أحمد تلميذ مجتهد، يحافظ في منزله على النظافة والنظام، وإذا خرج من بيته فإنه يراعي الطريق ويلتزم فيه بآداب الإسلام ويحرص على الذهاب إلى مدرسته بانتظام، ومذاكرة دروسه بجد واجتهاد.
وهو يداوم على الذهاب إلى المسجد، ويحرص على أداء الصلاة فيه، ويعامل والديه وإخوته وسائر الناس بحب واحترام، ويساعد زملاؤه وأصدقاءه، ويعطف على الفقراء والمساكين، ويعامل الحيوانات برفق ولين.
فهيا بنا لنرى كيف يقضي أحمد يومه، وهو ملتزم فيه بآداب وأخلاق الإسلام في المنزل وخارجه.
استيقظ أحمد من نومه مبكرا، ثم ذهب إلى الحمام فتوضأ وصلى الصبح وجلس يقرأ أذكار الصباح حتى أشرقت الشمس فقام وصلى ركعتين سنة الضحى.
ثم ذهب أحمد إلى حجرة المطبخ وساعد والدته في إعداد الإفطار ونقل الطعام إلى المائدة وعندما تم تجهيز الطعام اجتمعت الأسرة لتتناول إفطارها.
قالت إيمان بصوت عالى: أبي لقد غسلت يدي قبل تناول الطعام .
ابتسم والدها وقال لها: أحسنت يا إيمان، ولكنك نسيت أن تقولي شيئا .
ونظرت إيمان بدهشة وقالت: ماذا نسيت؟
فقال أحمد: لقد نسيت يا إيمان أن تقولي ( بسم الله ) عند تناول الطعام.
وهنا تذكرت إيمان أنها لم تذكر الله فسارعت وقالت: (بسم الله . فقال أحمد: ولكنك يا إيمان قد بدأت الطعام فقولي ( بسم الله أوله وآخره). فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فليذكر اسم الله تعالى، فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله فليقل بسم الله أوله وآخره) ( رواه أبو داود والترمذي).
وقال أحمد لقد تذكرت قصة الطفل الذي كان يأكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عمر بن أبي سلمة – رضي الله عنه- وكان لا يأكل من أمامه ولا يلتزم بآداب الطعام فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك) (متفق عليه).
قالت إيمان: وما معنى كل مما يليلك يا أحمد؟
فقال أحمد: أي كل من الطعام الذي أمامك.
قال الوالد: أنا أيضا تذكرت قصة الرجل الذي كان يأكل أمام النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسم الله، وظل يأكل حتى بقيت لقمة فقال قبل أن يأكلها: ( بسم الله أوله وآخره) فضحك النبي صلى الله عليه وسلم لأن الشيطان كان يأكل مع هذا الرجل، فلما قال: ( بسم الله أوله وآخره، أخرج الشيطان ما في بطنه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( مازال الشيطان ياكل معه، فلما ذكر اسم الله استقاء ما في بطنه) ( أبو داود والنسائي).
قالت إيمان: سوف أقول عند الطعام: ( بسم الله ) وبعد أن أنتهي أقول: ( الحمد لله ) ولن أنسى ذلك أبدا.
نظر أحمد إلى الطعام وقال: سبحان الله ! هذا جبن أبيض اللون، وهذا البرتقال لونه أصفر وهذا خص لونه أخضر، إنها أصناف متعددة ولكل منها لون وطعم ورائحة مختلفة عن الآخر.
الوالدة: سبحان الله، وكل الطعام الذي نأكله يا أحمد أخرجه الله من أرض واحدة ويسقي بماء واد، ولكن الله سبحانه أنبته مختلف اللون والطعم وهيأه للإنسان، فشكرا لله رب العالمين .
الوالد: ولا تنسوا يا أحبائي أنه من آداب الطعام أيضا أن نأكل من الحلال ونتجنب الحرام، ولأن الله تعالى قال: ( يا أيها الذين آمنوا كل من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون ) ( البقرة: 271). وأن نأكل باعتدال وتوسط دون إسراف فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه، فحسب ابن آدم لقيمات يقمن بها صلبه، فإن كان لا محالة فثلث فثلث لطعامه وثلث لشرابه، وثلث لنفسه) (الترمذي) .
ويجب أن لا نعيب الطعام اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن أحببناه أكلنا منه وإن كرهناه تركناه وأكلنا غيره، وأيضا نأكل بنية طاعة الله وتقوية الجسم والمحفظة عليه ليؤدي دوره في الحياة ويقوم بطاعة الله، وأن نجتمع على الطعام ليبارك الله فيه، ولا نستخدم في الأكل الأواني المصنوعة من الذهب أو الفضة.
الوالدة: وكذلك الشرب يستحب أن يكون على ثلاث مرات، وإذا تنفسنا نتنفس خارج الكوب ولا ننفخ في الماء ونسم الله قبل الشراب ونحمده بعد الشراب.
قال إيمان: بعد أن أكلنا وحمدنا لله بقي أن نجمع بقايا الطعام وننظف المائدة وسأقوم بمساعدة أمي في ذلك.
ابتسم الجميع وقاموا من على المائدة، وساعدت إيمان أمها في أعمال البيت وذهب أحمد وإيمان إلى مدرستيهما وذهب والده إلى العمل وقامت الأم بتنظيم البيت وتنظيفه وإعداد الطعام للغذاء حتى حضر الوالد والأبناء وتناولوا طعام الغداء.
وبعد الغداء جلست الأسرة تتناول الشاي، فقال أحمد لوالده: هل يجوز يا والدي أن أدخل الحمام ومعي ورقة مكتب فيها آيات من القرآن الكريم؟
فقال الوالد: لا يا بني فينبغي عند دخول الحمام عدم اصطحاب شيء فيه ذكر سواء كان مصحفا أو ورقة مكتب فيها قرآن، أو خاتما منقوش عليه اسم الله، وذلك من باب قضاء الحاجة.
قالت إيمان: أبي أنا أحفظ الدعاء الذي أقوله قبل الدخول وبعد الخروج .
فقال الوالد: وما هو يا إيمان؟
قالت إيمان: أدخل الحمام برجلي اليسرى وأقول قبل الدخول: ( بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث )، وبعد قضاء الحاجة أخرج برجلي اليمنى وأقول ( غفرانك ) الحمد لله الذي أذهب عنى الأذى وعافاني ).
وقال أحمد: وماذا أيضا من آداب قضاء الحاجة يا أبي؟
فقال الوالد: من آداب قضاء الحاجة يا أحمد ألا تتحدث أثناء وجودك في الحمام ولا تسرف في استخدام المياه، وأن تستخدم يدك اليسرى في الاستنجاء والنظافة بالماء النظيف، وعلى الإنسان أن يحترس التبول واقفا حتى لا يرتد إليه رشاش البول وعندما تخرج تغسل يدك جيدا، ومن السنة أن تتوضأ بعد دخولك الحمام.
أحضرت والدة أحمد الشاي، وبعد تناوله قام أحمد باستذكار دروسه، هو وأخته إيمان وذهب إلى المسجد ليصلي مع والده، ثم جلس يذاكر ساعة بعد صلاة العشاء، حتى جاء وقت الطعام فتناول هو وأسرته العشاء، وجلس مع أبيه فقالت والدته: ينبغي يا أحمد أن تنام أنت وإيمان مبكرا ولا تكثر من السهر حتى تستيقظ مبكرا وتذهب إلى مدرستك .
قال أحمد: نعم سوف أذهب لأتوضأ قبل أن أنام، فتوضأ أحمد ثم قرأ أحمد سورة الملك وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة.
وذهب أحمد إلى فراشه فمسحه وبدأ بالنوم على جنبه الأيمن، ودعاء بهذا الدعاء: ( بسمك اللهم أموت وأحيا، بسمك ربي وضعت جنبي وربك أرفعه، إن أمسكت نفسي فاغفر لها ارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين، اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمرى إليك، لا منجي منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنيك الذي أرسلت).
وفي الصباح الباكر استيقظ أحمد من نومه فقال: ( الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور).
وذهب أحمد إلى حجرة والده فطرق الباب وقال: (السلام عليكم أأدخل؟ فقال له والده: تفضل يا أحمد .
فدخل أحمد فقال له والده: لماذ لم تدخل مباشرة يا أحمد وظللت تطرق الباب؟
فقال أحمد: لقد علمتني يا أبي أن أستأذن، فهذا من آداب الإسلام أن نستأذن قبل الدخول،وأذكر أنك قلت لي أن رجلا استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته قائلا: أالج (أأدخل) .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أخرج غلى هذا فعلمه الاستئذان. فقل له: قل السلام عليكم أأدخل.
فسمع الرجل ذلك فقال: السلام عليك أأدخل، فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم .(أبو داود).
قال والد أحمد: أحسنت يا بني، بارك الله فيك ولكن خيرا، ماذا تريد؟
فقال أحمد: لقد رأيت يا والدي رؤيا حسنة في منامي وأريد أن أحكيها لك، فلما سمع والد أحمد الرؤيا قال له:استبشر خيرا يا أحمد، فطالما أن الرؤيا طيبة فهي خير، وقد أحسنت بأن حيكتها لي ولا مانع من أن تذكرها لمن تحب من أصحابك، وإذا رأيت في منامك شيئا مفرزعا فلا تخف منه واستعذ بالله من الشيطان ولا تحكيه لأحد، فإنه لن يضرك.
أحمد: والآن هيا يا والدي لنصلي الصبح.
خرج أحمد من بيته ليذهب إلى مدرسته، ولما جاءت السيارة قال: (بسم الله) ثم صعد السيارة وجلس ولم يزاحم أحدا من زملائه ثم قال: ( الحمد لله، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإن إلى ربنا لمنقلبون، الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، سبحانك اللهم إني ظلمت نفسي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت).
وعندما رجع أحمد من منزله طلبت منه والدته أن يذهب إلى السوق، ليشتري لها بعض الحاجات، فابتسم أحمد وذهب سريعا إلى السوق.
وفي الطريق إلى السوق قابل أحمد رجلا أعمى يريد أن يعبر الطريق، فقال أحمد في سره: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا).
ثم أخذ أحمد بيد هذا الرجل وأوصله إلى المكان الذي يريده، وشكر أحمد ربه على نعمة الصحة والعافية، وعاهد الله على أن يكون دائما رحيما عطوفا على الصغار والمساكين والمرضى والضعفاء.
وعندما دخل السوق دعا قائلا: ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير،على كل شيء قدر).
ومر أحمد على رجل يبيع الطيور، فسمع صوت ديك يصيح، فدعا أحمد ربه قائلا: (اللهم إني أسألك من فضلك العظيم)، وبعد فترة سمع صوت حمار، فقال: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).
ثم شاهد أحمد الثمار والفواكه الجديدة، فدعا بهذا الدعاء: (الله بارك لنا في ثمرنا، وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدنا).
وبعد أن اشترى أحمد ما يريد من السوق ورجع إلى بيته فقابل في طريقه صديقه حازم، فألقى عليه تحية الإسلام قائلا: ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) يا حازم.
فرد عليه حازم قائلا: (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته) مرحبا بك يا أحمد، وسار أحمد وحازم كلما قابلا أحدا ألقى أحمد عليه تحية الإسلام، فقال حازم: مالى أراك يا أحمد كلما لقيت أحدا ألقيت في الطريق عليه السلام .
فقال أحمد: ألا تذكر يا حازم حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: ( لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم) ( رواه مسلم).
وبينما أحمد وحازم يسيران في الطريق توقفا، ثم أسرع حازم إلى غصن ملقى في وسط الطريق، فوضعه على جانب .فقال له أحمد: أحسنت يا حازم، فإزالة الأذى عن الطريق صدقة، شعبة من شعب الإيمان، وقد أخذ رجل غصن شوك كان في الطريق يؤذي الناس، فألقاه بعيدا فشكر الله له وغفره له، كما أخب الرسول صلى الله عليه وسلم .
المدرسة أشار حازم إلى جانب الطريق قائلا لأحمد: انظر يا أحمد ! هذه قاذورات وآثار بول، فقال أحمد: ليس من آداب الطريق أن يتبرز الناس أو يتبولون فيه، ومن يفعل ذلك يجلب على نفسه اللعنة والسب، لأن في ذلك أذى للناس كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم .
فقال حازم، ولكن يا أحمد، هل هناك آداب أخرى للطريق؟
فقال أحمد: نعم، فالطريق مرفق عام، وينبغي أن نلتزم فيه بآداب الإسلام ومن تلك الآداب غض البصر.
فقال حازم: إني أرى شبابا يسيرون في الشوراع بصورة مزعجة وآخرين يجلسون على قارعة الطريق يضيقون على الناس طريقهم، أليسوا هؤلاء مخالفين يا أحمد لآداب الطريق؟
فقال أحمد: بلى يا حازم، وكذلك الذين يلعبون الكرة في وسط الطريق، فيزعجون الجيران، ويمنعوهم الراحة، ولا يمكنون الناس من المرور، وكذلك الذين يخالفون قواعد المرور، ومن يحمل مسجلا أو مذياعا عالى الصوت بصورة مزعجة تؤذى الآخرين.
إذا ينبغي علينا يا أحمد أن نسير في جانب الطريق، وأن نتمهل عند عبور الشارع ونتأكد من خلوه من العربات وأن نحرص على نظافة الطريق ولا نلى فيه القاذورات،ولا نأكل أثناء السير في الطريق، ولا نرفع أصواتنا حتى لا نؤذي السائرين، وأن نتجنب قضاء الحاجة في الطريق، ولا نسخر ممن يسير في الطريق، ونساعد الضعفاء والمرضى، ولا نحمل ما يؤذس الناس ولا نزاحمهم أثناء المرور وأن نرد السلام ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر .
قال أحمد: أحسنت يا حازم، لقد ذكرتني بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إياكم والجلوس في الطرقات، فقالوا يا رسول الله، مالنا من مجالسنا نتحدث فيها، فقال رسول الله: ( فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه )، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). (متفق عليه).
التسميات
قصص