دع القلق وانطلق مدرسة الحاج علي

دع القلق وانطلق مدرسة

دع القلق وانطلق مدرسة الحاج على

نستكمل مقالات دع القلق وانطلق واليوم مع مدرسة الحاج علي..

نلتقي نحن معاشر البشر خلال مسيرة حياتنا بأشخاص قد لا نشعر بآثارهم إلا بعد أن يرحلوا عنا أو نرحل نحن عنهم.

وإذ بنا نكتشف ما أبدعوه على صفحات أنفسنا من نقوش ذات جمال، وما أودعوه في أرواحنا من معان لها نور وبهاء.

إن ذلك الصنف من البشر هم في الحقيقة مصابيح يزين الله تعالى بها عالم الأرض، كما زين بالنجوم عالم السماء.

دع القلق وانطلق مدرسة

من هؤلاء عم “الحاج علي” رحمه الله. ذلك البائع الطيب، والذي كان يفتح دكانه بمجرد عودته من صلاة الفجر.

ولازلت أذكر منظر أهل الحي وهم يتجمعون عند دكانه لشراء خبز الصباح، والذي كان لا يبيعه سواه في ذلك البكور الجميل.

كانت سكينة الإيمان تعلوه، وعلامات الرضا تملأ محياه الساكن الوادع، ويفتر ثغره عن ابتسامة فيها من الصفاء ما لا أقدر على وصفه، أو قل كأنها اللؤلؤ والمرجان.

كان يهدئ من روع الناس المتعجلين والخائفين من نفاد الخبز مطمئنًا لهم “كلكم سيأخذ” “خير ربنا كثي”. 

وكانت طمأنينة هائلة تتسلل إلى قلبي وتأخذ بمجامعه عند رؤيته أو سماعه.

فإذا ما انفض الزحام وخفت الأقدام وزالت ساعة الذروة، اتجه الرجل إلى مصحف كبير عنده، مرتلاً آيات ربه في خشوع وشجن عجيب.

لم يؤلف “عم علي” كتابًا، لكنه كان بلا شك أستاذًا في تأليف القلوب.

ولم يلق محاضرة، لكنه ألقى سماحة وطيبة قلب، وسعت جيرانه عطفًا وشفقة وحنانًا، وأسعد الجميع بابتسامة كالفجر الجميل.

دع القلق 

فإذا ما حان وقت الصلاة، أغلق دكانه وانطلق إلى المسجد المجاور، ليؤم المصلين.

كان “عم علي” واحدًا من هؤلاء الذين نزحوا من صعيد مصر الطيب الشهم النبيل إلى القاهرة، بحثًا عن لقمة العيش.

وكان يأتي لنا في رمضان من كل عام بعالم جليل يشرح لنا أحكام الفقه طوال أيام الشهر الفضيل، واقترن هذا الرجل في ذاكرتنا برمضان، كاقتران المصريين بالشيخ رفعت والشيخ النقشبندي قبل وبعد أذان المغرب. 

وحدث ذات مرة أن سألت “الحاج علي” عن سر هذا العالم الذي يأتينا؛ فأجابني بأن هذا العالم هو شيخه الذي كان يعلمه في قريته وهو صغير، وهو يدعوه كل عام لزيارته كي يفيض علينا من غزير علمه، ليظل حبل النور والعلم متصلاً وكذلك الوفاء. ثم إن له مهمة أخرى، هي جمع أموال الزكاة من الموسرين من الأقارب، ليقوم بتوزيعها على فقراء القرية والمحتاجين. 

والآن ألست معي عزيزي القارئ بأن مثل هذا الأنموذج جدير بأن نتحدث عنه ونجليه للأجيال، ولا شك أنه يوجد مثله الكثير والكثير. إنها نماذج للفطرة في بساطتها ونقائها، وهي في الوقت نفسه صور عملية للالتزام الإسلامي الأصيل. رحم الله ” الحاج علي “.

بقلم أحمد عبد الباري

اقرأ أيضا

دع القلق وانطلق الأجر العاجل

مدرسة الحاج علي

دع القلق وانطلق.. وقل..

فضائيات صاعدة

مسابقة إذاعة القرآن الكريم الماء فى القرآن والسنة 2021

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال