حكاية قبل النوم صبري والسمكة كتوبة ومصورة للأطفال
اليوم مع حكاية قبل النوم صبري والسمكة.
كانَ هنَاكَ صَيَّادٌ رَقِيقُ الْحَالِ، يَمْتَلِكُ مَرْكَبًا خَشَبِيًّا..
وَقَدْ اِعْتَادَ أَنْ يَخْرُجَ هوَ وَابْنُهُ الصَّغِيرُ فَجْرَ كلِّ يَوْمٍ، وَيَسِيرَانِ إِلَى شَاطِئِ النَّهْرِ، ثمَّ يَرْكَبَانِ ذَلِكَ الْمَرْكَبَ، وَيجَدِّفَانِ حَتَّى يَكُونَا وَسْطَ الْمَاءِ تَقْرِيبًا.
كَانَ الصَّيَّادُ رَجلاً مُؤْمِنًا، يَتَوَكَّلُ عَلَى اللهِ..
أَمَّا الاِبْنُ، صَبْرِي، فَكَانَ مطِيعًا لَهُ.. يَنَامُ مبُكِرًا كَيْ يَسْتَيْقِظَ فَجْرًا، وَيَسْتَمْتِعَ بِأَنْسَامِ الصَّبَاحِ، وَيَرَى جَمَالَ الشَّمْسِ وَهِيَ تشْرِقُ وَترْسِلُ أَشِعَّتَهَا وَضَوْءَهَا عَلَى صَفْحَةِ النَّهْرِ.
وَكَانَ يَتَأَمَّلُ وَالِدَهُ بِاهْتِمَامٍ، وَيرَاقِبُ كلَّ أَفْعَالِهِ.
وَقَفَ الصَّيَّادُ فِي طَرْفِ الْقَارِبِ، وَأَمْسَكَ شَبَكَتَهُ، وَقَالَ: بِسْمِ اللهِ..
ثمَّ رَمَى بِهَا إِلَى الْمِيَاهِ.. وَانْتَظَرَ فَتْرَةً.. ثمَّ سَحَبَهَا.. فَلَمْ يَجِدْ بِهَا سَمَكَةً وَاحِدَةً!!
فَأَوْمَأَ صَبْرِي إِلَيْهِ بِرَأْسِهِ، وَقَالَ : نَعَمْ.. نَعَمْ .. أَعْلَمُ أَنَّ الرَّزَّاقَ هوَ اللهُ، وَمَا عَلَيّ إِلاَّ الْجِدُّ وَالاِجْتِهَادُ .
فَنَظَرَ إِلَى اِبْنِهِ، وَقَالَ: لاَ تَنْزَعِجْ أَوْ تَحْزَنْ إِذَا حَدَثَ مَعَكَ ذَلِكَ..
فَعَلَيْكَ أَنْ تحَاوِلَ مَرَّةً أخْرَى، وَتَصْبِرَ.
الصياد الصغير
رَمَى الأَبُ شَبَكَتَهُ مَرَّةً ثَانِيَةً، ثمَّ ثَالِثَةً.. وَلَكِنَّهُ لَمْ يَجِدْ سَمَكًا فِيهَا إِلاَّ فِي الْمَرَّةِ السَّادِسَةِ.. وكَانَ كَثِيرًا.. فَحَمَدَ اللهَ عَلَيْهِ.. وَابْتَسَمَ الاِبْنُ الصَّغِيرُ فَرِحًا.. ثمَّ وَضَعَ السَّمَكَ كُلَّهُ فِي “الْقُفَّةِ ” الْمُخَصَّصَةِ لِذَلِكَ..
وَعَادَ الاِثْنَانِ بِمَرْكَبِهِمَا إِلَى الشَّاطِئِ مَرَّةً أخْرَى.
حَمَلَ الصَّيَّادُ ” قفَّةَ ” السَّمَكِ، وَوَضَعَهَا عَلَى الأَرْضِ.
وَقَالَ لاِبْنِهِ: أَيُّهَا الصَّيَّادُ الصَّغِيرُ، أرِيدُكَ أَنْ تَنْتَظِرَ هنَا بِجَانِبِ السَّمَكِ، حَتَّى أَذْهَبَ إِلَى أَحَدِ التُّجَّارِ وَأَجِيءَ مَعَهُ؛ كَيْ يَشْتَرِيَ مِنَّا مَا اصْطَدْنَاُه الْيَوْمَ.
اِنْطَلَقَ الأَبُ..
وَجَلَسَ صَبْرِي عَلَى الأَرْضِ بِجَانِبِ السَّمَكِ.. وَبَعْدَ قَلِيلٍ، لَمَحَ إِحْدَى الْقِطَطِ تَسِيرُ بِبُطْءٍ نَحْوَهُ.
لَقَدْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْقِطَطَ تحِبُّ السَّمَكَ.. فَهوَ غِذَاؤُهَا الْمُفَضَّلُ..
وَلَعَلَّ تِلْكَ الْقِطَّةُ قَدْ شَمَّتْ رَائِحَتَهُ؛ فَجَاءَتْ مسْرِعَةً.
صبري والقطة
أَخَذَتِ الْقِطَّةُ تَمُوءُ، وَتَمْسَحُ جَسَدَهَا فِي سَاقِ الاِبْنِ؛ كَأَنَّهَا تَسْتَعْطِفُهُ وَتخْبِرُهُ أَنَّهَا جَائِعَةٌ..
وَفِي النِّهَايَةِ، لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ أَنْ يلْقِيَ إِلَيْهَا سَمَكَةً.. فَقَدْ كَانَ طَيِّبَ الْقَلْبِ..
فَالْتَهَمَتِ الْقِطَّةُ أَكْثَرَهَا.. ثمَّ أَخَذَتْ بَقَيِّتَهَا فِي فَمِهَا، وَسَارَتْ مبْتَعِدَةً.
كَانَ صَبْرِي مَسْرُورًا لِلْخَيْرِ الَّذِي فَعَلَهُ مَعَ الْقِطَّةِ..
وَلَكِنْ مَا هِيَ إِلاَّ لَحَظَاتٌ حَتَّى حَدَثَ مَا لَمْ يَكُنْ يَتَوَقَّعُهُ عَلَى الإِطْلاَقِ..
فَقَدْ سَمِعَ جَلَبَةً وَضَوْضَاء عَالِيَةً.
ثمَّ فوجِيءَ بِأَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ قِطَةً قَدْ أَتَتْ مسْرِعَةً نَحْوَ السَّمَكِ، وَهَجَمَتْ عَلَى قفَّتِهِ بِشِدَّةٍ، وَأَخَذَتْ تَتَسَارَعُ جَمِيعًا عَلَيْهِ، وَتَلْتَهِمُهُ بِشِدَّة..
وَمِنْ فَرْطِ شَرَاسَتِهَا وَشِجَارِهَا؛ خَافَ الاِبْنُ، وَقَامَ مبْتَعِدًا عَنْهَا، وَأَخَذَ يرَاقِبُهَا مِنْ بَعِيدٍ!
فَلَمَّا فَرَغَتْ وَانْصَرَفَتْ.. اِقْتَرَبَ مِنَ الْقُفَّةِ.. فَلَمْ يَجِدْ أَيَّ سَمَكٍ بِهَا!!
فَجَلَسَ حَزِينًا يَبْكِي.
حكاية قبل النوم صبري
التاجر الطيب
وَجَاءَ الصَّيَّادُ الْكَبِيرُ وَمَعُهُ التَّاجِرُ.. فَوَقَفَ منْدَهِشًا عِنْدَمَا لَمْ يَجِدِ السَّمَكَ، وَرَأَى ابْنَهُ وَهوَ يَبْكِي..
فَسَأَلَهُ مُتَعَجِّبًا: مَاذَا حَدَثَ؟! وَأَيْنَ السَّمَكُ؟! وَلِمَاذَا هَذَا الْبُكَاءُ؟!
فَقَصَّ صَبْرِي عَلَيْهِمَا مَا حَدَثَ.
وَهُنَا، ضَحِكَ التَّاجِرُ كَثِيرًا.. ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ فِي جَيْبِهِ، وَأَخْرَجَ الْجُنَيْهَاتِ الَّتِي كَانَ سَيَشْتَرِي بِهَا قُفَّةَ السَّمَكِ، وَأَعْطَاهَا كُلَّهَا لِلصَّيَّادِ.
وَقَالَ: يَبْدُو أَنَّ ابْنَكَ الصَّغِيرَ هَذَا طَيِّبُ جِدًا..
وَهَذَا جَزَاءُ إِحْسَانِهِ إِلَى الْقِطَّةِ، وَعَطْفِهِ عَلَيْهَا..
وَغَدًا سَأَشْتَرِي السَّمَكَ الَّذِي سَوْفَ تَصْطَادَانَهُ..
وَلَكِنِ احْتَرِسَا مِنَ الْقِطَطِ.
ثُمَّ ضَحِكَ وَانْصَرَفَ.
اقرأ أيضا هذه القصص
التسميات
قصص