُ مِنْكَ طَلَبًا وَاحِدًا.
قَالَ الْعِفْرِيتُ: وَمَا هو؟
اِلْتَقَطَتْ هدَى الزُّجَاجَةَ مِنْ عَلَى الأَرْضِ، وَوَضَعَتْ حَجَرًا صَغِيرًا دَاخِلَهَا، ثمَّ قَالَتْ: نرِيدُ مِنْكَ أَنْ تَأْتِيَ بِهَذَا الْحَجَرِ مِنْ دَاخِلِ الزُّجَاجَةِ، وَلَكِنْ دونَ أَنْ تَكْسَرَهَا.
قَالَ الْجِنِّيُّ: هَذَا شَيْءٌ سَهْلٌ وَيَسِيرٌ..
وَفَجْأَة.. تَحَوَّلَ إِلَى دخَانٍ.. وَأَخَذَ يَدْخُلُ بِبُطْءٍ إِلَى الزُّجَاجَةِ..
فَقَامَتْ هدَى بِسُرْعَةٍ بِإغْلاقِهَا مَرَةً أخْرَى..
فَابْتَسَمَ أَبُوهَا وَقَالَ لَهَا: إِنَّكِ ذَكِيَّةٌ لِلْغَايَة.. لَقَدْ كَانَتْ حِيلَةٌ مَاكِرَةٌ مِنْكِ .. وَهنَا، سَمِعَا صَوْتًا آتِيًا مِنْ دَاخِلِ الزُّجَاجَةِ يَقُولُ: أَخْرِجُونِي مِنْ هنَا.. أَتَوَّسَلُ إِلَيْكُمَا.. لا أرِيدُ أَنْ أَفْقِدَ حرِّيَّتِي.. لَقَدْ نَدِمْتُ عَلَى مَا فَعَلْتُ.
قَالَ الْجِنِّيُّ: أقْسِمُ لَكُمَا أَنَّنِي سَأَرْحَلُ إِذَا خَرَجْتُ.. بَلْ وَلَكُمَا عِنْدِي مكَافَأَةٌ.
قَالَتْ هدَى: لَنْ نصَدِّقَكَ هَذِهِ الْمَرَّةَ.. لَقَدْ أَحْسَنَا إِلَيْكَ وَأَسَأْتَ أَنْتَ إِلَيْنَا.
قَالَ الْجِنِّيُّ: أقسِمُ لَكُمَا أَنَّنِي سَأَرْحَلُ إِذَا خَرَجْتُ.. بَلْ وَلَكُمَا عِنْدِي مكَافَأَةٌ.
حكاية قبل النوم الابنة
المكافأة
نَظَرَ الصَّيَّادُ إِلَى ابْنَتِهِ وَقَالَ: سَوْفَ نَفْعَلُ الْخَيْرَ، وَالْجَزَاءُ مِنْ عِنْدِ اللهِ .
نَزَعَتِ الابْنَةُ الْغِطَاءَ، فَخَرَجَ الدُّخَانُ، وَلَمَا صَارَ كَثِيفًا أَخَذَ الْجِنِّيُّ يَتَشَكَّلُ، ثمَّ قَالَ : شُكْرًا لَكُمَا..
سَأَتْرُكُكُمَا وَأَعُودُ إِلَى بِلادِي الْبَعِيدَةِ.. وَلَكِنْ قَبْلَ أَنْ أَذْهَبَ هَذِهِ هِيَ مكَافَأَتُكُمَا.
وَأَمْسَكَ بِيَدِ هدَى، وَوَضَعَ فِيهَا شَيْئًا.. ثمَّ قَالَ: الْوَدَاع.. وَطَارَ فِي الْهَوَاءِ مبْتَعِدًا.
فَتَحَتْ هدَى يَدَهَا، فَوَجَدَتْ مَاسَةً زَرْقَاءَ كَبِيرَةً. فَابْتَهَجَتْ جِدًا، وَقَالَتْ: انْظُرْ يَا أَبِي.. إِنَّهَا رَائِعَةٌ لِلْغَايَة.
ضَحِكَ الأَبُ وَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ.. أَلَمْ أَقُلْ لَكِ إِنَّ الإحْسَانَ جَزَاؤُهُ الإحْسَانُ ؟!