قصص للاطفال عن الاخلاق الرحمة
نتحدث اليوم عن قصص للاطفال عن الاخلاق وخلق اليوم عن الرحمة..
الرَّحْمَةُ هِيَ الرِّقَّةُ وَالْعَطْفُ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: “كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ” [الأنعام: 54].
الرَّحْمَةُ وَالشَّفَقَةُ مِنْ أَبْرَزِ أَخْلاَقِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ وَصَفَهُ اللهُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ بِذَلِكَ، فَقَالَ تَعَالَى: ” لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ” [التوبة: 128].
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي توَادِّهِمْ وَترَاحُمِهِمْ وَتعَاطُفِهِمْ؛ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اِشْتَكَى مِنْهُ عضْوٌ، تدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحمَّى) [مسلم].
وَفِي الْمقَابِلِ حَذَّرَ النَّبِيُّ – صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مِنَ الْغِلْظَةِ وَالْقَسْوَةِ، وَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِي لاَ يَرْحَمُ الآخَرِينَ فَهُوَ شَقِيُّ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلاَّ مِنْ شَقِيٍّ) [أبو داود والترمذي].
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ يرْحَمُ اللهُ مَنْ لاَ يرْحَمُ النَّاسَ) [متفق عليه].
رحمة الإسلام
كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عمَرُ بنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَسِيرُ فِي طَرِيقٍ مِنْ طرُقِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ، فَرَأَى شَيْخًا قَدْ شَابَ شَعْرُهُ، وَانْحَنَى ظَهْرُهُ، يَسِيرُ مسْتَنِدًا عَلَى عَصَاهُ يَسْأَلُ النَّاسَ أَنْ يَتَصَدَّقُوا عَلَيْهِ.
لَمْ يَكُنْ الشَّيْخُ مسْلِمًا، بَلْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَةِ الْمقِيمِينَ فِي بِلاَدِ الْمُسْلمِينَ، تحْمِيهِمْ دَوْلَةُ الإِسْلاَمِ، وَترْعَاهُمْ، وَتَأْخُذُ مِنَ الْقَادِرِينَ مِنْهُمْ مَبْلَغًا مِنَ المالِ، نَظِيرَ مَا يقَدَّمُ لَهُمْ مِنْ خِدْمَةٍ وَرَعَايَةٍ.
وَلَمَّا عَلِمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَمْرِ الرَّجُلِ رَقَّ لَهُ، وَشَعَرَ بِالرَّحْمَةِ وَالشَّفَقَةِ نَحْوَهُ، وَقَالَ: مَا أَنْصَفْنَاكَ.. أَخَذْنَا مِنْكَ المالَ فِي شَبَابِكَ ثمَّ ضَيَّعْنَاكَ فِي كِبَرِكَ.
وَأَصْدَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عمَرُ بنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَوَامِرَهُ أَنْ يصْرَفَ للرجلِ الفَقبرِ مَبْلَغٌ شَهْرِيٌّ مِنَ الْمَالِ يَكْفِي لِقَضَاءِ حَوَائِجِهِ.
فَانْصَرَفَ الشَّيْخُ سَعِيدًا رَاضِيَّا بِكَرَمِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَحْمَةِ الإِسْلاَمِ بِأَهْلِهِ وَرَعَايَاهُ.
الرحمة بالحيوان
فِي يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ، دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيقَةً، فَوَجَدَ بِهَا جَمَلاً، فَلَمَّا رَأَى الْجَمَلُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكَى، وَسَالَتِ الدُّمُوعُ مِنْ عَيْنَيْهِ.
فَاقْتَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجَمَلِ، وَمَسَحَ بِيَدَيْهِ الشَّرِيفَتَيْنِ خَلْفَ أذُنِهِ، فَاطْمَأَنَّ الْجَمَلُ، وَتَوَقَّفَ عَنِ الْبُكَاءِ.
وَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَاحِبِ الْجَمَلِ، فَقَالَ شَابٌ مِنَ الأَنْصَارِ هَذَا الجملَ: لِي يَا رَسُولَ اللهِ.
فَعَاتَبَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَسْوَتِهِ، وَأَرْشَدَهُ إِلَى ضَرُورَةِ الرَّحْمَةِ بِالْحَيَوَانِ، وَقَالَ لَهُ: ” أَفَلاَ تَتَّقِي اللهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللهُ إِيَّاهَا، فَإِنَّهُ شَكَى إِلَيَّ أُنَّكَ تجِيعُهُ وَتدْئِبُهُ”.
(أَيْ: ترْهِقُهُ وَتتْعِبُهُ فِي الْعَمَلِ، وَتحَمِّلُهُ مَا لاَ يَطِيقُ، وَلاَ تعْطِهِ حَقَّهُ مِنَ الطَّعَامِ وَالرَّاحَةِ.
الرحمة بالخدم
أَمْسَكَ أَبُومَسْعُودِ الأَنْصَارِي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خَادِمًا لَهُ يَوْمًا، وَظَلَّ يَضْرِبُهُ، وَالْخَادِمُ يَسْتَغِيثُ وَيَقولُ: أَعُوذُ بِاللهِ، أَعُوذُ بِرَسُولِ اللهِ.
وَبَيْنَمَا أَبُومَسْعُود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ إِذْ سَمِعَ صَوْتًا ينَادِيه مِنْ خَلْفِهِ، يَقولُ لَهُ:” اِعْلَمْ أَبَا مَسْعُود !”.
فَالْتَفَتَ لِيَنظُرَ مَنْ ذَا الَّذِي ينَادِي عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكَرِّرُ النِّدَاءَ:” اِعْلَمْ أَبَا مَسْعُود! اِعْلَمْ أَبَا مَسْعُود “.
وَهنَا أَحَسَّ أَبُومَسْعُود بِخَطَئِهِ، فَاسْتَحْيَا مِنَ اللهِ، وَمِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَقَطَ السَّوْطُ مِنْ يَدِهِ.
فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” اِعْلَمْ أَبَا مَسْعُود أَنَّ اللهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغلاَمِ “.
فَاعْتَذَرَ أَبُومَسْعُود إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: لاَ أَضْرِبُ مَمْلُوكًا بَعْدَهُ أَبَدًا، وَهوَ حرٌّ لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَمَسَتْكَ النَّارُ”.
رحمة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
زَارَ الأَقْرَعُ بنُ حَابِس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَيْنَمَا هوَ جَالِسٌ عِنْدَهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقَبِلُ الْحَسَنَ بنَ عَليِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
فَتَعَجَّبَ مِمَا رَآهُ، فَقدْ كَانَ لَهُ عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلَ أَحَدًا مِنْهُمْ أَبَدًا، وَتَسَاءَلَ فِي دَهْشَةٍ: تقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ؟ فَمَا نقَبِّلُهُمْ؟!!
فَتَعَجَّبَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مِنْ الأَقْرَعِ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – وَقَالَ لَهُ: “أَو أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ!”.
(أَيْ: لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا إِنْ كَانَ اللهُ قَدْ نَزَعَ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ).
وَحَذَّرَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاقِبَةَ الْقَسْوَةِ وَالْجَفَاءِ، فَقَالَ لَهُ: “مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يرْحَم”.
رحمة الصحابة
رَأَى الصَّحَابَةُ يَوْمًا يَمَامَةً مَعْهَا طَائرانِ صَغِيرَانِ، فَأَسْرَعُوا نَحْوَ الطائرينِ وَأَخَذُوهُمَا..
فَأَخَذَتِ الْيَمَامَةُ تُرَفْرِفُ فَوْقَ الصَّحَابَةِ، كَأَنَّهَا تَسْتَعْطِفُهُمْ كَيْ يَعْطُوهَا الطَّائرانِ الصَغِيرَانِ.
فَلمَّا رَأى رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم – الْيَمَامَةَ ترَفْرِفُ حَوْلَ الصَّحَابَةِ، وَقَلْبُهَا يَكَادُ يَنْخَلِعُ مِنَ الْحُزْنِ عَلَى فِرَاقِ وَلَدَيْهَا الصَّغِيرَيْنِ.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيِهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ: “مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدَيْهَا؟ ردّوا وَلَدَيْهَا إِلَيْهَا”.
فَأَطْلَقَ الصَّحَابَةُ الطَّائرانِ لأمِهِمَا؛ فَعَادَتْ بِهِمَا إِلَى الْعُشِّ فَرِحَةً مَسْرُورَةً.
وَهَكَذَا، الرَّحْمَةُ فِي الإِسْلاَمِ تَشْمَلُ الْكَوْنَ كُلَّهُ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَنْ تؤْمِنُوا حَتَّى ترْحَمُوا”.
قَالُوا: “يَا رَسُولَ اللهِ، كلُّنَا رَحِيمٌ. قَالَ: “إِنَّهُ لَيْسَ بِرَحْمَةِ أَحَدِكُمْ صَاحِبِهِ، وَلَكِنَّهَا رَحْمَةُ الْعَامَّةِ”.