دع القلق وانطلق.. مطلوب داعية

قصة لطفلك
للدعوة إلى الله تعالى فقه عميق ، يبدأ من فهم حقائق الإسلام ، وينتهي إلى تمكينها من قلوب الناس وواقعهم ، مرورًا بقناعة العقل وتزكية النفس ، كل ذلك في ظل التآلف القلبي المتطلع أصحابه إلى السكينة والرحمة والعدالة ، في عالم صار أفقر ما يكون إلى هذه الثلاثة . 

وبعض الناس يتصور أن الأمر لا يتعدى مجرد إلقاء الأوامر والنواهي ، هكذا من دون تبصر في أحوال المدعوين ، ولا تدبر في أولويات السير معهم ، مع تجاهل النظرفي بيءة المدعو ، والمؤثرات المحيطة به . أضف إلى هذا الافتقار إلى إتقان وسائل الاتصال الناجحة والفعالة في عالم وصلت فيه الدعايات إلى الذروة تخطيطًا ودراسة وأداء وتأثيرًا . 
انظر إلى صاحب السلعة وكيف يتلمس للإعلان عنها أنسب الأماكن وأفضل الأوقات وأكثر الوسائل تأثيرًا . 
لقد صارت هناك أجهزة ولجان وأقسام ومراكز على أعلى المستويات ، فقط متخصصة في فنون الدعاية والجذب والإعلان ، وفي عصر العولمة والشركات العملاقة وتحرير الاقتصاد ، كم تبذل جهود جبارة للاستحواذ على جيوب المستهلكين وميزانيات الأفراد والمجتمعات ، ويضطرون في سبيل هذه الغاية إلى دراسة عادات الشعوب وطبائع الأفراد وظروف المجتمعات وطرق التفكير ، من أجل أن يحددوا أنسب ألوان الخطاب. 
والدعاة إلى الله تعالى هم أولى الناس و أجدرهم بالنبوغ في مثل هذه الميادين وتلك المجالات، ولم يعد هذا الأمر نافلة من النوافل ، بل صار يعد من أوجب الواجبات وأولى الأولويات ، فالأمر إذن فوق الاستحسان إذا أصبح نجاح الدعوة متوقفًا عليه بعد توفيق من الله تعالى ، ورصيد إيماني وإخلاصي يسكن ضمير الداعي وحناياه . 
والناس بطبيعتهم أذكياء ، يفرقون بين الصادق المتقن والكاذب الغاش ، فيلتفون حول الأول وينفضون من حول الثاني . وعلى كل حال هم رصيد الدعوة وهدفها ، وهم في حاجة إلى من يلتف حول همومهم ، وينصت لمعاناتهم ، ويحزن في أتراحهم ، ويبش في وجه منبوذهم . وهذا هو قدر الدعوة والداعي والدعاة على مر التاريخ والأجيال . ولن تنجح دعوة يكون صاحبها في واد آخر ، مثل صاحبنا الذي وقف يرهب الناس من كنز الذهب والفضة ، مع أن المستمعين جميعهم ما بين حاف وعار ، أو ذاك الذي وقف يحذر الناس من تمزيق أبنائهم الطلاب للكتب بعد فراغهم من الامتحان ، وكله أسى وحزن ، وهذا حق ، لكنه تجاهل وفي اللحظة نفسها تمزيق أجساد المسلمين وأعراضهم في شتى بقاع الأرض . 
إن الدعوة الناجحة هي تلك التي قد تسربلت بالحكمة ، وأبانت عن معدنها النفيس بالموعظة الجميلة والحسنة . 
ويزداد نجاح الدعوة حين يرى الناس داعيهم وقد تمثل بما يدعوهم إليه . وصدق أحد الدعاة النابهين يومًا وهو يقول : ” إن الناس تسمع الداعي بعينيها لا بأذنيها ” . 
والأمر في النهاية يسير فقط إذا صحت النيات ، وصدقت وثبتت العزائم ونهضت ، ولاح عظيم الأجر ، وكان رضا الله تعالى ” غاية وهدفًا ” ، والرحمة بعباده ” وسيلة وسعيًا ” ، والزهد في حطام الدنيا ” عدة ومركبًا ” ، وكتاب الله تعالى ” أنيسًا وحاديًا “، وأنبياء الله عليهم السلام ” قادة وروادًا ” . 
عزيزي القارئ : مطلوب داعية .
بقلم أحمد عبد الباري

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال